‏‏رمضان: مدرسة التغيير والتدريب - خطب مختارة

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات:

اقتباس

إن شهر رمضان شهر مبارك ليس كغيره من الشهور؛ فهو أعظم الشهور، وذلك لما حبا الله المتسابقين فيه بالحسنات والأجور، وما أنعم الله به على عباده من مغفرة الذنوب والشرور، ويكفي هذا الشهر منزلة ومكانة؛ أنه مدرسة تسمو...

 إن شهر رمضان شهر مبارك ليس كغيره من الشهور؛ فهو أعظم الشهور، وذلك لما حبا الله المتسابقين فيه بالحسنات والأجور، وما أنعم الله به على عباده من مغفرة الذنوب والشرور، ويكفي هذا الشهر منزلة ومكانة؛ أنه مدرسة تسمو فيها الأرواح، وتتربى فيها النفوس على المحافظة على سبل مرضاة الكريم الفتاح، وتألف المداومة على العمل في ميادين النجاح، والاستقامة على هدى الإمام الوضاح ورائد الهداية والإصلاح، -صلوات ربي وسلامه عليه- ما أضاء نجم ولاح وأقبل فجر وأشرق صباح.  

 

أيها المسلمون: شهرنا شهر تأهيل وتدريب وتغيير وترويض؛ فتعالوا بنا نستعرض بعض ما جاء في رمضان من الدروس التربوية؛ الإيمانية والأخلاقية والسلوكية والاجتماعية وغيرها؛ ومن أبرز ما ذلك؛ ما يلي: أولا: أن رمضان مدرسة تعلم المؤمن التسليم والانقياد والاتباع؛ فكما أن الله -تعالى- منع عن عباده الطعام والشراب وسائر المفطرات في رمضان، كذلك أوجب عليهم الصيام عن الحرام طيلة عمر الإنسان؛ فالمسلم يصوم في أيام شهر رمضان عن الحلال والحرام، ويصوم طيلة عمره وأيام حياته عنه -كذلك-.  

 

الصوم -يا عباد الله- في اللغة الإمساك عن الشيء؛ فامتناع اللسان والعين والأذن واليد والرجل والفرج عما نهيت عنه من الحرام، هو صيام من حيث اللغة، وهو واجب على المسلم زمن حياته وطول عمره، ويعلم أنه محاسب على كل ما اقترفه بسمعه وبصره وفؤاده؛ قال سبحانه: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) [الإسراء:36]، ويقول الحق -تبارك وتعالى- في آية أخرى: (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [يس:65].  

 

كما أن في السنة المطهرة ما يؤكد ذلك، ومن ذلك حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: "من لم يدَع قولَ الزُّورِ، والعملَ بِهِ، فلَيسَ للَّهِ حاجةٌ أن يدعَ طعامَهُ وشرابَهُ"، وعنه -أيضا- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "رُبَّ صائمٍ ليس له من صيامِه إلا الجوعُ، ورُبَّ قائمٍ ليس له من قيامِه إلا السَّهرُ" (صححه الألباني).   وصح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: "قال اللهُ -عزَّ وجلَّ-: "كلُّ عملِ ابنِ آدمَ له إلَّا الصِّيامُ؛ فإنَّه لي وأنا أجْزِي به، والصِّيام جُنَّةٌ؛ فإذا كانَ يومُ صوْمِ أحدِكُم فلا يَرفُثْ يومئذٍ ولا يَسخَبْ؛ فإن سابَّهُ أحدٌ أو قاتلَهُ، فليقلْ: إنِّي امرؤٌ صائمٌ" (البخاري ومسلم).  

 

رمضان مدرسة في تحقيق تقوى الله -تعالى- وتأصيلها في القلوب، وذلك من أبرز مقاصد الصيام وحكمه، فلو لم يكف من الصيام حققه الصائم من صومه إلا هذه لكانت كافية، كما قال -سبحانه وتعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[البقرة: 183]، وفي الحديث "يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي"؛ وهذا الشعور والإحساس هو الذي نسميه بالتقوى.   والصوم مدرسة للمؤمن في جهاد النفس ومدافعة الشيطان؛ حيث يلزم الصائم نفسه على المشروع ويمنعها عن المحظور؛ وهذا هو الجهاد الأكمل الذي فرضه -تعالى- على عباده، كما في الحديث الذي رواه ابن حبان، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "المجاهدُ مَن جاهَد نفسَه للهِ -عزَّ وجلَّ-". وفي رمضان يتدرب العبد على قهر سلطان العادة؛ فقد يتعود الإنسان على عادة سيئة، كشرب الدخان -مثلا-؛ حيث يمارسها بصورة مستمرة متى ما دعته نفسه إلى ذلك، فيأتي رمضان فيقهر سلطان هذه العادة ويحول بين العبد وبينها بالتدرج حتى يعينه على التخلص منها؛ فكون الصائم يتركها ساعات النهار كله لمدة ثلاثين يوما لا شك مع التوفيق الإلهي والعزم الداخلي أنه سيتخلص منها، ومثلها النوم والكسل وشهوة البطن بالإمساك.  

 

كما أن رمضان مدرسة يتعود المسلم فيها على ملازمة العبادات؛ سواء كانت هذه العبادات قلبيه كالمراقبة والخشية والتوبة والإنابة والمحبة، أو كانت عملية كالصلاة والزكاة فرضها ونفلها وغيرها، أو كانت قولية كقراءة القرآن والذكر والدعاء وغيره. والحرص على ما في ذلك كله من الفضل والأجر والفوائد الدنيوية والأخروية.   ورمضان مدرسة لتقوية الإرادة والصبر والتحمل: فالصائم يشعر بالجوع رغم وجود الطعام ويجد العطش رغم وفرة الماء ويجد الحاجة لأهله رغم وجودهم؛ إلا أنه يمتنع عن هذا كله استجابة لربه ومولاه القائل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ) [الأنفال:24].  

 

رمضان مدرسة لتدريب النفس على النظام والتقيد والانضباط مع الله في القيام بدقة بما أو جب عليه والانضباط مع عباد الله بالقيام بحقوقهم وأعمالهم حسب ما يريدون؛ وهذا يظهر جليا فهو يترك المفطرات لمجرد دخول الوقت أو سماعه للأذان وهكذا يفطر لمجرد دخول الوقت أو سماعه للأذان.   رمضان مدرسة لضبط الأخلاق السلوك؛ فالصائم ملزم أن يهذب سلوكه فليزم نفسه على أحسنها ويخلص نفسه من مساوئها وألا يرد على المسيء بالمثل؛ وهذا مأخوذ من قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أصبَحَ أحدُكُم يومًا صائمًا، فلا يرفُثْ ولا يجهَلْ؛ فإنِ امرؤٌ شاتمَهُ أو قاتلَهُ، فليقُلْ: إنِّي صائمٌ  إنِّي صائمٌ"(رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة).  

 

رمضان مدرسة للعبد على بذل المعروف والإحساس للخلق؛ فمن جود الله في رمضان الفريضة بأجر سبعين فريضة والنافلة بأجر فريضة، وهكذا النبي -صلى الله عليه وسلم- كما روى ابن عباس -رضي الله عنهما-، "أنه كان  أجودَ الناسِ، وكان أجودَ ما يكونُ في رمضانَ، حين يلقاه جبريلُ، وكان جبريلُ يلقاه في كلِّ ليلةٍ من رمضانَ فيدارِسُه القرآنَ، فلَرَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- حين يلقاه جبريلُ أجودُ بالخيرِ من الريحِ المرسلةِ" (رواه البخاري). والصائم يتعلم من هذا الجود فيطبقه في نفسه مع الخلق عموما والأقربين خصوصا.  

 

وهو مدرسة للتراحم وذلك خلال ما يجده الصائم من الجوع والعطش والامتناع عن كثير من الطيبات في نهار رمضان رغم وفرتها لكنهم تركوا ذلك تعبدا؛ فيتذكروا المحرومين طوال العام الذين حرموا كل هذه الطيبات ولم يتمكنوا من توفيرها؛ فيقود هذا الشعور الجميل إلى بذل الصدقات والزكوات ويشكر ربه على ما أنعم عليه من الخيرات.   خطباؤنا الكرام: تجدون في هذه المقدمة إطلالة يسيرة حول بعض ما يستفيده العبد في رمضان وما يتعلمه من الصيام؛ حتى يصبح ما أخذه من المدرسة الرمضانية سجية له تلازمه في كل حياته حتى يلقى ربه، كما أرفقنا معها مجموعة من الخطب.   سائلين الله -تعالى- لنا ولكم عفوه وعافيته ورضاه وجنته؛ إنه جواد كريم وبفقرنا إليه عليم.

العنوان

نعم.. سأتغير في رمضان

2017/06/10 3138 259 4

عدنان مصطفى خطاطبة

فشكرا لك يا رمضان! فأنت من عرفتُ به نفسي، وأنت من أقنعني بقدرتي على التغيير، وأنت من دربني على مواجهة نفسي، والارتقاء بذاتي؛ فشكرا لك! وشكرا وحمدا لربي الذي أهداك نعمة لنا!.

المرفقات

.. سأتغير في رمضان


العنوان

رمضان معراج الأرواح

2022/04/06 2361 309 2

راكان المغربي

أولُ المعارج وأظهرُها في رمضان معراجُ الصيام, صوم رمضان لن يمنحَك أرضا، ولن يؤهلك للفوز بالسحب على سيارة، ولن تستحق به زيادة في الراتب, وإنما ستنال ما هو أعلى من ذلك بكثير, مكسب رمضان الأعظم هو الذي من أجله شرع الله فيه الصيام...

المرفقات

رمضان معراج الأرواح.pdf

رمضان معراج الأرواح.doc


العنوان

رمضان فرصة للتغيير

2013/07/17 12979 640 59

محمد سعيد باصالح

رمضان فرصة الجميع للتغيير؛ فرصة ليصبح العبد من المتقين الأخيار، ومن الصالحين الأبرار، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ). ورمضان فرصة لإقامة الصلاة، في جماعة، والمحافظة على تكبيرة الإحرام في الصف الأول، فرصة للتعرف إلى الله في الرخاء، فرصة للذكر والشكر، فرصة لقيام طويل، في ليل طويل، طلبًا لمرضاة العظيم الجليل، فرصة للتشرف...

المرفقات

فرصة للتغيير1


العنوان

إصلاح الباطن في رمضان

2021/04/20 3559 594 6

إبراهيم بن صالح العجلان

مَن منَّا وقف مع نفسه مذعورًا؛ لأنه استشعر داء العُجْب والكبر يدبُّ في قلبه؟, مَنْ منَّا مَنْ صارح نفسه في لحظة مُحاسَبة وخلوة عن دبيب الحسَد الذي يتحرك بين جوانحه؟, هل تفقَّدنا القُلُوب من شهوة الرياء وحب الظهور؟, وهل تفقدنا الصدور من خَطَراتِ الاستعلاء...

المرفقات

إصلاح الباطن في رمضان.doc


العنوان

شهر رمضان ... نفحات إيمانيَّة ... وخطوات إصلاحيَّة

2021/04/16 6467 475 9

الشيخ د عبدالرحمن السديس

هذه الأيام المباركة فرصةٌ سانحةٌ لمراجَعة النفس وإصلاح العمل، ونَبْذ الخلافات والفُرقة، وتحكيم لغة العقل والحوار والحكمة، والتعاون على البر والتقوى؛ بما يحمله هذا الشهرُ الكريمُ من دروسٍ عظيمةٍ في التسابق في الخيرات والأعمال الصالحة...

المرفقات

شهر رمضان ... نفحات إيمانيَّة ... وخطوات إصلاحيَّة.doc


العنوان

تقرُّب المسلم إلى الله وسلوكه في رمضان

2021/04/11 1945 224 0

محمد سليم

يا مؤمنون، يا عباد الله: الصيام صبر وطاعة، ومن الصيام أن يصبر بعضكم على إيذاء بعض؛ فلا تشاجروا، ولا تشاتموا، ومَنْ كظَم غيظًا وهو قادر على أن ينفِّذه دعاه الله على رؤوس الخلائق؛ حتى يُخيِّره من الحور العين ما شاء، والمسلم إذا كان صائمًا لا يرفث، فلا يتكلم بفحش القول...

المرفقات

تقرُّب المسلم إلى الله وسلوكه في رمضان.doc


العنوان

مدرسة رمضان

2021/05/02 3826 257 9

عبدالله محمد الطوالة

ومن دروسِ رمضانَ العظيمة: التَّخلُّصُ من العاداتِ التي قيدت الكثير من الطاقات، وعطَّلتِ الكثيرَ من الإنجازات، فالكثيرُ منا لديه أمورٌ تعودَ عليها بالتكرار، ومن ثمَّ أصبحَ من الصعب عليهِ أن يتخلصَ منها وأن يتركها، فيأتي...

المرفقات

مدرسة رمضان.doc


العنوان

رمضان فرص سانحة

2018/05/17 1643 271 16

الشيخ عبدالله بن علي الطريف

اسأل نفسك: كيف سيكون صيامُ المشردين والمحاصرين؟! في فلسطين وسوريا واليمن وبورما، وهل سيصومون أم سيفطرون؟! وعلى أي شيء سيفطرون؟! صور من الفاقة والفقر، وهياكل عظمية تسير وتتعثر وكأنها طيف إنسان في السراب البعيد، صور يرها العالم أجمع يرق لها حتى الكفار ولذلك تنادت...

المرفقات

رمضان فرص سانحة


العنوان

رمضان.. مدرسة الارتقاء الروحي والأخلاقي

2021/04/06 3297 438 1

أ زياد الريسي - مدير الإدارة العلمية

إِنَّ الصِّيَامَ سُلْطَانٌ عَلَى الرُّوحِ وَالْجَوَارِحِ؛ فَهُوَ يُعْطِي الْعَبْدَ الْإِرَادَةَ وَالْقُوَّةَ فِي ضَبْطِ غَضَبِهِ، وَكَبْحِ حِدَّتِهِ، وَالصَّائِمُ إِذَا لَزِمَ الصَّبْرَ خِلَالَ شَهْرِهِ فَسَيَخْرُجُ مِنْ مَدْرَسَةِ رَمَضَانَ بِنَفْسٍ مُسْتَقِرَّةٍ، وَخُلُقٍ لَيِّنٍ، وَإِرَادَةٍ قَوِيَّةٍ، يُمَارِسُهَا سُلُوكًا وَيَعِيشُهَا وَاقِعًا...

المرفقات

رمضان.. مدرسة الارتقاء الروحي والأخلاقي.doc


إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات