حجية السنة النبوية - خطب مختارة

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات:

اقتباس

وإنه لنداء نبعثه من هذا المنبر المبارك: إن هذا الأمر خطير فانتبهوا -أيها الخطباء الفطناء-؛ إنهم يريدون هدم الدين كله، فبدأوا بالسنة، فإن كانت لهم الجولة -معاذ الله- واستطاعوا إقصاء السنة، جاء الدور على القرآن...

 

 

إننا لنقولها في ثقة، ونعلنها في يقين، ونكررها في فخر: إنه ما أحب أحدٌ رجلًا مثلما أحب الصحابةُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلـم-، وما وقَّر وكرَّم أحدٌ رجلًا مثلما وقر وكرم الصحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلـم-...

 

وهذا شاهد: مشرك يدلي بشهادته مؤيدًا بها ما نقول، اسمه عروة بن مسعود يخاطب أهل مكة يوم صلح الحديبية قائلًا: "أي قوم، والله لقد وفدت على الملوك، ووفدت على قيصر، وكسرى، والنجاشي، والله إن رأيت ملكًا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- محمدا، والله إن تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيمًا له" (البخاري).

 

ونقول  كلمة أخرى: وما اهتم أحدٌ بتفاصيل حياة أحد ولا بكلماته وإشاراته ولفتاته وبسماته وتعبيرات وجهه... مثلما فعل ذلك الصحابةُ مع رسول الله -صلى الله عليه وسلـم-؛ فإنهم ما تركوا صغيرة ولا كبيرة من حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلـم- إلا ونقلوها إلينا بدقة متناهية وبحب واحترام شديدين...

 

ولا نبالغ أبدًا -بل لقد قصَّرنا- إن قلنا: إن هذه الدنيا وهذا العالم بعلمائه وخبرائه وكُتَّابه وفقهائه وعباقرته... ما عرفوا حياة لشخص واحد قد نُقِلت بكامل جوانبها وتفاصيلها ودقائقها مثلما نُقِلت إلينا حياة المصطفى المختار -صلى الله عليه وسلـم-.

 

وكل هذا الذي نُقل إلينا عن النبي -صلى الله عليه وسلـم- في مجموعه هو ما اصطلح العلماء على تسميته: بـ"السنة النبوية"، وهي أقوال النبي -صلى الله عليه وسلـم- وأحواله وأفعاله وصفاته وسيره ومغازيه وأخباره، وبلفظ آخر: كل ما أثر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من قول أو فعل أو تقرير، أو صفة خَلْقية أو خُلُقية أو سيرة، وقيل غير ذلك في التعريف بها.

 

وللحب الشديد من المسلمين عبر الأزمان والعصور لنبيهم -صلى الله عليه وسلـم- فقد حاطوا السنة النبوية ونقلها وروايتها ومدارستها بالإجلال والاحترام والاهتمام والإحصاء والتدوين والتدقيق والتمحيص... مما لم تعرف الدنيا له مثيل ولا شبيه، وكيف لا والله -عز وجل- قد تكفل بحفظها مع القرآن حين قال -عز من قائل-: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر: 9].

 

***

 

ونتعجب في زماننا هذا من أناس يهاجمون سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلـم- ويطرحونها ويسقطونها، ويقولون: يكفينا القرآن، ولا حاجة لنا بالسنة! ونقول: كيدكم مكشوف وخبثكم مفضوح وحقدكم ظاهر؛ قد كشفه وفضحه وأظهره صاحب السنة -صلى الله عليه وسلـم- حين قال: "ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه..." (أبو داود).

 

والسؤال: لماذا يهاجمون السنة النبوية؟ والإجابة في جملة واحدة: ليهدموا الدين كله؛ فإن القرآن أحوج إلى السنة منها إليه، وإنه ليصعب بل يمتنع العمل بالقرآن وحده دون شرحه وبيانه وتوضيحه الذي هو سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلـم-، وهم -بخبثهم- يعلمون أنه إن ضاعت السنة ضاع القرآن، لكن أنى يحدث ذلك والله حافظهما.

 

وسؤال يقول: هل هؤلاء الذين يسمون أنفسهم بـ"القرآنيين" يريدون حقًا إعزاز القرآن وتنزيهه كما يدعون؟ والإجابة: بل لا يريدون قرآنا ولا سنة ولا دينًا ولا إسلامًا من الأساس، ولو كانوا يعملون بالقرآن لاتبعوا السنة ولوقروا صاحبها -صلى الله عليه وسلـم-، أليس القرآن يقول: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) [الحشر: 7]، أليس القرآن هو القائل: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) [النساء: 59]، فلو كانوا "قرآنيين" حقًا إذن لتمسكوا بالسنة ومسَّكوا بها الناس.

 

وسؤال ثالث: لماذا إذا هاجموا السنة بدأوا من كتبها بالبخاري، ومن رواتها بأبي هريرة؟ والإجابة على هذا السؤال تكشف خبثهم ودهاءهم وكيدهم المعلن على دين الله؛ فقد بدأوا بمهاجمة "صحيح البخاري"؛ لأنه أصح كتب السنة وأكثرها قدسية ومكانة في قلوب المسلمين؛ فإن استطاعوا أن يضربوه في مقتل وأسقطوه من قلوب المسلمين فهم على غيره أقدر، بل قل: لئن سقط البخاري فقد سقطت كل كتب السنة جميعها؛ فإنك إن التقيت رجالًا أقوياء في حلبة صراع وأردت هزيمتهم فإن عمدت إلى أقواهم فهزمته، فلن تعجز أبدًا عن هزيمة سائرهم!

 

وإنما اختاروا أبا هريرة من الرواة -وهم كثير- لمهاجمته؛ لسبب بسيط يدركه كل من له خبرة -ولو قليلة- بعلوم الحديث، وهو أن أبا هريرة -رضي الله عنـه- هو أكثر من روى الأحاديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلـم-؛ فقد روى وحده ما يزيد على ثلاثة آلاف حديث عن المعصوم -صلى الله عليه وسلـم-؛ فهم لا يطعنون في أبي هريرة نفسه، وإنما يطعنون في صحة ثلاثة آلاف حديث من الأحاديث الثابتات!

 

***

 

وإنه لنداء نبعثه من هذا المنبر المبارك: إن هذا الأمر خطير فانتبهوا -أيها الخطباء الفطناء-؛ إنهم يريدون هدم الدين كله، فبدأوا بالسنة؛ فإن كانت لهم الجولة -معاذ الله- واستطاعوا إقصاء السنة، جاء الدور على القرآن... ومع إيماننا أن هذا لن يكون أبدًا بحول الله، إلا أننا نهيب بكم معاشر الخطباء أن تبينوا للناس الأمر، وتفضحوا هؤلاء الضالين، وتحصنوا المسلمين ضد شبهاتهم حول السنة النبوية المطهرة...

 

وحتى يكون لنا -معكم- نصيب من الأجر -بإذن الله- فإننا نقدم لكم هذه المجموعة من الخطب المختارة بعناية من وسط كم كبير من الخطب؛ لتكون لنا ولكم عونًا على تجلية الأمر والإحاطة بجوانبه، فهاكم هي:

 

الخطبة الأولى:
الخطبة الثانية:
الخطبة الثالثة:
الخطبة الرابعة:
الخطبة الخامسة:
الخطبة السادسة:
الخطبة السابعة:
الخطبة الثامنة:
الخطبة التاسعة:
العنوان
الانتصار للسنة النبوية (1) الاحتجاج بالسنة 2018/11/27 3744 1148 29
الانتصار للسنة النبوية (1) الاحتجاج بالسنة

وَإِذَا صَحَّ الْحَدِيثُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجَبَ الْأَخْذُ بِهِ، وَالتَّسْلِيمُ وَالْإِذْعَانُ وَالِانْقِيَادُ، وَلَا يُرَدُّ بِمَا يَزْعُمُهُ بَعْضُ الْمَفْتُونِينَ عَقْلًا أَوْ ذَوْقًا أَوْ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ الْعُقُولَ وَالْأَذْوَاقَ تَتَفَاوَتُ وَتَخْتَلِفُ، فَلَا تُرَدُّ بِهَا السُّنَنُ...

المرفقات

الانتصار للسنة النبوية (1) الاحتجاج بالسنة

الانتصار للسنة النبوية (1) الاحتجاج بالسنة - مشكولة

المرفقات
بوست021-حجية-السنة-النبوية-خطب-مختارة-01.jpg
بوست021-حجية-السنة-النبوية-خطب-مختارة-02.jpg
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life