اقتباس
لقد اعتادت النفوس في شهر الخير والبركات وموسم المغفرة والرحمات، على الإقبال على الطاعات، والمسارعة في الخيرات، والتنافس في سائر القربات، ولكن بمجرد إعلان ليلة العيد نجد الكثير من المسلمين قد تنكّبوا الطريق، وضلوا السبيل وانحرفوا عن الصراط المستقيم، وانفلتوا من الطاعات، وانغمسوا في الملاهي والملذات، وسارعوا إلى المعاصي والشهوات، بل وقعوا في كبائر الإثم وعظائم الموبقات..
مع انتهاء أيام الخير والبر، وانقضاء أيام رمضان، فإنه حَرِيّ بالعبد العاقل أن يتفكر في سرعة مرور الأيام والليالي، ويتذكر بذلك قرب انتقاله من هذه الدنيا؛ ليتزود بصالح الأعمال، فقد حلّ بنا شهر رمضان المبارك بخيراته وبركاته ونفحاته، ثم انتهى وارتحل سريعاً شاهداً عند ربه لمن عرف قدره واستفاد من خيره بالطاعة، وشاهداً على من أضاعه وأساء فيه العمل.
لقد كان شهر رمضان ميدانًا يتنافس فيه المتنافسون، ويتسابق فيه المتسابقون، ويحسن فيه المؤمنون، تربت فيه النفوس على الطاعة والفضيلة، وترفعت فيه عن الخطيئة، وتعالت عن الرذيلة، واكتسبت فيه كل خير وهدى، وتزودت فيه من الرشاد والبر والتقى، وسمت فيه النفوس إلي جنة الفردوس، وتطلعت فيه لرضا الملك القدوس، وتعالت فيه الهمم وارتفعت، وسمت فيه العزائم فخشعت القلوب ودمعت الأعين وخضعت الجوارح وزكت النفوس وتهذبت الأخلاق. لقد اعتادت النفوس في شهر الخير والبركات وموسم المغفرة والرحمات، على الإقبال على الطاعات، والمسارعة في الخيرات، والتنافس في سائر القربات، ولكن بمجرد إعلان ليلة العيد نجد الكثير من المسلمين قد تنكّبوا الطريق، وضلوا السبيل وانحرفوا عن الصراط المستقيم، وانفلتوا من الطاعات، وانغمسوا في الملاهي والملذات، وسارعوا إلى المعاصي والشهوات، بل وقعوا في كبائر الإثم وعظائم الموبقات. ولقد ذمَّ السلف هذا الصنف من الناس وهذا النوع من الأجناس. قيل لبِشْرٍ: "إن قومًا يجتهدون ويتعبدون في رمضان". فقال: "بئس القوم الذين لا يعرفون الله إلا في رمضان، إن الصالح يجتهد ويتعبد السنة كلها".
لا بد أن يكون شهر رمضان محطة انطلاق كبرى للتغيير نحو الأفضل في حياتنا، فنستفيد من هذا الشهر الكريم فتظهر آثاره على كافة شهور العام، فنكون بذلك قد حققنا ما شُرع الصيام من أجله. فهل ترانا نستمر على الطاعات بعد رمضان؛ إذ تدربنا عليها، وهل نداوم على إخلاص العبادات لله تعالى وحُسن الخُلق مع الخلق؟! نرجو الله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته في كل وقت وحين.
من أحل ذلك وضعنا بين يديك -أخي الخطيب الكريم- خطبًا منتقاة في الفوائد التي ينبغي أن يخرج بها المسلمون من شهر رمضان، وكيفية المداومة على الطاعة والعبادة من بعده، نسأل الله أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم