وعلى الله فليتوكل المتوكلون - خطب مختارة

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات:

اقتباس

وفي مختاراتنا لهذا الأسبوع انتقينا من بستان الخطابة مجموعة مختارة من الخطب التي ركزت على هذا الموضوع، والتي توضح المفاهيم المغلوطة لدى البعض عن التوكل، مع إيضاح المفهوم الصحيح، معرجين خلالها إلى أهمية التوكل على الله وفضله، ومؤكدين على وجوب الأخذ بالأسباب لتحقيق تمام التوكل، سائلين الله تعالى أن يجعلنا من المتوكلين على الله تعالى حق توكله، الذين تعلقت به وحده قلوبهم ..

الناس مع التوكل طرفان ووسط، وقلّما تجد فيه من يرعاه حق الرعاية ويوليه حق الاهتمام ويسلك إزاءه جادة الصواب، فهم بين مبالغ في الأخذ بالأسباب فيعتمد عليها اعتمادًا كليًّا، فإذا حزبه أمر طرق كل الأبواب، وسعى في جميع الأسباب، ونسي قدرة الله تعالى والاعتماد عليه وأن الأمور كلها بيده، فيسعى يمينًا وشمالاً، ويذهب إلى هذا وذاك، ويقلب عينيه في كتب الطب والعلوم، ويطرق باب كل طبيب ليداوي علته، وينسى بابًا لا يغلق دون طلب الطالبين، ولا دعاء المضطرين، وهو باب الله تعالى الذي يحكم فلا معقب لحكمه.  

 

والطرف الآخر يترك السبب بالكلية، فلا يسعى لرزق، ولا يسير في مناكب الأرض، بل ينتظر أن تنشق السماء عن رزقه، فينهال عليه كمطر الشتاء، أو كحر المصيف، تمامًا كمن يتمنى الولد بغير زواج، أو يسعى للشبع بغير طعام، أو لقتال العدو بغير سلاح، ويسمون أنفسهم المتوكلين، بل هم متواكلون اتكاليون، يبررون لقعودهم وتقاعسهم عن العمل بالتوكل والاعتماد على الله، في حين أنهم مقصرون في الأخذ بالأسباب. فكلا الطرفين مذموم، فالأول نسي الخالق المدبر وأعرض عنه وركن إلى السبب، فوقع في شرك الأسباب، والآخر نسي الأسباب بالكلية وأعرض عنها على الرغم من الأمر الشرعي بالأخذ بها والموازنة بينها وبين الاعتماد واللجوء إلى الله تعالى، فأنى له الرزق أو النصر؟!  

 

أما الوسط أو التوكل الحق فهو صرف القلب إلى الله تعالى بصدق اللجوء إليه والاعتماد عليه وتمام التعلق به وبحوله وطوله، مع بذل الأسباب المؤدية إلى المأمول، فهما ركنان للتوكل ينبغي أن لا يغفل المتوكل أيًّا منهما: تعلق القلب بالله، وبذل الأسباب، فإن تخلف أحدهما عن الوجود كان ذلك قادحًا في توكل العبد.   والمتوكلون لا يرجون سوى الله، ولا يقصدون إلا إياه، ولا يلوذون إلا بجنابه، ولا يطلبون الحوائج إلا منه، ولا يرغبون إلا إليه، ويعلمون أنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه المتصرف في الملك لا شريك له ولا معقب لحكمه وهو سريع الحساب، ولهذا قال سعيد ابن جبير: "التوكل على الله جماع الإيمان".  

 

وهذا هو إخلاص الاعتقاد بوحدانية الله؛ وإخلاص العبادة له دون سواه، فما يمكن أن يجتمع في قلب واحد توحيد الله والتوكل على أحد معه سبحانه، والذين يجدون في قلوبهم الاتكال على أحد أو على سبب يجب أن يبحثوا ابتداءً في قلوبهم عن الإيمان بالله! وليس الاتكال على الله وحده بمانع من اتخاذ الأسباب؛ فالمؤمن يتخذ الأسباب من باب الإيمان بالله وطاعته فيما يأمر به من اتخاذها؛ ولكنه لا يجعل الأسباب هي التي تنشئ النتائج فيتكل عليها. إن الذي ينشئ النتائج -كما ينشئ الأسباب- هو قدر الله، ولا علاقة بين السبب والنتيجة في شعور المؤمن، اتخاذ السبب عبادة بالطاعة.   وتحقق النتيجة قدر من الله مستقل عن السبب لا يقدر عليه إلا الله، وبذلك يتحرر شعور المؤمن من التعبد للأسباب والتعلق بها؛ وفي الوقت ذاته هو يستوفيها بقدر طاقته لينال ثواب طاعة الله في استيفائها. إن على كثير من المسلمين أن يعيدوا النظر في أسلوب حياتهم وفي توكلهم، وهل هم من الصنفين المتناقضين أم من الوسط الذي مدحه الله تعالى في كتابه ومدحه نبيه صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَاً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) [الأنفال: 2 - 4]، وقال: (وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ * الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [النحل: 42]، فالتوكل يشغل حيزًا كبيرًا من الدين، فعلى المسلمين إعادة النظر في توكلهم، والاهتمام الكامل بتنقيته من كل ما من شأنه أن يشوبه من شوائب ربما تكون ناتجة عن الاهتمام بأحد ركنيه على حساب الآخر.  

 

وفي مختاراتنا لهذا الأسبوع انتقينا من بستان الخطابة مجموعة مختارة من الخطب التي ركزت على هذا الموضوع، والتي توضح المفاهيم المغلوطة لدى البعض عن التوكل، مع إيضاح المفهوم الصحيح، معرجين خلالها إلى أهمية التوكل على الله وفضله، ومؤكدين على وجوب الأخذ بالأسباب لتحقيق تمام التوكل، سائلين الله تعالى أن يجعلنا من المتوكلين على الله تعالى حق توكله، الذين تعلقت به وحده قلوبهم، واعتمدت على حوله وقوته لا شريك له.

العنوان

أنوار التوكل

2020/07/07 2365 352 23

إننَا وقدْ حلَّ بنَا هذا الوباءُ فمَا أحرانا أنْ نتوكلَ على اللهِ -عزَّ وجلَّ- حقَّ التوكل، وأنْ نلتجئَ إلى اللهِ -تعالى-، وأنْ نفرَّ منْ هذا الداءِ إلى مالكِ الكونِ.. إن هذه المحنةَ العظيمةَ التي اشتدتْ على البشرية: مفتاحُها وفرجُها هوَ التوكلُ على اللهِ –تعالى- ودعاءُه..

المرفقات

أنوار التوكل


العنوان

عبادة التوكل على الله

2019/02/22 10962 384 92

التوكل على الله -تعالى- معناه: الاعتماد على الله -سبحانه- في الأمور كلها، في الدنيا والآخرة بصدق تامّ وإخلاص مبرَّأ من الشك، وتفويض شئون العبد كلها إلى الخالق الرحيم القادر على كل شيء، ووثوق بالله العظيم مع شعور القلب من البراءة من الحول والقوة، والرضا بما يقضيه الله له من الأمور...

المرفقات

عبادة التوكل على الله


العنوان

التّوكل على الله -عزّ وجلّ-

2020/11/16 2487 367 16

عباد الله: إنّ من الطّاعات العظيمة وفرائض الإسلام الجليلة: التّوكلَ على الله -تبارك وتعالى- في جلب المنافع، ودفع المضار، وتحصيل المصالح الدنيوية والأخرويّة. والتوكل عبادةٌ قلبية تقوم على أصلين عظيمين لابد من قيامهما بالقلب ليكون العبد متوكِّلاً على الله حقّاً وصدقا: الأمر الأول: علمُ العبد بالله، وأنه سبحانه الوكيلُ ولا وكيلَ سواه، وأنّه الرّب العظيم المدبِّر المسخِّر الذي بيده أزمّة الأمور فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، عليمٌ بالعباد، سميعٌ لأصواتهم، بصيرٌ بأعمالهم، مطلِّعٌ عليهم لا تخفى عليه منهم خافية. والأصل الثاني: عمل القلب؛ وهو...

المرفقات

التّوكل على الله -عزّ وجلّ-


العنوان

التوكل واليقين في الشدائد خير مُعِين

2021/07/09 7826 908 25

فما أحوَجَ الأمةَ اليومَ، مع انتشار الأمراض العضوية، والنفسية والاجتماعية، ودواعي القلق والمخاوف، ما أحوَجَها إلى معرفة حقيقة التوكل على الله، وصدق الاعتماد عليه، في جَلْب المنفعة ودَفْع المضرة، في أمور الدنيا والآخرة، مع الأخذ بالأسباب المشروعة...

المرفقات

التوكل واليقين في الشدائد خير مُعِين.pdf

التوكل واليقين في الشدائد خير مُعِين.doc


العنوان

التوكل على الله

2018/07/20 5017 358 19

مَنْ حقَّق التقوى وصدَق في التوكل على المولى فقد تحصَّل على أعظم المطالب وأجلّ المآرب، فمَن فوَّض أمورَه إلى ربه، وتوكَّل على خالقه موحِّدًا له مُنِيبًا إليه، أوَّاها تائبا ممتثِلا طائعا، جعل له مِنْ كل هَمٍّ فَرَجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ورزَقَه من حيثُ لا يحتسب...

المرفقات

التوكل على الله


العنوان

جماع الإيمان التوكل على الله

2018/02/06 4517 306 5

التوكل: هو صدق اعتماد القلب على الله -عز وجل- في جلب المنافع ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة كلّها مع الثقة به -سبحانه وتعالى-، وحسن الظن بحصول المطلوب، وتفويض الأمور كلها إليه. وتحقيق الإيمان بأنه لا يعطي ولا يمنع ولا يضر ولا ينفع سواه. قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: "التَّوَكُّلُ جِمَاعُ الْإِيمَانِ...

المرفقات

جماع الإيمان التوكل على الله


العنوان

التوكل على الله -تعالى- حقيقته ومواطنه وثمراته

2019/08/05 6439 378 13

أيها المسلمون: إن التوكل على الله -تعالى- وتفويض الأمر إليه ليس معناه تعلق القلوب بالله، وترك العمل بالأسباب الجالبة للمصالح المرغوبة، والدافع للمضار المكروهة، فهذا ليس من التوكل في شيء، بل هو من الخبال وضعف...

المرفقات

التوكل على الله -تعالى- حقيقته ومواطنه وثمراته


العنوان

التوكل على الله وفوائده

2021/11/28 6016 696 8

التَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ وَاجِبٌ مِنْ أَعْظَمِ الْوَاجِبَاتِ، كَمَا أَنَّ الْإِخْلَاصَ لِلَّهِ وَاجِبٌ، وَحُبَّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاجِبٌ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِالتَّوَكُّلِ فِي غَيْرِ آيَةٍ؛ أَعْظَمَ مِمَّا أَمَرَ بِالْوُضُوءِ، وَالْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ، وَنَهَى عَنْ التَّوَكُّلِ عَلَى غَيْرِ اللَّهِ. وقد ورد لَفْظُ التَّوَكُّلِ في القرآن الكريم في "اثنتين وأربعين" مَوضِعاً، وقد تَنَوَّعَ الأُسلوبُ القرآني في...

المرفقات

التوكل على الله وفوائده.doc

التوكل على الله وفوائده.pdf


العنوان

حديث في التوكل على الله

2016/07/03 39332 476 6

إن مِن أعظم ثمرات التوكل: راحةُ البال، وعدم القلق، فإن الإنسان المتوكل إنما يلجأ إلى الركن الركين، والحبل المتين: أوصى أحد العباد أخاه قائلاً: "إن فوضتَ أمرك إلى الله؛ اجتمع لك في ذلك أمران، قلت: ما هما؟ قال: قلة الاكتراث بما قد ضُمِن لك، وراحة البدن من مطلب ذلك، والمتوكل عليه كفاه الله بتوكله عليه الهم، وأعقبه الراحة"، وإن الحديث عن التوكل هو حديثٌ عن فعل الأسباب الممكنة، دون الركون إليها، وهذا بيِّن ظاهرٌ، لكن ينبَّه عليه؛ لأن بعض الناس قد يظن –خطأً- أن التوكل يعني تعطيل الأسباب! وهذا غلط بيّن...

المرفقات

في التوكل على الله


العنوان

من أسباب الرزق والحفظ التوكل على الله

2017/02/23 9788 387 28

فخرج الرجل الذي كان أَسلَفَهُ ينظر لَعَلَّ مركبا قد جاء بماله، فإِذا بالخشبة التي فيها المال، فأخذها لأهلِهِ حطبا، فلما نشرها وجد المال والصحيفة، ثم قَدِمَ الذي كان أسلفه، وأتى بألف دينار، فقال: واللهِ ما زلتُ جاهدا في طلب مركب لآتيك بمالك، فما وجدتُ مركبًا قبل الذي جئت به، قال: فإن الله قد أَدَّى عنكَ الذي بعثته في الخشبة، فانصرف بالألف دينار راشدًا» (أخرجه البخاري).

المرفقات

أسباب الرزق والحفظ التوكل على الله


إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات