الزينة شعيرة وفطرة - خطب مختارة

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2024-05-02 - 1445/10/23
التصنيفات:

اقتباس

وأخْذ الزينة ليس مقصورًا فقط على إتيان المساجد، بل إن الإسلام يحث ويحض ويدفع أتباعه أن يكونوا شامة بين الناس، يُعرفون -بعد إيمانهم- بسمتهم ونظافتهم وتزينهم وتجملهم في جميع أحوالهم، فيروي جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- فيقول: أتانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرأى رجلًا شعثًا قد تفرق شعره فقال: "أما كان يجد هذا ما يسكن به شعره...

سأل رجلٌ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، إني ليعجبني أن يكون ثوبي غسيلًا، ورأسي دهينًا، وشراك نعلي جديدًا، وذكر أشياء، حتى ذكر علاقة سوطه، أفمن الكبر ذاك يا رسول الله؟ فأجابه -صلى الله عليه وسلم-: "لا، ذاك الجمال، إن الله جميل يحب الجمال، ولكن الكبر من سفه الحق، وازدرى الناس"(رواه مسلم وأحمد واللفظ له).

 

بل لقد أمر الله -عز وجل- بالتزين في كتابه الكريم أمرًا مباشرًا، فقال -عز من قائل-: (يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ)[الأعراف: 31]، فإن الزينة والتجمل مطلوبة من المسلم في كل شئونه الظاهرة والباطنة، لكن يشتد استحبابها وندبها عند الذهاب إلى المساجد، بل قد يكون ذلك واجبًا محتمًا إذا كان بمعنى ستر العورة؛ فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "كانت المرأة تطوف بالبيت وهي عريانة، فتقول: من يعيرني تطوافًا؟ تجعله على فرجها، وتقول:

اليوم يبدو بعضه أو كله *** فما بدا منه فلا أحله

فنزلت هذه الآية: (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ)[الأعراف: 31](رواه مسلم).

 

ومع هذا تظل كلمة: "زينتكم" مشعرة بأكثر من مجرد ستر العورة؛ فهناك كلمات وتعبيرات عديدة تفيد ستر العورة وحدها، فلو شاء الله -عز وجل- لقال: "واروا سوآتكم" كما قالها -سبحانه- قبلها بآيات قليلة: (يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ)[الأعراف: 26]، لكن لما قال الجليل -سبحانه وتعالى-: "زينتكم" أشعر أن المراد أكثر من مجرد ستر العورة؛ بل التزين والتجمل في سترها، وهو ما نقله النسفي قائلًا: "(زِينَتَكُمْ): لباس زينتكم، (عِندَ كُلّ مَسْجِدٍ): كلما صليتم، وقيل: الزينة المشط والطيب، والسُنة: أن يأخذ الرجل أحسن هيآته للصلاة؛ لأن الصلاة مناجاة الرب، فيستحب لها التزين والتعطر كما يجب التستر والتطهر".

 

ويؤيد ذلك أيضًا حال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الأسوة الحسنة؛ فعن عن عبد الله بن سلام، أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول على المنبر في يوم الجمعة: "ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة، سوى ثوب مهنته"(رواه ابن ماجه، وصححه الألباني)، وهذا قدر زائد على مجرد ستر العورة.

 

***

 

وأخْذ الزينة ليس مقصورًا فقط على إتيان المساجد، بل إن الإسلام يحث ويحض ويدفع أتباعه أن يكونوا شامة بين الناس، يُعرفون -بعد إيمانهم- بسمتهم ونظافتهم وتزينهم وتجملهم في جميع أحوالهم، فيروي جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- فيقول: أتانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرأى رجلًا شعثًا قد تفرق شعره فقال: "أما كان يجد هذا ما يسكن به شعره"، ورأى رجلًا آخر وعليه ثياب وسخة، فقال: "أما كان هذا يجد ماءً يغسل به ثوبه"(رواه أبو داود، وصححه الألباني)، وجعلها -صلى الله عليه وسلم- قاعدة عامة فأمر قائلًا: "من كان له شعر فليكرمه"(رواه أبو داود، وصححه الألباني)، بل لقد قدَّم لهم -صلى الله عليه وسلم- من نفسه القدوة العملية المرئية الملموسة؛ فعن البراء قال: "ما رأيت أجمل من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مترجلًا في حلة حمراء"(رواه ابن ماجه، وصححه الألباني).

 

***

 

ومع أن الزينة مطلوبة، لكن لكل شيء ضوابط وشروطًا، ومن ضوابط التزين والتجمل في ديننا ما يلي:

 

أولًا: عدم الإسراف في التزين ولا الخيلاء بها: فتمام الآية السابقة يقول: (يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)[الأعراف: 31]، وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا ما لم يخالطه إسراف، أو مخيلة"(رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني).

 

أما العجب والخيلاء فهما يهلكان صاحبهما في الدنيا قبل الآخرة حقيقة لا مجازًا، وهذا نموذج حي من أرض الواقع يرويه أبو هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "بينما رجل يمشي في حلة، تعجبه نفسه، مرجل جمته، إذ خسف الله به، فهو يتجلجل إلى يوم القيامة"(متفق عليه).

 

وثانيًا: ألا يتشبه بالكفار والفساق: فعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علي ثوبين معصفرين، فقال: "إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها"(رواه مسلم).

 

وثالثًا: أن يكون موافقًا للسنة؛ فلا يخالفها: فمثلًا يأمرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- فيقول: "إزرة المسلم إلى نصف الساق، ولا حرج -أو لا جناح- فيما بينه وبين الكعبين، ما كان أسفل من الكعبين فهو في النار، من جر إزاره بطرا لم ينظر الله إليه"(رواه أبو داود، وصححه الألباني). 

 

ولا يلبس ذهبًا أو حريرًا، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "أخذ حريرًا فجعله في يمينه، وأخذ ذهبًا فجعله في شماله" ثم قال: "إن هذين حرام على ذكور أمتي"(رواه النسائي، وصححه الألباني).

 

ورابعًا: التجمل بما كان يتجمل به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وترك التزين بما حذر منه، فلا تزين بحلق اللحى بل بإعفائها، ويكون التزين كذلك بحف الشوارب لا بتركها تنزل على الشفة، فقد أمر -صلى الله عليه وسلم- قائلًا: "خالفوا المشركين: وفروا اللحى، وأحفوا الشوارب"(متفق عليه)، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "جزوا الشوارب، وأرخوا اللحى خالفوا المجوس"(رواه مسلم).

 

***

 

وفي الجملة، فإن من التزين الذي يحبه الإسلام: الالتزام بخصال الفطرة، فعن عائشة قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء"، قال زكريا: قال مصعب: "ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة"، زاد قتيبة، قال وكيع: "انتقاص الماء: يعني الاستنجاء"(رواه مسلم).

 

والآن نقر: أننا ما فعلنا إلا أن فتحنا الباب لخطبائنا ليستهلوا الأمر من بدايته، ويبينوا أصله وغايته، وهاك بعض خطبهم:

 

العنوان

اهتمام الاسلام بأخذ الزينة للصلاة والنظافة

2024/05/02 835 226 6

المساجد بقاع أرضية تُنَظِّرُها الأنوارُ السماوية، وتَرفُّ عليها الملائكةُ بأجنحتِها، إنَّها أفضلُ البقاع عند الله، وأماكن المنافسة في الخيرات واجتماع المؤمنين طاعة لله -عز وجل-، ولأداء العبادات، فيها تُغسل القلوب، وينجلي صدؤُها...

المرفقات

اهتمام الاسلام بأخذ الزينة للصلاة والنظافة.pdf

اهتمام الاسلام بأخذ الزينة للصلاة والنظافة.doc


العنوان

خذوا زينتكم عند كل مسجد

2024/05/02 1454 237 12

هَل إذا دَخَلَ أَحدُنا المَسجدَ يَتَواضعُ للهِ -تَعالى-؟ لأنَّه في بَيتِ مَلكِ المُلوكِ، هل يستحي من المَلائكةِ الكِّرامِ؟ هَل الجَوارحُ تَخضَعُ؟ هَل القُلوبُ تَخشَعُ؟ هَلْ نَستشعِرُ أنَّنا في بَيتِ العَظيمِ العَزيزِ، وأنَّه لا يَنبغي لأَحدٍ فِيهِ أَن يَستَكبرَ عَلى أحدٍ، ولا يَنبغي لأَحدٍ أَن يَرى نَفسَه أَفضَلَ من أَحدٍ...

المرفقات

خذوا زينتكم عند كل مسجد.doc

خذوا زينتكم عند كل مسجد.pdf


العنوان

أخذ الزينة في المساجد

2024/05/02 984 239 4

وَتَمْتَدُّ عِنَايَةُ الْإِسْلَامِ بِالْمُسْلِمِ حَتَّى فِي نَظَافَتِهِ، وَنَظَافَةِ مَا يَلْبَسُ وَحُسْنُهُ وَحُسْنُ رَائِحَتِهِ، وَأَكَّدَ عَلَيْهَا فِي مَوَاطِنِ الاجْتِمَاعِ لِلصَّلَوَاتِ وَالْمُنَاسَبَاتِ وَفِي أَوْقَاتِ الْجُمَعِ وَالْعِيدَيْنِ....

المرفقات

أخذ الزينة في المساجد.doc

أخذ الزينة في المساجد.pdf


العنوان

رسالة إلى رواد المسجد

2024/05/02 1380 248 13

إنَّ الصَلاةَ صِلةٌ بينَ العبدِ ورَبِهِ، يَقِفُ بينَ يديِهِ ينَاجِيِهِ، ويَقرأُ كلامَهُ، فيلزَمُ أنْ يَكُونَ فِي هَذا الموقِفِ العَظيمِ عَلى أحسَنِ هيئةٍ وأتَمِّ حَالٍ؛ ومَنْ هُنَا وجبتْ لهَا طهَارةُ البَدنِ والثوبِ والبُقْعَةِ، وكانتْ الطَهَارَةِ مِنَ الأحداثِ والأنجاسِ شرطاً فِي صحَةِ الصلاةِ...

المرفقات

رسالة إلى رواد المسجد.doc

رسالة إلى رواد المسجد.pdf


العنوان

خذوا زينتكم عند كل مسجد

2024/05/02 1076 205 12

إنها بيوتُ اللهِ، ومَهابطُ رحمتهِ، ومُلتقَى ملائكتهِ، والصالحينَ من عبادهِ، وقد أضافها الربُّ إلى نفسهِ إضافةَ تشريفٍ وإجلالٍ، ... ولكنّ بعضَ هذهِ المساجدِ أُحدِثَ فيها إساءاتٌ تتنافَى مع مكانتِها وقدسيتِها...

المرفقات

خذوا زينتكم عند كل مسجد.doc

خذوا زينتكم عند كل مسجد.pdf


العنوان

تنبيه الساجد إلى بعض آداب المساجد

2024/05/02 2046 261 43

مِنَ الْقِيَمِ الْجَمِيلَةِ والْآدَابِ السَّامِيَةِ النَّبِيلَةِ تِجَاهَ بُيُوتِ اللهِ: تَجَنُّب رَفْعِ الأَصْوَاتِ فِي بُيُوتِ اللهِ، بِكَثْرَةِ الْكَلاَمِ الْمُبَاشِرِ، أَوْ عَنْ طَرِيقِ الْجَوَّالِ مِمَّا يَتَسَبَّبُ فِي إِيذَاءِ الْمُصَلِّينَ وَالتَّشْوِيشِ عَلَيْهِمْ فِي صَلاَتِهِمْ وَدُعَائِهِمْ....

المرفقات

تنبيه الساجد إلى بعض آداب المساجد.doc

تنبيه الساجد إلى بعض آداب المساجد.pdf


العنوان

النظافة والتجمل

2008/11/23 12857 1134 91

إن الأخذ بالزينة، والقصد إلى التجمل، والعناية بالمظهر، والحرص على التنظف والتطهر من أصول الإصلاح الدينية والمدنية التي جاء بها ديننا وتميّز بها أتباعه.

المرفقات

94


العنوان

خذوا زينتكم عند كل مسجد

2019/03/04 19272 577 57

دين الإسلام دين الجمال والنظافة.. وتمتد عناية الإسلام بالمسلم حتى في نظافته ونظافة ما يلبس حسنه وحسن رائحته، وأكد عليها في مواطن الاجتماع للصلوات والمناسبات وفي أوقات الجُمع والعيدين..

المرفقات

خذوا زينتكم عند كل مسجد


العنوان

الإسلام دين الجَمال الظاهر والباطن

2021/06/25 4147 717 9

إن مسؤولية إبراز جَمال الإسلام وعظمتِه، مسؤوليةُ الأمة الإسلامية بأجمعها؛ فهي المؤتَمَنة على إبراز جَمالِه في سلوك حياتها، ونمَط عيشها، في مختلف جوانب الحياة؛ بما خصَّها اللهُ به من الخيرية والشهادة على الناس...

المرفقات

الإسلام دين الجَمال الظاهر والباطن.doc

اسم الله الفتاح ... بعض معانيه وفتوحاته.pdf


العنوان

ثقافة الجمال في الإسلام

2017/08/17 5378 321 7

أيها المسلمونَ: ثقافةُ الجمالِ في الإسلامِ وإنْ كانَ يظهرُ بدايةً أنهاَ منَ المحسناتِ والمكملاتِ والرفاهياتِ، إلاَّ أنَّ الإسلامَ أولاها عنايةً عظمى، تطرقَ لها القرآنُ الكريمُ والسنةُ النبويةُ المطهرةُ، إنها جمالُ الروحِ، وجمالُ النفسِ، وجمالُ الجسدِ، وجمالُ ونظافةُ البيتِ، وجمالُ البيئةِ، وجمالُ الهيئةِ، وجمالُ الفكرِ، إنها...

المرفقات

ثقافة الجمال في الإسلام


العنوان

إن الله جميل يحب الجمال

2021/01/05 2550 368 10

أيها المؤمنون: تأملوا مليًّا في قول نبينا -عليه الصلاة والسلام-: "إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ" فإن هذه الكلمة جمعت بين أصلين عظيمين؛ فأولها معرفة، وآخرها سلوك، أولها وهو قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: "إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ". هذا أمر يجب علينا أن نعرفه عن ربنا وخالقنا جل وعلا، وأن الله جميل في أسمائه وصفاته وأفعاله وذاته، فله تبارك وتعالى الأسماء الحسنى، والصفات العلا، والأفعال الكاملة، وله...

المرفقات

إن الله جميل يحب الجمال.doc


العنوان

الزينة والجمال

2016/04/25 6887 590 14

من محاسن الإسلام وكمال الشريعة إيمانها بقيمة الجمال والاهتمام به، من خلال عددٍ من الأوامر الشرعية والأحكام التعبدية التي تدعو إلى التزيّن، والعناية بحسن المظهر، واعتبار ذلك من الأمور الممدوحة شرعاً.. وقد كان من هديه -عليه الصلاة والسلام- الاعتناء بتزيين نفسه وتهذيبها، وكذلك الاعتناء بنظافة جسمه، وملابسه وشعره، فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خير أسوةٍ، وأفضل قدوة، بما اشتُهر به من جمال الهيئة، وحسن السمت، والاعتناء بالزينة، ليجمع بين جمال الروح، وأناقة المظهر، وطيب الرائحة...

المرفقات

والجمال


العنوان

من مسائل الزينة

2018/04/14 2986 321 5

إن الجمال مطلب من المطالب البشرية التي جبلت النفوس على استحسانها. والتجمل والتزين من الأمور التي عنيت بها الشريعة الإسلامية عناية بالغة؛ لأن الانحراف فيها ذو عواقب وخيمة على الفرد، وعلى المجتمع، وفي الدنيا وفي الآخرة. فمن الزينة المطلوبة شرعاً...

المرفقات

من مسائل الزينة


إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات