المسجد في الإسلام - خطب مختارة

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2024-11-06 - 1446/05/04
التصنيفات:

اقتباس

ومن حق المساجد على المسلمين صيانتها عن كل أذى وشر ومحرَّم، وعن كل ما لا يليق ببيوت الله -تعالى-، وأول ذلك أن يبنى المسجد على قبر؛ فعن عائشة -رضـي الله عنها- أن النبي -صـلى الله عليه وسلم- قال: "لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مسجدًا...

هي أروع الأماكن وأفضلها، وأسمى البقاع وأشرفها، وأحب الأرض إلى الله -تعالى- وأقدسها، أتدري ما هي؟ إنها المساجد؛ عن أبي هريرة أن رسول الله -صـلى الله عليه وسلم- قال: "أحب البلاد إلى الله مساجدها"(رواه مسلم)، وذلك "لأنها بيوت خصت بالذكر، وبقع أسست للتقوى والعمل الصالح"(إِكمَالُ الـمُعْلِمِ)، يقول الطيبي: "قوله: "أحب البلاد": لعل تسمية المساجد والأسواق بالبلاد خصوصًا تلميح إلي قوله -تعالي-: (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا)[الأعراف: 58]"(شرح الطيبي على مشكاة المصابيح).

 

ومن بناه لوجه الله، بنى الله -تعالى- له بيتًا في الجنة؛ فعن عثمان بن عفان قال: سمعت رسول الله -صـلى الله عليه وسلم- يقول: "من بنى مسجدًا لله، بنى الله له في الجنة مثله"(متفق عليه)، وعند أحمد: "بنى الله -عز وجل- له في الجنة أفضل منه"، وعنده -أيضًا-: "فإن الله يبني له بيتًا أوسع منه في الجنة".

 

ومهما كانت مساحة هذا المسجد صغيرة ضئيلة ففضل الله -عز وجل- أعم وأوسع؛ فعند ابن ماجه أن رسول الله -صـلى الله عليه وسلم- قال: "من بنى مسجدًا لله كمفحص قطاة، أو أصغر، بنى الله له بيتًا في الجنة"(صححه الألباني)؛ فالقطاة نوع من أنواع الحمام، والمفحص: هو موضعها الذي تجثم فيه وتضع بيضها.

 

ولما كانت المساجد بيوت الله بهذه المكانة السامقة والمنزلة العالية، فإن روادها وزوارها وعمارها كذلك هم من أفضل الناس وأحسنهم؛ قال -تعالى-: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)[النور: 36- 38].

 

وقد شهد الله -عز وجل- لعمار المساجد بالإيمان وصلاح العمل؛ فقال -تعالى-: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ)[التوبة: 18].

 

ومن تعلق قلبه بالمسجد فهو في ظل الرحمن يوم القيامة؛ ففي الحديث المحفوظ أن النبي -صـلى الله عليه وسلم- قال: "سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله" وذكر منهم: "ورجل قلبه معلق في المساجد"(متفق عليه).

 

ولشرف المكان، فإنك ما دمت جالسًا في المسجد فأنت ضيف الله، وحق على المزور أن يكرم زائره، فما بالك وأنت تزور بيت أكرم الأكرمين -عز وجل-؛ فعن أبي هريرة أن رسول الله -صـلى الله عليه وسلم- قال: "الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه، ما لم يحدث: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، لا يزال أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه، لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة"(متفق عليه).

 

والمجتمعون فيها على الذكر والقرآن هم جلساء الملائكة وأهل تنزل الرحمات؛ فعند مسلم: "وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده"(رواه مسلم).

 

***

 

وللمساجد آداب يستحب أن ترعى، وسنن ينبغي أن تُتبَع، فأهمها: الإخلاص لله عند إتيانها ولا يدعى فيها إلا الله ولله؛ قال -عز من قائل-: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا)[الجن: 18]، والتحقيق أن هذا من الواجبات المتحتمات، وليس من السنن.

 

ومنها: الزينة والتجمل: لقوله -تعالى-: (يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ)[الأعراف: 31]، ومن العلماء من استدل بهذه الآية على وجوب ستر العورة في الصلاة، وعلى هذا فهي- أيضًا- من الواجبات لا من السنن.

 

ومن سنن المساجد: صلاة ركعتين عند دخولها: وقد سماهما العلماء بـ"تحية المسجد"، والأصل فيهما قوله -صـلى الله عليه وسلم-: "إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس"(متفق عليه).

 

ومنها: تنظيفها وتنزيهها عن النجاسات: فعن عائشة، قالت: "أمر رسول الله -صـلى الله عليه وسلم- ببناء المساجد في الدور، وأن تنظف، وتطيب"(رواه الترمذي، وصححه الألباني)، قال سفيان: "قوله ببناء المساجد في الدور يعني القبائل".

 

***

 

ومن حق المساجد على المسلمين صيانتها عن كل أذى وشر ومحرَّم، وعن كل ما لا يليق ببيوت الله -تعالى-، وأول ذلك أن يبنى المسجد على قبر؛ فقد ورد من حديث عائشة -رضـي الله عنها- أن النبي -صـلى الله عليه وسلم- قال في مرضه الذي مات فيه: "لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مسجدًا"، قالت: ولولا ذلك لأبرزوا قبره غير أني أخشى أن يتخذ مسجدًا(متفق عليه).

 

ومنها: صيانتها عن الروائح الكريهة التي تؤذي المصلين: عن جابر بن عبد الله أن النبي -صـلى الله عليه وسلم- قال: "من أكل من هذه البقلة، الثوم - وقال مرة: من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم"(متفق عليه). 

 

ومن المكروهات: أن تتخذ المساجد طرقًا؛ فيمر فيها دون أن يصلي فيها شيئًا؛ جاء من حديث ابن مسعود أنه سمع رسول الله -صـلى الله عليه وسلم- وهو يقول: "إن من أشراط الساعة أن يمر الرجل في المسجد لا يصلي فيه ركعتين"(رواه ابن خزيمة، وصححه الألباني).

 

ومما يجب تنزيه المساجد عنه: الإعلان عن المفقودات فيها؛ قال النبي -صـلى الله عليه وسلم-: "من سمع رجلًا ينشد ضالة في المسجد فليقل: لا ردها الله عليك؛ فإن المساجد لم تبن لهذا"(رواه مسلم)، ومثله البيع والشراء في المساجد؛ فقد قال -صـلى الله عليه وسلم-: "إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد، فقولوا: لا أربح الله تجارتك"(رواه الترمذي، وصححه الألباني).

 

ومن المنهيات: زخرفة المساجد والتباهي بها: عن أنس أن النبي -صـلى الله عليه وسلم- قال: "إن من أشراط الساعة أن يتباهى الناس في المساجد"(رواه النسائي وصححه الألباني)، ولما أمر عمر ببناء المسجد أمرهم قائلًا: "أكن الناس من المطر، وإياك أن تحمر أو تصفر فتفتن الناس"(رواه البخاري)، وقال أبو الدرداء -رضي الله عنـه-: "إذا حليتم مصاحفكم، وزوقتم مساجدكم، فالدمار عليكم"(شرح السنة للبغوي، وحسنه الألباني).

 

ولأن للمسجد من الفضائل كثير غير ما ذكرنا، ولأننا لم نذكر من آدابها وسننها إلا قليلًا، ولأن هناك أمور أخرى يجب تنزيه المساجد عنها، ولأننا لم نوف الموضوع حقه... لكل ذلك قد جمعنا هذه الباقة من الخطب لإتمام الأمر وإكماله.

العنوان

المساجد أحب البقاع إلى الله

2021/01/14 4663 636 31

أيها المؤمنون: المساجد بيوت الله، وأحب بقاع الأرض إليه جل في علاه؛ فيها أنس المؤمنين، وراحة قلوبهم، وطمأنينة نفوسهم، وقرة أعينهم، وفيها رفعة الدرجات، وعلو المنازل، وغفران الذنوب، وتكفير السيئات والخطيئات، ونيل رضوان رب الأرض والسموات. والمساجد بيوتٌ أذِن الله -تبارك وتعالى- أن تُرفع ويُذكر فيها اسمه، دعا جل وعلا عباده إلى بنائها وتشييدها، ودعاهم جل وعلا إلى...

المرفقات

المساجد أحب البقاع إلى الله.doc


العنوان

آداب المساجد

2023/12/04 2143 382 23

الأدب الحَاديَ عَشَرَ: عدم الخروج من المسجد بعد الأذان إِلَّا لعذر؛ رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ المُحَارِبِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- وَرَأَى رَجُلًا يَجْتَازُ المَسْجِدَ خَارِجًا بَعْدَ الْأَذَانِ، فَقَالَ: «أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم...

المرفقات

آداب المساجد.doc

آداب المساجد.pdf


العنوان

يا أهل المساجد خذوا زينتكم

2024/05/07 915 164 11

وَهَل تُرَونَ شَرِيعَةً جَاءَت بِأَخذِ الزِّينَةِ وَالتَّجَمُّلِ وَالتَّطَيُّبِ وَالتَّطَهُّرِ؟!، هَل تُرَونَهَا تُقِرُّ مَا يَدعُو إِلَيهِ الغَربُ المَادِّيُّ أَوِ الشَّرقُ المُلحِدُ، مِن كَشفِ العَورَاتِ وَإِبدَاءِ السَّوءَاتِ، وَالسُّفُورِ وَإِظهَارِ المَستُورِ، مِمَّا...

المرفقات

يا أهل المساجد خذوا زينتكم.pdf

يا أهل المساجد خذوا زينتكم.doc


العنوان

أخذ الزينة في المساجد

2024/05/02 982 237 4

وَتَمْتَدُّ عِنَايَةُ الْإِسْلَامِ بِالْمُسْلِمِ حَتَّى فِي نَظَافَتِهِ، وَنَظَافَةِ مَا يَلْبَسُ وَحُسْنُهُ وَحُسْنُ رَائِحَتِهِ، وَأَكَّدَ عَلَيْهَا فِي مَوَاطِنِ الاجْتِمَاعِ لِلصَّلَوَاتِ وَالْمُنَاسَبَاتِ وَفِي أَوْقَاتِ الْجُمَعِ وَالْعِيدَيْنِ....

المرفقات

أخذ الزينة في المساجد.doc

أخذ الزينة في المساجد.pdf


العنوان

تنبيه الساجد إلى بعض آداب المساجد

2024/05/02 2035 259 43

مِنَ الْقِيَمِ الْجَمِيلَةِ والْآدَابِ السَّامِيَةِ النَّبِيلَةِ تِجَاهَ بُيُوتِ اللهِ: تَجَنُّب رَفْعِ الأَصْوَاتِ فِي بُيُوتِ اللهِ، بِكَثْرَةِ الْكَلاَمِ الْمُبَاشِرِ، أَوْ عَنْ طَرِيقِ الْجَوَّالِ مِمَّا يَتَسَبَّبُ فِي إِيذَاءِ الْمُصَلِّينَ وَالتَّشْوِيشِ عَلَيْهِمْ فِي صَلاَتِهِمْ وَدُعَائِهِمْ....

المرفقات

تنبيه الساجد إلى بعض آداب المساجد.doc

تنبيه الساجد إلى بعض آداب المساجد.pdf


العنوان

عمارة المساجد

2023/03/28 1187 298 2

وإن مما يؤسف له عدم اهتمام البعض لا بالمشاركة في صيانتها، ولا في نظافتها، وكأنها مجلس من المجالس، فالبعض يعمل فيها مالا يليق بالمجالس العامة فضلا عن المساجد، فتجده ينظف ثوبه وغترته وربما أنفه، ويلقي بقاذوراته عل الفرش، والبعض يقلم أظفاره...

المرفقات

عمارة المساجد.doc

عمارة المساجد.pdf


العنوان

التبكير إلى المساجد

2022/08/18 3270 548 5

هل نَستشعرُ ونَحنُ ذاهبونَ إلى المَساجدِ أنَّ هُناكَ ضِيَافةً تَنتَظرُنا في جَنَّاتِ النَّعيمِ، لا نَراها اليَومَ ولكنْ تَنتَظرُ القُدومَ الكَريمَ...

المرفقات

التبكير إلى المساجد.pdf

التبكير إلى المساجد.doc


العنوان

فضائل عمارة المساجد

2020/09/25 24291 735 48

المساجد بيوت الله، وهي أفضل الأماكن والبقاع، ومثوى مَنْ تعبَّد ربَّه وأطاع، من مآذنها تتردَّد شهادة التوحيد كل يوم على الآذان، أشهد ألَّا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، ومن مآذنها يتردَّد النداء إلى الصلاةِ عمودِ الإسلام، وثاني أركانه العِظَام...

المرفقات

فضائل عمارة المساجد


العنوان

آداب المسجد

2024/07/10 1221 154 11

ولا نجد دينًا من الأديان يحثّ على نظافة الإنسان، ظاهرًا وباطنًا حسًّا ومعنًى كما يفعل الإسلام، فالإسلام دين النظافة، فرضها منذ خمسة عشر قرنًا، وجعلها شعيرةً من شعائر الإسلام، وأدبًا من أهم آدابه الفردية والاجتماعية...

المرفقات

آداب المسجد.doc

آداب المسجد.pdf


العنوان

رسالة إلى رواد المسجد

2024/05/02 1378 245 13

إنَّ الصَلاةَ صِلةٌ بينَ العبدِ ورَبِهِ، يَقِفُ بينَ يديِهِ ينَاجِيِهِ، ويَقرأُ كلامَهُ، فيلزَمُ أنْ يَكُونَ فِي هَذا الموقِفِ العَظيمِ عَلى أحسَنِ هيئةٍ وأتَمِّ حَالٍ؛ ومَنْ هُنَا وجبتْ لهَا طهَارةُ البَدنِ والثوبِ والبُقْعَةِ، وكانتْ الطَهَارَةِ مِنَ الأحداثِ والأنجاسِ شرطاً فِي صحَةِ الصلاةِ...

المرفقات

رسالة إلى رواد المسجد.doc

رسالة إلى رواد المسجد.pdf


العنوان

آداب حضور المسجد وأشهر مخالفات بعض المصلين

2017/02/08 8657 447 26

وهذه الصلاةُ التي نُؤديها كلَّ يومٍ خمس مرات, والتي هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين, ينبغي أنْ نُؤدِّيَها كما أُمرنا؛ لكي نحظى بالأجر العظيم, ولكي نجدَ اللذة والخشوع فيها. وللحصول على ذلك لا بدَّ من معرفة آداب حضور المساجد, وتطبيقِها، والعملِ بها.

المرفقات

حضور المسجد وأشهر مخالفات بعض المصلين


إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات