بدع شهر رجب - خطب مختارة

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2022-10-07 - 1444/03/11
التصنيفات:

اقتباس

وقد حدثت هذه المبالغات مع شهر رجب المحرم، فأراد الجهلاء أن يعظموه، فبدلًا من أن يسلكوا سبيل الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصحابته وتابعيه، إذا بهم ينحرفون ويستزلهم الشيطان ويسحبهم بعيدًا عن هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-! فيسقطوا في حمأة الابتداع...

يكون الناس على الجادة وعلى السنة وعلى الصراط المستقيم، حتى ينبعث أناس منهم قد يكونوا طيبي القلب لكن يغلب عليهم الجهل، يريدون أن يجوِّدوا العبادة ويتقنوها ويزدادوا من الخير، فإذا بهم يبالغون في العبادة شيئًا فشيئًا فيخرجون من حدود المشروع إلى غير المشروع، وإذا بالبدعة تطل برأسها، و"ما ظهرت بدعة إلا وماتت قبالها سنة".

 

فهذا رجل على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أراد أن يستحدث عبادة جديدة يتقرب بها إلى ربه، ويُكلِّف نفسه ما لم يُكلِّفه الله، ويشرع لنفسه ما لم يشرعه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأمته، فعن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى شيخًا يهادى بين ابنيه، قال: "ما بال هذا؟"، قالوا: نذر أن يمشي، قال: "إن الله عن تعذيب هذا نفسه لغني"، وأمره أن يركب(متفق عليه).

 

ويروي ابن عباس قصة رجل آخر أراد أيضًا أن يتقرب إلى الله -تعالى- بما لم يشرعه الله، فرده رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليه ورفضه ولم يقره، يقول حبر الأمة: بينا النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب، إذا هو برجل قائم، فسأل عنه فقالوا: أبو إسرائيل، نذر أن يقوم ولا يقعد، ولا يستظل، ولا يتكلم، ويصوم. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مره فليتكلم وليستظل وليقعد، وليتم صومه"(رواه البخاري).

 

فهي إذا قاعدة تقول: "لا يجوز التقرب إلى الله إلا بما شرعه الله"، وكل ما كان على خلاف ذلك فهو بدعة وضلالة في الدين تردي صاحبها يوم القيامة ولا تنجيه، ولقد جاءت في ذلك نصوص كثيرة، فمنها حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد"(متفق عليه)، وفي لفظ في الصحيحين أيضًا: " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه، فهو رد".

 

وبناء على هذا فقد اتفق الفقهاء أن الأصل في العبادات الحظر والتوقيف، حتى يأتي الدليل على المشروعية.

 

***

 

وقد حدثت مثل هذه المبالغات مع شهر رجب المحرم، فقد أراد الجهلاء بالدين أن يعظموه ويتقربوا إلى الله -عز وجل- فيه، بدلًا من أن يسلكوا سبيل الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الأخيار والتابعين الأبرار إذا بهم ينحرفون ويستزلهم الشيطان ويسحبهم بعيدًا بعيدًا عن هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-! ولو سلكوا ألف باب للوصول إلى مرضاة الله ما وصلوا إلا من باب الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)[الحشر: 7].

 

وقد ابتدعوا في شهر رجب -بجهل وبحمق- ألف بدعة وبدعة، فمن بدعهم المردودة المحدثة ما يلي:

صلاة الرغائب: ويصلونها في أول ليلة جمعة من شهر رجب، وبالتحديد بين صلاتي المغرب والعشاء، فمن أين جاءوا بها؟! ومن شرعها لهم؟! وعلى أي دليل استندوا؟! وأين هم من حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي"(رواه مسلم)؟! إنك لن تلقى منهم جوابًا أبدًا؛ (مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ)[الزخرف: 20].

 

وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية: عن "صلاة الرغائب هل هي مستحبة أم لا؟ [فأجاب]: هذه الصلاة لم يصلها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا أحد من الصحابة ولا التابعين ولا أئمة المسلمين، ولا رغب فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا أحد من السلف، ولا الأئمة ولا ذكروا لهذه الليلة فضيلة تخصها، والحديث المروي في ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كذب موضوع باتفاق أهل المعرفة بذلك؛ ولهذا قال المحققون: إنها مكروهة غير مستحبة، والله أعلم"(الفتاوى الكبرى، لابن تيمية).

 

ومنها: صلاة يوم النصف من رجب: أو "صلاة أم داود"، يقول ابن تيمية: "وكذلك يوم آخر في وسط رجب، يصلى فيه صلاة تسمى "صلاة أم داود"، فإن تعظيم هذا اليوم لا أصل له في الشريعة أصلًا"(اقتضاء الصراط المستقيم).

 

ومنها: تخصيص شهر رجب بالصيام ظنًا أن لصيامه مزية: فقد احتجوا بحديث: "صم من الحرم واترك"(رواه أبو داود)، وفيه راوية مجهولة، وقد حكم المحدثون بضعفه، يقول ابن القيم: "وكل حديث في ذكر صوم رجب، وصلاة بعض الليالي فيه: فهو كذب مفترى"(المنار المنيف، لابن القيم)، وقال ابن رجب: "فلم يصح في فضل صوم رجب بخصوصه شيء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أصحابه"(لطائف المعارف، لابن رجب) ويلخص النووي الأمر قائلًا: "ولم يثبت في صوم رجب نهي ولا ندب لعينه، ولكن أصل الصوم مندوب إليه"(شرح النووي على مسلم).

 

ومنها: الاحتفال بالإسراء والمعراج في ليلة السابع والعشرين من رجب: ومع أن تلك الحادثة العظيمة لم يثبت أنها حدثت في رجب، فإنها حتى لو ثبتت أنها فيه فلا يشرع الاحتفال بها، يقول ابن القيم: "ولم يقم دليل معلوم لا على شهرها ولا على عشرها ولا على عينها، بل النقول في ذلك منقطعة مختلفة ليس فيها ما يقطع به، ولا شرع للمسلمين تخصيص الليلة التي يظن أنها ليلة الإسراء بقيام ولا غيره"( زاد المعاد، لابن القيم).

 

ومنها: ذبيحة العتيرة: وهي ذبيحة كان أهل الجاهلية يذبحونها تعظيمًا لرجب، ويسمونها: "الرجبية"، وقد نهى عنها النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبطلها قائلًا: "لا فَرَعَ ولا عتيرة"؛ والفرع: أول النتاج، كانوا يذبحونه لطواغيتهم، والعتيرة في رجب(متفق عليه).

 

وما أكثر تلك البدع التي ابتدعوها، وما أنزل الله بها من سلطان، والتي لا تتسع لها هذه المقدمة القصيرة، لذا فقد جمعنا من خطب خطبائنا الأجلاء ليكملوا ما بدأنا ويفصلوا ما أجملنا ويتموا ما قصرنا فيه، فإليك:

العنوان

التحذير من بدع رجب (1)

2010/06/28 7439 2487 103

كلما بعد الناس عن زمن النبوة؛ تشعبت بهم السبل، وفرقتهم الأهواء، تحسُنُ عندهم البدعة، وتسري فيهم الخرافة، ويُضلهم الشيطان، فتعمى أبصارهم وبصائرهم عن الحق، وتُصَمُ آذانهم عن سماع هدي الكتاب والسنة، فلا يصل إلى قلوبهم، ولا تعيه عقولُهم؛ لأن الشيطان قد أحكم قفلها، وحجبتها البدع بغشاوتها وشبهها ..

المرفقات

من بدع رجب (1)1

من بدع رجب (1) مشكولة


العنوان

شهر رجب بين المشروع والممنوع

2022/02/14 2320 565 7

وإنْ كانَ الظلمُ محرّمًا في جميعِ الشّهور؛ إلا أنّه فيه أشدُّ تحريمًا (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ)؛ قالَ ابنُ حجرٍ -رحمَه الله-: "لم يردْ في فضلِ شهرِ رجب، ولا في صيامِه ولا في صيامِ شيءٍ منه معيَّن، ولا في قيامِ ليلةٍ مخصوصةٍ فيه حديثٌ صحيح".

المرفقات

شهر رجب بين المشروع والممنوع.doc

شهر رجب بين المشروع والممنوع.pdf


العنوان

خطبة شهر رجب

2021/02/17 105155 4690 147

وَمِنْ مُقْتَضَيَاتِ حُرْمَتِهِ: الْحَذَرُ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي: فَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ -تَعَالَى- قَائِلًا: (فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ)[التَّوْبَةِ: 36]، قَالَ قَتَادَةُ: "إِنَّ الظُّلْمَ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ أَعْظَمُ خَطِيئَةً وَوِزْرًا مِنَ الظُّلْمِ فِيمَا سِوَاهَا...

المرفقات

خطبة شهر رجب.doc

خطبة شهر رجب منسقة للخطباء الجدد.pdf


العنوان

شهر رجب بين الاتباع والابتِداع

2017/04/08 6663 776 43

إن أصلَ الدينِ وقاعِدتَه: شهادةُ أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسولُ الله، ومُقتضَى هاتَين الشهادتَين: الإخلاصُ والمُتابعَة؛ فلا يقبَلُ الله من العملِ إلا ما كان خالِصًا له، مُوافِقًا لهَديِ نبيِّه - صلى الله عليه وسلم -، فالعباداتُ توقِيفيَّةٌ لا مجالَ للرأيِ فيها، وكلُّ خيرٍ في اتِّباعِ مَن سلَف، وكلُّ شرٍّ في ابتِداعِ مَن خلَفَ. ولا يجوزُ لأحدٍ أن يُخصِّصَ عبادةً بزمانٍ أو مكانٍ لم يُخصِّصها الله ورسولُه بها؛ لأنَّا مُتعبَّدُون بشريعةِ الله لا بأهوائِنا وعواطِفِنا...

المرفقات

رجب بين الاتباع والابتِداع


العنوان

تحريم رجب

2020/02/24 16614 1619 269

وَمَنْ عَظَّمَ حُرُمَاتِ اللَّـهِ -تَعَالَى- فِي رَجَبٍ أَعَانَهُ اللهُ -تَعَالَى- عَلَى الْإِتْيَانِ بِمَا تَرَكَ مِنْ فَرَائِضِهِ، وَأَعَانَهُ عَلَى تَرْكِ مَا وَقَعَ فِيهِ مِنْ مَعْصِيَتِهِ فِي غَيْرِ رَجَبٍ؛ لِأَنَّ تَعْظِيمَ الْعَبْدِ لِلْأَشْهُرِ الْحُرُمِ دَلِيلٌ عَلَى بَقَاءِ جَذْوَةِ الْإِيمَانِ فِي قَلْبِهِ. وَمَنِ انْتَهَكَ حُرْمَةَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ خِيفَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِيغَالِ فِي المَعَاصِي، وَالِانْتِقَالِ مِنْ لمَمِهَا وَصَغَائِرِهَا إِلَى كَبَائِرِهَا، وَخِيفَ عَلَيْهِ مِنْ تَرْكِ الْفَرَائِضِ. وَلِلْأَسَفِ فَإِنَّ رَجَبًا يَمُرُّ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ كَمَا يَمُرُّ غَيْرُهُ مِنَ الشُّهُورِ، لَا يَسْتَشْعِرُونَ حُرْمَتَهُ، وَلَا يَسْتَحْضِرُونَ عَظَمَتَهُ، وَلَا يُرَاعُونَ حَقَّ اللَّـهِ -تَعَالَى- فِيهِ...

المرفقات

رجب

رجب - مشكولة


العنوان

وقفات مع شهر رجب

2019/03/12 58483 1070 135

منَ الأمورِ المقرّرَةِ شرعًا أن ّالعبرةَ بِحُسْنِ العملِ لا بكثرتِهِ، وأنه يجبُ الالتزامُ بالكتابِ والسّنةِ وما جاءَ فيهما ممّا هو مشروعٌ من الأعمالِ والعباداتِ والأزمانِ والأماكنِ. والتحذيرُ من البدعةِ بجميعِ صورِهَا وأنواعِهَا...

المرفقات

وقفات مع شهر رجب


العنوان

شهر رجب وبدع المبتدعة

2017/04/09 2240 411 5

إن المحافظة على العقيدة الصحيحة والهوية الإسلامية من أولى الأولويات، وإن الذوبان في معتقدات الكفار وعادات اللاهين والغافلين بيع للهوية والميزة التي أراد الله -تعالى- أن يتميز بها عبده المؤمن الموحد، فكيف يفتح البعض لنفسه الأبواب ويأذن لحاله ليكون مشاركاً في...

المرفقات

رجب وبدع المبتدعة


العنوان

وقفات حول شهر رجب

2016/04/11 125799 2191 365

فإن الله -تعالى- بحكمته فضل بَعْضَ الْأَيّامِ وَالشّهُورِ عَلَى بَعْضٍ كما فضل بعض الأمكنة على بعض،.. فلا مدخل للبشر في هذا التفضيل؛ لأن الله هو الدهر بيده الأمر يقلب الليل والنهار، وهو سبحانه خالق الزمان والمكان، ونؤمن بكمال ربوبيته وحكمته وعلمه. ومن هذه الأزمنة – أيها الإخوة - شهر رجب الذي بزغت شمسه اليوم، وهذا الشهر وقع الخلط فيه، بين غلو فيه فأثبتت فيه من الفضائل ما لا يصح، وبين جفاء عنه حيث جهلت بعض فضائله التي يحسن العلم بها، وحتى نسلم من هذين المزلقين فإننا نتحدث اليوم عن هذا الشهر ببيان ما يصح فيه وما لا يصح، في مسائل:

المرفقات

حول شهر رجب


العنوان

أول أيام رجب الحرام

2016/04/10 6387 565 50

أيُّها المُذْنِبُ العَاصِي.. يامَنْ انغَمَسَ في نَظَرِ الحَرامِ, واقْتَرَفَ سَمَاعَ الآثَامِ: اختَفَيتَ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ وَلمْ تَخْفَ عَنْ عينِ الذي يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى! ألمْ يُحَذِّرُنَا رَبُّنا في كِتَابِهِ؟! وَيُخَوِّفُنا مِن عِقَابِهِ؟! نُنَعِّمُ أَعْضَاءَنَا بالحَرَامِ, وَتنْطِقُ عَلينا وَتَتَخَلَّى عَنَّا فِي أَصعَبِ الأَوقَاتِ! ..

المرفقات

أيام رجب الحرام


إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات