معنى الصيام وحقيقته - خطب مختارة

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2022-10-11 - 1444/03/15
التصنيفات:

اقتباس

هكذا تبرز الغاية الكبرى من الصوم، إنها التقوى، فالتقوى هي التي تستيقظ في القلوب وهي تؤدي هذه الفريضة، طاعة لله، وإيثارًا لمرضاته، والتقوى هي التي تحرس هذه القلوب من إفساد الصوم بالمعصية، ولو تلك التي تهجس في البال، فالتقوى غاية تتطلع إليها أرواح المؤمنين، وتهفو إليها نفوس الصالحين المخبتين، وهذا الصوم أداة من أدوات التقوى، وطريق موصل إليها

 

 هكذا تبرز الغاية الكبرى من الصوم، إنها التقوى، فالتقوى هي التي تستيقظ في القلوب وهي تؤدي هذه الفريضة، طاعة لله، وإيثارًا لمرضاته، والتقوى هي التي تحرس هذه القلوب من إفساد الصوم بالمعصية، ولو تلك التي تهجس في البال، فالتقوى غاية تتطلع إليها أرواح المؤمنين، وتهفو إليها نفوس الصالحين المخبتين، وهذا الصوم أداة من أدوات التقوى، وطريق موصل إليها، ومن ثم يرفعها القرآن أمام عيون المؤمنين هدفًا وضيئًا، وغاية سامقة، يتجهون إليها بتحقيق الصيام: (لعلكم تتقون). إنه رمضان.. زارع الخشية وحاصدها، فالتقوى به، وهو بالتقوى، قرينان لا ينفك أحدهما عن الآخر.

لم يكن هدفًا من صيام الشهر الكريم التجويع والتعطيش بلا مبرر، أو كبت الحرية الجنسية فيما أباح الله تعالى بلا مسوِّغ، فلا حاجة لله تعالى في تعذيب عباده وإرهاقهم بالامتناع عن الطعام والشراب والمباحات من وقت طلوع الفجر إلى غروب الشمس إن لم يكن في ذلك حكمة خفيَّة يتضاءل إلى جانبها ألم الجوع والعطش والصبر عن الشهوات المباحة، فلا صومُ الصائمين، ولا تهجدُ المتهجدين، ولا صدقةُ المتصدقين، تزيد في ملك الله تعالى شيئًا، وفي المقابل فليس إفطارُ المفطرين، ولا معصيةُ المبطلين، ولا قعودُ القاعدين، ينقص من ملك الله تعالى شيئًا، إنما أفضال العبادات كلها لمصلحة العباد، فإن عملوا خيرًا فلأنفسهم يمهدون، وإن أساؤوا فعليها: "يا عبادي: إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه".

إن التزام الصائمين بعدم قربان الطعام والشراب والشهوة، بل والمبالغة في ذلك أحيانًا من كثيرين من الخلق، لهو من البراهين المؤكِّدة أن الصوم أداة فعالة لزرع التقوى في النفس، وتربية الخشية في القلب، فالصائم لا مانع له من تناول الطعام والشراب وسائر المفطرات إلا خلق التقوى، الذي هو فقط حالة ذهنية قلبية ليس لها وجود مادي محسوس، ولكنها تربية للضمير شهرًا في العام، ليورث في القلب معرفة بالله تعالى ومقامه في بقية الأيام، فمن يصوم حقًّا في رمضان عن المباحات فإنه -ولا شك- يصوم بقية عامة عن المحرمات والشرور والأخلاق الدنيئة.

ولا يتأتى ذلك إلا لمن صام حقًّا، وقام حقًّا، واجتهد في شهره حقًّا، والتزم بالواجبات وانتهى عن المنهيات حقًّا، فتلك هي التربية الحقيقية للقلب، فإذا أناخت الجوارح رحالها، فتخففت من القبائح والرذائل، واستجمع القلب قواه وجمع سلاحه لطرد الإصرار على العصيان، فإن جنود البدن تصيح صيحةَ تكبيرٍ تهتز لها أركان الجسد، معلنة انتصارها على شيطانها، وفوزها الساحق على عملائه من الإنسيين، فلا يزال يلهج بحمد الله وشكره قولاً وعملاً، حتى يدركه يوم العيد وما عليه خطيئة، وتتلقاه ملائكة الطرقات تصافحه، وتتمنى لو تسير في ركابه، تسلمه الجائزة، وتصلي عليه وعلى آله، حتى تشيعه إلى داره، في انتظار يوم الجائزة الكبرى، عند مليك مقتدر..

إننا إذ نقبل على صبر الصيام، وعلى صيام الصبر، فإننا نهيب بالخطباء والدعاة في كل مكان، أن يحيوا قلوبهم وقلوب مدعوِّيهم نحو فهم عميق لفلسفة الصيام وفلسفة رمضان، وإحياء معنى الصيام الحقيقي الذي لا يتوقف عند حدود الامتناع عن أكل أو شرب أو جماع، ولكنه يتعدى ذلك ليصل إلى أعمق نقطة في القلب فيغرس فيها التقوى والخشية وحب الطاعة وكره المعصية، حتى يمضي الشهر وقد أنتج بالفعل أمة تسعى بالتقوى، وتعمل بالتقوى، وتعيش حياتها بالتقوى، فلا يقهرها شيطان، ولا يتسلط عليها عدو، ولا تغلبها نفوس أفرادها وشهواتهم، بل ترجح مصالحها العليا وتسمو فوق أطماع البشر وأهوائهم، لتخرج لنا منتجًا نفخر به ويفخر به العالم من حولنا، وتتوجه إليه الأنظار بعد أن غضت طرفها عن قيمه ومثله العليا، وما ذلك على الله بعزيز..

من أجل ذلك وضعنا بين أيديكم -معاشر الخطباء والدعاة- مجموعة من الخطب المختارة حول مفهوم الصيام الحقيقي، وعلاقته بتقوى الله تعالى سرًّا وجهرًا، ويحدونا أمل أن تكون خطوة على طريق عودة الأمة إلى طريق ربها، والنهل من معين الخشية الصافي، ونبعها الذي لا ينضب، والله من وراء القصد، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

العنوان

إصلاح الباطن في رمضان

2021/04/20 3786 646 6

مَن منَّا وقف مع نفسه مذعورًا؛ لأنه استشعر داء العُجْب والكبر يدبُّ في قلبه؟, مَنْ منَّا مَنْ صارح نفسه في لحظة مُحاسَبة وخلوة عن دبيب الحسَد الذي يتحرك بين جوانحه؟, هل تفقَّدنا القُلُوب من شهوة الرياء وحب الظهور؟, وهل تفقدنا الصدور من خَطَراتِ الاستعلاء...

المرفقات

إصلاح الباطن في رمضان.doc


العنوان

كتب عليكم الصيام

2021/04/15 3219 400 2

إِنَّ مِنَ الْوَاجِبَاتِ الْمُهِمَّةِ عَلَيْنَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ أَنْ نَتَعَلَّمَ أَحْكَامَهُ لِنَصُومَ كَمَا يُرِيدُ رَبُّنَا مِنَّا, وَقَدْ جَاءَتْ أَرْبعُ آيَاتٍ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ تَكَادُ تَحْوِي جَمِيعَ أَحْكَامِ الصِّيَامِ,...

المرفقات

كتب عليكم الصيام.doc


العنوان

حتى نحقق التقوى في رمضان

2017/06/01 4845 406 10

بقدر تحقيق هذه الغاية والوصول إليها يكون النجاح في هذا الشهر والفوز فيه، بتحقيق التقوى يكون استثمارك الأمثل والأحسن لأيام هذا الشهر ولياليه؛ فاجعل، أيها المسلم، يا من منّ الله عليك ببلوغ الشهر، اجعل هذه الغاية الشريفة والمقصد الكريم، تقوى الله -عز وجل-، اجعلها نصب عينيك وأنت تستقبل الشهر الكريم.

المرفقات

نحقق التقوى في رمضان


العنوان

ثمار الصيام وآثاره الإيمانية والتربوية

2019/02/14 5763 304 3

وحسب الصيام أنه مدرسة يتربى فيها الصائم ويأخذ منها الحِكم الجليلة والفوائد الوفيرة؛ فيتخلق بأخلاق أهله ويشعر بمن حوله من الفقراء والمساكين؛ كما تنمو علاقته برب العالمين ومراقبته له....

المرفقات

ثمار الصيام وآثاره الإيمانية والتربوية


العنوان

مقام الصيام في مدارج العبودية

2012/07/12 7395 2487 73

رمضان باب من أبواب العبودية وقد أزف قدومه، ومن أحياه الله تعالى أيامًا معدودة فإنه مدركه، لكن كم من مدرك مضيع، رمضان وغيره عنده سواء... إن رمضان سيأتي ويمضي كما مضى في أعوام سابقة، وستكون أعمال العباد فيه متفاوتة، فكن يا عبد الله ممن فهم معنى العبودية في الصيام، وسعى لتحقيقها كما أمر الله تعالى، واستعن به سبحانه على بلوغ الكمال في العبادة، وتحقيق أعلى درجات الطاعة؛ فإن الاستعانة بالله تعالى على تحقيق ..

المرفقات

الصيام في مدارج العبودية

الصيام في مدارج العبودية - مشكولة


العنوان

الصوم وتربية المسلم على الحلم وضبط النفس

2012/08/01 14288 1779 126

في شهر رمضان يتربَّى المسلم على الكثير من القيم والأخلاق التي تهذب سلوكه، وتصقل شخصيته، وتورثه الذكر الحسن، والثواب الجزيل في الدنيا والآخرة؛ وإنه لَينبغي أن نربي أنفسنا على الأخلاق الفاضلة، ونجعلها سلوكاً نتعامل بها في واقع الحياة ..

المرفقات

وتربية المسلم على الحلم وضبط النفس


العنوان

روح الصيام

2018/06/03 3247 316 5

إنها نصوصٌ مقاصديةٌ إيمانيةٌ تنبعُ من بحرِ الوحيِ النبوي: "منْ صامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا" تجعلُ الصائمَ الصادقَ يحرصُ عليها، ويحافظُ على صيامِه كما يحافظُ على مالِه وزيادة..

المرفقات

روح الصيام


العنوان

الصيام قوة للمسلم

2018/05/25 2826 322 4

ومن الآداب العظيمة التي يراعيها المرء أثناء الصيام: ترك المراء والسباب، والغضب والمشاتمة متحفظًا من لسانه، لا يُستثار ولا يغضب لأتفه سبب ولا يخرج عن طوره في المضايقات والخصومات والمشاحَّة على منافع الدنيا ومصالحها...

المرفقات

الصيام قوة للمسلم


العنوان

هل فقهنا حقيقة الصيام؟

2018/05/21 4281 393 12

إِنَّ الصَّومَ يَقطَعُ التَّعَبُّدَ لِغَيرِ اللهِ، وَيُورِثُ الحُرِّيَّةَ مِن رِقِّ الهَوَى وَاستِعبَادِ الشَّهَوَاتِ، وَيُهَذِّبُ النُّفُوسَ وَيُزَكِّيهَا، وَيَصِلُ بِهَا إِلى أَعلَى مَا يُمكِنُ أَن تَكُونَ عَلَيهِ نَفسٌ بَشَرِيَّةٌ مِنَ الزَّكَاءِ وَالصَّفَاءِ؛ فَهُوَ إِضَافَةً إِلى أَنَّهُ يَحُولُ بَينَهَا وَبَينَ المَلَذَّاتِ الحِسِّيَّةِ؛ فَهُوَ أَيضًا يَقطَعُهَا عَن جَمِيعِ المُحَرَّمَاتِ وَالآثَامِ، وَذَلِكَ...

المرفقات

هل فقهنا حقيقة الصيام؟


العنوان

حكم الصيام وأسراره

2018/05/17 10070 456 25

بِشَكلٍ بسيط بسيط، صِيامُكَ، وأداءُ طاعتك لله -عز وجل- دليلٌ قطعيّ على أنّ رضا الله -عز وجل- أغلبُ عندك من مُتَعِ الحياة الدنيا، ولكنّ شيئًا يُضاف إلى هذه الطاعة، وهو أنَّك إذا دَخَلْتَ إلى بيتِكَ وقد أغلقْتَ الأبواب، ليْسَ من جِهةٍ على وجه...

المرفقات

حكم الصيام وأسراره


العنوان

التربية على الاستجابة من مقاصد الصوم

2018/05/05 4336 379 13

على قدر الاستجابة تكون الحياة، فهي مراتب كلما زاد العبد في الاستجابة لله وطاعة أوامره كلما زاده الله حياة طيبة سعيدة، قال ابن القيم -رحمه الله-: "والخبر أن من ترك الاستجابة له ولرسوله، حال بينه وبين قلبه عقوبة له على ترك الاستجابة؛ فإنه سبحانه يعاقب..

المرفقات

التربية على الاستجابة من مقاصد الصوم


العنوان

الإخلاص من مقاصد الصوم

2018/05/03 13406 510 15

وخلاصة هذا الكلام، أن الصوم عبادة الإخلاص، لأن كل الأوامر والنواهي يمكن أن تفهمها في ضوء مصلحتك، المر بالصدق بمصلحتك، الأمر بالأمانة بمصلحتك، غض البصر لراحة قلبك، ما من أمر إلهي إلا وتجد أن مصلحة الإنسان معقودة به، لكن...

المرفقات

الإخلاص من مقاصد الصوم


العنوان

التآلف والتراحم من مقاصد الصوم

2018/05/03 7789 429 16

الصوم يكسب المسلم روحانية ورقة في القلب ولين في السلوك وسعة في النفس؛ فيظهر ذلك في تعامله مع إخوانه في المجتمع؛ فيثمر ذلك العفو والتسامح والبذل والعطاء وتقديم النفع وكف الأذى؛ فيكون ذلك زاد لبقية العام بل للحياة جميعاً والموفق من هداه الله لنيل هذه...

المرفقات

التآلف والتراحم من مقاصد الصوم


العنوان

الصوم وانضباط الترك

2014/07/05 2624 382 5

أيها الإخوةُ في الله: العبدُ يضرُّهُ الاستِرسالُ فيما اعتادَ واشتهى أحدَ عشر شهرًا، كلها انطلاقٌ في المباحات، وإمعانٌ فيها، متابعة لدواعيها، فيجيء رمضانُ، فيفطِمُ الجوارحِ عن لذائذها بأمرِ الله وابتغاءَ رضوانه، يدَعُها لوجه الله وحده، لا للعادَة، ولا خوفاً من أحدٍ. وهاهنا يبرزُ دورُ الإيمان، والتقوى، ويظهرُ أثرُ التربيةِ والتهذيب، فإذا بتلكَ الأنفسِ التقيّة الزكيّة تعتادُ التركَ للمباحاتِ لوجه الله -تعالى-، فتترقى النفس ويصبح لديها قابلية لتركِ...

المرفقات

وانضباط الترك


إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات