المسابقة في الخيرات - خطب مختارة

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات:

اقتباس

واللَّبِيبُ العاقلُ يُسارِعُ ويُبادرُ قَبْلَ العوائِقِ والعَوَارِض، فَنَافِسْ مَا دُمْتَ في فُسْحَةٍ ونَفَسْ، فالصِّحْةُ يَفْجَؤُهَا السَّقَم، والقوةُ يَعْتَرِيهَا الوَهَن، والشبابُ يَعْقِبُهُ الهَرَم.

بحلول مواسم الطاعات في كل عام، ومع فشوّ حالة الذهول والغفلة عن الأيام والشهور والعِبَرِ فيهما، يلوح للإنسان أن يذكر نفسه بين الحين والآخر بميادين التنافس على الطاعات، وحلبات مصارعة شياطين الهوى، التي تنتصر عليه بين الحين والآخر، فيسدد لها ضربات قاضية -خاصة في تلك الأيام-، لعله يسلم منها في وقت يتنافس فيه المتنافسون.   والتسابقُ إلى الخيرات، والتنافسُ في الصالحات، مَطْلَبٌ شرعي، وأَمْرٌ إِلهي، قَالَ تعالى: (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)[الحديد:21]، وقال سبحانه: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ)[البقرة: 148]. قال السَّعْدِي: "فَمَنْ سَبَقَ في الدُّنْيا إلى الخيرات فَهُوُ السابقُ في الآخرةِ إلى الجنات، فالسابقون أعلى الْخَلْقِ دَرَجَة".   والمسارعةُ والمسابقةُ في الخيرِ صفةٌ من صفاتِ المؤمنين الموحدين، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ)[المؤمنون: 57-61].   وفي الجنةِ تَتَفَاضَلُ الدرجات بَحَسَبِ السَّبْقِ والمسارعةِ: (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) [الواقعة: 10-12].  

 

وفي الصحيحين عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ –رضي الله عنه- عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَتَرَاءَوْنَ أَهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ كَمَا يَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الْغَابِرَ فِي الْأُفُقِ مِنْ الْمَشْرِقِ أَوْ الْمَغْرِبِ؛ لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ" قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، تِلْكَ مَنَازِلُ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ؟ قَالَ: "بَلَى، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، رِجَالٌ آمَنُوا بِالله وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ".   والتنافسُ في أعمالِ الخيرِ وصيةٌ نَبَوِيَّة، وسُنَّةٌ مُحمدية ففي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- أَنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ أَتَوْا رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- فَقَالُوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَى وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ، فَقَالَ: "وَمَا ذَاكَ؟" قَالُوا: يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُونَ وَلَا نَتَصَدَّقُ، وَيُعْتِقُونَ وَلَا نُعْتِقُ، فَقَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "أَفَلَا أُعَلِّمُكُمْ شَيْئًا تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَتَسْبِقُونَ بِهِ مَنْ بَعْدَكُمْ، وَلَا يَكُونُ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْكُمْ إِلَّا مَنْ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُمْ" قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ الله، قَالَ: " تُسَبِّحُونَ وَتُكَبِّرُونَ وَتَحْمَدُونَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ مَرَّةً".  

 

وتَأَمَّلْ قَولَ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- حَاثَّاً على المُبادَرَةِ، والمُسَارَعة كما في الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-: "لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ -أي التبكير- لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا".   وقد سَادَتْ رُوحُ المنافسةِ في الخيراتِ بينَ أصحابِ محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وكانَ أبو بكرٍ سَبَّاقاً أَبَدَا، أَخْرَجَ أبو داودَ في سننه، والترمذيُّ في جامعه عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قال: أَمَرَنَا رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يَوْمًا أَنْ نَتَصَدَّقَ، فَوَافَقَ ذَلِكَ مَالًا عِنْدِي، فَقُلْتُ: الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا، فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي، فَقَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟" قُلْتُ: مِثْلَهُ، قَالَ: وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟" قَالَ: أَبْقَيْتُ لَهُمْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قُلْتُ: لَا أَسْبِقُهُ إِلَى شَيْءٍ أَبَدًا.   واللَّبِيبُ العاقلُ يُسارِعُ ويُبادرُ قَبْلَ العوائِقِ والعَوَارِض، فَنَافِسْ مَا دُمْتَ في فُسْحَةٍ ونَفَسْ، فالصِّحْةُ يَفْجَؤُهَا السَّقَم، والقوةُ يَعْتَرِيهَا الوَهَن، والشبابُ يَعْقِبُهُ الهَرَم.  

 

وفي مختاراتنا لهذا الأسبوع انتقينا لخطبائنا الكرام مجموعة من الخطب المنتقاة حول المسابقة في الخيرات، نتتبع فيها أهم الأسباب الدافعة للمسلم للتسابق في أمور الخير، وأهم المعوقات والمثبطات عن ذلك، ضاربين أمثلة من تنافس الصحابة الكرام والتابعين والصالحين من بعدهم، لعل ذلك يكون مؤنسًا لنا ودافعًا لمثل صنيعهم.

 

العنوان

المسارعة في الخيرات

2023/03/06 1693 378 0

ومِنْ شَأْنِ المُؤْمِنِ ألاَّ يَتَباطَأَ عَنْ مَواطِنِ الخَيْرِ؛... فالمُسارَعَةُ في الخَيْراتِ نَاشِئَةٌ عن فَرْطِ الرَّغْبَةِ فيها, والحُبِّ لها, والسَّبْقِ إليها؛ لأنَّ مَنْ رَغِبَ في أَمْرٍ بَادَرَ إلى القِيامِ به.

المرفقات

المسارعة في الخيرات.doc

المسارعة في الخيرات.pdf


العنوان

شهر رمضان والتنافس في الخيرات

2015/06/21 11842 451 30

لقد أظلَّ أمةَ الإسلام هذا الشهرُ المُبارَك، وهي تُعالِجُ من اللأواء والخُطوب والشحناء، والعداوَة والبغضاء، ما فرَّقَت به مُجتمِعَها، وباعَدَت قريبَها؛ فخُوِّن أمينُها، واؤتُمِنَ خائنُها، وصُدِّق كاذِبُها، وكُذِّب صادِقُها.. إنه إن لم يكُن شهرُ رمضان المُبارَك نُقطةً فاصِلةً للأمة، بين ماضٍ جريحٍ، وحاضرٍ كيِّسٍ قويٍّ فطِنٍ. فما هو إلا الجُوعُ والعطش، ولاتَ ساعة اغتِنام! إنه شهرُ تنقية النفس من عوالِق الحياة وزُخرفها، يُذكِّر بالجُوع والعطَش، ويُلجِمُ المرءَ عن التَّرَف والعبِّ من الشهوات كما الهِيم. إنه شهرُ المُحاسَبة والجِدِّ مع الذات، إنه شهرُ ذمِّ النفس عن كل حظٍّ بغيض وخُلُقٍ دنِيء.

المرفقات

رمضان والتنافس في الخيرات


العنوان

المسابقة إلى فعل الخيرات

2017/05/20 13337 447 31

المُسابقةُ إلى الخيرات خُلُقٌ عظيمٌ، ومسلَكٌ كريمٌ لا يتَّصِفُ به إلا الجادُّون المُشمِّرون، والمُسارعةُ إلى أعمالِ البِرِّ طبعٌ لا يتخلَّقُ به ولا يُهدَى إليه إلا مَن وهَبَه الله علُوَّ همَّة، وقُوَّةَ عزيمَة، مع سلامةِ قلبٍ، ورَجاحَةِ عقلٍ، وانشِراحِ صَدرٍ.

المرفقات

إلى فعل الخيرات


العنوان

المسارعة إلى الخيرات

2021/03/15 2173 329 5

إذا حضَرَتْ لك فرصة الطاعة فبادر إليها؛ فإن العزائم سريعة الانتقاض قلما تثبت، والله -سبحانه- يعاقب من فُتح له بابا من الخير فلم ينتهزه؛ بأن يحول بين قلبه وإرادته...

المرفقات

المسارعة إلى الخيرات.doc


العنوان

التنافس في الخيرات

2017/09/17 27498 163 68

لم يكن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسارعون إلى الطاعات، ويتسابقون إلى القربات، لينالوا رُتَبًا عسكرية، أو يُمْنَحُوا ترقيات وظيفية.. ذلك الجيل كان يعيش حالة سباق في الإنفاق، في الجهاد، في الدعوة، في طلب العلم، في الإحسان إلى الناس، في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في الصيام، في قيام الليل، في جميع أبواب الخير.. أما نحن فما قَعَدَ بنا في هذه الأزمان إلا أنا تصوّرنا أن هذه الأبواب من الخير أحمال ثقيلة يوّد كل منا لو أن غيره كفاه، أو أن غيره أراحه مئونة حمله.

المرفقات

العنوان

المسارعة إلى الخيرات

2018/07/31 3226 328 5

وأجلى الصور المعبرة عن ذلك هي المسارعة إلى الخيرات والطاعات، ومتى ما جانب العبد مدارَ الصواب، ووقع في الخطأِ أو الذنب فوجب عليه الرجوع سريعاً إلى مواطن الأمان والمسارعة بلا إبطاءٍ؛ استنقاذاً لنفسه وإعلاءً لدينه في وجه المغريات الدنيوية...

المرفقات

المسارعة إلى الخيرات


العنوان

المسارعة في الخيرات

2020/11/19 2878 231 14

أيها المؤمنون: في القرآن الكريم آياتٌ عديدة تشتمل على الحث على المسارعة إلى الخيرات، والمسابقة إلى الطاعات، والتنافس في العبادات، وعدم تفويت فرصة العمر الثمينة، وأوقات الحياة العظيمة، وأن الواجب على المسلم أن يكون سبَّاقًا مسارِعًا منافسًا، لا أن يكون متقاعسًا متباطئًا متكاسلا. وعمر الإنسان وصحته وعافيته فرصة ثمينة ليكون من المسابقين المسارعين، ومن الخسران العظيم تفويت فرصة العمر من أن تُستغل في...

المرفقات

المسارعة في الخيرات


العنوان

المسارعة في الخيرات واستغلال مواسم الطاعات

2023/03/22 1983 252 2

وَمِنْ عَلاَمَاتِ تَوْفِيقِ اللهِ لِلْعَبْدِ: تَوْفِيقُهُ لَهُ بِاسْتِغْلاَلِ مَوَاسِمِ الطَّاعَاتِ، الَّتِي هِيَ أَيَّامُ رَحْمَةٍ وَشُهُورُ خَيْرٍ وَبَرَكَةٍ، وَمُنَاسَبَاتٌ عَظِيمَةٌ؛ يَفْتَحُ اللهُ لِعِبَادِهِ فِيهَا سُبُلَ الطَّاعَةِ، وَيُيَسِّرُ عَلَيْهِمْ فِيهَا عَمَلَ الصَّالِحَاتِ، وَمِنْ ذِلِكَ: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي نَسْتَقْبِلُهُ...

المرفقات

المسارعة في الخيرات واستغلال مواسم الطاعات.doc

المسارعة في الخيرات واستغلال مواسم الطاعات.pdf


إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات
عضو نشط
زائر
30-03-2023

جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم