آية الله في الغيث - خطب مختارة

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2022-10-11 - 1444/03/15
التصنيفات:

اقتباس

شاء ربنا -سبحانه- أن يجعل أمهات منافع البشر وأصول النعم التي تحفظ عليهم حياتهم بيده هو وحده -جل شأنه-؛ إذ لو تركها الملك العليم في يد البشر لتسلط كثير منهم على أنفس سائر البشر، وساموهم سوء الحياة، وجعلوا حياتهم أشد...

يظهر لكل مُطالِع يَقِظ لصفحة هذا الكون الفسيح؛ يتأمل في آيات الله فيه: عظمة الله وجلاله، وجبروته وقوته، وعلوه على خلقه، وتدبيره لأمورهم، ففي كل شيء له آية تدل على وحدانيته وقدرته، وعلى قيوميته على خلقه، فهو القاهر فوق عباده، يدبّر أمورهم، ويصرّف أحوالهم، ويرى أحوالهم، ويسمع نجواهم، ويكشف الضر عنهم، ويجري عليهم من أقداره ما يريد،.. ولكن لا يرى هذه الحقائق إلا من تدبَّرها وتفكَّر في سمو معانيها، وصدق الله ربنا إذ يقول: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ)[ق:37]؛ فمن فرَّغ قلبه، ونظر بعينه متأملاً، واستمع بأذن قلبه، انتفع بالآيات واستفاد من المواعظ بخلاف غيره.

 

وقد شاء ربنا -سبحانه- أن يجعل أمهات منافع البشر وأصول النعم التي تحفظ عليهم حياتهم بيده هو وحده -جل شأنه-؛ إذ لو تركها الملك العليم في يد البشر لتسلط كثير منهم على أنفس سائر البشر، وساموهم سوء الحياة، وجعلوا حياتهم أشد بؤسًا وأكثر حرمانًا، ومن أهم هذه النعم: الماء والهواء؛ فقد شاء الملك الوهاب ألا يتسلط بشر على الهواء فيمنعه، وعلى الماء فيمنعه، وإنما يصرف الله نعمه ومننه وخيره بين عباده، بسطًا وقبضًا، منعًا وعطاءً، بناء على حِكَم جليلة، ومقادير إلهية، وسنن ربانية محكمة، لا تتخلف ولا تتأخر.

 

ونزول الغيث بعد انقطاعه نعمة تحتاج إلى شكر، كغيرها من النعم، وفي نزول المطر على العباد دروس وعبر، وآيات كثيرة لمن تدبر فيها وتأملها..، ، وإليك بعض التأملات اليسيرة:

من آيات الله في الغيث والمطر: افتقار الخلائق إلى الماء، وشدة حاجتهم إليه، وأن هذه النعمة العظيمة مما تفرد الرب العظيم بإيجادها، قال تعالى: (أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ)[الواقعة:68-70]، هكذا يتحدى الله عباده، ويريهم فقرهم، ويوقفهم على عجزهم، وأنهم مقهورون تحت سلطانه، لا يسعهم الخروج من ملكه ولا سلطانه.

 

إن البشر كل البشر فقراءُ إلى ربهم، يغيثهم بما فيه حياتهم، ولا يصرف الشر عنهم إلا ربهم، فمن لهم غيره، يكف عنهم ما يؤذيهم ويصرف عنهم ما يتلفهم، وينعم عليهم بالبركات إلا ربهم فلا إله إلا الله، ما أضعف البشر! وما أفقرهم إلى ربهم!

 

وهذا يذكرنا بموقف تربوي فريد قصَّه علينا أَنَسُ بْن مَالِكٍ، يَذْكُرُ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ مِنْ بَابٍ كَانَ وِجَاهَ المِنْبَرِ، وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَائِمًا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَلَكَتِ المَوَاشِي، وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا، قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدَيْهِ، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ اسْقِنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا" قَالَ أَنَسُ: وَلاَ وَاللَّهِ مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ، وَلاَ قَزَعَةً وَلاَ شَيْئًا وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ بَيْتٍ، وَلاَ دَارٍ قَالَ: فَطَلَعَتْ مِنْ وَرَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ، فَلَمَّا تَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ، انْتَشَرَتْ ثُمَّ أَمْطَرَتْ، قَالَ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سِتًّا، ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ ذَلِكَ البَابِ فِي الجُمُعَةِ المُقْبِلَةِ، وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَهُ قَائِمًا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَلَكَتِ الأَمْوَالُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُمْسِكْهَا، قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا، وَلاَ عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالجِبَالِ وَالآجَامِ وَالظِّرَابِ وَالأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ" قَالَ: فَانْقَطَعَتْ، وَخَرَجْنَا نَمْشِي فِي الشَّمْسِ"(رواه البخاري).

 

فسبحان الخلاق العليم! شتان بين صورة الحاجة والافتقار، وصورة الزيادة الشديدة، وهكذا يصرف الله أمور عباده، لعلهم يوحدون ربهم، ويلجأون إليه وحده، ولا يشكرون غيره، ويتوبون إليه.

 

ومن آيات الله في الغيث أنه ينزله على عباده عندما يرى منهم شدة الفقر والحاجة والتذلل إليه، قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ)[الشورى:28]، فبعد قنوطهم ينشر رحمته بهم، وينزل عليهم المطر، وينشر في الأرض بركاته، ويحيي عباده، ويغيث خلقه، ويرزق منه الجميع، فسبحان الوهاب المنان. ومصداق هذا ما صح عَنْ أَبِي رَزِينٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " ضَحِكَ رَبُّنَا مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ وَقُرْبِ غِيَرِهِ"، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَوَ يَضْحَكُ الرَّبُّ؟ , قَالَ: " نَعَمْ " , قُلْتُ: لَنْ نَعْدِمَ مِنْ رَبٍّ يَضْحَكُ خَيْرًا. (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني).

 

ومن آياته -سبحانه- في الغيث: أن يرسل الرياح مبشرات بقرب نزوله، قال تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)[الروم:46]، فالرحمة لها بشريات، رياح طيبة، يسوقها الله سبحانه لتبشر عباده بقرب سقياه لهم، وعظم عطائه إياهم، وجميل ستره ومننه عليهم.

 

ومن آيات الله في المطر والغيث أيضًا: أن نزول المطر آية تدل على قدرة الله -سبحانه- على إحياء الموتى، وبعث العباد بعد موتهم، وتدل على الحشر (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[فصلت:39]، فالذي يحيي جماد الأرض ويجعله يهتز خضرةً، يأكل منه الإنسان والحيوان والطيور، قادرٌ بلا ريب على إحياء الموتى وبعثهم بعد موتهم، وهو على كل شيء قدير.

 

وتأمل في هذا السياق البديع من كلام ربنا الجليل -تباركت أسماؤه وجلت صفاته-: (اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ * فَانْظُرْ إِلَى آَثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ * فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ)[الروم:48-52].. سبحان من هذا كلامه، ينقل عباده بين فضله وعدله، يمتعهم بالنعمة ما أطاعوه، فإذا ما بدلوا وغيروا فقد مضت سنة الأولين.

 

قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ -رَحِمَهُ اللهُ- في تعليقه على هذه الآيات وغيرها: "فَإِذَا تَأَمَّلْتَ السَّحَابَ الْكَثِيفَ الْمُظْلِمَ كَيْفَ تَرَاهُ يَجْتَمِعُ فِي جَوٍّ صَافٍ لا كُدُورَةَ فِيهِ، وَكَيْفَ يَخْلُقُهُ اللهُ مَتَى شَاءَ وَإِذَا شَاءَ، وَهُوَ مَعَ لِينِهِ وَرَخَاوَتِهِ حَامِلٌ لِلْمَاءِ الثَّقِيلِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِلَى أَنْ يَأْذَنَ لَهُ رَبُّهُ وَخَالِقُهُ فِي إِرْسَالِ مَا مَعَهُ مِنَ الْمَاءِ، فَيُرْسِلَهُ وَيُنْزِلَهُ مِنْهُ مُقَطَّعَاً بِالْقَطَرَاتِ،كُلُّ قَطْرَةٍ بِقَدَرٍ مَخْصُوصٍ اقْتَضَتْهُ حِكْمَتُهُ وَرَحْمَتُهُ.

 

فَيَرُشُّ السَّحَابُ الْمَاءَ عَلَى الأَرْضَ رَشَّاً، وَيُرْسِلهُ قَطَرَاتٍ مُفَصَّلَةٍ لا تَخْتَلِطُ قَطْرَةٌ مِنْهَا بِأُخْرَى، وَلا يَتَقَدَّمُ مُتَأَخِّرُهَا، وَلا يَتَأَخَّرُ مُتَقَدِّمُهَا، وَلا تُدْرِكُ الْقَطْرَةُ صَاحِبَتَهَا فَتَمْزَجُ بِهَا، بَلْ تَنْزِلُ كُلُّ وَاحِدَةٍ فِي الطَّرِيقِ الذِي رُسِمَ لَهَا لا تَعْدِلُ عَنْهُ حَتَّى تُصِيبَ الأَرْضَ قَطْرَةً قَطْرَةً، قَدْ عُيِّنَتْ كُلُّ قَطْرَةٍ مِنْهَا لَجُزْءِ مِنَ الأَرْضَ لا تَتَعَدَّاهُ إِلَى غَيْرِهِ.

 

فَلَوِ اجْتَمَعَ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ عَلَى أَنْ يَخْلُقُوا مِنْهَا قَطْرَةً وَاحِدَةً، أَوْ يُحْصُوا عَدَدَ الْقَطْرِ فِي لَحْظَةٍ وَاحِدَةٍ لَعَجَزُوا عَنْهُ، فَتَأَمَّلْ كَيْفَ يَسُوقُهُ سُبْحَانَهُ رِزْقَاً لِلْعِبَادِ وَالدَّوَابِ وَالطَّيْرِ وَالذَّرِّ وَالنَّمْلِ؟ يُسُوقُهُ رِزْقَاً لِلْحَيَوانِ الْفُلانِيّ فِي الأَرْضِ الْفُلانِيَّةِ، بِجَانِبِ الْجَبَلِ الْفُلانِيِّ، فَيَصِلُ إِلَيْهِ عَلَى شِدِّةٍ مِنَ الْحَاجَةِ وَالْعَطَشِ فِي وَقْتِ كَذَا وَكَذَا"(مفتاح دار السعادة:1-202).

 

لذلك علمنا نبينا -صلى الله عليه وسلم- أن ننسب الفضل كله لله، وأن نقول عند نزول المطر والغيث: "مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ"؛ فَعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّهُ قَالَ: صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنْ اللَّيْلَةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: "هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟" قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ! قَالَ: "قَالَ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ"(رواه البخاري).

 

ألا ما أحوجنا لهذا الحديث! فكثير من الناس أصبح يعلق نزول المطر على الظواهر الجوية، ويتشبث بأقوال أهل الأرصاد، وينسى أن إنشاء السحاب كان بقدرة الله -تعالى-، وأن نزول المطر منه لا يحدث إلا بمشيئته سبحانه.

 

إن الماء في الحقيقة جندي من جند الله -تعالى-! فإما أن يكون رحمة وطلاً، وإما عذابًا وبيلاً! وتأمل في هذه النماذج:

استمع الله -تعالى- إلى استغاثة نوحٍ -عليه السلام- حين دعا ربه: (فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ * وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ * تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ * وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آَيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ)[القمر:11-16]، فجعل الله طوفان الماء عذابًا على قوم نوحٍ -عليه السلام-؛ فما أهون الخلق على الله إذا عصوا أمره!

 

ولما خرج رسول الله بأصحابه إلى معركة بدرٍ، استغاث المؤمنون ربهم فاستجاب لهم! بأن أنزل عليهم مطرا طهرهم به من الحدث والخبث، وطهَّر قلوبهم من وساوس الشيطان ورجزه، وأكثر الله المطر في جهة الكافرين ليكون لهم مدحضة ومهلكة؛ فالله يصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء!

 

وفي المقابل، من المطر ما يكون عقابًا على العصاة، ونكالاً بالكافرين، وعذابًا على المخالفين في الدنيا، قال تعالى: (فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ)[الأحقاف:24-25]، وكان يتمثل هذا الموقف ويحذره ويخشى أن يتكرر معه صاحب القلب المخبت المنيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فكان إذا رأى الغيوم والسحب، خشي ولم يأمن، وتحرك ودخل وخرج مضطربًا، حتى ينزل المطر بإذن ربه؛ فقد كان نبيُّنا كما قالت أُمُّنا عَائِشَةُ -رضي اللهُ عنها- إِذَا رَأَى غَيْمًا أَوْ رِيحًا عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ. فَقَالَتْ لهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَى النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الْغَيْمَ فَرِحُوا. رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْمَطَرُ وَأَرَاكَ إِذَا رَأَيْتَهُ عَرَفْتُ فِي وَجْهِكَ الْكَرَاهِيَةَ فَقَالَ :"يَا عَائِشَةُ مَا يُؤَمِّنُنِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ عَذَابٌ قَدْ عُذِّبَ قَوْمٌ بِالرِّيحِ وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ الْعَذَابَ فَقَالُوا: هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا"(رواه مسلم).

 

 

ومن أجل تذكير المسلمين بشيء من آيات الله في الغيث، وحثهم على التفكر فيما يحدث حولهم من أمطار، وضعنا بين يديك أخي الخطيب الكريم مجموعة خطب منتقاة توضّح فضل الله على البشر بنزول المطر ووجوب شكر نعمة الماء، ونسأل الله أن يرزقنا وإياكم الإخلاص في الأقوال والأعمال، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

 

الخطبة الأولى:
الخطبة الثانية:
الخطبة الثالثة:
الخطبة الرابعة:
الخطبة الخامسة:
الخطبة السادسة:
الخطبة السابعة:
الخطبة الثامنة:
الخطبة التاسعة:
الخطبة العاشرة:
الخطبة الحادية عشر:
الخطبة الثانية عشر:
العنوان
الرعد والبرق والغيث 2008/12/22 16556 2427 117
الرعد والبرق والغيث

الواجب على المسلم أن يفرق إذا أبصر تغير الأحوال الجوية خشية العذاب، فإذا بان له أنه رحمة بما أنزل الله عزوجل من الغيث فليفرح بالرحمة وليشكر المنعم على النعمة،وليلحظ حين نزول الغيث ، وسماع الرعد ، ورؤية البرق قدرة الخالق سبحانه وعظمته وقوته وكثرة جنده وعظيم صنعه وحسن تدبيره لمخلوقاته كما كان سلف هذه الأمة يفعلون

المرفقات

والبرق والغيث

الرعد والبرق والغيث -مشكولة.doc

التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life