فريضة الزكاة وعقوبة مانعيها - خطب مختارة

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2022-10-11 - 1444/03/15
التصنيفات:

اقتباس

"هم الأخسرون ورب الكعبة"، فليس مجرد "خاسر"، بل هو الأخسر؛ فبدلًا من أن يكون ماله سببًا في دخوله الجنة؛ فيخرج الزكاة والصدقات، ويصل الأرحام، ويكفل الأيتام، ويطعم المساكين، فيكون ممن قال -صلى الله عليه وسلم- فيهم: "نعم المال الصالح مع الرجل الصالح"، إذا بماله يسوقه إلى نار جهنم -عياذًا بالله-، فما أخسره! وما أجهله!...

إن تبعات الحروب ثقيلة؛ دماء تُسفك، وأطفال تيتم، ونساء تترمل، وأمهات تبكي لفقدان أولادها، وأفئدة تحترق، وبلاد تخرب، وأموال تتبدد، وعداوات وآهات وصرخات وويلات... لكن من العجيب الغريب أن يأتي أرحم الأمة بعد نبيها -صلى الله عليه وسلم-؛ أبو بكر الصديق: "أرحم أمتي بأمتي أبو بكر"، ويشن حربًا على قوم ما ارتكبوا إلا مخالفة واحدة، لدرجة أن الفاروق عمر بن الخطاب -المعروف بشدته في الحق-: "وأشدهم في أمر الله عمر"(رواه الترمذي، وصححه الألباني)، عارض هذه الحرب وراجع أبا بكر في شأنها!

 

فعن أبي هريرة قال: لما توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، واستخلف أبو بكر بعده، وكفر من كفر من العرب، قال عمر بن الخطاب لأبي بكر: كيف تقاتل الناس، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قال: لا إله إلا الله، فقد عصم مني ماله، ونفسه، إلا بحقه وحسابه على الله"، فقال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة، والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عقالًا كانوا يؤدونه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقاتلتهم على منعه، فقال عمر بن الخطاب: فوالله، ما هو إلا أن رأيت الله -عز وجل- قد شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق(متفق عليه).

 

فهل كان أبو بكر الرقيق الأسيف الرحيم، يضع الشدة في غير موضعها؛ فيقاتل الناس من أجل "عقال" وهو الحبل الذي يربط به البعير، أو من أجل "عناق" -كما في رواية- وهي أنثى الماعز التي لم تبلغ سنة؟! نجيب: أبدًا ما كان، بل لقد أنقذ الله -تعالى- بهذه الشدة من أبي بكر دين الإسلام والمسلمين؛ ولو لم يقاتلهم أبو بكر -رضي الله عنه- لانفرط العقد واستأصلت شأفة الإسلام، فإنهم منعوا فريضة محكمة واجبة من فرائض الإسلام، ورد في منعها التغليظ في آيات القرآن الكريم، وأحاديث السنة النبوية الصحيحة. 

 

فأما القرآن الكريم فقد أخبرنا أن المال الذي لا تؤدى زكاته يُعذب به صاحبه في نار جهنم: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ)[التوبة: 34- 35].

 

وأما السنة، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من آتاه الله مالًا، فلم يؤد زكاته، مُثِّلَ له ماله يوم القيامة شجاعًا أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة، ثم يأخذ بلهزمتيه -يعني بشدقيه- ثم يقول: أنا مالك أنا كنزك"(رواه البخاري)، فهو أيضًا يُعذب بماله، فتلك عقوبة مانع الزكاة في الآخرة.

 

ولعلك تسأل عن المراد بكلمة "الكنز" التي تكررت في الآية والحديث، ويجيب العلماء قائلين: كل مال وجبت فيه الزكاة ثم لا تؤدى زكاته فهو كنز، فعن عبد الله بن دينار قال: سمعت عبد الله بن عمر وهو يُسأل عن الكنز، ما هو؟ فقال: "هو المال الذي لا تؤدى منه الزكاة"(البيهقي في الشعب).

 

***

 

ولمانع الزكاة عقوبات أخرى في الدنيا قبل الآخرة، فأولها: أن يأخذ ولي الأمر منه الزكاة قسرًا، ويأخذ معها نصف ماله تعزيرًا له على منعها، والدليل على ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الزكاة: "من أعطاها مؤتجرًا فله أجرها، ومن منعها فإنا آخذوها وشطر إبله عزمة من عزمات ربنا، لا يحل لآل محمد منها شيء"(رواه النسائي وأبو داود، وحسنه الألباني).

 

وأما العقوبة الدنيوية الثانية: فهي معاملتهم بخلاف مقصودهم؛ فما بخلوا بالزكاة إلا ليتنعموا ويتقلبوا في متاع الدنيا، لكن الله -تعالى- يعاقبهم عقابًا من جنس عملهم؛ فيمنع عنهم رفده ورزقه وسعته كما منعوا عن الفقراء حقهم، وذلك إذا شاع فيهم منع الزكاة، فعن بريدة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما منع قوم الزكاة إلا ابتلاهم الله بالسنين"(رواه الطبراني في الأوسط، وصححه الألباني لغيره)، والسنين هي المجاعات.

 

وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ولم يمنعوا زكاة أموالهم، إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا"(رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني)، وهذا كعب بن مالك -رضي الله عنه- يقول: "إذا رأيت المطر قد قحط فاعلم أن الزكاة قد منعت..."(البيهقي في الشعب).

 

وأما العقوبة الدنيوية الثالثة: فمحق البركة من ماله، ونزول الآفات، فقد قرر القرآن الكريم قائلًا: (وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ)[محمد: 38]، وإن كانت الزكاة تُبعد عن صاحبها شر ماله: "من أدى زكاة ماله، فقد ذهب عنه شره"(رواه الطبراني في الأوسط، وحسنه الألباني لغيره)، فإن من لم يخرجها سيحيط به شر المال لا محالة، فيعيش تعيسًا مكروهًا، ويموت بئيسًا مذمومًا، ويُبعث شقيًا معذبًا.

 

***

 

ومانع الزكاة ليس فقط "خاسرًا"، بل هو "الأخسر" -والعياذ بالله-؛ فعن أبي ذر قال: انتهيت إليه وهو في ظل الكعبة، يقول: "هم الأخسرون ورب الكعبة، هم الأخسرون ورب الكعبة"... فقلت: من هم بأبي أنت وأمي يا رسول الله؟ قال: "الأكثرون أموالًا، إلا من قال هكذا، وهكذا، وهكذا"(متفق عليه).

 

نعم، هو الأخسر؛ فبدلًا من أن يكون ماله سببًا في دخوله الجنة؛ فيخرج الزكاة والصدقات، ويصل الأرحام، ويكفل الأيتام، ويطعم المساكين، فيكون ممن قال -صلى الله عليه وسلم- فيهم: "نعم المال الصالح مع الرجل الصالح"، إذا بماله يسوقه إلى نار جهنم -عياذًا بالله-، فما أخسره! وما أجهله!

 

وليس ما ذكرنا هي العقوبات الوحيدة لمانع الزكاة، بل حاله أشر، ومصيره أسوء، وهذا ما يتضح من الخطب التالية لإخواننا الخطباء.

 

العنوان

خطورة ترك الزكاة

2016/05/10 22730 944 67

إخراج الزكاة، وإعطاء الصدقة، تحل كثيراً من مشاكل الفقر المعاصر، الذي تعانيه الأمة في الوقت الحاضر، ملايين من البشر يموتون بسبب الجوع والفقر، يأكلون الأشجار والدواب، ويلتهمون الميتة من الحيوان، يتسابق إليهم المنصِّرُون، ويتهافت عليهم المبشِّرُون، ومن أغنياء المسلمين من لا يفكر ولا يقدر، فهل من متعظ ومفكر؟! من الموسرين من ماتت أحاسيسهم، وفقدت شعورهم، في منع الزكاة ضرر يتعدى الأفراد، ليصل لكافة البلاد والعباد، هلاك يلحق ببني الإنسان، ودمار يقضي على النبات والحيوان، تَمنع السماء قَطْرها، وتُمسك الأرض نباتها، تضعف الأمطار، ويقل الخير المدرار، وتجف الآبار، وتموت الأشجار..

المرفقات

ترك الزكاة


العنوان

فريضة الزكاة

2021/04/25 6952 440 7

سبحان الله! كيف تبخل بزكاة مالٍ اللهُ -سبحانه- هو الذي وهبَك إياه؟ وهو قادر على سَلبه منك إن لم تُؤَدِّ فيه ما يرضاه. إن أموالك إن بقِيتْ لك لم تبقَ أنت لها. إن بخلتَ بها جاءك شرُّها، وإن أديتَ حقها نلتَ بركتها وخيرها.

المرفقات

فريضة الزكاة.doc


العنوان

منع الزكاة

2016/05/10 7585 728 8

لقد بلغ الانحطاط ببعض الناس أن عطّلوا هذا الركن الرّكين، وجعلوه من الركام الدفين، ونسوا هذا الواجب الذي مَن أنكره فقد كفَر، ومن تهاون في أدائه فسَق وفجَر. فلقد ذكرت فريضة الزكاة في القرآن الكريم ثلاثين مرة، واجتمع ذكرها مع الصلاة في سبع وعشرين موضعًا، مما يدل على عظم قدرها وفخامة أمرها، بل جعلها الله في مواضع من كتابه من لوازم الإيمان، وجعل تركها من خصال المشركين المكذبين بيوم الدين. حدثنا القرآن عن أهل الشقاء والخسران المبين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، كيف يصرخ أحدهم وينوح في أرض الحشر قائلاً: (يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنّي مَالِيَهْ)...

المرفقات

الزكاة


العنوان

عقوبة مانعي الزكاة

2016/05/10 18612 577 22

إن الزكاة حق للفقير، وليست منَّة ولا تفضلاً، بل هي حق للفقراء واجب على الأغنياء، فقد جعل الإسلام المجتمع كالأسرة الواحدة يكفل بعضهم بعضاً، بل قل كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو، اشتكى كل الجسد. فمن حق الفقير الذي لا يستطيع أن يعمل، أو يستطيع ولا يجد عملاً، أو يعمل ولا يجد كفايته من عمله، أو يجد كفايته، ولكن حل به من الأحداث ما أفقره إلى المعونة؛ من حق هؤلاء أن يعاونوا، وأن يشد أزرهم، وأن يُؤخذ بأيديهم، وليس من الإيمان ولا من الإنسانية أن يشبع بعض الناس حتى يشكو التخمة وإلى جواره من طال حرمانه حتى أَنَّ مِن الجوع...

المرفقات

مانعي الزكاة


العنوان

عقوبة تارك الزكاة

2018/04/29 3145 386 4

فماذا ينفع المال إذا لم يؤد صاحبه زكاته، إذا لم يصل به الرحم، إذا لم يطعم به مسكينا، إذا لم ينفع به إخوانه المسلمين، ممن يشهدون ألا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، إذا لم يفرج به كربات المكروبين وييسر به على المعسرين ولم يكن في عون إخوانه...

المرفقات

عقوبة تارك الزكاة


العنوان

منع الزكاة

2018/04/29 8270 387 13

منع الزكاة كبيرة من الكبائر، توعد الله -تبارك وتعالى- مانعي الزكاة بالعذاب الأليم في الدنيا وفي الآخرة، الذين يمنعون الزكاة، إنما يمنعون حق الله -تبارك وتعالى- وحق عباده، وهي كما قلت: كبيرة من الكبائر، بل درجتها أعظم لما يترتب عليها من...

المرفقات

منع الزكاة


العنوان

ركن الزكاة

2016/05/10 4500 502 24

رُكن الزّكاة هو ثالِث أركان الإسلام ومبانِيهِ العِظام، فريضةٌ واجِبة في آيٍ وأَخبار وإجماعِ علَماء المسلمين على مرِّ الأعصَار، حقٌّ معلوم وجُزء مَقسوم وسَهم محتوم، أوجَب الله على كلِّ من ملَك نصابًا إخراجَه إلى من لا مالَ له يَقيه ولا كِفاية عِنده تُسعِفه وتحميه، وِقايةً لمالِ المزَكّي من الآفات، وسَببًا للزيادة والتَّضعيف وحصولِ البركات، في إيجابِها مواساةٌ للفقراء ومَعونة للبُؤَساء والضعفاء وصِلة بين ذوِي الحاجاتِ والأغنياء وعونٌ على مجانبة البخل والشّحِّ والإباء عن العطاء. كم سدَّت مِن خَلّة، وكَم جبرت من فاقَة، وكم فرَّجت عن معسِر كُرِب ومِسكينٍ مدقِع وفقير مملِق، فضائلُها لا تُعَدّ وبَركاتها لا تُحَدّ...

المرفقات

الزكاة


العنوان

وجوب الزكاة وبعض حكمها

2020/07/21 1196 276 3

إنَّ الزكاةَ تُطـَهِرُ صاحبَها من خُبثِ البُخلِ الـمُهلكِ، وطَهارةُ الـمُتصدقِ بقدرِ بذلِه، وفَرحِهِ بإِخراجِهِ واستبشَارِه بمصرفِهِ للهِ -تعالى-, والزكاةُ تُحررُ النفسَ من ذُلِ التَعلقِ بالمالِ والخُضوعِ له، ومِن تعاسَةِ العبوديةِ للدينارِ والدرهمِ, وأيُ تعاسةٍ أعظمُ من أنْ يَجْعَلَ اللهُ الإنسانَ في الأرضِ خَلِيفةً وسَيداً, فإذا هو يُعَبْدُ نفسَهُ لما جُعِلَ لها مِن المَالِ؟!...

المرفقات

وجوب الزكاة وبعض حكمها


العنوان

وجوب الزكاة وفضل الجود

2021/04/20 1782 373 0

إذا عز الجود بالنفس أو بالمال، وقلّت ذات يدك؛ فجد بما مواهبك في خدمة أمتك, إن كنت من أهل القرآن فجد بمقدرتك على حلقة تحييها, وإن كنت من أهل الجاه والمكانة فجد بجاهك في خدمة إخوانك, واشفعوا تؤجروا...

المرفقات

وجوب الزكاة وفضل الجود.doc


إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات