شهر رمضان ... نفحات إيمانيَّة ... وخطوات إصلاحيَّة

الشيخ د عبدالرحمن السديس

2021-04-16 - 1442/09/04 2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات: رمضان
التصنيفات الفرعية: السياسة والشأن العام
عناصر الخطبة
1/نفحات قدوم رمضان خيرات وبركات 2/رمضان فرصة لتجديد التوبة وعمل الصالحات 3/على المسلمين اغتنام رمضان في الصلاح والإصلاح 4/رمضان شهر القرآن والتضرع والدعاء 5/رمضان شهر الجود والعطاء وفي ذلك فليتنافس المتنافسون 6/تنبيهات وقائية وإرشادات صحية

اقتباس

هذه الأيام المباركة فرصةٌ سانحةٌ لمراجَعة النفس وإصلاح العمل، ونَبْذ الخلافات والفُرقة، وتحكيم لغة العقل والحوار والحكمة، والتعاون على البر والتقوى؛ بما يحمله هذا الشهرُ الكريمُ من دروسٍ عظيمةٍ في التسابق في الخيرات والأعمال الصالحة...

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، نحمده -سبحانه- على نِعَم لا نُحصي لها عدًّا، ولا ندرك لها حدًّا، وأشهد ألَّا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، مَنَّ علينا بمواسم الخيرات، وشهر الطاعات والبركات، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدا عبد الله ورسوله، خير من صلى وصام، وأتقى من تهجد لله وقام، صلى الله -تعالى- عليه، وعلى آله البررة الكرام، وصحبه الأئمة الأعلام، والتابعين ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ ما تعاقَب النور والظلام، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

 

أما بعدُ: فيا عبادَ اللهِ: اتقوا الله ربَّكم؛ فبالتقوى تَسْحَجُ عن النفس سُرَى هواها، وتدفع عن الأُمَّة الأسى الذي اعتراها، والخَطْب الذي أوهاها، وتفترِع من العِزَّة ذُرَاها، وبها تَحْمَدُ الأمةُ سُرَاها.

فيَا أيُّها الإنسانُ بَادِرْ إلى التُّقَى *** وَسَارِعْ إلى الخيرِ ما دُمْتَ مُمْهَلْ

فمَا أحسنَ التقوى وأهدى سبيلَها *** بها يَرفَع الإنسانُ ما كان يَعْمَلْ

 

أيها المسلمُون: شهركم مبارك، وتقبَّل اللهُ منَّا ومِنْكم صالحَ الأعمال، ونحمد اللهَ على بلوغ هذا الشهر الكريم، ونسأله -سبحانه- أن يجعله خيرًا وبركةً علينا وعلى عموم المسلمين، وندعوه -جل وعلا- أن يجعله للأمة الإسلامية، والعالَمِينَ أجمعينَ شهرًا للأمن والاستقرار والسلام، وأن يَكْشِفَ عنَّا هذا الوباءَ، ويَصرف عنَّا كلَّ فتنةٍ وبلاءٍ، إنه سميعٌ مجيبٌ.

 

معاشر المسلمين: إنَّ لِمنائحِ الكَرَمِ نَشْرًا تَنُمُّ بِهِ نفَحاتُها، وتُرْشِدُ إلى روضِهِ فَوْحاتُها، والأحوذيُّ الألمعيُّ مَنْ يَسْتَدِلُّ بِتَأرُّجِ العَرْفِ على تَبَلُّجِ العُرفِ، وإن من المسَارِّ التي يُبتهَج بها ويُتَهادَى، والنِّعمِ السابغةِ على المسلمينَ جميعًا وفُرادَى، ما تَهْنَأُ به أمةُ الإسلامِ من حلولِ شهرِ رمضانَ المبارَكِ، فها هو الشهر الكريم قد غمَر الكونَ بضيائه، وعَمَّر القلوبَ ببهائه وسنائه، شهْرٌ جَرَتْ بالطاعات أنهاره، وتفتَّقَت عن أكمام الخير والبِرِّ أزهارُه، واسَّمَّع المسلمون في لهيفِ شَوقٍ لمقاصده وأسراره، وأصَاخوا في خشوع إلى مراميه المستكِنَّةِ وأخبارِه، تَفيض أيامُه بالقُرُبات والسُّرور، وتُنِيرُ لياليه بالآيات المتلوَّات والنُّور، موسمٌ بارَكَه الرحمنُ وخلَّدَه القرآنُ؛ (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)[الْبَقَرَةِ: 185].

هنيئًا يا بني الإسلام طُرًّا *** فقد وصَل المبارَكُ بالعطاءِ

فحيُّوا شهرَكُم بجميلِ صومٍ *** فكَمْ فَرِحَتْ قلوبٌ باللقاءِ

 

إخوةَ الإيمانِ: شهرُ رمضانَ نفحةٌ ربانيةٌ، ومنحةٌ إلهيةٌ، تُفْعِم حياةَ المسلمين بِالذِّكر والقُرُبات، وفيه تلهَج الألسنُ بِعَاطِرِ التلاوات، وتَبْهَج الأنفس بأنْدَاءِ الصيامِ وأنوارِ القيامِ، شرَعَه اللهُ -تعالى- ليجدِّدَ المسلمُ شِيَمَه التعبديةَ المحمودةَ، ويعاود انبعاثتَه في الخير المعهودة، فيَتَرَقَّى في درجات الإيمان، وينعَم بصفات أهل البِرِّ والإحسانِ، حيث لم يَقِفِ الشارعُ الحكيمُ عند مظاهرِ الصومِ وصُوَرِهِ، من تحريم تناوُل المباحات والطيبات فحَسْبُ، بل عَمِدَ إلى سُمُوِّ الروحِ ورقيِّ النفسِ وحفظِها وتزكيةِ الجوارحِ، والصعودِ بها من الدَّرَكِ الماديِّ إلى آفاقِ السُّمُوِّ والعلوِّ الإيمانيِّ؛ لذا اختصَّ الله -عز وجل- هذه العبادةَ له، دونَ سائر العبادات، في الصحيحين: "كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ؛ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي به".

شهرٌ حَبَاهُ إلهُ العرشِ مَكْرُمةً *** فيرحمُ اللهُ مَنْ ضاقَتْ به السُّبُلُ

هو الرؤوفُ بنا هل خابَ ذو أمَلٍ *** يدعو رحيمًا بقلبٍ ذلَّه الخَجَلُ

 

قال الإمام ابن القيم -رحمه الله-: "الصيامُ لجامُ المتقينَ، وجنةُ المحاربينَ، ورياضةُ الأبرارِ والمقرَّبِينَ، وهو لرب العالمين من بين سائر الأعمال، وهو سرٌّ بين العبد وربه، لا يطَّلِع عليه سواه".

فأهلًا بشهرِ التُّقَى والجُودِ والكَرَمِ *** شهرِ الصيامِ رفيعِ القَدْرِ في الأممِ

نفوسُ أهلِ التُّقَى في حُبِّكم غَرِقَتْ *** وهزَّنا الشوقُ شوقُ المصلِح العَلَمِ

نُحِبُّ فيكَ قيامًا طابَ مشربُه *** نحبُّ فيك جَمالَ الذِّكْرِ في الغَسَمِ

 

في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا دخَل شهرُ رمضانَ فُتِّحَتْ أبوابُ الجِنانِ، وغُلِّقَتْ أبوابُ جهنمَ، وسُلسِلَتِ الشياطينُ"، فيا ليتَ شِعْري ما أعظَمَه من شهر اغدودقَتْ فيه أصولُ الْمِنَنِ، واخضوضرَتْ فيه قلوبُ النازعينَ إلى أزكى سَنَنٍ، نَعَمْ؛ أتاكم -يا رعاكم الله- شهر المرابح بظلاله ونواله، وجماله وجلاله وكماله، فهو أجَلُّ من أن تُعَدّ نفحاته، وتُحصى خيراتُه، وتستقصى ثمراته، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يبشِّر أصحابَه، بقدوم شهر رمضان ويقول: "قد أظلَّكُم شهرٌ عظيمٌ، شهرٌ مباركٌ، شهرٌ فيه ليلةٌ خيرٌ من ألفِ شهرٍ"(أخرجه ابن خزيمة، وابن حبان في صحيحهما)، وما ذاك إلا تهيئة للنفوس، وشحذًا للهمم، وتقوية للعزائم عن النكوص والفتور، فيا باغيَ الخيرِ هَلُمَّ وأَقْبِلْ، ويا باغيَ الشرِّ كُفَّ وأَقْصِرْ، ولله عتقاءُ من النار، وذلك كلَّ ليلة.

 

أيها الصائمون: هذه الأيام المباركة فرصةٌ سانحةٌ لمراجَعة النفس وإصلاح العمل، ونبذ الخلافات والفُرقة، وتحكيم لغة العقل والحوار والحكمة، والتعاون على البر والتقوى؛ بما يحمله هذا الشهرُ الكريمُ من دروسٍ عظيمةٍ في التسابق في الخيرات والأعمال الصالحة، فهل عَمِلَتِ الأمةُ على الإبقاء على الصورة المُشْرِقَةِ التي اتَّسَمَ بها هذا الدينُ الإسلاميُّ في وسطيتِه واعتدالِه، ومكافَحةِ الغلوِّ والتطرفِ والإرهابِ؟، وهل تصدَّت لكل ما يُفْسِد على العالَمِ أَمْنَه واستقرارَه وتعزيز التسامح والتعايش بين الشعوب ونَبْذ الحزبية والعنصرية والطائفية؟، هل وقفَتْ بحزمٍ أمامَ مَنْ يُرِيد هَزَّ ثوابتِها والنَّيْلَ من مُحْكَماتها والتطاولَ على مُسَلَّمَاتها وقَطْعِيَاتها؟، وإن للإعلام والتِّقانة اليومَ رسالةً عظيمةً، فما أعظمَ استثمارَها في نشر سماحة الإسلام، والحذرِ ممَّا تعجُّ به بعضُ مواقع التواصل من أضاليلَ فكريةٍ، وتوجُّهاتٍ غيرِ شرعيةٍ، والحذرَ الحذرَ من خيانة الدِّين والأوطان، والحرص على أداء الأمانات، ومراعاة حقوق الملكيات، وخاصةً الملكية الفكرية وحمايتها.

 

أُمَّةَ الصيامِ والقيامِ والقرآنِ: رمضانُ هو شهرُ القرآنِ، كان جبريل -عليه السلام- يُدَارِس نبيَّنا -صلى الله عليه وسلم- فيه القرآنَ، فطُوبَى لِقومٍ يُلْقُونَ قُلُوبَهم إلى القرآن بالتَّدَبُّرِ والسَّمْع؛ فَتفيض أعْيُنُهم مِنَ الوَجَلِ بالدَّمع، وهو أيضًا شهرُ التوبةِ والإنابةِ، والدعاءِ والرجاءِ، فالهَجُوا -عباد الله- بالدعاء، وارفعوا أكفَّ الضراعة لكم ولأهليكم وولاة أمركم وأوطانكم وأمتِكم، أن يحفظ الله مقدَّساتِ المسلمينَ، ويحقِن دماءَهم، ويُصْلِحَ أحوالَهم في كل مكان، وينصرهم، وينصر إخوانَكم المستضعَفِينَ والمشرَّدينَ، والمنكوبينَ والمأسورينَ، والمضطهَدينَ في كل مكان، وأن يُفرِّجَ كروبَهم وهمومَهم، ويكشفَ شدائدَهم وغمومَهم، وأن يكشف عن أمة الإسلام الفتنَ والمِحنَ، والأمراضَ والأوبئةَ والأسقامَ، إنه سميعٌ مجيبٌ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)[الْبَقَرَةِ: 186].

 

بارَك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإيَّاكم بما فيه من الآيات والذِّكْر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفِر الله العظيم الجليل لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفِروه وتوبوا إليه، إن ربي غفور ودود.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله، رفَع لشهر الصيام قدرًا، وأشهد ألَّا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، أجرى في هذا الشهر من البركات ما أجرى، وأشهد أن نبينا محمدًا عبد الله ورسوله، أكرمُ العباد أرومةً وذخرًا، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، والتابعين ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

 

أما بعدُ فيا عبادَ اللهِ: اتقوا الله ربكم؛ فالتقوى جوهر الصيام وفحواه، ولُبُّه ومغزاه؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[الْبَقَرَةِ: 183].

 

إخوةَ الإيمانِ: في هذا الشهر العظيم يُنْدَب البذلُ والإحسانُ والعطاءُ، ألَا فجُودُوا أيها الكرماءُ النبلاءُ، ممَّا أفاض اللهُ عليكم، وابسُطُوا بالنوال والعطاء الأياديَ، لِتُبَدِّدُوا بذلك همومَ المَدِينينَ، وعوَزَ المحتاجينَ، وخصاصةَ المنكوبين، (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)[سَبَأٍ: 39].

 

وإن لكم في التنافس في الخير والتسابق إليه أسوةً حسنةً في نبيِّكم محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ حيث كان أجودَ الناس، وكان أجودَ ما يكون في رمضان، "وكَانَ أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ"(متفق عليه)، وليَكُنْ ذلك تحتَ مظلةٍ مأمونةٍ، وجهاتٍ موثوقةٍ، وما مركزُ الملكِ سلمانَ للإغاثة والأعمال الإنسانية، ومنصة (إحسان) للعمل الخيري، إلا نماذج مُشَرِّفة لمواقف هذه البلاد المباركة، وحِرْصِ ولاةِ أمرِها على دعم الأعمال الإغاثية والإنسانية، ممَّا يتوجَّب التأييدَ والمسانَدةَ، في أداء رسالتها الإغاثية، والصحية والخيرية، والإنسانية والعالمية والحضارية، والحرص على إخراج الزكاة والصدقات ودفعها إلى هذه المراكز والمنصات الوحيدة الموثوقة، حتى لا تقع في أيدي جهات مجهولة، وكذلك الحرص على نشر ثقافة التطوع، والإسهام في الأعمال التطوعية والخيرية، على ضوء الضوابط الشرعية والنظامية.

 

إخوة الإسلام، قاصِدِي بيت الله الحرام: وإذا كان العالَم لا يزال يعيش ظلالَ هذه الجائحة القاتمة، ويَحُلُّ رمضانُ علينا في ظروف استثنائية صحية، فإنه لا يزال التأكيدُ مستمرًّا على الحذر والجدية، واستشعار المسؤولية الدينية، والوطنية، والأمنية، والصحية، والمجتمعية، وعدم التراخي والتساهل والتهاون في تطبيق الإجراءات الاحترازيَّة، والإرشادات الصحيَّة، خاصةً التباعد الجسدي، وعدم التجمُّعات، والحرص على ارتداء الكمامات، والتزام التعقيمات، والإسراع في أخذ اللَّقاحات، والحذر من التشكيك والتشغيب على الجهات المعنيَّة، ونشر الشائعات المغرِضة، والافتراءات الكاذبة، وقد خَصَّت بلادُ الحرمين الشريفين رُوَّادَ الحرمينِ الشريفينِ من المصلينَ والمعتمرينَ والزائرينَ بمزيدِ الاهتمامِ والعنايةِ والرعايةِ؛ من خلال إجراءات نموذجية، وتقنيات حديثة، مُتَّخَذَةٍ لسلامة قاصِدِي الحرمينِ من هذه الجائحة، فالمأمولُ من الجميع الاستمرارُ في الالتزام بالإجراءات الاحترازيَّة وتطبيق التدابير الوقائيَّة والتعاون مع الجهات المعنية، حتى تزول الجائحة -بإذن الله-، حَفِظَ اللهُ بلادَنا بلادَ الحرمينِ الشريفينِ من كلِّ سوءٍ ومكروهٍ، وسائرَ بلاد المسلمين.

 

وتحية تقديرٍ وإجلال لأبطال الصحة، ومثلُها لرجال التعليم والمعلِّمينَ والمعلِّماتِ، ودعاءٌ لطلابنا وفَتَيَاتِنَا بالصلاح والنجاح، والتوفيق والفَلَاح، وشكرٌ لولاة الأمور على مؤازرتهم ودعمهم، ودعاءٌ لرجالِ أَمْنِنا المرابطين في الحدود والثغور، والمرابطينَ في خدمة الحرمين الشريفين لخدمة المعتمرين والزائرين، والجهات العاملة في خدمة رُوَّاد الحرمين، ولا حَرَمَ اللهُ الجميعَ الأجرَ والمثوبةَ، وتقبَّل منا ومنكم صالحَ الأعمال، إنه جوادٌ كريمٌ.

 

هذا وصلُّوا وسلِّموا -رحمكم الله- على نبي الرحمة والهدى، أفضل الصائمين، وأشرف القائمين، كما أمرَكم بذلك ربُّكم ربُّ العالمينَ، فقال وهو أصدقُ القائلينَ: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 56]، وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى اللهُ عليه بها عشرًا".

 

اللهم صلِّ وسلِّمْ على نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد بن عبد الله، وعلى آله الشرفا، وصحبه النجبا، ومن سار على نهجهم واقتفى، يا خير مَنْ تجاوز وعفا، وارض اللهم عن الأربعة الخلفا، الأئمة الحنفا، ذوي الشرف الجلي، والقدر العلي؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة والتابعين، ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم أَعِزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، ، وأَذِلَّ الشركَ والمشركينَ، واجعَلْ هذا البلدَ آمِنًا مطمئنًّا سخاء رخاء وسائرَ بلاد المسلمين، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيِّد بالحق إمامَنا ووليَّ أمرنا، اللهم وفِّق إمامَنا خادمَ الحرمين الشريفين لما تحب وترضى، وخُذْ بناصيته للبر والتقوى، ووفِّق وليَّ عهدِه إلى ما فيه خير البلاد والعباد، يا مَنْ له الدنيا والآخرة وإليه المعادُ.

 

اللهم فرِّج همَّ المهمومينَ، ونفِّسْ كربَ المكروبينَ، واقضِ الدَّيْنَ عن المدينينَ، واشفِ مرضانا ومرضى المسلمينَ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم ادفع عنا الغلا والوبا والربا والبلا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن، ما ظهَر منها وما بطَن، عن بلدنا وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا ربَّ العالمينَ.

 

اللهم ادفع عنا الأوبئة والأسقام، والبرص والجنون والجذام، يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الطول والإنعام، اللهم احفظ مقدسات المسلمين، وأصلح أحوالهم، واحقن دماءهم، واجمع قلوبهم على الكتاب والسنة، يا ذا العطاء والفضل والمنة.

 

اللهم وفِّق رجالَ أمننا، اللهم تقبَّل شهداءهم، اللهم وفِّقْهم في الثغور والحدود، اللهم اشف جرحاهم، وعافِ مرضاهم، ورُدَّهم سالمينَ غانمينَ، اللهم من أرادنا وأراد ديننا وبلادنا وأمننا بسوء فأشغله بنفسه، ورُدَّ كيدَه في نحره، واجعل تدبيرَه تدميرًا عليه، يا قويُّ يا عزيزُ.

 

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 201]، اللهم إنك عفوٌّ تحب العفوَ فاعفُ عنَّا، اللهم إنا نسألك الجنةَ وما قرَّب إليها من قول وعمل، ونعوذ بك من النار وما قرَّب إليها من قول وعمل.

 

(رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)[الْبَقَرَةِ: 127]، وتُبْ علينا إنكَ أنتَ التوابُ الرحيمُ، واغفِرْ لنا ولوالِدِينا ولوالديهم وجميع المسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات.

 

وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ.

 

 

المرفقات

شهر رمضان ... نفحات إيمانيَّة ... وخطوات إصلاحيَّة.doc

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات