اقتباس
ولا يزال الصراع بيننا وبين اليهود مشتعلًا ممتدًا على أرض فلسطين، فقد كان اليهود منبوذين مشردين في أقاصي الأرض -كما هم دائمًا- إلى أن جاءوا أرض فلسطين فوجدوا المأوى والأمان.. لكنهم لخستهم ونذالتهم اغتصبوا الأرض كلها بدلًا من أن يحسنوا إلى ساكنيها، وكان رد الجميل إليهم أن قتَّلوهم وحرَّقوهم ونفوهم..!! فهذا هو جزاء من يحسن إلى اليهود!...
إنني لا أعلم عبر الزمان والمكان، ولا بين المحسوسات والموجودات، ولا وسط الأحياء والجمادات، ولا عبر التاريخ القديم والحديث، ولا ضمن ما يسطره الخيال وتنسجه الأوهام... أمة هي أحقر ولا أذل ولا أخبث من الأمة اليهودية! (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ)[البقرة: 61].
قالوا: أليست هي الأمة التي آمنت بموسى -عليه السلام- وصدقته؟! ونجيب: لا، وإن كانوا من أحفاد تلك الأمة الأولى التي آمنت بموسى عرقًا ونسبًا على بعض الأقوال.. لكن حتى تلك الأمة الأولى المؤمنة فإن القرآن الكريم ثم التاريخ لينقل إلينا بوقائع عدة، فها هم في هذه اللحظة قد نجاهم الله من فرعون وملائه وشق لهم البحر شقًا فسلكوا فيه طريقًا يبسًا، ولم يمر إلا القليل ثم يقولون: "اجعل لنا إلهًا"! (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَامُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ)[الأعراف: 138]!
ويأتيهم نبيهم موسى بالمعجزات الباهرات والآيات البينات الفارقات ثم ها هم أولاء يقولون: (يَامُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً)[البقرة: 55]... فيعيد موسى -عليه السلام- تعليمهم وتأديبهم ويعمل على زيادة إيمانهم ثم يودعهم ويذهب لميقات ربه.. فلا يروعه حين يعود إلا أن يجدهم للعجل ساجدون، وله من دون الله عابدون! (وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ)[البقرة: 21]... فهذا كان جيلهم الأول، وأمتهم الفاضلة، وقرنهم القدوة!...
ثم توالت أجيالهم، كل جيل أسوء ممن سبقهم؛ فكفروا بأركان الإيمان الست؛ كما يفصِّله الجزء الأول من سورة البقرة، وأخذت حالتهم تسوء يومًا بعد يوم وجيلًا بعد جيل، وفي رحلتهم تلك كذَّبوا الأنبياء بل وقتلوهم: (أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ)[البقرة: 87]، وسبوا الله -عز وجل-: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ)[المائدة: 64]، وقائلين: (إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ)[آل عمران: 181]، وجعلوا له -عز وجل- ولدًا: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ)[التوبة: 30]، وما زال الأمر يتمادى بهم ويستشري حتى قالوا: "نحن شعب الله المختار": (وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ)[المائدة: 18]...
***
ويا ليت شرهم قد اقتصر عليهم فيما بينهم، لكنه شر استشرى وانتشر وأصابت شظاياه سائر أمم الأرض فلم تسلم من خبالهم وخبثهم ومكرهم أمة من الأمم، حتى لقد اتفقوا على مبدأ يقول: (لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ)[آل عمران: 75]، يقول الخازن: "يعني: أنهم يقولون "ليس علينا إثم ولا حرج في أخذ مال العرب؛ وذلك أن اليهود قالوا: أموال العرب حلال لنا؛ إنهم ليسوا على ديننا ولا حرمة لهم في كتابنا، وكانوا يستحلون ظلم من خالفهم في دينهم".
وقيل: إن اليهود قالوا "نحن أبناء الله وأحباؤه، والخلق لنا عبيد، فلا سبيل علينا إذا أكلنا أموال عبيدنا".
وقيل: إنهم قالوا: "إن الأموال كلها كانت لنا، فما في يد العرب فهو لنا، وإنما هم ظلمونا وغصبوها منا، فلا سبيل علينا في أخذها منهم بأي طريق كان".
وقيل: إن اليهود كانوا يبايعون رجالًا من المسلمين في الجاهلية، فلما أسلموا تقاضوهم بقية أموالهم فقالوا: ليس لكم علينا حق ولا عندنا قضاء؛ لأنكم تركتم دينكم وانقطع العهد بيننا وبينكم، وادعوا أنهم وجدوا ذلك في كتابهم فأكذبهم الله -تعالى- فقال: "ويقولون على الله الكذب" يعني اليهود، "وهم يعلمون" يعني: أنهم كاذبون"(تفسير الخازن).
وما زالوا يتمادون في الإفساد في الأرض والتحريش بين الأمم: (وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)[المائدة: 64]، حتى لقد صارت الأمة اليهودية هي أشد الأمم عداوة للأمة الإسلامية: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا)[المائدة: 82].
ولعداوتهم للبشر وطغيانهم عليهم فقد جعل الله بعض عقوبتهم بيد البشر: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ)[الأعراف: 167]، ولأنهم أحط من البشر، ولا يستحقون أن ينتسبوا إلى البشر فقد مسخ الله -تعالى- فريقًا منهم قرودًا وخنازير: (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ)[المائدة: 60]؛ "يعني: من اليهود من لعنه الله وغضب عليه، ومنهم من جعلهم قردة وخنازير، قال ابن عباس: "إن الممسوخين كلاهما أصحاب السبت؛ فشبانهم مسخوا قردة، ومشايخهم مسخوا خنازير""(تفسير الخازن)، وحُق للقرود والخنازير أن يجللها الخزي والعار؛ أنْ مُسخ اليهود في هيئتهم!
***
ولا يزال الصراع بيننا وبين اليهود مشتعلًا ممتدًا على أرض فلسطين، فقد كان اليهود منبوذين مشردين في أقاصي الأرض -كما هم دائمًا- إلى أن جاءوا أرض فلسطين فوجدوا المأوى والأمان.. لكنهم لخستهم ونذالتهم اغتصبوا الأرض كلها بدلًا من أن يحسنوا إلى ساكنيها، وكان رد الجميل إليهم أن قتَّلوهم وحرَّقوهم ونفوهم..!! فهذا هو جزاء من يحسن إلى اليهود!
ونبشرهم من هاهنا أنه لن يطول بهم في أرضنا مقام، بل هم لا محالة مدحورين ومهزومين ومأخوذين؛ ذلك وعد الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم-: "تقاتلكم اليهود فتسلطون عليهم، حتى يقول الحجر: يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله"(متفق عليه)، وعند مسلم: "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي، فتعال فاقتله، إلا الغرقد، فإنه من شجر اليهود".
وإنا لهذه النبوءة النبوية الصادقة منتظرون، نأخذ بأسباب تحقيقها، ونتمنى أن يحققها الله -تعالى- بأيدينا... وإلى أن يأتي هذا الموعد فإننا نجاهد اليهود بكل ما استطعنا، ومن جهادنا إياهم هذا الملف العلمي الذي نأمل أن يخرج من يطالعه من محوره الأول وعندهم خبرة كبيرة بطبيعة يهود وصفاتهم وعوارهم، وإلا يغادر محوره الثاني إلا وقد أدرك قسطًا كبيرًا من تاريخهم عبر العصور، ثم يخوض في المحور الثالث غمار الصهيونية والماسونية وكثيرًا من الحركات المنبثقة عن اليهودية، ثم لا يقف على عتبات الصراع في المحور الرابع بيننا وبين اليهود بل يكون فيه للأطماع اليهودية من المكافحين والمنافحين... وعسى الله أن يأتي بالفتح المبين.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم