الأخلاق المحمودة: الغيرة - خطب مختارة

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2022-10-11 - 1444/03/15
التصنيفات:

اقتباس

وحان الموعد الآن لنقول: الغيرة على النساء نوعان رواهما جابر بن عتيك عن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقول: "من الغيرة ما يحب الله ومنها ما يبغض الله، فأما التي يحبها الله فالغيرة في الريبة، وأما الغيرة التي يبغضها الله فالغيرة في غير ريبة"... فإن المبالغة في الغيرة كالمبالغة في كل شيء مذمومة، ولذا قال داود لابنه سليمان -عليهما السلام-: "يا بني لا تكثر الغيرة على أهلك من غير ريبة فتُرْمَ بالشر من أجلك وإن كانت بريئة"...

لله درك من رجل! لله درك يا سعد يا ابن عبادة؛ لقد جمَّلك الله -عز وجل- بالغيرة على أهلك وعلى عرضك حتى تعجب الصحابة الأطهار الأبرار من غيرتك، فهنيئًا لك! يروي المغيرة بن شعبة أن سعد بن عبادة قال: لو رأيت رجلًا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح عنه، فبلغ ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "أتعجبون من غيرة سعد، فوالله لأنا أغير منه، والله أغير مني، من أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن" (متفق عليه).

 

ولم يكن سعد -رضي الله عنه- حالة فردية، بل هذا هلال بن أمية قد وقع معه ما تخيله سعد؛ فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي -صلى الله عليه وسلم- بشريك ابن سحماء، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "البينة أو حد في ظهرك"، فقال: يا رسول الله، إذا رأى أحدنا على امرأته رجلًا، ينطلق يلتمس البينة؟! فجعل يقول: "البينة وإلا حد في ظهرك"، فذكر حديث اللعان (متفق عليه)، فقد تملك هلالَ بن أمية العَجبُ؛ كيف يصبر على الخنا والعار حتى يشهد الناس عليه! وأبت عليه غيرته أن يقتنع بذلك، فلله در سعد ولله در هلال.

 

إنها الغيرة التي لو فقدها رجل على أهله لم يكن مكتمل الرجولة، إنها الغيرة التي من حُرِمها حَرَمه الله -عز وجل- من نظره يوم القيامة، فمن لا يغار فهو ديوث يحمل العار، فعن ابن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة، والديوث..." (النسائي)، بل الجنة محرَّمة عليه؛ فعند أحمد: "ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة: مدمن الخمر، والعاق، والديوث" (أحمد).

 

***

 

أما الرجال ذوي المروءة والنخوة والشهامة بحق فهم من يغارون على أعراضهم، كمثل ذلك الرجل الذي قصَّ علينا قصته محمد بن أحمد بن موسى القاضي قائلًا: "حضرت مجلس موسى بن إسحاق القاضي بالري سنة ست وثمانين ومائتين، وتقدمت امرأة، فادعى وليها على زوجها خمس مائة دينار مهرًا، فأنكر، فقال القاضي: شهودك؟ قال: قد أحضرتهم، فاستدعى بعض الشهود أن ينظر إلى المرأة ليشير إليها في شهادته، فقام الشاهد، وقالوا للمرأة قومي، فقال الزوج: تفعلون ماذا؟ قال الوكيل: ينظرون إلى امرأتك وهي مسفرة لتصح عندهم معرفتها، فقال الزوج: فإني أشهد القاضي أن لها علي هذا المهر الذي تدعيه، ولا تسفر عن وجهها، فردت المرأة وأخبرت بما كان من زوجها، فقالت المرأة: فإني أشهد القاضي أني قد وهبت له هذا المهر وأبرأته منه في الدنيا والآخرة، فقال: القاضي يكتب هذا في مكارم الأخلاق" (تاريخ بغداد، وشعب الإيمان للبيهقي مختصرًا).

 

كذلك فإن الغيرة من علامات الإيمان، فعن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:  "المؤمن يغار، والله أشد غيرة" (متفق عليه، واللفظ للترمذي).

 

***

 

وبالغيرة تصان الأعراض وتكرَّم النساء؛ فإن ديننا يعتبر من قتل وهو يدافع عن عرضه من الشهداء، فعن سعيد بن زيد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد" (النسائي)، فألحق النبي -صلى الله عليه وسلم- من قُتل دون عرضه بمن قُتل دون دينه أو دمه...

 

وإن الكريم الغيور تأبى عليه نفسه أن يكون له شريك في امرأة واحدة، لذا قال شاعرهم:

وأترك حبها من غير بغض *** وذاك لكثرة الشركاء فيه

إذا وقع الذباب على طعام *** رفعت يدي ونفسي تشتهيه

وتجتنب الأسود ورود ماءٍ *** إذا رأت الكلاب وَلَغنَ فيه

 

***

 

وحان الموعد الآن لنقول: الغيرة على النساء نوعان رواهما جابر بن عتيك عن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقول: "من الغيرة ما يحب الله ومنها ما يبغض الله، فأما التي يحبها الله فالغيرة في الريبة، وأما الغيرة التي يبغضها الله فالغيرة في غير ريبة" (أبو داود)، فإن المبالغة في الغيرة كالمبالغة في كل شيء مذمومة، ولذا قال داود لابنه سليمان -عليهما السلام-: "يا بني لا تكثر الغيرة على أهلك من غير ريبة فتُرْمَ بالشر من أجلك وإن كانت بريئة" (غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب للسفاريني).

 

***

 

ولعلك الآن تسأل: وما هي مظاهر الغيرة؟ أو بمعنى أدق: كيف أكون غيورًا؟ أو فلنقل: ما هي واجباتك الرجل تجاه حريمه وعرضه فيما يتعلق بصيانتهم؟ ونجيب: هي أمور كثيرة وواجبات عديدة منها:

 

الأولى: ألا تخلو المرأة بالغُرباء: فعن ابن عباس قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب يقول: "لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم"، فقام رجل، فقال: يا رسول الله، إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، قال: "انطلق فحج مع امرأتك" (متفق عليه)، فقدَّم -صلى الله عليه وسلم- صيانة الزوجة بمرافقتها والحيلولة دون اختلاطها بالرجال على الجهاد في سبيل الله.

 

وفي الجملة يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان" (الترمذي).

 

الثانية: ألا يسمح لها بالاختلاط بالأجانب: وكيف لا، وقد قال الله -عز وجل- للصحابة عن أمهات المؤمنين: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) [الأحزاب: 53]، فإن كان هذا الخطاب لأطهر رجال على وجه الأرض بشأن أعف نساء العالمين؛ أمهات المؤمنين، فكيف بمن هم دونهم، وبمن هن دونهن؟!

 

وحتى في داخل خير بقاع الأرض؛ تلك هي المساجد، فقد منع ديننا اختلاط النساء بالرجال فيها، لذا فقد سمعنا نبينا -صلى الله عليه وسلم- يقول: "خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها" (مسلم)، يقول النووي شارحًا: "وإنما فضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبعدهن من مخالطة الرجال ورؤيتهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم ونحو ذلك وذم أول صفوفهن لعكس ذلك" (شرح النووي على مسلم).

 

ولما اختلط نساء بالرجال عند خروج الجميع من المسجد فقد سمع أبو أسيد الأنصاري رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يقول لهن: "استأخرن، فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق، عليكن بحافات الطريق»، وكانت المرأة تلصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالشيء من الجدار من لصوقها" (الطبراني في المعجم الكبير)، فمهما كانت الظروف والأماكن والمقدسات... لا يحل الاختلاط المستهتر.

 

الثالثة: ألا تخرج متبرجة: فعليه أن يأمرها بالتستر تجنبًا لنظر الرجال إليها، وقديمًا قال الشاعر:

إن الرجال الناظرين إلى النسا *** مثل الكلاب تطوف باللحمانِ

إن لم تصن تلك اللحومَ أسودُها *** أُكلت بلا عوض ولا أثمانِ

 

الرابعة: أن يحول بينها وبين مشاهدة ما يثير وما يخل بالمروءة ويهب بالعفاف أو سماع الخنا على أيٍ من وسائل الإعلام كانت...

 

وإجمالًا: فإن الغيرة تكون بالوقوف عند حدود الله -تعالى-، فتأمرها بكل ما أمرها الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- به، وتنهاها عن كل ما نهاها عنه الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.

***

 

والآن نتوج هذه التطوافة السريعة في طرقات الغيرة وسماواتها ببعض خطب منتقاة لبعض خطبائنا، فلعلها تكون دافعة لتناول جميع الخطباء لهذا الموضوع الخطير.

العنوان

الغيرة بين الشرع والواقع

2011/04/09 7906 1323 70

الشيخ د إبراهيم بن محمد الحقيل

فالغيرة المحبوبة هي ما وافقت غيرة الله تعالى؛ وهذه الغيرة هي أن تنتهك محارم الله؛ وهي أن تؤتي الفواحش الباطنة والظاهرة. لكن غيرة العبد الخاصة هي من أن يُشركه الغير في أهله. فغيرته عن فاحشة أهله ليست كغيرته من زنا الغير؛ لأن هذا ما يتعلق به، وذاك لا يتعلق إلا من جهة بغضه لمبغضة الله؛ ولهذا كان الغيرة الواجبة عليه هي من غيرته على أهله، وأعظم ذلك امرأتُه، ثم أقاربُه، ومن هو تحت طاعته ..

المرفقات

بين الشرع والواقع


العنوان

الغيرة على الأعراض

2008/11/10 17401 1423 98

صالح بن عبد الله بن حميد

حينما يكون المجتمع صارمًا في نظام أخلاقه وضوابط سلوكه، غيورًا على كرامة فرده وأمته، مؤثرًا رضا الله على نوازع شهواته حينئذٍ يستقيم مساره في طريق الحق والصلاح والرفعة والإصلاح.

المرفقات

17


العنوان

الغيرة على الأعراض

2011/06/29 13825 2314 179

الشيخ د عبدالرحمن السديس

وفي هذا العصر الطافح -مع شديد الأسى اللافِح- عمَّ التفريطُ في أرسان العِفَّة والحياء، والتصوُّن والإباء، ونهَضَ أقوامٌ خلف سراب التحرُّر -بلْهَ ضِرام الإغراء-، وأرخى كثيرٌ من الآباء والأزواج لمحارمهم الزِّمام، فلاطَفَت المرأةُ الرجلَ ومازَحَت، وتساهَلت في ..

المرفقات

على الأعراض


العنوان

العنوان

الغيرة على المحارم

2013/02/27 7261 877 59

حمزة بن فايع آل فتحي

من المسؤول عن تغير بناتنا وفتياتنا؟! ومن المسؤول عن تقليد الكافرات؟! ومن المسؤول عن استهانتهن بدينهن وحجابهن؟! ولماذا ظهرت هذه الأخلاق والعادات المستوردة التي ترفضونها أنتم؟! ولكن بعضكم غفل وتهاون، وغدا فاقدًا للصلاحية في بيته وأسرته، منزوع الطاعة عن زوجته وابنته وأخته. هل ولَّت الغيرة الشرعية وانسلخت المروءة وشاع التقليد والاستسلام؟! أين...

المرفقات

على المحارم


العنوان

الغيرة

2013/02/27 7488 1189 180

محمد جمعة الحلبوسي

أين غَيْرة الرجل وهو يرى زوجته أو ابنته تخرج بكامل زينتها وحُلِيِّها، وتفوح منها أنواع الطِّيب، وقد وضعتْ على وجهها -إن كانتْ كاشفة الوجْه- أو على وجْنتيها وعيْنيها -إن كانتْ منتقبة- أنواع المساحيق والمبيِّضات؟! وأين الغَيْرة عند الرجل عندما يخرج بمحارمه وهنَّ متبرِّجات يلبَسْنَ الثياب الضيِّقة والقصيرة، ويضعْنَ العدسات، ويوزِّعْنَ الابتِسامات يَمْنة ويَسرة، بلا...

المرفقات

العنوان

الغيرة

2013/02/27 12656 924 61

وائل بن عبد الله باجروان

إن الغيرة سجية من سجايا النفس وغريزة من غرائزها الفطرية، وتضعف هذه الغيرة في النفس، ومن أسباب ضعف الغيرة في النفوس ضعف الإيمان، فكلما كان العبد أقوى إيمانًا كان أشد حفظًا لنفسه ولأهله من أي شيء يلوث سمعتهم أو يقتل حياءهم ودينهم، ولا...ومن أسباب ضعف الغيرة: الغلو في الثقة بالأهل إلى حد التعامي عن أمور واضحة بيّنة تخدش الشرف والعفاف، بحيث يتساهل في خروج أهله ودخولهن متى شاؤوا وكيف شاؤوا، فهو...

المرفقات

1


العنوان

الغيرة على النساء ومنعهن من التبرج

2008/11/23 5867 1002 38

عبدالله بن صالح القصير

تبرج النساء ضرر عظيم، وخطر جسيم، يخرب الديار، ويجلب على أهله الخزي والعار، فإنه يخيب الآمال، ويحرق قلوب النساء والرجال، ويدعو إلى الحرام وترك الحلال، فكم أوقع من فتنة، وكم جر من مصيبة، وكم فرق بين حبيب وحبيبه، وكم دنس من شرف، وأوقع في تلف، وأحل في المجتمع من دمار، وجر من بشر إلى النار.

المرفقات

70


العنوان

الغيرة حصن الأسرة

2009/07/08 5596 1186 55

سامي بن خالد الحمود

وبهذا نعلم أن أهل الغيرة والعفة من رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورجال الأمن والشرطة وغيرهم هم صمام الأمان لأعراض المسلمين وأسرهم.. ولا عزاء للمنافقين ولا للتغريبيين أعداء العفة والفضيلة، الآمرين بالمنكر، الناهين عن المعروف، وكتاباتهم ..

المرفقات

677


العنوان

الغيرة على المحارم والأعراض

2009/07/23 12559 2176 88

أحمد حسين الفقيهي

لئن أتت الجاهلية الحديثة -قبحها الله- بهدم صارخ للقيم، وعداء سافر للفضائل، ودعوة محمومة لنسيان الغيرة وجعلها من سقط المتاع، فإن الجاهلية القديمة -بالرغم مما فيها من كفر وضلال- كانت في هذه الصفة أسعد حظاً، وإلى الحق أكثر قرباً، حيث جعلت للعرض مكانة عالية

المرفقات

694


العنوان

أتعجبون من غيرة سعد؟

2014/06/05 27980 833 64

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

ومن أفضل الغيرة: الغيرة على الدين ونعني بالغيرة على الدين الحمية له والغضب لأجله، والاجتهاد في صيانته ونشره ودفع اعتداء المعتدين عنه، ورد شبة الشانئين والحاقدين, وتكون حين أن تنتهك محارم الله دليل على محبة الله ودليل على الإيمان الصادق في قلب العبد، ومن لا يغار على محارم الله ضعيف إيمان أخبر بذلك الصادق المصدوق...

المرفقات

من غيرة سعد؟


المرفقات

تعاقب الليل والنهار

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات