اقتباس
وليس الإسلام وحده هو من يُحرِّم هذه الفعلة الشنيعة والفاحشة الشائنة، بل كل الأديان بلا استثناء تُحرِّمه، ولقد كانت كل القوانين الوضعية كذلك تُجرِّمه إلى عهد قريب
لما خلق الله -عز وجل- الإنسان ركب فيه شهوة جنسية، ولم يجعل لها إلا طريقًا واحدًا مشروعًا للإشباع؛ وهو زواج الرجل بامرأة يتعفف بها وتتعفف به، ويسكن إليها وتسكن إليه: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[الروم: 21]، ومن خلال هذه الرابطة الطاهرة والميثاق الغليظ يحصل التكاثر اللازم لبقاء النوع البشري: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً)[النحل: 72].
وهي سنة عامة في جميع البشر بل والحيوانات؛ أن يكون من كل نوع زوجين ذكرًا وأنثى: (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[الذاريات: 49]، فتلك سنة الله -تعالى- في خلقه وتلك فطرته التي فطر أهل الأرض عليها.
لكن أناسًا من بني جلدتنا فعلوا ما لا تفعله الحيوانات، فزهدوا فيما خلق الله -تعالى- لهم من الأزواج والزوجات، وانطلق الرجل يشتهي الرجل ويتمنى ممارسة اللواط معه، والمرأة تشتهي المرأة وتتمنى ممارسة الشذوذ معها! ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولقد مرت على البشرية قرون طوال وما فكرت في فعل ذلك -مع كثرة ما اقترفت من الموبقات- ولا خطر لها على بال، حتى جاء قوم نبي الله لوط -عليه السلام- وسنوا هذه الرذيلة الموبقة: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ)[الأعراف: 80-81]، ولطالما ناصحهم لوط -عليه السلام- ليرجعوا عن غيهم، فما فعلوا: (أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ)[الشعراء: 165-166]، فما كان جوابهم إلا أن (قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَالُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ)[الشعراء: 167]، ولقد تمادوا في غيهم حتى أرادوا الملائكة الذين جاءوهم بالعذاب: (وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ)[القمر: 37]، وما زالوا سادرين في سكرتهم حتى نزل عليهم أشد عذاب عرفته البشرية: (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ)[هود: 82].
وإن الإسلام قد حرَّم ما يصنعه الرجل مع الرجل والمرأة مع المرأة من الشذوذ الجنسي بكل صوره وأشكاله وألوانه، وتوعد عليه بأشد العقوبات، فهذا رسولنا -صلى الله عليه وسلم- يبشر فاعليه بأمراض فتاكة تستعصي على العلاج قائلًا: "يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن، وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا"(رواه ابن ماجه)، وإن كانت الفاحشة قد فُسِّرت بالزنا فإنه مع قبحه وسوء عاقبته لأهون من ذلك الشذوذ الجنسي بإتيان الرجال للرجال، الذي هو انتكاس للفطرة وتدنٍ تحت مرتبة البهيمية والحيوانية؛ فإن البهائم لا تصنعه!
وجزاء هذه الفعلة القتل بيد ولي الأمر: فعن ابن عباس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به"(رواه الترمذي)، ولا يقتل الفاعلان أية قتلة، بل يرجمان بالحجارة حتى يموتا؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الذي يعمل عمل قوم لوط قال: "ارجموا الأعلى والأسفل، ارجموهما جميعًا"(رواه ابن ماجه).
وفاعله محروم من نظر الله -تعالى- إليه يوم القيامة -ونظره رحمة-، فعن ابن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلًا أو امرأة في دبرهما"(رواه ابن حبان)، فهو ملعون مطرود من الرحمة -والعياذ بالله-، فعنه أيضًا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: قال: "لعن الله من عمل عمل قوم لوط"(رواه النسائي).
وإننا لنُسائل الرجال الذين يكتفون بالرجال والنساء اللاتي تكتفين بالنساء فنقول: ومن أين يأتي الولد إذن وكيف تتكاثر البشرية؟! ونسائلهم: إن اكتفى كل منكم بصاحبه فلماذا خلق الله ذكرًا وأنثى، لِما لك يخلقهم جنسًا واحدًا؟! فأفيقوا واستيقظوا وانتبهوا فإن في هذا الشذوذ بوار وخراب ودمار وقضاء على النوع البشري ونشر للأمراض الفتاكة وجلب لغضب الله ومقته وعقابه... لذا يروي جابر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط"(رواه الترمذي).
***
وليس الإسلام وحده هو من يُحرِّم هذه الفعلة الشنيعة والفاحشة الشائنة، بل كل الأديان بلا استثناء تُحرِّمه، ولقد كانت كل القوانين الوضعية كذلك تُجرِّمه إلى عهد قريب، حتى ظهر الشواذ الذين سموا أنفسهم بـ"المثليين" وصارت لهم في الغرب شوكة، فاستطاعوا أن يؤثروا على صناع القرار ليصوغوا قوانين تبيح الشذوذ الجنسي وتقننه، بل وتمنع المساس بالشواذ جنسيًا، بل لقد استطاعوا محو الشذوذ الجنسي من على قائمة الأمراض النفسية في الغرب، حتى صاروا في بلادهم طائفة مميزة لهم رايتهم وشعارهم الذي يحرصون على رفعه في كل محفل من المحافل ليكون لهم فيه تواجد وذكر!
فبحسب موقع "ويكيبيديا": فإنه اعتبارا من يوليو عام 2015، ثمانية عشر بلدًا، معظمها يقع في الأمريكتين وأوروبا الغربية، اعترفت بزواج المثليين ومنحتهم معظم إن لم يكن كل الحقوق كاعتراف الحكومة بالعلاقات المثلية كالزواج من نفس الجنس، والسماح للمثليين بالتبني، والاعتراف بالأبوة والأمومة للمثليين، وسن تشريعات لمكافحة التنمر عليهم، والحصول على جراحة تصحيح الجنس والعلاج بالهرمونات البديلة... وشر البلية ما يضحك!
وهم بذلك قد ارتكبوا موبقتين شنيعتين، الأولى أنهم قنَّنوا وشرَّعوا لما حرمه الله -تعالى- ودعا إليه الشيطان قائلًا: (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ)[النساء: 119]؛ فهم يحولون الذكر إلى أنثى والأنثى إلى ذكر! وإن كان مجرد تشبه أحد الجنسين بالآخر محرَّمًا فما بالك بمن يغيِّر جنسه بالكلية!
والثانية -وهي موضوع حديثنا- أنهم أعلنوا وجاهروا وأعادوا إحياء عمل قوم لوط من اللواط والفواحش، وذلك ينذر لا محالة بعذاب كعذاب قوم لوط، فإنها سنن الله التي لا تتبدل ولا تتخلف، ألا فليبشروا بـ"تسونامي" جديد يقلب أرضهم رأسًا على عقب: (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ * فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ)[الحجر: 73-74].
***
ألا فلنأخذ على يد هؤلاء الشواذ قبل أن يخرقوا سفينة المجتمع فتغرق في الطين والأوحال، ينقل ابن القيم -رحمه الله- قائلًا: "ليس في المعاصي أعظم مفسدة من هذه المفسدة، وهي تلي مفسدة الكفر، وربما كانت أعظم من مفسدة القتل"، ومساهمة منا في التحذير ممن يسمون أنفسهم بالمثليين؛ أرباب الشذوذ الجنسي عقدنا هذه المختارة، فدونك فانتفع من خطبها.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم