اقتباس
ليس الصوم جوعًا أو عطشًا فقط، بل هو إمساك عن الأهواء، وسيطرة على الانفعالات، وتوجيه للحاجات، إن الصيام مسرة وفرح وابتهاج، فلا فحش في القول، ولا غضب على أحد، بل سيطرة على النفس، ومبادلة الإساءة بالحسنة، ومواجهة العدوان بالعفو، ولذا فإن الصيام الحقيقي هو صيام عن الرذائل الخلقية..
الصيام شعيرةٌ من الشعائر الإسلامية العظيمة، وعبادة من العبادات التي لها أكبرُ الأثرِ في حياة المسلم روحيًّا وخلقيًّا واجتماعيًّا؛ ذلك أنَّ شهر رمضان موسمٌ عظيم من مواسم الخير؛ تصفو فيه النفوس، وتقترب القلوب من خالقها. والصوم مدرسةٌ إسلاميَّة عظيمة تُربِّي الإنسان بكلِّ مكوناته ومقوِّماته النفسيَّة والجسميَّة والروحيَّة والخلقيَّة والاجتماعيَّة؛ إذ إنَّ للصوم حِكَمًا كثيرة وفوائد جمَّة من الناحية الاجتماعيَّة. والصيام يربي المسلم على السيطرة على الجانب المادي في حياته كلها، ويدفعُه إلى التغلُّب عليه، والانتصار للجانب الروحي والمعنوي. ويُطهِّرُ النفسَ الإنسانية من الأدران ويُزكِّيها، ويُربِّي المسلم على التضحية والمبادرة بكلِّ ما يملكُ في سبيل الدِّفاع عن الدِّين وعن كلِّ القيم الإسلاميَّة. إن الصيام مدرسة خُلقية تُربِّي المسلم على القيم الفاضلة، والصدق والصبر والأمانة والوفاء بالعهود والمواثيق، وعلى الشجاعة ورباطة الجأش والوعي والانضباط. وللصيام فوائد روحية ونفسية كثيرة، وهو مدرسة يتعلم فيها المسلم الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة، وقوة الإرادة، وجهاد النفس، والامتناع عن أهم رغبات الجسد وحاجاته الضرورية. والاستقامة في معاملة الخلق، وإعادة تفعيل منظومة القيم الراقية في المجتمع المسلم، ولهذا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه». فليس الصوم جوعًا أو عطشًا فقط، بل هو إمساك عن الأهواء، وسيطرة على الانفعالات، وتوجيه للحاجات، إن الصيام مسرة وفرح وابتهاج، فلا فحش في القول، ولا غضب على أحد، بل سيطرة على النفس، ومبادلة الإساءة بالحسنة، ومواجهة العدوان بالعفو، ولذا فإن الصيام الحقيقي هو صيام عن الرذائل الخلقية. إن الأمة الإسلامية اليوم لهي بحاجة إلى بناء القيم الراقية في السلوك والمعاملات، ومن أجل اغتنام هذا الشهر الكريم في بناء منظومة من القيم، جمعنا لك أيها الخطيب الكريم هذه الخطب المنتقاة في رمضان وبناء القيم ونسأل الله أن ينفع بكم ويبارك جهدكم...
التعليقات