قدسنا لا قدسهم - خطب مختارة

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات:

اقتباس

ماذا ننتظر وقد كشر القوم عن أنيابهم وأعلنوا عداوتهم ومطامعهم في هذه البقعة المباركة؛ أما آن الأوان للانتصار للأقصى وتخليصه من.. والليل مهما طال؛ فلن يستمر والقيد مهما ضاق؛ فلا بد أن ينكسر والجرح مهما أثخن؛ فلا بد أن ينجبر؛ فالأمر الذي لا نستطيع إنجازه اليوم سنحققه...

 يكاد قلب العاشق للقدس الحبيبة أن يتفطر، وهو يرى ما يجري على ترابها الطاهر وما يحاك لها من مؤامرات ومكايدات، يندى لها الجبين ويشيب من هولها البنين، ولا يخفى على كل ذي لب؛ تلك المساعي الصهيونية لتلويث تاريخ القدس العربية وطمس هويتها الإسلامية.  

 

فيا -أمة الإسلام-؛ أنسيتم أنها أولي القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين التي تشد إليها الرحال معهما ولا تشد لغيرها؛ فقال -عليه الصلاة والسلام-: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد؛ المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى".  

 

أو ليست مسرى الرسول -صلى الله عليه وسلم-، قال -جل علاه-: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الإسراء: 1].  

 

فكيف لو تذكرتم -أيها المسلمون-؛ أنها مهبط الأنبياء والرسل، ومنها انطلاق الهداية للبشر لعبادة الله وحده، وهذا نابع من احترام الإسلام والمسلمين للشرائع السماوية السابقة وأنبيائها ورسلها؟ وهل ستتخلون عن معالم الحضارة الإسلامية وقد تركت تلك الحضارة بصمات لا تنسى فيها مازالت ماثلة أمام التاريخ، كالحرم القدسي الشريف والمسجد الأقصى المبارك ومسجد قبة الصخرة والجامع العمري وحائط البراق الذي أوقف النبي -صلى الله عليه وسلم- براقه عنده ليلة الإسراء وفي القدس مقابر تضم في ثراها أعدادا كثيرة من الشهداء وأبطال المسلمين من عهد صلاح الدين الأيوبي ومن قبله ومن بعده وفيها من المدارس الإسلامية التاريخية التي اهتمت بشتى العلوم الإنسانية والفقهية والإسلامية وغيرها من العلوم.  

 

يا أحفاد صلاح الدين: إن أقصاكم في خطر، وإن قدسكم في كدر، وإن قلوب إخوانكم فيها ليملأها الضجر، وهم يشاهدون اليهود في كيد مستمر؛ أما أحزنكم منظره الكئيب ووضعه العصيب، أما تحركت فيكم حنان الأخوة ونخوة العروبة، وأنتم تسمعون مقولة وزير الصهاينة موشي ديان؛ يقول وهو جاثم جوار حائط البراق، "لا فراق بعد اليوم ولا عزلة ولا ابتعاد، سنبقى معاً الشعب والأرض والحائط". 

 

أيها المسلمون: ماذا ننتظر وقد كشر القوم عن أنيابهم وأعلنوا عداوتهم ومطامعهم في هذه البقعة المباركة؛ أما آن الأوان للانتصار للأقصى وتخليصه من اليهود، وإعادته إلى أحضان المسلمين وحمايته والدفاع عنه ليعود عزيزا شامخا، كما كان، أم أننا سنضل في سبات عميق، ونتخلى عن مقدساتنا وهويتنا الإسلامية؛ فإن فعلنا ذلك؛ فللقدس والأقصى رب يحميها ويهيئ لها من ينصرها ويعيد لها مجدها وعزتها؛ فالقدس ليست مدينة، كالمدن ولا عاصمة كالعواصم؛ إنها مركز الإشعاع الذي لا ينطفئ.  

 

والليل مهما طال؛ فلن يستمر والقيد مهما ضاق؛ فلا بد أن ينكسر والجرح مهما أثخن؛ فلا بد أن ينجبر؛ فالأمر الذي لا نستطيع إنجازه اليوم سنحققه غداً إن شاء الله، وذلك مصداقاً لقول الحق -تبارك وتعالى-: (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) [آل عمران: 140]، كما أنه -سبحانه- أوصانا ألاّ نيأس أو نحزن على ما أصابنا: (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [آل عمران:139].  

 

وما علينا إلا أن ننصر الله في أنفسنا وأهلينا وأمتنا، ونبذل أسباب النصر والتمكين وسبل الفتح المبين، وسينصرنا  كما وعدنا -جل في علاه-: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحج: 40]، وقال: (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً) [الإسراء:5]؛ فمن يعرف القدس يحبها ويضحي من أجلها، والتضحية هي مفتاح النصر بالدنيا ومفتاح الظفر بالآخرة، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.  

 

ويقيننا أنه مهما ادلهمت الخطوب وعبست الأيام؛ فلن يدب اليأس إلى قلوبنا، ولن نقول للقدس؛ إلا مهلاً يا أنشودة الحياة وصبراً جميلاً يا أم الأنبياء والشهداء، ولن نقول للقدس وداعاً، بل لقاء مرتقباً ونصراً مؤكداً إن بإذن الله، (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ*بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) [الروم: 4- 5].  

 

فيا أيها الخطيب العزيز وضعنا بين يديك هذه المقدمة يليها خطبا منتقاة؛ عل الله أن ينفعك بها؛ فتذكر الناس بمكانة القدس وأهمية الأقصى، وأننا أحق بهما من اليهود والنصارى لما نملك فيها من تاريخ لحضاراتنا الإسلامية مع الرسل -عليهم الصلاة والسلام- والسلف الأعلام.

الخطبة الأولى:
الخطبة الثانية:
الخطبة الثالثة:
الخطبة الرابعة:
الخطبة الخامسة:
الخطبة السادسة:
الخطبة السابعة:
الخطبة الثامنة:
الخطبة التاسعة:
الخطبة العاشرة:
الخطبة الحادية عشر:
القدس بوصلة المؤمنين الصادقين
العنوان
التعليقات

أين الخطب ؟

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life