بيني وبين إخوتي - خطب مختارة

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات:

اقتباس

وغالبًا ما يكون قلب الأخت على أخيها كقلب الأم على ولدها، فهذه أخت نبي الله موسى -عليه السلام- تخرج في وسط القتل والذبح وتخترق جنود فرعون وهي تمشي خلف أخيها الرضيع: (فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)، ثم تتجاسر وتخاطر بنفسها فتدخل قصر فرعون...

بعد الأب والأم مباشرة يأتي حق الأخ والأخت، فما على وجه هذه الأرض أحد أحق ولا أجدر ببرك ورعايتك وعنايتك -بعد والديك- من أخيك وأختك، فعن طارق المحاربي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "يد المعطي العليا، وابدأ بمن تعول، أمك وأباك وأختك وأخاك، ثم أدناك أدناك"(رواه النسائي في الكبرى).

 

والأخ هو العون والسند والساعد، فهذا موسى -عليه السلام- يطلب من الله -تعالى- معونة أخيه هارون فيقول: (وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي)[طه: 29-32]، وصدق القائل:

وما المرء إلا بإخوانه *** كما تقبض الكف بالمعصم

ولا خير في الكف مقطوعة *** ولا خير في الساعد الأجذم

 

وإن أساء الأخ أو طغى على أخيه، فليس هذا مبررًا لأخيه أن يقطعه، لكن يعفو عنه ويصفح، فهذا نبي الله يوسف -عليه السلام- يسيء إليه اخوته ويفكرون في قتله ثم يعدلون إلى إلقائه في الجب، ولما قدر عليهم قال لهم: (لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)[يوسف: 92].

 

***

 

وغالبًا ما يكون قلب الأخت على أخيها كقلب الأم على ولدها، فهذه أخت نبي الله موسى -عليه السلام- تخرج في وسط القتل والذبح وتخترق جنود فرعون وهي تمشي خلف أخيها الرضيع: (وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)[القصص: 11]، ثم تتجاسر وتخاطر بنفسها فتدخل قصر فرعون مقترحة حل الأزمة: (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ)[القصص: 12].

 

وإن الأخت، وهي الأضعف، لترى في أخيها -بعد ربها ثم أبيها- الركن القوي الشديد الذي تستند عليه وتلجأ إليه من ريب الزمان، فمع أنه لم تكن للنبي -صلى الله عليه وسلم- أخوات من النسب، لكنه كان يحرص على إكرام أخته من الرضاعة؛ فحين أتوه بالشيماء بنت الحارث بن عبد العزى أخته -صلى الله عليه وسلم- من الرضاعة "بسط لها رداءه فأجلسها عليه وخيَّرها قائلًا: "إن أحببت فعندي محببة مكرمة، وإن أحببت أن أمتعك وترجعي إلى قومك فعلتُ"، قالت: بل تمتعني وتردني إلى قومي، فمتعها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وردها إلى قومها(السيرة النبوية، لابن كثير)، فما بالك لو كانت للنبي -صلى الله عليه وسلم- أخت شقيقة؛ ما كان سيصنع معها!

 

وهذه الخنساء كانت تحب أخاها من أبيها صخرًا وتؤمل به الآمال حتى لقد رثته لما قُتل في جاهليتها قائلة:

يذكرني طلوع الشمس صخرًا *** وأذكره بكل غروب شمس

ولولا كثرة الباكين حولي *** على إخوانهم لقتلت نفسي

وما يبكون مثل أخي ولكن *** أعزي النفس عنه بالتأسي

فما كانت لتقول لو كان أخاها من أمها وأبيها!

 

ولقد علَّمنا نبينا -صلى الله عليه وسلم- أن عناية الأخ بأخته ورعايتها يحمي فاعله من نار جهنم -والعياذ بالله-، فعن أم سلمة، أن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: "من أنفق على ابنتين أو أختين أو ذواتي قرابة يحتسب النفقة عليهما حتى يكفيهما الله يغنيهما من فضله كانتا له سترًا من النار"(رواه الطبراني في الكبير)، بل وقد يكون ذلك طريقًا لمرافقته -صلى الله عليه وسلم- في الجنة فهو القائل: "من عال ابنتين أو أختين أو ثلاثًا، أو أختين أو ثلاثًا، حتى يبن، أو يموت عنهن، كنت أنا وهو في الجنة كهاتين وأشار بأصبعه الوسطى والتي تليها"(رواه ابن حبان).

 

وإن كان أولى الناس بالبر هما الأب والأم، فإن أولى الناس بصلة الرحم هي الأخت، وإننا لنحفظ قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من سره أن يبسط له في رزقه، أو ينسأ له في أثره، فليصل رحمه"(متفق عليه).

 

وما زال الصالحون في كل عصر وأوان يحرصون على صيانة أخواتهن ورعايتهن، فهذا جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- يفضِّل الزواج بالثيب لترعى أخواته وتحسن تربيتهن، يحكي جابر فيقول: هلك أبي وترك سبع أو تسع بنات، فتزوجت امرأة، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "تزوجت يا جابر"، قلت: نعم، قال: "بكرًا أم ثيبًا" قلت: ثيبًا، قال: "هلا جارية تلاعبها وتلاعبك، أو تضاحكها وتضاحكك"، قلت: هلك أبي فترك سبع أو تسع بنات، فكرهت أن أجيئهن بمثلهن، فتزوجت امرأة تقوم عليهن، قال: "فبارك الله عليك"(متفق عليه).

 

وهذا معقل بن يسار يدافع عن أخته ويصونها ممن زهد فيها وطلقها، وما أوقفه إلا الامتثال لأمر ربه -سبحانه وتعالى-، يقول معقل: زوجت أختًا لي من رجل فطلقها، حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها، فقلت له: زوجتك وفرشتك وأكرمتك، فطلقتها، ثم جئت تخطبها! لا والله لا تعود إليك أبدًا، وكان رجلًا لا بأس به، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه، فأنزل الله هذه الآية: (فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ)[البقرة: 232]، فقلت: الآن أفعل يا رسول الله، قال: "فزوجها إياه"(رواه البخاري).

 

***

 

وإنك لتجد من الإخوة -هداهم الله- من يظلمون أخواتهم ويجحدون حقوقهن ويأكلون ميراثهن! ويستغلون ضعفهن قلة حيلتهن، وكأنهم ما سمعوا قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه، فقد أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة"، فقال له رجل: وإن كان شيئًا يسيرًا يا رسول الله؟ قال: "وإن قضيبًا من أراك"(رواه مسلم)، فبدلًا من أن يكون حاميها والمنافح عنها ضد من ظلمها، يكون هو ظالمها وعدوها! ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

ألا فليتقوا الله في إخوانهن أخواتهن، وليرعوا حق الأخوة، وليوطدوا أواصرها وليتذكروا قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل، والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام"(رواه ابن ماجه).

 

وفيما يلي عدد من الخطب المنبرية لخطباء انتبهوا إلى هذه الطاعة المنسية والقربة المهجورة والصلة المغفول عنها؛ صلة الأخ والأخت، فهلموا لنستفيد من حديثهم.

 

الخطبة الأولى:
الخطبة الثانية:
الخطبة الثالثة:
الخطبة الرابعة:
الخطبة الخامسة:
الخطبة السادسة:
الخطبة السابعة:
العنوان
رابطة الأخوة: عوامل توثيقها وشؤم قطعها 2022/06/10 12205 1777 26
رابطة الأخوة: عوامل توثيقها وشؤم قطعها

واعلموا أنَّ الصلةَ بينَ الإخوانِ مِنْ أعظمِ مراتبِ بِرِّ الوالدينَ، وقطيعتُهم مِنْ أشدِّ أنواعِ العقوقِ، لا تَدَعُوا للشيطانِ مَدخلًا للفُرقة والفتنة، ولا تسمعوا إلى الوُشاة والنمَّامِينَ، مَنْ وصَلَ رَحِمَهُ وأكرَم إخوانَه وأخواتِه سَعِدَ في دنياه، وبُورِكَ له في رِزقه، وعَظُمَ في الآخرةِ أَجرُهُ...

المرفقات

رابطة الأخوة عوامل توثيقها وشؤم قطعها.pdf

رابطة الأخوة عوامل توثيقها وشؤم قطعها.doc

التعليقات
زائر
24-05-2024

بارك الله بأعمالكم وأعماركم وكتب أجركم 

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life