ماذا تعني الصهيونية، وما أصولها؟

فريق النشر - ملتقى الخطباء

2023-12-11 - 1445/05/27
التصنيفات:

 

حامد شاكر العاني

 

الصهيونية نسبة إلى جبل صهيون في القدس، والصهيونية حركة سياسية عنصرية متطرفة ترمي إلى إقامة دولة لليهود في فلسطين، تحكم من خلالها العالم كله، فغاية هذه الحركة تنصب بتشييد هيكل سليمان فيها لتقيم مملكة لها يكون القدس عاصمتها [1]. وهذه الحركة تشجع هجرة اليهود إلى فلسطين وشراء الأراضي لإقامة المستعمرات اليهودية فيها.

 

وهذه الفكرة قديمة جداً، وقد ظهرت هذه الفكرة أساساً في الأسر في بابل حيث تجسدت في الوعد الإلهي المزعوم، من أجل المحافظة على الذات كعرق متمرد متآمر منطو على نفسه، منظم تنظيماً شبه عسكري وغير قابل للاندماج مع الغير[2].

 

يقول الدكتور محسن عبد الحميد: (وفي سبيل إبقاء هذه الحركة متأججة، صاغ دهاة اليهود عبر التاريخ حياة اليهود، من خلال المفاهيم الدينية والعنصرية المغلقة في كتب شرحوا بها التوراة سموها (التلمود)، وهو الكتاب الضخم الذي كتب في أماكن عدة وأزمان متطاولة، أخذوا ما فيه من صدق وحكم من الأديان والحكم الهندية واليونانية والبابلية وتجارب الأمم الأخرى، وسطروا فيه بجانب ذلك أحقادهم وشرورهم ومؤامراتهم على الإنسانية جميعاً بكلام صريح ولجة واضحة دون حياء ولا خجل، وحللوا فيه لليهود أموال البشر جميعاً وأعراضهم ونفوسهم وخططوا لتدمير مجتمعاتهم ودولهم تمهيداً لإنشاء إمبراطورية يهودية عالمية) [3].

 

ويشرح لنا بن غوريون اليهودي كيف قامت فكرة عودة اليهود إلى صهيون في بيت المقدس وإحياء الدولة اليهودية، بأنها قديمة وليست من اختراع شخص معين، فيقول: (إن فكرة العودة إلى صهيون وإحياء الدولة اليهودية ليست من اختراع بنسكر أو هرتزل، فالرؤيا والأمل هما بعمر النفي، النفي ذاته، لا بل يرجعان إلى ما قبل خراب الهيكل الثاني وجل ما فعلته الصهيونية السياسية هو محاولة إرساء هذه الفكرة القديمة بجذورها العميقة في حياة الشعب على أساس الحاجات المادية لدى اليهود الأوربيين في القرن التاسع عشر والبحث عن طرق عمل ناجحة لتحقيق الفكرة.. إن ما ضمن بقاء الشعب اليهودي على مر الأجيال، وأدى إلى خلق الدولة هو تلك الرؤيا المسيائية لدى أنبياء بني إسرائيل، رؤيا خلاص الشعب اليهودي والإنسانية جمعاء، إن دولة إسرائيل هي لتحقيق هذه الرؤيا المسيائية)[4].

 

إذن نخلص إلى أن الحركة الصهيونية قامت على أساس إنشاء وطن لليهود في فلسطين تحكم العالم من خلاله، وتسيطر على مقدراته، وذلك بمختلف الوسائل الصحيحة وغير الصحيحة، المشروعة وغير المشروعة، وضمنت ذلك في كتابها (التلمود) الذي كتب بأيدٍ خبيثة اتخذت من الغش والكذب شعاراً لها.. ومع هذا كله، فقد قامت لهم دولة في فلسطين وتحقق لهم ما سعوا إليه، ولكن نهايتهم قد اقتربت بموعود الله، وأن وعد الله لن يتخلف أبداً.

 

الوفاق العدائي اليهودي والصليبي المستمر على الإسلام وأهله:

واليهود منذ قيام دولتهم الباطلة فهم لا يخشون على أنفسهم إلاَّ الإسلام وأهله، فهذا بن غوريون رئيس وزراء إسرائيل الأسبق الذي كان أحد زعماء الرعيل الأول لمؤسسي إسرائيل فوق ثرى فلسطين، يقول: (نحن لا نخشى الاشتراكيات، ولا الثوريات، ولا الديمقراطيات في المنطقة، إنما نحن فقط نخشى الإسلام، هذا المارد الذي نام طويلاً، وبدأ يتململ من جديد) [5].

 

ويقول شمعون بيريز رئيس وزراء إسرائيل الأسبق وزعيم المعارضة في إسرائيل وأحد زعماء الجيل الثاني في تاريخ إسرائيل: (إنه لا يمكن أن يتحقق السلام شاهراً سيفه، ولن نطمئن على مستقبلنا حتى يغمد الإسلام سيفه إلى الأبد)[6].

 

وقال إسحاق رابين رئيس وزراء إسرائيل الأسبق: (إن مشكلة الشعب اليهودي هي أن الدين الإسلامي ما زال في دور العدوان والتوسع وليس مستعداً لقبول أية حلول مع إسرائيل، إنه عدونا اللدود الذي يهدد مستقبل إسرائيل وشعبها)[7].

 

وقال موشي ديان رئيس وزراء إسرائيل الأسبق: (إن عليهم أن يدركوا أن إسرائيل لن تسمح بانجرافهم نحو الاتجاهات الإسلامية المتعصبة، وإنه في الوقت الذي تشعر فيه إسرائيل أن العرب الذين بقوا في فلسطين قد بدأوا في التمسك بالاتجاهات الإسلامية المتعصبة فإنها لن تتردد في القذف بهم بعيداً لينضموا إلى إخوانهم اللاجئين)[8].

 

وأما عداء الصليبيين للمسلمين فليس أقل عداءً من اليهود، والحقيقة التي لا مرية فيها أن هناك وفاق عدائي كبير بينهما وراء الكواليس، ويضم معهما العملاء والمنافقين من أبناء جلدتنا.

 

يقول الأستاذ رعد الحيالي: (وهكذا نجد أن موجة العداء تتصاعد بتحريض إعلامي واضح تقف وراءه جهات إسرائيلية تحاول أن تدفع الغرب إلى استعداء الإسلام – وتحديداً ما اصطلح على تسميته بالإسلام السياسي – المتلازم مع حالة الصحوة الإسلامية واعتباره قوة مناهضة لمصالحه، وبرز نسق ثقافي – سياسي ينظر إلى الإسلام على أنه الخطر الجديد للغرب بعد الشيوعية يتوجب على الغرب وضع سياسات لاحتوائه وتطويقه، وتحجيم قواه الفاعلة وكبت انطلاقته المتسارعة وتقليص فرصة وصوله إلى الحكم)[9].

 

وفيما يأتي ندرج بعضاً من أقوالهم:

• قال المستشرق الأمريكي (و. ك. سميث) الخبير بشؤون الباكستان: (إذا أعطي المسلمون الحرية في العالم الإسلامي، وعاشوا في ظل أنظمة ديمقراطية فإن الإسلام ينتصر في هذه البلاد، وبالدكتاتوريات وحدها يمكن الحيلولة بين الشعوب الإسلامية ودينها)[10].

 

• وينصح رئيس تحرير (مجلة تايم) في كتاب (سفر آسيا) الحكومة الأمريكية أن تنشئ في البلاد الإسلامية ديكتاتوريات عسكرية للحيلولة دون عودة الإسلام إلى السيطرة على الأمة الإسلامية وبالتالي الانتصار على الغرب وحضارته واستعماره، لكنهم لا ينسون أن يعطوا هذه الشعوب فترات راحة حتى لا تنفجر[11].

 

• وقال الرئيس الأمريكي السابق نيكسون عام 1985: (يجب على روسيا وأمريكيا أن تعقد تعاونا حاسماً لضرب الأصولية الإسلامية)[12].

 

وقال جيمي كارتر الرئيس الأمريكي الأسبق: (والتهديد الوحيد الآن في أعقاب التراجع السوفيتي في الشرق الأوسط على المصالح الأمريكية هو الإسلام المتطرف، ولا يقتصر التهديد الإسلامي على المصالح الأمريكية فقط، بل يتجاوز إلى تهديد الأنظمة العربية أيضاً والولايات المتحدة لن تسمح بنشر ثورة إسلامية جديدة في أي دولة عربية من الدول ذات الأهمية الكبيرة)[13].

 

[1] الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة، ص 231 – الرياض – ط الأولى 1409ه – 1988م.

[2] موقف اليهود من الإسلام والمسلمين – د محسن عبد الحميد ص 3 – مكتبة الرشد، 1996م، التوراة تاريخها وغايتها لكاتب أمريكي – ترجمة سهيل ديب – ص18 – دار النفائس.

[3] المصدر نفسه ص 4، مستمد من كتاب التلمود والصهيونية – د أسعد رزوق – ص 209.

[4] موقف اليهود من الإسلام والمسلمين ص 7.

[5] عداء اليهود للحركة الإسلامية، زياد محمود علي – دار الفرقان للنشر والتوزيع – جبل الحسين – شارع خالد بن الوليد ص 46.

[6] المصدر نفسه ص 52.

[7] مجلة المجتمع الكويتية – العدد (324) لسنة 1976.

[8] المصدر نفسه .

[9] ماذا هذه الحرب ضد العالم الإسلامي ص 10.

[10] روائع إسلامية: 2/53.

[11] المصدر نفسه.

[12] وعد كيسنجر ص 71. هذه الكلمة قالها أثناء زيارة (غورباتشوف) لواشنطن عام 1985.

[13] المصدر نفسه ص 81. يقول رعد الحيالي: (أما جيمي كارتر فمعروف عنه تعصبه لمذهبه الكنسي، فكان ينتقل بين أفغانستان وأثيوبيا وإسرائيل وسوريا مروراً بالسعودية حاملاً معه مشروعات كثيرة لوأد الصحوة الإسلامية في بلاد المسلمين). ينظر: لماذا هذه الحرب ضد العالم الإسلامي ص 8.

 

 

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات