مواجهة الشبهات - خطب مختارة

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2024-02-05 - 1445/07/24
التصنيفات:

اقتباس

ولنا ها هنا حديثان وخطابان ومنهجان؛ فالأول حديث للدعاة والخطباء والعلماء عنوانه: "كيف نواجه الشبهات"، والثاني حديث لعامة الناس وسوادهم وعنوانه: "كيف نتقي الشبهات"... ونعني ونقصد من هذا: أن العلماء والدعاة والخطباء يواجهون...

"المفكر الكبير" و"الخبير اللوذعي" و"صاحب التفكير التباعدي" و"مجدد القرن" و"مجدد الخطاب الديني" و"الثائر على الخرافات التي أُلصقت بالدين"... هذه الألقاب وأشباهها تُطلَق اليوم -زورًا وبهتانًا- على من يهاجمون الدين ويثيرون الشبهات حول ثوابته وأصوله.

 

ولقد عانينا كثيرًا من إصرارهم على تحويل "الثابت إلى متغير"؛ بتحويل النص ذا الدلالة القطعية إلى ما يحتمل الاجتهاد والأخذ والرد... عانت الأمة كثيرًا من خبال من ينكرون السنة مستخدمين في ذلك سلاح الشبهات التي يثيرونها حول الصحابة والتابعين وباقي الرواة... وعانت من "الحداثيين" الذين يريدون التفلت من حدود الدين مستخدمين في ذلك سلاح الشبهات حول صلاحية دين الإسلام لعصرنا الحاضر!.... وعانت من أصحاب الأهواء والأغراض الذين يسوون المرأة بالرجل في الميراث والشهادة والسفور ونزع الحجاب مستخدمين -أيضًا- سلاح الشبهات!

 

سلاح الشبهات الذي ليس للمبطلين سلاح سواه، ولا حجة عداه، ولا برهان ما خلاه! فهو سيف في يد كل مبتدع، ونصل في يد كل مشكك، وسهم في قوس كل مضلل، ورمح يرفعه ذراع كل صاحب هوى، فهو أخس سلاح في أحقر يد وأضل قلب.

 

ويؤسفنا أن ممن يستخدمون هذا السلاح الخبيث في عصرنا: بعض مفتوني القلوب ممن قد أتاهم الله علمًا وقرآنًا لكنهم انسلخوا منه! ولقد أشار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى ذلك حين قال: "إن أخوف ما أخاف على هذه الأمة كل منافق عليم اللسان"(رواه أحمد، وصححه الألباني)، وعن حذيفة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن ما أتخوف عليكم رجل قرأ القرآن حتى إذا رئيت بهجته عليه، وكان ردئًا للإسلام، غيَّره إلى ما شاء الله، فانسلخ منه ونبذه وراء ظهره، وسعى على جاره بالسيف، ورماه بالشرك.."(رواه ابن حبان، وصححه الألباني).   

 

***

 

ولنا ها هنا حديثان وخطابان ومنهجان؛ فالأول حديث للدعاة والخطباء والعلماء عنوانه: "كيف نواجه الشبهات"، والثاني حديث لعامة الناس وسوادهم وعنوانه: "كيف نتقي الشبهات"... ونعني ونقصد من هذا: أن العلماء والدعاة والخطباء يواجهون ويتصدون ويفندون الشبهات، وأن العامة يتقونها ويتجنبونها ويبتعدون عنها، وكلٌ له قدر معلوم.

 

فأما كلامنا لمن أوتي علمًا وبصيرة ولسانًا وخطابًا، فأن الله -تعالى- قد شرَّفكم بالعلم والنور والهداية، لا لتختصوا به أنفسكم وحسب، بل لتنفعوا به المسلمين وتدافعوا به عن حياض الدين وتكفوا به المجرمين والمشككين والجاهلين.

 

وأول المواجهة للشبهات: أن نحصِّن القلوب والعقول بتعليمها الصحيح من العقيدة والشريعة والأصول والمبادئ الإسلامية... وثانيها: أن نقابل الحجة بالحجة ونضع البرهان في مقابل البرهان، ونفند كل شبهة بتروٍ وحكمة ووضوح وجلاء، ونظهر زيف الباطل وروعة الحق... وثالثها: أن نعلِّم الناس ضرورة البعد عن الشبهات وقائليها، وتلك هي كلمتنا الثانية.

 

***

 

وأما كلامنا وخطابنا الثاني الذي نود من خطبائنا لو نقلوه للعالمين فأن يجتنبوا الشبهات ويبتعدوا عنها ويفروا منها، تمامًا كما يفر الرجل من جرب أو وباء أو آفة أو عدو متربص أو ذئب ضار متوحش...

 

وليس هذا الكلام من عندي؛ بل هو من القرآن الكريم ثم من عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأما القرآن الكريم فقد أمرنا بالبعد عن كل مجلس تثار فيه الشبهات، وإلا كان القاعد معهم دون أن ينهاهم مشاركًا لهم في عبثهم وظلمهم بل هو مثلهم: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ)[النساء: 140]، اللهم إلا أن ينسى فيقعد ناسيًا، فإن ذكر فلينطلق موليًا فارًا بدينه وقلبه: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)[الأنعام: 68].

 

وأما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيقول: "من سمع بالدجال فلينأ عنه، فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه، مما يبعث به من الشبهات"(رواه أبو داود، وصححه الألباني)، وقياسًا كذلك على قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها.."(متفق عليه)؛ فمن سمع -عباد الله- بمجلس أو بقناة تليفزيونية أو بموقع على الشبكة العنكبوتية تثار فيه الشبهات فليبتعد عنه ولا يقربه وليجتنبه وليحذِّر الناس منه.

 

ولكن ما هو السبب في كل هذا الحظر والحذر من الاستماع للمشككين ومثيري الشبهات حول الدين؟ يجيبنا مصعب بن سعد -رضي الله عنهما- فيقول: "لا تجالس مفتونًا؛ فإنه لن يخطئك منه إحدى خصلتين: إما أن يفتنك فتتابعه، أو يؤذيك قبل أن تفارقه"(البيهقي في الشعب)، ويؤكد التابعي الجليل أبو قلابة فيقول: "لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم، فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم، أو يلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون"(سنن الدارمي)، ويختصر الحسن البصري الأمر قائلًا: "لا تجالس صاحب بدعة؛ فإنه يمرض قلبك"(البدع لابن وضاح).

 

***

 

وبقي سؤال له ارتباط وثيق بموضوعنا، سؤال يقول: فما هي علامة مثيري الشبهات من مبتدعين ومشككين وخبثاء ماكرين؟ نقول: الإجابة في هذا الحديث الذي روته أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قائلة: تلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذه الآية: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ)[آل عمران: 7]، قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم"(متفق عليه).

 

وكعادتنا قد جمعنا بعض الخطب القيمة لتزيد الأمر وضوحًا وجلاءً، فنفعني الله وإياكم بها.

العنوان

العنوان

في البعد عن الشبهات براءة في الدين والعرض

2015/08/22 9596 370 9

لقد انتشر الحرام بين الأنام، رغم وضوحِه وبيانه، فمن وقع في الحرام، فهو يقع فيه على معرفةٍ وبيِّنة، فمَن مِنَّا مَن لا يعرفُ أنَّ الإِشْرَاكَ بِاللَّهِ، وَعُقُوقَ الوَالِدَيْنِ، وَقَتْلَ النَّفْسِ، وَشَهَادَةَ الزُّورِ من الكبائر؟ ومَن لا يعرف أنّ أَكْلَ الرِّبَا، وَأَكْلَ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّيَ يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفَ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاَتِ، وأَنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ، وعقوقَ الوالدين من الكبائر؟ ومُن يجهل أنَّ...

المرفقات

البعد عن الشبهات براءة في الدين والعرض


العنوان

الثبات في زمن الشبهات والشهوات

2021/02/25 8193 1416 15

اثْبُتُوا كَمَا ثَبَتَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ حِينَ أَوْقَدُوا لَهُمْ نَارًا وَأَلْقَوْهُمْ فِيهَا مَا صَدَّهُمْ ذَلِكَ عَنْ إِيمَانِهِمْ... اثْبُتُوا كَمَا ثَبَتَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حِينَ ضَرَبُوهُ بِالسِّيَاطِ عَلَى ظَهْرِهِ لِيُجِيبَهُمْ إِلَى الْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ، فَثَبَتَ ثَبَاتَ...

المرفقات

الثبات في زمن الشبهات والشهوات.doc

خطبة الثبات منسقة.docx

خطبة الثبات منسقة.pdf


العنوان

الوقاية من فتن الشبهات والشهوات

2019/02/02 9069 330 8

فاحذرُوا منَ الفِتَنِ، وسَلُوا اللهَ الثّبَات، وابذُلوا جميعَ الأسبابِ التي أمركُم اللهُ -جلّ وعلَا- بِها ونبيُّهُ -صلى الله عليه وسلم-؛ ففي ذلكَ النجاةُ في الدنيا والآخرةِ, ورسالتي إلى الشّباب أقولُ لهمْ: أيُّها الشبابُ! أنتمْ عِمَادُ المجتمع وذخرهُ؛ فانتبهوا لما...

المرفقات

الوقاية من فتن الشبهات والشهوات


العنوان

الغزو الفكري (5) إلقاء الشبهات

2014/12/08 237 107 1

ناصر بن محمد الأحمد

إن الجرائم التي تقع في أي مجتمع من المجتمعات لها خمسة أسباب: السبب الأول: عوامل نفسية منحرفة في الفرد نفسه، تدفعه لارتكاب الجرائم. هناك من الناس من هم مصابون نفسياً بكراهية الناس، ولا يروي ضمأ هذا الكره عندهم إلا...

المرفقات

الفكري (5) إلقاء الشبهات


العنوان

خطورة الشبهات

2013/12/25 25369 529 75

أيها الإخوة: إنما من اعتاد التساهل، وتمرن عليه، واجترأ على شبهة ثم شبهة أغلظ منها، وهكذا.. وقع في الحرام لا شك. ويمنع من ذلك الورع، يقول القاسمي: "من العجائب أنا إذا أردنا المال في الدنيا زرعنا وغرسنا وتاجرنا، وركبنا البحار والبراري، وخاطرنا واجتهدنا في طلب أرزاقنا أشد الاجتهاد، ثم إذا طمعت أعيننا نحو الملك الدائم المقيم في جنات لا نصب فيها ولا وصب، طمعنا بأن نقول...

المرفقات

الشبهات


إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات