صهينة المفاهيم

عاصم محمد الخضيري

2022-10-06 - 1444/03/10
عناصر الخطبة
1/ معرفتنا العميقة بالصهيونية لمعركتنا العريقة معها2/ نفوذ الشبكة الصهيونية العالمية 3/ المفاهيم الصهيونية ومنطقها في تشكيل الوعي 4/ أحداث مصر وتداعياتها تطبيقٌ عملي لصهينة المفاهيم 5/ الدور التآمري الخطير لصهاينة الأهواء من المنافقين 6/ البشائر الربانية بخلود الدين وتمكين المؤمنين الصالحين

اقتباس

أيُّ انتخاب لا يرضيهم فليس انتخابا أمينا، وأيُّ شعب يحكمه رئيس يخرج عن المسار المعلن ليس برئيس، ويجب الانقلاب عليه، حتى لو أتى عن طريق صناديق الاقتراع! إن أيَّ ديمقراطية لا تعترف بهم، ليست ديمقراطية شرعية مستحقة، الديمقراطية للذين يحترمون المسار الإسرائيلي فحسب، وليس للسُّذَّجِ من أهل الهدى، فهم رعاع العالم النامي!.

 

 

 

 

الحمد لله حمدا طيبا مباركا، عظيما كبيرا، يملأ السهل والوعرا..

حمدا يقل مداد البحر عن كنهه حصرا..

 

لك الحمد تعظيماً لوجْهِكَ قائماً ***  يخصُّكَ في السَّرَّاءِ مِنَّا وفي الضَّرَّا

لك الحمد مقرونا بشكرك دائما *** لك الحمد في الأولى لك الحمد في الأخرى

 

 أشهد ألا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك, شهادة ندخرها ليوم لا مرد لنا منك، ما لنا من ملجأ يومئذ منك وما لنا من نكير.

 

وأشهد أن محمد بن عبد الله عبدك ورسولك,

 

لاهمّ صل على النبي محمد..

ما سبَّحَتْ رحمانَها فوق السماء الأنجمُ..

ما حام حول حمى حرامك مسلم..

 

وصلِّ على الآل والصحب ثم التابعين لهم *** ما أومض البرقُ مجتازاً على الظُّلَمِ

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [الأنفال:29]،  (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [آل عمران:200].  

أما بعد: سألناك في لحظة غاليهْ *** إلهي بأسمائك العاليهْ

وكلِّ صفاتك ياذا الجلا *** لِ وكلِّ لطائفك الخافيهْ

سألناك يا ربُّ حفظاً وأمـــْـــ *** ـــناً وللدِّينِ عِزَّتَهُ الباقِيَه

 

اللهم إننا نستودعك في هذه الساعة المباركة ديارَ الإسلام، نستودعك دينها، وأمانتها، وخيراتِها، وشبابَها، وعزتها، وأمانها، اللهم قيِّضْ لديار الإسلام من أمرك رشداً، يقام فيه دينك، وتصلح به دنياهم، وتجتمع كلمتهم، وأعذهم من مكر الماكرين، وتربص المتربصين.
 

كنانةَ اللهِ! لا يأسٌ ولا وهَنٌ *** فلا تبيتي على يأسٍ وتَنْتَحِبي

كم أنبتَتْ دوحة الإسلام من بطلٍ *** وأطْلعَتْ في بهيم الليل من شُهُب

تموت الثغور ثم تحيا كأن لم تمت، تثور العاصفات المرسلات ثم يُسْكنها الله كأن لم تكن من قبل نكباءَ زعزعاً! يُكاد للديار بالمكر الكُبّار، ثم تنتفض باسم الواحد القهار.

 

مِن عُمُر الإسلام؛ وأعداؤه عليه ينقلبون، والله يتلو علينا الانقلاب الأخير: (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ) [آل عمران:174]،  فحسبنا الله! سيؤتينا الله من فضله، إنا إليه راغبون.

 
مِن عُمُر الإسلام وأعداؤه يكيدون، والله يكيد، (فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا) [الطارق:17].

 

من عُمُر الإسلام وأعداؤه يمكرون، ويمكرون، والله خير الماكرين.

 

مِن عُمُر الإسلام وأعداؤه يستبطنون ثم ينكثون، وما لنا إلا الله؛ فإنا إليه راجعون!.

 

اكتُبِي تاريخَنا باللَّهَبِ *** وارسُميهِ بِشَظايا الغَضَبِ

واتركي كُلَّ جبانٍ غادرٍ *** يمضغ الأقوال باسم العرب

حلفُ إيرانَ وصهيونَ غدا *** غدرةَ الذِّئْبِ ومكرَ الثعلب

تدول الأيام علينا، وتنقلب الموازين، ولكنا نُشهد الله، أن مبادئنا لن تدول، وأن قيَمنا لن تنزَّ في ضمائرنا، ستبقى شامخة صامدة، لن تكهربها الغدرات الغربية والشرقية.

 

يحول الدهر،

فيوم علينا ويوم لنا *** ويوم نُساء ويوم نُسَرّ

 

ولكنا نشهد الله أن الحائلاتِ لن تُحيلَ ما أقسمنا الله عليه، بأن يبقى الدين موفور الجناب، تسقط الدول ولكنَّ يقيننا بالله فوق كل خوف، يكيد الناس للناس، ونحن نهتف: قل أعوذ برب الناس من الجنة والناس!.

 

تسقط رجاءاتنا، من كل حساب مادي، أو بشري، ويبقى الرجاء عند رب الرجاء، فلا خوف!.

 

 قسـماً ما قَفَـَز الخـوف إلى *** قبضةِ الفارسِ ما اهْتزَّ الفرِنْدُ

ما دعانـا الله إلا شمخـتْ *** هذه الصحـراءُ، فالكثبـان أُسْدُ

لا تهيِّئْ كَفَنِي.. ما زال لـي *** في صمودِ القِمم الشمّاءِ وعْـد

لا تغـرّنّـك منّـي هَدْأتـي *** لا يمـوتُ الثـأرُ لكن يستعـدُّ

لا يغـرَّنـّك نصـلٌ موغلٌ *** في عروقـي.. فأنـا منه أَحَدُّ

لا يغـرَّنّـك عبـدٌ مرجفٌ *** بانتهائي.. لا يُخيفُ الحُرَّ عبـدُ

لا تهيّـئْ كفنـي.. يا سيّدي *** لـي مع النصر مواثيقٌ وعَهـدُ

إنما الملكُ ورجعانا له *** إن وعدَ الله حقٌ لا يُصَدُّ

 

عِبَرٌ هذه الأقدار، عبرٌ، وأشد ما فيها اعتبارا، أن الله أرانا بها تحقيق قولِه العظيم: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ * وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) [القمر:49-50].

 

عبرٌ هذه الأقدار،

هي المقاديرُ فلُمْني أو فَذَرْ *** تجري المقادير على غرْزِ الإِبَرْ!

 

عِبَرٌ هذه الأقدار، وأشد ما فيها اعتبارا، أن الله يريْنا بها أن إرادتنا ليست بشيء حين يريد:

تقفون والفُلك المسخَّرُ دائرٌ *** وتقدّرون فتضحك الأقدارُ

هذه أقدارنا الحاضرة، ستكون تأريخاً مدوَّناً، وقد ذل قوم ليس يدرون الخبر!.

عِبَرٌ هذه الأقدار والأحداث والأنكاث وما يجري في عالمنا، وهذا الكيد المؤامراتي على كل بلد يُشم منه رائحة الإسلام.

وإن لنا مع هذا الحدث مقامات:

 

المقام الأول: اعرف عدوك التأريخي، لتستعيذ منه! إنّ من أوائل الأعداءِ التاريخيين لأمة الإسلام، هي الأمة الصهيونية، وفي زماننا تشكلت شبكتها، لتكون البعبع الكبير، الذي يجثم على كل العالم.

إن الكلام عن هذه الشبكات العملاقة أشبهُ بحقل ألغام، فعن أي شبكة تضع قدمك؟ أصهاينةُ اليهود، أم صهاينة العرب، أم صهاينة الأمم كلِّها؟.

نفوذ الشبكة الصهيونية العالمية: هذه الشبكة، ليس لها مقر أوحد، بل تكثر مقراتها في كل عقل عربي رخيص، توجد هذه الشبكة في كل خيانة غربية أو عربية، وفي كل متصهين أغوته هذه العجوز الشرقية.

 
إذا أردت أن تقيس مقياسَ حاضر أمة فانظر إلى يهود زمنها، فإن كانوا في زمن ذلة، علت بها كلمة أهل الإسلام، ونقيضه بنقيضه.

 

هذه الشبكة الصهيونية العالمية، أصبح لها النفوذ الأكبر بمطبخ القرارات في كل سياسة وصنعة أممية، وما من عجب بعد ذا أن يخرج من رحمها متصهينون صغار، شربوا ألبانها وأبوالها، مهنؤون على ضرع وحالبةٍ *** لا ينزع الله منهم ما له ارتضعوا

إنه ما من عجب، فهذه الصهيونية القديمة والجديدة مع ربائبها، أدمنوا ارتضاع الخيانات، وتدريبَ الربائبِ على احترافها.

وما من جديد أن تكون هذه الصهيونية الحديثة، هي المسؤول الأكبر عن تشكيل وجهِ شرقٍ أوسطي جديد، ثم التحكمَ فيه كما تشاء.

 
سامحك الله أيها الخطيب! أوَأنت من فئة الذين يرمون أوزارهم على ظهور غيرهم، وقد ساء ما يزرون؟! كلا! حاشا مقاما كهذا أن يكون فيه ذاك.

 

ذكرت صحيفة معاريف الإسرائيليةِ يوم أمس: أن قوادَ مصرَ استطاعوا أن يعيدوها إلى أحضان اليهود من جديد، ثم ترتِّل عليهم آي التلمود، ثم تسخر وزيرة الخارجية الإسرائيلية مما حدث فتقول: هذا جزاء الخارجين عن المسار الإسرائيلي.

 
هذه الصهيونية، التي تتحكم الآن بكل مفصلِ وبقرار عربي أو أممي، يجب أن نتذكر عداوتها التأريخية، إنه يجب أن نتذكر أن أعداءنا سيبقون أعداءنا، حتى لو نصبوا نوابا في كل محلة.

 

ليس عجبـا ألّا تنسى ذاكرةُ الإسلام مع الصهيونية وأربابها أسوأ الذكريات،
ذاكرة الإسلام لم تنس كل خيانة في هذا الزمن وفي كل زمن، ويا لله لزمن تكون فيه صاحبة الغدر الأول المشبِّكة الكبرى لكل حلف مؤامراتي خبيث!.

 

إن هذه الخياناتِ خبرناها منذ اليوم الأول، منذ أن طلع البدر علينا من ثنيات الوداع، خبرنا الصهيونية القديمة من يوم أن دخلَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة، وقد بشرت به يهود من قبل، ثم كفرت به حين علمته عربيا، وهم جحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا.

 
إنا خبرنا الصهيونية القديمة، منذ اليومِ الذي قال فيه اليهودي أبو ياسر لأخيه حييِّ بن أخطب: أهو هو؟ يعني رسولَ الله، فقال حيي: نعم، هو النبي الذي نعرف، قال أبو ياسر: فما أعددت له: قال حيي: عداوته والله ما بقيت!.

 

إنا خبرنا الصهيونية القديمة منذ اليومِ الذي قالوا فيه عن رجل واحد: هو خيرنا وابن خيرنا، فلما خرج عن دائرتهم قالوا: هو شرنا وابن شرنا.

 
إنا خبرنا الصهيونية القديمة ومؤامراتِها وخياناتها، حين زار النبي -عليه الصلاة والسلام- يهود بني النضير في أمر تعاقدا فيه، ثم لما جلس إليهم منتظرا خروجهم، تآمروا عليه بإلقاء صخرة عظيمة، فقام أشقاهم، وهو ابنُ جُحاش، ليلقيَ عليه ما أرادوا، فأخبره الله بخيانتهم، فقام عنهم.

 
خبرناهم،

حلفُ صهيونَ سلامٌ ضاحكٌ *** غدرة الذئب ومكر الثعلب

كلما قالوا: سلامٌ قيل ما *** في سلامِ القومِ غير الكذب

 

وأغدر ما يكون أبو رغالٍ *** إذا قال: السلامُ على الجميعِ!

أيتها الأجيال: لم كل هذا الكلام؟ وهل هذا زمنه؟.

 

نعم! إنه يجب أن لا ننسى العدو الأكبر الجاثم الذي حذرنا الله منه في كتابه حتى وإن كثر نوابهم في هذا الزمن الحاضر؛ فهم الذين يوقدون الحروب والله يطفئها، وهم الذين كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم، وهم الذين خانوا الله، وليس استكثارا منهم ألا يخونونا، ولا يدبروا في ديار الإسلام كل مكيدة شوهاءِ.

إنه يجب أن نستيقن أن صهاينةَ الأمس هم صهاينةُ اليوم، وهم صهاينة الغد، اختلفت قوالبهم، واتحدت قلوبهم.

 

لم كل هذا الكلام؟ وهل هذا زمنه؟ نعم! إن هذا العالم اليوم يشترك في صهينة العوالم كلها، ويشترك في صهينة مفاهيمه، حتى يبقى العالم العربي بالأخص رهينا للفكرة الصهيونية، فمن خرج عن المسار فقد خرج.

 

إن هذا العالم اليوم، يشترك في صهينة كلِّ شيء، فكل دولة أو مفهوم لا مرجع للصهيونية فيه فهو إلى تباب.

 
الصهيونية الحديثة تتحكم، وتنقلب، وتعزل، وتمنع، وتكيد؛ وعلى الجميع السمع والطاعة،
أيُّ انتخاب لا يرضيهم فليس انتخابا أمينا، وأيُّ شعب يحكمه رئيس يخرج عن المسار المعلن ليس برئيس، ويجب الانقلاب عليه، حتى لو أتى عن طريق صناديق الاقتراع! إن أيَّ ديمقراطية لا تعترف بهم، ليست ديمقراطية شرعية مستحقة، الديمقراطية للذين يحترمون المسار الإسرائيلي فحسب، وليس للسُّذَّجِ من أهل الهدى، فهم رعاع العالم النامي!.

يقول السيناتور مارك كيرك: علمتنا غزة في عام ألفين وستة أن الانتخابات الحرة وحدها لا تصنع الديمقراطية، وأن هناك أوقاتا عندما يعطى فيها لأناس فرصةَ انتخاب بعض الأحزاب، تمنحهم الديكتاتورية، إن أي شعب لا يرضى بهذا المسار، يجب أن يبقى فقيرا، حتى يؤمن بهذه الفكرة.

 

جاء في كتاب بروتوكولات حكماء صهيون، البروتوكول الثاني: إنه يجب أن تُحول الحروبُ إلى حرب اقتصادية للسيطرة على الحكومات، وبالتالي الشعوب.

وما من عجب أن يصرح رئيس الوزراءُ الصهيوني بالأمس قائلا: علينا أن ندعم مصرَ اقتصاديا لمنع عودة الإسلاميين للحكم بالانتخاب، ولتأبيد الاستبداد.

 

في كل قُطر من الإسلامِ صهينةٌ *** يُبدَّلُ الأمنُ فيها بالنِّزَاعاتِ

 في كل قُطر، بوارٌ منهمُ ووباً *** تصول صولته عبر الخيانات

إن منطق الصهيونية التي تشكل الوعي في العالم الإسلامي هو: أيُّ انقلاب فهو حركة تصحيحة لإنقاذ الديمقراطية، وأي اعتقال فهو إجراء احترازي، وأيُّ تخريب: هي وطنية شريفة.

إن التصهين المفاهيمي، هو كالأصنام المصنوعة من العجوة يؤمنون بها إذا أتت لهم بما يحبون، ويأكلونها إذا لم تعجبهم آثارها.

قديما قالوا عن الحنطة حطة، وأمرهم الله أن يدخلوا الباب سجدا، فدخلوا يزحفون على أدبارهم!

هو التصهين لا بِدْع ولا عجب ***  غدرٌ بغدرٍ، وإجحافٌ بإجحافِ

(لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) [آل عمران:186].

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين.

 

وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا.

 
أما بعد: ثاني المُقامات: صهاينة الهوى: تزوجت الصهيونية في القديم، ولا تزال إلى عصرنا هذا تلد خُدوجا غيرَ أسوياء، لها عين عمياء، وأذن صماء، ويدٌ شلّاء

إمّا تصهْيَنَت الأنساب بينهمُ *** فإنَّهُم في الهوى أبناء صهيونِ

 

هذه الخدوج مهمتها: الخروج على أمتها بأي فعل تخريبي تآمري، جاء في البروتوكول الثامن عشر لحكماء صهيون ما نصه: يجب إظهار القوة لإرهاب الجماهير من خلال افتعال حركات (تمرد) وهمية على أنظمة الحكم العربية، وقمع عناصرها بالقوة، بالاعتقال والسجن والتعذيب والقتل، لنشر الذعر في قلوب الجماهير. اهـ.

لما دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة، دخل على قوم شتى في كل مذهب وملة، إلا ملة النفاق، فهي في حلف دائم مع الصهيونية ضد المعسكر الإسلامي.

 

تجرع المسلمون من هذه الملة، كلَّ وصب ونصب وتعب، مما لم يتجرعوه من يهود،
كان اليهودُ حينذاك ظاهرين معلنين، وكانت ملة النفاق مستخفية تحت شعار الإسلام والأرض.

 

كان اليهود حينذاك يصرحون بعداوتهم للإسلام، وكانت ملة النفاق، مستخفية تحت حُبِّه تارة، وتحت المصلحة الراجحة تارة أخرى.

 

كان اليهود حينذاك قد عقدوا اتفاقية سلام مع أهل الإسلام، ولكن ملة النفاق لم تعقدها، فقد كانت تستنفر أيةَ فرصة للغدر بأهل الإسلام.

 

إذا أردت أن تختبر مقياسَ أيِّ منافق، فاختبر مقياسه بحب يهود، المنافقون في كل ملة ومكان، يجتمعون على حب التصهين والصهيونية، وما هم إلا أدوات صغيرة في مشروعهم الكبير.

 
بعد انتصار المسلمين على يهود بني قينقاع بعد الغدرة الشهيرة في امرأة السوق
أعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العدة لحصارهم وقتالهم، فلما همّ بذاك، سارع عبد الله بن أبي السلوليُّ في الشفاعة لحلفائه كيلا يقتلهم رسولُ الله، فجاء إليه وقال: "يا محمد، أحسِنْ إلى مواليّ"، ثم كرّر ذلك عليه وأمسكه من ثيابه حتى ظهر الغضب في وجهه -عليه الصلاة والسلام-، ثم علّل إصراره على هذا الموقف بقوله: "يا محمد، قد منعوني من الأحمر والأسود ، إني امرؤ أخشى الدوائر" ، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "هم لك".

 
إنهم صهاينة الهوى..

رضعوا البغا..

رضعوا الخنا..

رضعوا الشقاق الأسودا..

ما هم بأمة أحمدا..

لا والذي فطر السما

 

قد تصهينت القلوب! وما فيــ *** ــها ضميرٌ إِلَّا إلى العَمِّ سامِ

لايغرَّنْكَ قولُهُمْ فَهُمُ همْ *** خاتم الغدر في يد الحاخامِ

 
ولا تزال هذه الصهيونية الأهوائية، تعلمنا أن العصا من تلك العصية، وأن الحية لا تلد إلا الحية.

لا تزال هذه الصهيونية الأهوائية، من عهد النفاق المدني، تروج النفاق في كل مكان، لتحقق لهم نظرية: فَرِّقْ تسُد.

 
والله ما أسفنا حين أعلن اليهود والنصارى حربهم على كل إسلام، ولكنا أسفنا كل الأسف، أن أنابَ القومَ بعضُ بنينا تنفيذا لهذه المهمة، فتجدهم قد احترفوا الدور النفاقي كلَّ احتراف.

متصهينة الهوى: يكرهون الحل الإسلامي!.

 

متصهينة الهوى: يكرهون سيادة الشريعة في الأمة!.

 

متصهينة الهوى: لا يحبون اجتماع الأمة على مسلم يشهد ألا إله إلا الله ثم يفعِّلها شماء سامقة السماء.

 

متصهينة الهوى: يكْفرون بكل ميثاق إلا ميثاقَ الغدر بكل ميثاق!

إذا غدَرَتْ شوهاء وفَّتْ بعهدها *** فمِن عهدها ألا يدوم لها عهدُ

متصهينة الهوى: يستقوون بإبليس في تنفيذ ما يريدون، وقد يستقوي بهم إبليس بعد ذلك، ولسان حالهم:

وكنت امرءاً من جند إبليس فارتقى *** بيَ الحالُ حتى صار إبليسُ من جندي

متصهينة الهوى: إذا رأوا أن الأمة مقبلة على عزها، ومجدها، واكتفائها، سابقوا الزمن في خندقة الأماكن، و بتر حبل قوتها، ثم علو بالصيحات!.

 

متصهينة الهوى: لا يريدون للمشروع الإسلامي أن يتصدر المشهد، بل يريدون مشهد أوليائهم.

 

متصهينة الهوى: يضربون الأمة ببعضها، ويشترون البُلْه والبسطاء، لإشعال الفتن النائمة، لعن الله من أيقظها!

متصهينةُ الهوى: يُنظِّرون للعامة أن تطبيق الشريعة منذر بإثارة الفتنة، والتقسيم، وأنه يجر للحروب الأهلية، ويلوحون لهم بفزاعة الأقليات! وأن حكم الإسلام ما هو إلا حكم استبدادي، فوضوي.

 
صهاينةَ الأهواء كفوا ولملموا *** نفاقكم، فالله يملي وينذرُ

وإن الهدى باقٍ، ومهما تَلَجْلَجَتْ *** أقاويلُكم، فالحقُّ أعلى وأكبر

 
المُقام الثالث: (فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) [النساء:19].

 

كم من الأعوامِ التي نحتاجها، لنثبت للأمة وجودَ من لا يريد لها خيرا، ولكن الله تكفل  لنا بهذا، والله يفعل ما يشاء، وما تخفي صدورهم أكبر، وستكون عليهم حسرة ثم يغلبون.

 
تثبت لنا سننُ الله في كل محلة أن الدين باقٍ ولو كره الفلوليون، وأن الجميع راحل، وكلمة الله الباقية.

 

تبثت لنا الأيام أن الأمة ما اعتصمت بحبل الله إلا وقاها الله شر الفتن، وأن التفرق منذر بالكوارث، (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) [آل عمران:103]، وأن التنازع هو سبب الفشل، (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) [الأنفال:46].

 

تثبت لنا الأيام أن الاعتماد على آراء الناس في البقاء والحكم، وأنه أفضل طريق وأسلمه؛ إنما هو قناعة مشوهة، وسبيل مشوه، (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) [الأنعام:57، يوسف:40، 67]،

 
تثبت لنا الأيام أنّ اللجَأَ إلى الله في حين هوان الأمة، هو السبيل الأمثل والأوحد، (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [آل عمران:123].

المقام الرابع: بشائر ربانية: سهرت أعيُنٌ ونامت عيونُ *** لأمورٍ تكونُ أو لا تكونُ

فادرأ الهمّ ما استطعت عن النفــ *** ـسِ فحِمْلَانُكَ الهمومَ جُنونُ،

 إنَّ رَبَّاً كفاك ما كان بالأمـــ *** ــسِ سيكفيكَ في غدٍ ما يكون

 
إذا رأيت غلبة مؤقتة نالها أعداؤك، فتذكر قول الله: (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) [المجادلة:21].

 

إذا رأيت أقبية الإسلام استحكمت بها الجاهلية، وشظتها الصهيونية، فتذكر قول الله: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ * إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ) [الأنبياء:105-106].

إذا رأيت مسلما، أُخذ حقُّه، وسلبت مكانته، فتذكر قول الله: (إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) [الأعراف:128].  

إذا رأيت الدوائر النفاقيةَ قد دارت لأصحابها، فعزاؤك أن الله قال عسى، وعسى من الله واقعة: (فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ) [المائدة:52].

إذا أحسست الهوان، فتذكر منزل القرآن حين قال: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [آل عمران:139].

إذا رأيت في أمتك ودينك ما لا يرضيك، فتذكر: "ليبلغنّ هذا الدين ما بلغ الله والنهار بعز عزيز أو بذل ذليل".

أحبابَنَا في الدِّينِ لا تَجْزَعُوا *** فإنَّ حبلَ اللهِ لا يُقْطَعُ

إن جمَّع الباغون أعوانهُمْ *** فسوف يُفني اللهُ ما جمّعوا  

إن الذي يسمو بإيمانه *** لغير رب الكون لا يركع

أقول لأمتي لا تستكيني *** فقد حَسَرَ اللِّثَامَ الأدعياءُ

أقول لأمتي هذا زمانٌ *** ينال القصدَ فيه الأقوياء

فثوبي للهدى، واروي سمانا *** بغادية العلا إنَّا ظِمَاءُ

اللهم صل وسلم...

اللهم أعز الإسلام...

اللهم بلغنا رمضان، ونحن في أمن وإيمان، وسلامة وإسلام...

 

 

 

المرفقات

المفاهيم

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات