اقتباس
يعود أبناؤنا الطلاب إلى مقاعد الدراسة، مع إشراقة عام دراسي جديد، ترجو الأمة منهم خيرًا كثيرًا، وتأمل منهم أن يكونوا على قدر المسئولية، وأن يكونوا في المستقبل ذُخرًا لأمتهم وعُدّة لبلادهم، وقبل كل ذلك..
عودًا على بدء، يعود أبناؤنا الطلاب إلى مقاعد الدراسة، مع إشراقة عام دراسي جديد، ترجو الأمة منهم خيرًا كثيرًا، وتأمل منهم أن يكونوا على قدر المسئولية، وأن يكونوا في المستقبل ذُخرًا لأمتهم وعُدّة لبلادهم، وقبل كل ذلك ينفعون أنفسهم وأهليهم.
وإن طلب العلم النافع في شتى المجالات الدينية والدنيوية لهو من الأعمال المحبوبة عند الله -تبارك وتعالى-، فمن خرج في طلب العلم بنية خالصة لله -سبحانه-؛ ليرفع الجهل عن نفسه، ويساهم في نهضة أمته، وعزتها وتقدمها، فهو على سبيل صالح وعمل نافع يُؤجَر عليه بإذن الله -تعالى-.
كما أن طلب العلم وتحصيله يؤهل الطالب تربويًّا ويبنيه علميًّا، والعلم النافع يخلق أجيالاً صالحة مؤهلة لقيادة الأمة، وتحمل المسئولية، ويعمل على مواجهة الجهل الذي يفتك بالبشر، ويجرهم إلى الويلات والضلالات متى ما استسلموا له.
والعلم النافع مفتاح من مفاتيح التقدم الاقتصادي والرخاء المادي، ولا غرو، فالعلم يفتح أمام الإنسان غزو الفضاء، واكتشاف طبقات الأرض، ومعالجة الأدواء، ومقاومة الآفات، وفوق ذلك كله يعلّم الإنسان خشية الله والخوف منه، وكفى بهذا دلالة على فضله.
لا بد للأمة المسلمة أن تضع التعليم في أعلى سُلم أولوياتها؛ صيانةً للنشء، وغرسًا للقيم النبيلة، وتعميقًا لروح الانتماء لتاريخ هذه الأمة العريق... ولنكن على يقين أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، وأن من جدّ وجد، ومن زرع حصد، وأن غرسنا اليوم سنجنيه غدًا، إما نفعًا وخيرًا وازدهارًا واستقرارًا، وإما شؤمًا وخسارًا.. إن الدول الغربية والحضارات الحديثة اهتمت بالتعليم وجعلته قضية أمن قومي، فأثمر ذلك حصادًا وفيرًا، ونهضة صناعية ضخمة، وازدهارًا في التجارة والصناعة، ورفاهية مادية، وبناء حضارة ذات مرود كبير على من يعيشون تحت ظلالها من أهلها ومن غيرهم.
إنهم لما سبقونا في التعليم والاهتمام به، ابتكروا وسموا المخترعات الحديثة بأسمائهم، وصنعوا ووضعوا أسماءهم على المنتجات، وصارت لهم الريادة والتقدم، وأصبحت الأمم الأخرى عيالاً عليهم... فهل وعينا خطورة التعليم وسوء آثار إهماله؟! وإذا حاولنا تحليل عناصر العملية التعليمية نجد أن أعمدتها سبعة عناصر: (طالب - معلم - إدارة مدرسية - مناهج - أولياء أمور - أبنية مرافق تعليمية - إشراف الدولة وأجهزتها المختلفة ..) وهناك أشياء ثانوية أخرى لها تأثيرها على العملية التعليمية.
وبناء على هذا، فلكل عنصر من هذه العناصر دوره المهم في إنجاح العملية التعليمية لتؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، وهي مسئولية متكاملة وحلقات يشد بعضها بعضًا، فإذا قصر أي عنصر من هذه العناصر في دوره وفرّط، كانت عاقبة ذلك سيئة.
إن الطالب المسلم بدًلا من أن يتعلم من مبادئ دينه الصدق، ومراقبة الله -تعالى-، والحرص على الاجتهاد.. نراه يعتمد على الغش للأسف الشديد.. مما أنتج أجيالاً مشوهة، خالية الدسم والطعم واللون والرائحة، أشبه بمسخ؛ فلا دينه وقى، ولا لدنياه اكتسب!! إن المعلم عليه دور كبير في التنشئة والغرس والتعليم، ومتى جعل المعلم وظيفته رسالة سامية، يرجو من وراءها الأجر من الله -تبارك وتعالى-، بارك الله له في رزقه ونفع به، ومتى رأى عمله سبيلاً للاسترزاق، فقد فاته أجر كبير، إذ لا مانع من الجمع بين الاحتساب والاكتساب، وإنما الأعمال بالنيات.
وفي المقابل فإن على أولياء الأمور أن يحسنوا توجيه أبناءهم ويغرسوا فيهم النيات الحسنة لطلب العلم، ويوجهونهم لحسن التعامل مع المعلمين والإدارة التعليمية، ويحثونه على الحفاظ على المباني والمنشآت، وقبل ذلك كله على حثهم على جعل طلب العلم بابًا للحصول على رضا الله -تبارك وتعالى-. من أجل توضيح أهمية العلم والتعليم في حياة الأمة، ودور كل مشارك في هذه العملية في إنجاحها لتؤتي ثمارها، وضعنا بين يديك أخي الخطيب الكريم مجموعة خطب منتقاة في بدء عام دراسي جديد، نسأل الله أن يرزقنا وإياكم الإخلاص في الأقوال والأعمال، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم