اقتباس
واليوم يوم السعادة والحبور والفرحة والسرور والأماني والتهاني والمرح والتفاؤل: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)[يونس: 58]، فافرحوا -معاشر المسلمين- لكن فرحًا بالمباح الطيب الحلال..
"رمضان سوق قام ثم انفض، ربح فيه من ربح وخسر فيه من خسر"؛ فمن الذي ربح؟ نقول: ربح من أحسن الصيام والقيام وأكثر من الذكر وختم القرآن وأخرج الصدقات والزكوات ووصل الأرحام... فما أعظم ما ربحه! وما أثمن فوزه! يحدثنا طلحة بن عبيد الله أن رجلين من بلي قدما على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان إسلامهما جميعًا، فكان أحدهما أشد اجتهادًا من الآخر، فغزا المجتهد منهما فاستشهد، ثم مكث الآخر بعده سنة، ثم توفي، قال طلحة: فرأيت في المنام: بينا أنا عند باب الجنة، إذا أنا بهما، فخرج خارج من الجنة، فأذن للذي توفي الآخر منهما، ثم خرج، فأذن للذي استشهد، ثم رجع إلي، فقال: ارجع، فإنك لم يأن لك بعد.
فأصبح طلحة يحدث به الناس، فعجبوا لذلك، فبلغ ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وحدثوه الحديث، فقال: "من أي ذلك تعجبون؟" فقالوا: يا رسول الله هذا كان أشد الرجلين اجتهادًا، ثم استشهد، ودخل هذا الآخر الجنة قبله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أليس قد مكث هذا بعده سنة؟" قالوا: بلى، قال: "وأدرك رمضان فصام، وصلى كذا وكذا من سجدة في السنة؟"، قالوا: بلى، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "فما بينهما أبعد مما بين السماء والأرض"(رواه ابن ماجه).
ومن الذي خسر في رمضان؟ لقد خسر من فرط وقصَّر وكسل وفتر وتوانى، خسر من أذنب وعصى وغفل وتمادى... فهذا رجل دعا عليه جبريل الأمين -عليه السلام-، وأمَّن على دعائه سيد الأولين والآخرين -صلى الله عليه وسلـم-؛ فعن مالك بن الحويرث قال: صعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المنبر، فلما رقي عتبة، قال: "آمين"، ثم رقي عتبة أخرى فقال: "آمين" ثم رقي عتبة ثالثة فقال: "آمين" ثم، قال: "أتاني جبريل، فقال: يا محمد، من أدرك رمضان فلم يغفر له، فأبعده الله، قلت: آمين"(رواه الطبراني في الكبير).
فتهانينا في هذا اليوم؛ يوم عيد الفطر المبارك، للرابحين الفائزين العاملين المجدين المخلصين.. وتعازينا للمفرطين المضيِّعين المقصرين.
***
فيا أيها الرابحون أبشروا في يوم عيدكم هذا بالروح والريحان والرحمة والغفران.. واليوم يوم جائزتكم؛ فكما يوفى الأجير أجره إذا ما أنجز عمله، فنسأل الله أن يكتب لنا اليوم أجورنا على ما قدمنا من عمل في رمضان من محض جوده وكرمه؛ فهو المتفضل أولًا بالتوفيق إليه، وهو المتفضل آخرًا بقبوله، فله الحمد أولًا وآخرًا.
***
واليوم -أيها المسلمون- يوم مواصلة طاعة رب العالمين -سبحانه وتعالى-، فلا منتهى لطاعة الله، ولا غنى لنا طرفة عين عن عبادته وتقواه، ألم يقل الله -تعالى- لنبيه -صلى الله عليه وسلـم-: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)[الحجر: 99]!
***
واليوم يوم السعادة والحبور والفرحة والسرور والأماني والتهاني والمرح والتفاؤل: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)[يونس: 58]، فافرحوا -معاشر المسلمين- لكن فرحًا بالمباح الطيب الحلال.. فلا فرح بما يُغضب الله، ولا فرح بالمعاصي والمحرمات.. فرحم الله رجلًا فرح بالعيد وأدخل الفرحة على أهله وأقاربه وإخوانه وجيرانه..
فانطلقوا راشدين غانمين، بفضل الله مسرورين، وبرحمته مستبشرين، وبهداه مسترشدين، وعلى طاعته مداومين، غفر الله لي ولكم أجمعين...
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم