اقتباس
فهي مؤامرة لإبعاد الناس عن دينهم؛ مؤامرة لها شقان، أما الشق الأول فهو: الطعن في الثوابت، وأما الشق الثاني فهو الإلهاء بالتوافه! فهو عدو خبيث ماكر له ذراعان يريد بهما تدمير الأمة الإسلامية عن بكرة أبيها؛ ذراع تزعزع العقيدة في القلوب وتطعن في محكماتها وثوابتها وأصولها وأعمدتها... وذراع أخرى تلهي...
هي أمور عند المؤمنين الصادقين من البديهيات المسَلَّمَات الثابتات الراسخات، قد تتزلزل الجبال الراسيات وهي لا تهتز، وقد تزول الأرض والسماء وهي أبدًا لا تزول ولا تتأثر... فمن هذه المحكمات والثوابت الراسخات وجود الله -تعالى- ووحدانيته وأنه -سبحانه- الخالق الأوحد لهذا الكون والمدبر لأموره... وهذا -عند المؤمنين- من الثوابت المحكمات التي لا تحتاج إلى دليل.
وقديمًا سئل بعض الأعراب: "ما الدليل على وجود الرب -تعالى-؟ فقال: يا سبحان الله، إن البعرة لتدل على البعير، وإن أثر الأقدام لتدل على المسير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج؟ ألا يدل ذلك على وجود اللطيف الخبير؟"(تفسير ابن كثير)، فصدق الشاعر القائل:
ففي كل شيء له شاهد *** يدل على أنه الواحد
بل لقد كان بعض العلماء يستنكر أن يُطلَب دليل على وجود الله -تعالى-، فكيف يوضَّح الواضح؟! بل إن "توضيح الواضحات إحدى المعضلات"، فهذا أحدهم يقول: "إلهي كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك؟ أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك؟! متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك؟! ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك؟!"... وقيل لأحدهم: إن فلانًا أقام ألف دليل على وجود الله، فأجاب: في قلبه ألف شبهة.
وليس يصح في الأذهان شيء *** إن احتاج النهار إلى دليل!
إلا إنه وللأسف وجد من يشكك في رب هذا الكون ومدبره وحاكمه، وهناك من يهاجمون ثوابت الدين ويطعنون فيه ويشككون في صحته، فيطعنون في النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وفي الصحابة الأطهار نقلة الوحي... ثم يهاجمون فرائض الدين وأركانه وأصوله ويشككون في صلاحيتها لزماننا... حتى لقد صرنا بحق في عصر "الطعن في المحكمات وزلزلة الثوابت الراسيات"!
***
وإن المتفكر المتأمل المتدبر يدرك أن موجات الإلحاد التي نراها اليوم وطامات الشكوك التي تثار كل ساعة، ما هي إلا نتاج مُرٌّ لحملات ممنهجة مدبرة ممولة للتشكيك ولزعزعة الدين في قلوب المسلمين!
فهي مؤامرة لإبعاد الناس عن دينهم؛ مؤامرة لها شقان، أما الشق الأول فهو: الطعن في الثوابت، وأما الشق الثاني فهو الإلهاء بالتوافه! فهو عدو خبيث ماكر له ذراعان يريد بهما تدمير الأمة الإسلامية عن بكرة أبيها؛ ذراع تزعزع العقيدة في القلوب وتطعن في محكماتها وثوابتها وأصولها وأعمدتها... وذراع أخرى تلهي شباب الأمة ورجالها ونساءها وفتياتها بل وأطفالها بكل محرم وخبيث، وحرصوا أن يجعلوا لكل فئة من المسلمين ما يناسبه مما يشغله عن دينه وثوابته وقيمه.
فمن وقع بين ذراعي هذه المؤامرة هلك وخسر وتعس في حياته وبارت تجارته، إن لم تداركه رحمة الله -تعالى-، ومن انتبه لها نجا من سمومها وأدرانها، ولقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "والمعصوم من عصم الله"(رواه البخاري).
***
ودعونا نقرر الآن في وضوح وبدون مواربة أننا نحن المسئولون عن نجاح هذه المؤامرة الخبيثة إن نجحت؛ والسبب: أنه ما مر زمان إلا وكان للمسلمين وللإسلام أعداء يكيدون له ويطعنون فيه، لكن الله -سبحانه وتعالى- كان يقيِّض للأمة من يدفع عنها الشبهات ويصد الهجمات ويحمي الثوابت ويحوط المحكمات ويرد الأمة إلى دينها: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها"(رواه أبو داود)،
فطبيعي أن يكون للأمة أعداء يكيدون لها: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا)[الفرقان: 31]، لكن غير الطبيعي أن يتخاذل علماء الأمة وكبراؤها ورجالها عن نصرة الدين وتجديد عرضه وتمسيك الناس به وإزالة الشبهات عنه...
فمن الواجبات المتحتمات لصيانة دين هذه الأمة تعليم الأجيال دينها، واحتواء الشباب وتحصينهم عاطفيًا وعقليًا ضد تلك الحملات الممنهجة الخبيثة، ومن فعل ذلك فقد سعد في الدنيا والآخرة: (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ)[الأعراف: 170].
ومنها: الأخذ على يد المرجفين المشككين وعدم فتح أبواب الإعلام لهم، وغلق أبواب القنوات الفضائية في وجوههم، ومنعهم من نشر شبهاتهم ومحاسبتهم عليها، وصدق رسول الله -صلى الله عليه وسـلم-: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"(رواه مسلم).
ومنها: إنشاء هيئات ومنظمات لصد الهجمات وتفنيد الشبهات، تكون مهمتها رصد كل شبهة تشتهر بين الناس في مواقع التواصل الاجتماعي أو في غيرها وترد عليها، بشرط أن تعمل هذه الهيئات وفق منهجية علمية قوية وسهلة مفهومة في نفس الوقت.
وواجبات أخرى وكثيرة ... ولمن أراد التوسع في هذا الموضوع ففي هذه الزاوية بغيته ومراده.. فإليك هذه الخطب .
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم