فصل الشتاء - خطب مختارة

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات:

اقتباس

ومن أحكام الشتاء -أيضا-: جواز تجفيف الأعضاء بعد الوضوء؛ فقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم-، "أنه كان له خرقة يتنشف بها بعد الوضوء.. ويُذكر عن عمر -رضي الله عنه- "أنه كان يتعاهد رعيته إذا حضر الشتاء، ويكتب لهم قائلا: إنّ الشتاء قد حضر، وهو عدو فتأهبوا له أهبته من...

الحمد لله الذي يولج الليل في النهار، ويولج النهار في الليل، والصلاة والسلام على من جعل لكل زمان ما يناسبه من العبادات، ووظف العباد بأعمال تناسب أحوالهم وطاقاتهم، من الأزمنة والأمكنة والقوة والضعف؛ فلم يكلف أمته بما يتنافى مع قدراتها وإمكانياتها، -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً-،

 

أما بعد:   أيها المسلمون: إن لله -تعالى- في دوران الزمان، وتقلب أحواله؛ أسراراً عميقةً وحِكَمَاً بالغةً، مما قد يغيب علينا ويظهر بعضها لأهل العلم من الحِكَمِ والأسرار، ما يلي: أن الله جعلها مهيأة للعباد في كل فصل من فصول العام؛ بما يميزه عن غيره من الفصول فرص من العبادات التي قد لا تتهيأ له في غيره من الفصول، وقد يبتلي في بعضها بأمور وأحكام ليظهر صدق عبوديته، وكمال تسليمه لربه من سوى ذلك، ولنأخذ فصل الشتاء مثالاً؛ فقد أرشد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى بعض ما فيه من الحكم، وقرر ما يتعلق به من أحكام وآداب، وكذلك السلف -رحمهم الله ورضي عنهم- قد ظهر لهم بعض ذلك، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- مبيناً بعض حكم فصل الشتاء من حيث طول ليله، وقصر نهاره: "الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة"، وقال عمر -رضي الله عنه-: "الشتاء غنيمة العابدين"، وكان ابن مسعود -رضي الله عنه- يقول: "مرحباً بالشتاء، تنزل فيه البركة، ويطول فيه الليل للقيام، والنهار للصيام.   ومما يظهر من الحِكَمِ؛ أنه لما كان بردُ الشتاء شديداً وقارساً، له وقع على الأجساد؛ رغب النبي -صلى الله عليه وسلم- في إسباغ الوضوء؛ مما قد يجعل بعض الناس يتساهلون في الإسباغ؛ لذلك ذكَّر النبي الكريم بفضله في حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "وإسباغ الوضوء في السبرات، وانتظار الصلاة، ومن حافظ عليهن عاش بخير، ومات بخير، وكان من ذنوبه كيوم ولدته أمه، قال يا محمد!! قلت: لبيك وسعديك؛ فقال: إذا صليت قل: "اللهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وإذا أردت بعبادك فتنة؛ فاقبضني إليك غير مفتون"، قال: والدرجات: إفشاء السلام، وإطعام الطعام، والصلاة بالليل والناس نيام".   ومن الحكم -كذلك- أنه رخص عند شدة البرد في التيمم؛ بدلاً من الوضوء أو الغسل، وقد  فعل عمرو بن العاص -رضي الله عنه- هذه الرخصة عندما كان في سرية في ليلة باردة في الخلاء؛ فغسل ما يمكن غسله، ثم تيمم للباقي، وأقره النبي -صلى الله عليه وسلم-.  

 

كما أن من الحكم رفع الحرج على الناس، قال تعالى: (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [المائدة: 6]، بل إن من قواعد الإسلام العظيمة؛ أن الأمر إذا ضاق اتسع وأن المشقة تجلب التيسير وأن الله تعالى لا يكلف نفسًا إلا وسعها، كما أكد ذلك قوله -سبحانه- في كتابه العزيز: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) [البقرة: 286].  

 

ومن الحكم كذلك؛ أن الله -تعالى- أوجب لمن حرص على الدقة في امتثال أوامره والقيام بفرائضه؛ عظيم الأجر ومغفرة الوزر، ويدل على ذلك قوله -عليه الصلاة والسلام-: "ألا أدلُّكم على ما يمْحو الله به الخطايا، ويرْفع به الدَّرجات؟ قالوا: بلى يا رسولَ الله، قال: "إسباغ الوضوء على المكاره، وكثْرة الخُطى إلى المساجِد، وانتِظار الصَّلاة بعد الصَّلاة، فذلكم الرِّباط"  (رواه مسلم).  

 

أيها المؤمنون: تلك حِكَمُ الإسلام وأسراره في فصل الشتاء، أما الأحكام المتعلقة به؛ فمنها: وجوب إسباغ الوضوء، وقد حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- من التساهل في ذلك فقال: "ويل للأعقاب من النار، وحث على اسباغ الوضوء لأجل الاهتمام بإيصال الماء إلى جميع الأطراف الواجب غسلها". كما أنه يجب إسالة الماء على الأعضاء في الوضوء؛ كما هو ظاهر في قول الله -تعالى-: (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) [المائدة:6]؛ فينبغي أن نعتني بغسل الأعضاء كما أمر الله ويكفي فيها كما قلنا إسالة الماء على العضو من غير تكلف.  

 

ومن أحكام الشتاء كذلك: جواز التيمم للصلاة من الحدث الأصغر والأكبر لمن عجز عن استخدام الماء، وقد جاء في حديث عمرو بن العاص -رضي الله عنه- أنه قال: "لما بعثه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام ذات السلاسل، قال: احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك؛ فتيممت ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح، قال: فلما قدمنا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-ذ كرت ذلك له فقال: يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟ قال قلت: نعم يا رسول الله إني احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد؛ فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك وذكرت قول الله -عز وجل-: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) [النساء:29]؛ فتيممت ثم صليت؛ فضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يقل شيئا" (صححه الألباني).  

ومن أحكام الشتاء -أيضا-: جواز تجفيف الأعضاء بعد الوضوء؛ فقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم-، "أنه كان له خرقة يتنشف بها بعد الوضوء" (حسنه الألباني في صحيح الجامع).  

 

أيها المسلمون: وكما أن الله تعالى الكريم الرؤوف قد حث على وجوب فعل الطاعات في فصل الشتاء على الوجه الأكمل؛ تفضلاً عليهم بما يحمي أجسادهم ويقيهم تبعات البرد؛ ولعلنا نقف مع بعضها في ختام هذه المقدمة؛ فمن ذلك: ما تفضل به عليهم من البهائم والأنعام التي تذهب عن وطئة الشتاء، قال -سبحانه-: (وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ) [النحل: 5].   وكذلك ما جعل الله لعباده من الألبسة والأمتعة التي تحميهم من ذلك، قال تعالى: (وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ) [النحل: 81].  

 

ويُذكر عن عمر -رضي الله عنه- "أنه كان يتعاهد رعيته إذا حضر الشتاء، ويكتب لهم قائلا: إنّ الشتاء قد حضر، وهو عدو فتأهبوا له أهبته من الصوف والخفاف والجوارب، واتخذوا الصوف شعارًا ودثارًا؛ فإنّ البرد عدو سريعٌ دخوله، بعيدٌ خروجه".  

 

خطيبنا الكريم هذه مقدمة يسيرة وضعناها بين يديك وبرفقتها مجموعة من الخطب المختارة في أحكام الشتاء وما فيه من حكم وأسرار، علك تستفيد منها في مواضيع خطبك لمستمعيك.  

العنوان

وقفات في فصل الشتاء

2023/01/28 1079 391 0

وقد توفر لدينا العديد مما ندفع به عنا أذى البرد وشدته؛ فالملابس الثقيلة الدافئة متوفرة وبأقل الأثمان، وأجهزة التدفئة ميسرة موجودة، مما يجعل أحدنا -بحمد الله- يمر به موسم الشتاء بلا كدر أو مرض، يبيت دافئاً مطمئنا على أهل بيته وعياله، وقد شبعوا من نعمة الله...

المرفقات

وقفات في فصل الشتاء.pdf

وقفات في فصل الشتاء.doc


العنوان

الشتاء آيات وآلاء

2023/01/19 1862 426 6

تَصَرُّم الفصولِ والأعوامِ، علامَةٌ على انقضاءِ الأعمارِ، وتذكيرٌ للمؤمنِ بِقِصَرِ الأجلِ، وتحذيرٌ مِنَ الغفلةِ وطول الأمل، فالصيفُ والشِّتَاءُ، والليلُ والنهارُ، مراحل ومنازل يَنْزِلُهَا الناسُ حتَّى ينتهيَ سفرُهم، والعاقِلُ مَن يُقَدِّمُ في كلِّ مرحلةٍ زادًا ينفعُه....

المرفقات

الشتاء آيات وآلاء.pdf

الشتاء آيات وآلاء.doc


العنوان

الشتاء أوان تعبد واعتبار

2022/01/13 1930 590 5

وما الشتاءُ ببرده, والصيفُ بحرّه, بل وما الزمن بتقلُّبه, بل وما العمر كلّه بما فيه, إلا ميدانَ عملٍ وأوانَ تعبُّد, وخزائن تزوُّد, وكلّ ذلك سيمضي, ويبقى لك ما أودعت من صالح أو سيئ.

المرفقات

الشتاء أوان تعبد واعتبار.doc

الشتاء أوان تعبد واعتبار.pdf


العنوان

الشتاء البارد

2015/03/31 374 118 1

ناصر بن محمد الأحمد

في الشتاء تغور الحرارة في الأجواف، وبطون الأرض والجبال، فتتولد مواد الثمار وغيرها، وتبرد الظواهر ويستكثف فيه الهواء، فيحصل السحاب والمطر والثلج والبرَد الذي به حياة الأرض وأهلها، واشتداد أبدان الحيوان وقوتها، وتزايد القوى الطبيعية، واستخلاف ما حللته حرارة الصيف من الأبدان، وفي الربيع تتحرك الطبائع وتظهر المواد المتولدة في الشتاء، فيظهر النبات، ويتنور...

المرفقات

البارد


العنوان

الشتاء والبرد

2021/02/01 2549 366 6

العِبَادَةُ فِي الشِّتَاءِ غَنِيمَةٌ بَارِدَةٌ، فَالوَسَائِلُ الخَارِجِيَةُ مُهَيَّأَةٌ لَكَ، لَيْلٌ طَوِيلٌ تَنَامُ فِيهِ ثُمَّ تَقُومُ لَتَعْبُدَ اللهَ وَتُصَلِّي، وَنَهَارٌ قَصِيرٌ تَقْصُرُ مَعَهُ مُدَّةُ الصِّيَامِ، وَالتَّعَبُ فِيهِ مَعَ العَمَلِ لَا يُقَارَنُ بِمِثْلِهِ فِي الشِّتَاءِ.

المرفقات

الشتاء والبرد.doc


العنوان

الشتاء والعبادة

2020/02/24 9266 417 7

وتأمَّل نعمة الله على عباده في دخول الشتاء على الصيف، والصيف على الشتاء، كيف يكون بالتدرُّج والمهلة، ولو كان دخول أحدهما على الآخر مفاجئًا لأضرَّ بالأبدان وأهلكها، ولأفسد النباتات وأتلفها، فسبحان الله رب العالمين!

المرفقات

الشتاء والعبادة


العنوان

البذل والعطاء في فصل الشتاء

2020/01/17 8728 572 56

فمن أضرَى نارَه وأوقَدَها وطبَخ بها وخبَز واصطلى، واشتَوَى واستأنَس بها وانتفع فلا يترك في الموقد أو المشعلة أو المجمَر جمرةً ولا نارًا، إلا أخمَدَها وأطفأها، في ليلة كان أو في نهار، خشيةَ الاحتراق أو الاختناق، فالنار عدو غير مزموم بزمام...

المرفقات

البذل والعطاء في فصل الشتاء


العنوان

صدقة الشتاء

2018/11/20 8902 414 37

رأى رَجلٌ في الشَّامِ رؤيا عجيبةً في المنامِ، فجهَّزَ لها متاعَه ودابتَه، ثُمَّ انطلقَ إلى المدينةِ النَّبويةِ، يسيرُ الليلَ والنَّهارَ، ويقطعُ الفَيافيَ والقِفارَ، حتى إذا بَلغَ المدينةَ صارَ يقولُ للنَّاسِ: دُلُّوني على صفوانَ بنِ سُليمٍ، فقِيلَ له: وما حاجتُكَ بصفوانَ بنِ سُليمٍ؟، قالَ: رأيتُه في المنامِ وقد دَخلَ الجَنَّةَ، فقيلَ له: بأيِّ شيءٍ؟، قالَ: بقَميصٍ كَساهُ إنسانًا.. فسُئلَ صَفوانُ -رحمَه اللهُ- عن قِصَّةِ القَميصِ، فقَالَ:

المرفقات

صدقة الشتاء


العنوان

مواعظ الشتاء

2018/01/04 4543 294 23

فتأمَّلوا نعم الله على عباده التي لا تعد ولا تحصى؛ فلقد دخل علينا فصل الشتاء، وهو فصل على الرغم من شدته وقسوته إلا أنه يحوي الكثير من الخيرات، والمنح الربانية، والحديث عن الشتاء حديث ذو شجون؛ فهو بستان الطاعة، وميدان العبادة، وفيه تنزل البركات وتنشر الرحمات...

المرفقات

مواعظ الشتاء


العنوان

الشتاء غنيمة العابدين

2017/01/04 23248 847 66

هكذا كانت حال العارفين من سلف الأمة السابقين، فكانوا يرون في وقت الشتاء من الفرص التي لا يليق بالمؤمن الغفلة عنها، وفي طبيعة ليله ونهاره ما لا يوجد في غيره من فصول السنة، (يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَ?لِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ) [النور:44]. يقول    عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "الشتاء غنيمة العابدين".

المرفقات

غنيمة العابدين


العنوان

عبودية الشتاء

2016/08/04 2307 342 0

إن من علامات صحة القلب أن يكون معتبِراً بما يراه من آيات كونية، أو يسمعه من آيات شرعية.. هكذا هم أصحاب القلوب الحية، يعيشون حياتهم بين تأمل وتدبر، واعتبار وتفكر، ومن ذلك ما يراه المؤمن من عِبرة في "تقلب الفصول وما فيها من المصالح والحِكَم، وكيف سيكون الحال لو كان الزمان كله فصلاً واحداً! وكم سيفوت من مصالح الفصول الباقية؟! إن في زمان الشتاء لمواضع من العِبَر....

المرفقات

الشتاء


المرفقات
إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات