شهر الفتوحات - خطب مختارة

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2022-10-11 - 1444/03/15
التصنيفات:

اقتباس

إن الخطباء والدعاة إلى الله تعالى عليهم دور أساسي في بعث هذه المعاني العظيمة في نفوس المدعوين، وتبصيرهم بمدى ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتابعوهم والسلف الصالحون من بعدهم من همة عالية، وعزيمة قاربت الجوزاء، ونشاط ضرب الرقم القياسي، فرمضان يعطينا دفعة للأمام لا للوراء؛ لإتقان العمل، والجد والاجتهاد في السعي ..

من المفارقات التي تحمل بعدًا عميقًا في فلسفة الصيام في الإسلام، أنه فُرض في شهر شعبان من العام الثاني للهجرة النبوية الشريفة، أي قبل الممارسة الفعلية للفريضة بشهر واحد أو أقل، في حين أن غزوة بدر وقعت هي الأخرى في اليوم السابع عشر من رمضان من العام نفسه، ولا شك أن توافق الحدثين لم يأتِ اعتباطًا ولا خبط عشواء، فكل شيء في كون الله تعالى له حكمة وخُلق بقدر: (إنا كل شيء خلقناه بقدر)، فغزوة بدر هي أول حرب كبرى حقيقية بين المسلمين والمشركين، وقد سماها الله تعالى يوم الفرقان لما كان لها من أثر كبير في الأحداث فيما بعد من جانب، ومن جانب آخر لما كان لها من أثر عميق في نفوس المسلمين والمشركين معًا؛ فالمسلمون شعروا بكيانهم وقوة دولتهم التي أنشئت لتوها في المدينة، والتي لم يمر على إنشائها سوى أقل من عامين، والمشركون كذلك شعروا بمدى شوكة المسلمين وقوتهم، وأن هناك قوة خفية تؤيدهم وتعينهم وتساندهم، لا سيما والمسلمون قليلو العدد والعدة والعتاد.

والعجب أن تقع هذه المقتلة العظيمة بين الفريقين والتي راح ضحيتها حوالي سبعون من صناديد وكفار قريش، العجب أن يحدث كل ذلك في شهر يقضيه المسلمون صائمين قائمين، راكعين ساجدين، بل الأعجب أن هذا الصيام كان أول صيام فريضة يؤديها المسلمون في حياتهم، وهم القوم الذين لم يعتادوا الصيام، بل لم يعرفوه من قبل، فالعرب الوثنيون لم يكن يخطر ببالهم أن هناك من العبادات ما يمتنع مؤديها عن الطعام والشراب طيلة اثنتي عشرة ساعة تقريبًا في الحر الشديد الذي كانوا يعانون منه أشد المعاناة، حتى إن كوبًا من الماء البارد عندهم كان نعمة تستوجب الشكر والامتنان.

كان الصيام معروفًا عند النصارى واليهود الذين كانوا بالمدينة، ولكن صورته كانت مختلفة عن صيام المسلمين، أما العرب الوثنيون فلم يكونوا يدرون عنه، ولا تعودوا على ممارسته، وربما كان من المسلمين من لم يصم من قبل، أو صام أيامًا قليلة من النوافل التي كان يحث عليها النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل الاستحباب لا الوجوب.

أما الصيام مع الحرب فهذه كانت حالة جديدة على المسلمين، لم يعهدوها، ولكن يشاء الله -عز وجل- أن يتوافق الصيام مع القتال، بل وينتصر المسلمون ويلحقوا بالمشركين هزيمة نكراء تتحدث عنها الدنيا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، حيث ضرب فيها المسلمون أروع الأمثلة في الصبر والثبات والاستسلام لأمر الله تعالى.

وإن من الأمور العجيبة أيضًا أن دواوين السنة وكتب الأخبار لم تنقل إلينا ولو خبرًا عن حالة واحدة من التأفف أو الانزعاج من قتال القوم أو الخروج للاستيلاء على عير قريش بسبب الصيام والحر والعطش، غاية ما في الأمر أن البعض قد مال إلى عدم القتال بسبب عدم استعدادهم بالسلاح المناسب للقتال، فالقوم خرجوا لاسترداد ما استولى عليه المشركون من أموال المسلمين أثناء الهجرة وفقط، أما القتال فلم يعدُّوا له عدته!!

إن هذه الغزوة العظيمة لهي حالة تستحق الدراسة، بل إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هم الجديرون بتلك الدراسة والتأمل، كيف استطاعوا أن يحققوا هذه المعادلة الصعبة ما بين صيام وعطش يمارسونه لأول مرة وبين حرب ضروس جمعت لها قريش حدها وحديدها من كل حدب وصوب.. ولكنه الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب.

إن شهر رمضان لم يشرعه الله -عز وجل- للقعود والتخلف عن ركب الجهاد والحركة والدعوة إلى الله، ولم يشرعه كذلك للتحجج به عن التفلت من الالتزامات الوظيفية أو الاجتماعية، بل إنه شهر نشاط وحركة، وفتوحات وانتصارات، فغالبية الهزائم التي لحقت بالشرك وأهله على أيدي المسلمين كانت في شهر رمضان المعظم، وهذا كافٍ لأن ينفض عنا غبار الكسل والدعة والخمول.

ولكننا مع الأسف نلحظ في المسلمين حالة غريبة عليهم من تضييع الحقوق في رمضان، والتملص من أداء الواجبات، والهروب من المسؤوليات، بحجة الصيام، ومقولة: "إني امرؤ صائم" صارت فزَّاعة يشهرها كل طالب أو موظف أو رب أسرة أو داعية متكاسل يود الهروب مما هو مكلف بأدائه من حق دراسته أو وظيفته أو أسرته أو دعوته، وتحول شهر الصيام في حس الكثيرين من شهر انتصارات إلى شهر انتكاسات، يُنام نهاره دفعًا للشعور بالجوع والعطش، ويسهر ليله على المعاصي استعدادًا للنوم في النهار.

إن الخطباء والدعاة إلى الله تعالى عليهم دور أساسي في بعث هذه المعاني العظيمة في نفوس المدعوين، وتبصيرهم بمدى ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتابعوهم والسلف الصالحون من بعدهم من همة عالية، وعزيمة قاربت الجوزاء، ونشاط ضرب الرقم القياسي، فرمضان يعطينا دفعة للأمام لا للوراء؛ لإتقان العمل، والجد والاجتهاد في السعي والضرب في الأرض، بتأدية الأعمال على وجهها الأكمل، والدعوة إلى الله بعدم تفريط ولا تقصير، والجهاد في سبيل الله بكل ما أوتي المجاهدون من قوة وعزيمة من حديد؛ منطلقين من إيمانهم بعقيدتهم، وتفانيهم في نصرة دينهم، واستفراغهم الوسع في الذب عن هذا الدين، لا سيما وهم يؤدون أسمى العبادات، وأرقاها، وأميزها، عبادة الصيام، التي ترتفع فيها الروح لتعانق النجوم؛ لتسجد تحت العرش، حتى تسمع ملائكة الرحمن قرقرة البطون جوعًا، وتحس بيبس الحلوق عطشًا، (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ * يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ).

وقد وضعنا بين أيديكم معاشر الخطباء والدعاة مجموعة من الخطب المختارة حول انتصارات المسلمين في رمضان، لتكون دليلاً واقعيًا على أن شهر رمضان بالفعل شهر انتصارات وجهاد ونشاط.

 

العنوان

ثلاثة مواقف عظمى في غزوة بدر الكبرى

2022/05/07 2886 420 0

إن أولئك الذين يمضون أعمارهم وأقلامهم وأفكارهم وكتاباتهم وإنجازاتهم في الصدّ عن سبيل الله، ماذا يستفيدون في تلك اللحظة عندما يتم دَفْنهم في حفرة تحت الأرض، لا يملكون من أمرهم شيئًا. وكم هو الندم والخزي حينما يعلمون هناك في دار الحق واليقين، أنهم كانوا على الضلال،...

المرفقات

ثلاثة مواقف عظمى في غزوة بدر الكبرى.pdf

ثلاثة مواقف عظمى في غزوة بدر الكبرى.doc


العنوان

غزوة بدر

2021/06/24 1675 522 2

بعد غزوة بدر أسلم من أسلم، وأظهر النفاق من أظهر، وسمى الله تلك الغزوة بيوم الفرقان، حيث فرق فيها بين الحق والباطل، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في أمر هذه الغزوة: "وكانت غزوة بدر أولَ غزوة ظهر فيها المسلمون على صناديد الكفار، وقتل الله أشرافَهم، وأسر رؤوسَهم، مع قلة المسلمين وضعفهم".

المرفقات

غزوة بدر.doc

غزوة بدر.pdf


العنوان

رمضان شهر الانتصار على العوائق

2017/05/28 5968 393 14

سفينة النجاة التي توصل الإنسان إلى شاطئ الأمان: أن يَضبط نفسه وِفق ما شَرع الله، وأن يقودَها لا أن يجعلَ نفسَه تقودُه. والناس قسمان: قسم ظفرت به نفسُه فملكته وأهلكته فصار مطيعا لها. وقسم ظفر بنفسه فقهرها حتى صارت مطيعةً منقادةً له، وقد...

المرفقات

شهر الانتصار على العوائق


العنوان

غزوة بدر الكبرى

2010/08/25 74860 2815 469

وقفنا أمام يوم بدر؛ لكي نستلهم العظات والعبر، وقفنا أمام ملحمة الإسلام، واليوم الأول من أيامه العظام، رأينا العبر، رأينا العظات، أعظمها وأجلها أن الإسلام كلمة الله الباقية، ورسالته الخالدة، باقية ما بقي الزمان وتعاقب المكان، يرفع شعارها ويقدس منارها بعزّ عزيز وذل ذليل، هذا الإسلام الذي كتب الله العزة لمن والاه، وكتب الذلة والصغار على من عاداه ..

المرفقات

بدر الكبرى


العنوان

شهر الانتصارات قديما وحديثا

2013/07/12 2030 427 12

إنّ شهر رمضان هو شهر الفتوحات والانتصارات قديماً وحديثاً، ففيه نَصَرَ الله المسلمين في بدر، وفُتحت مكة في رمضان، ووقعت معارك تاريخية خالدة في رمضان. وفي عصرنا الحاضر وقعت معركة الفلوجة الشهيرة في رمضان، وملحمة تورا بورا قبل عقد من الزمن وقعت أيضاً في رمضان. واليوم؛ لازالت الانتصارات بفضل الله تتوالى، والفتوحات تترا...

المرفقات

الانتصارات قديما وحديثا


العنوان

غزوة بدر

2014/12/27 2863 317 3

لقد أراد الله -سبحانه- أن تكون هذه الموقعة فرقانًا بين الحق والباطل، وأراد الله -سبحانه وتعالى- أن يعرف المسلمون على مدى التاريخ عوامل النصر والهزيمة، وأنها منه -عز وجل-: (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ ?للَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ) [آل عمران:123]...

المرفقات

بدر


العنوان

شيء عن غزوة بدر

2016/07/14 1883 343 3

والتقى الفريقان، وقام النبي -صلى الله عليه وسلم- بين يدي ربه يدعو ويلح في الدعاء ويتضرع بين يدي ربه ويستغيث به, يقول: "اللهم أنجز لي ما وعدتني, اللهم هذه قريش قد أتت بخيلها وخيلائها تصد عن دينك وتحارب رسولك", ثم يقول عن أصحابه: "اللهم إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض".

المرفقات

عن غزوة بدر


العنوان

علمتنا غزوة بدر

2016/07/08 9276 437 27

إن المسلمين إذا استنفدوا ما يقدرون عليه؛ فعليهم حينئذ أن يُفوِّضوا الأمرَ إلى الله القوي العزيز، إذ لابد أن يجتمع السلاح المادي مع السلاح الإيماني، وأعظمه: التوكل على الله -جل وعلا- بعد فعل الأسباب، كما صنع النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ إذ هيأ الجيش, وقبل ذلك استشارهم، واختار المواقع، ورفع المعنويات، وألح على الله -عز وجل- بالدعاء، حتى نصره الله, وهذا ما ينبغي أن يتفطن له المقاتلون اليوم الذين يقاتلون لمقاصد شرعية، وعلينا -نحن الآمنين هنا- دورٌ عظيمٌ في التضرع إلى الله -جل وعلا- أن ينصر المجاهدين في سبيله, وأن يحفظهم, وأن يخلُفَهم في أهليهم وأولادهم, وأن يدحر العدوَ ويكبِتَه...

المرفقات

غزوة بدر


العنوان

بدر دروس وعبر

2015/10/22 2659 22 7

إن محمداً -عليه السلام- حين جاءت الجموع في بدر ما لجأ لنصير خارجي, وسند بشري, بل رفع يديه إلى السماء, فمِنْ هناك يُستمد النصر وكفى, إنه الدعاء صلة بين العبد الضعيف والرب القوي, إنه الاتصال بمن لا يُعجِزه شيء في الأرض ولا في السماء، فأين دعوات المسلمين لإخوانهم, أين الدعاء والإلحاح على الله بنصرهم, هلاّ اعتمدنا على من أهلك عاداً الأولى وثمود فما أبقى, وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى, ولن يُعدم المسلمون مِن مستجابٍ للدعوة.

المرفقات

بدر دروس وعبر.doc


إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات