اقتباس
إننا في هذه الأيام نعيش حالة من الجدب نتحسب لها، قد لا يصل إلى الجميع أثرها الآن مباشرةً، ولكنها إن استمرت فسوف يشعر بها أفراد المجتمع جميعًا، غنيهم وفقيرهم، كبيرهم وصغيرهم، هذه الحالة تستدعي من الكل مراجعة أنفسهم من جديد، واتقاء غضب الله –تعالى- على الأمة، وذلك...
كما أن التوبة والعمل الصالح سببان لتحصيل الخيرات، وبركة الرزق، والتمتع بالصحة، واستساغة النعم؛ فإنهما كذلك سببان في دفع البلايا والأمراض، واتقاء غضب الله -تعالى- الذي قد يتمثل في الظواهر الكونية التي تحتوي على نوع من الإنذار والتحذير للعباد؛ كونهم قصروا في فعل الطاعات حتى ضيعوها، أو أسرفوا على أنفسهم في فعل الذنوب والخطايا حتى أحدث جروحًا عميقة في قلوبهم؛ فالزلازل والبراكين ومنع القطر من السماء تحذير للعباد، وحثّ لهم على معاودة تعلق الأرض بالسماء، وإشارة إلى مراجعة النفس مرة أخرى للوقوف على أسباب منع الله رزقه عن عباده، فالمطر رزق، ولا يمنع الرزق إلا ذنوب العباد، ولا يعيده إلى سابق عهده من التمتع به والشعور ببركته سوى استغفارهم وتوبتهم وملازمتهم الأعمال الصالحة وبعدهم عن الذنوب والخطايا.
قد يكون العبد صالحًا في نفسه، بعيدًا عن العصيان، ملازمًا للتقوى، إلا أن إعراض عموم المجتمع عن الله -تعالى- وكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم قد يكون سببًا في العقوبات الجماعية التي تحل بالقوم، ذلك أن الفرد عليه دور في إصلاح من حوله، وتهذيب أخلاقهم، ودعوتهم إلى ربهم، لا الاكتفاء بكونه صالحًا في نفسه، (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ)[هود: 117]، فهم ليسوا صالحين في أنفسهم فحسب، وإنما مصلحون لمن حولهم، لأبنائهم وزوجاتهم وعوائلهم وجيرانهم وأهل بلدتهم، فإذا شعر كل فرد بهذا التكليف الضخم، وهذا المسؤولية العظيمة، فإنه سيسعى في إصلاح هؤلاء، وإذا فعل ذلك كل فرد في المجتمع فلن يبقى في الأمة فاسدون مفسدون إلا القليل، وستصير الأمة في مجموعها صالحة مصلحة تستحق رزق الله -تعالى- عن جدارة، وبذلك تدفع عن نفسها العقوبات الدنيوية التي توعد الله -عز وجل- بها أهل الفساد والإفساد
إننا في هذه الأيام نعيش حالة من الجدب نتحسب لها، قد لا يصل إلى الجميع أثرها الآن مباشرةً، ولكنها إن استمرت فسوف يشعر بها أفراد المجتمع جميعًا، غنيهم وفقيرهم، كبيرهم وصغيرهم، هذه الحالة تستدعي من الكل مراجعة أنفسهم من جديد، واتقاء غضب الله -تعالى- على الأمة، وذلك بالتوبة والإنابة إليه سبحانه، لا سيما ونحن في أيام مباركة هي أيام عشر ذي الحجة، خير أيام الدنيا، تضاعف فيها الحسنات، وترفع فيها الدرجات، وتغفر فيها الخطايا، وتمحى فيها الذنوب.
وقد سنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- في مثل هذه الحالة خروج الناس إلى صلاة الاستسقاء، معلنين توبتهم بين يدي الله -تعالى-، سائلين إياه الرزق والغيث، متبرئين من جميع ذنوبهم وخطاياهم، فاتحين صفحة بيضاء نقية مع خالقهم، الذي لا غنى لهم عن فضله وجوده وكرمه، فلولا الله ما اهتدى الناس، ولا صلوا ولا صاموا، ولا ناموا ولا قاموا، ولا أكلوا ولا شربوا، فهم غارقون في نعمه من رؤوسهم إلى أقدامهم، ولكن العادة اقتضت أن لا يشعر بالنعمة إلا من حرم منها، ولا يقدرها حق قدرها إلا من سُلبت منه. فهلم -أيها المسلمون- إلى صلاة الاستسقاء، وألحوا على الله -تعالى- في الدعاء لعله يتجاوز عنا وعن زللنا وخطئنا في حقه تعالى.
وليستعن إخواننا الخطباء بهذه المجموعة من خطب الاستسقاء لتحفيز الناس على الدعاء، وتفريغ قلوبهم من كل ما سوى الله -تعالى- في هذه الدقائق الحاسمة، دقائق الدعاء الغالية، والتي يرتجى بعدها أن يغيث الله -تعالى- عباده ولا يتركهم يعانون مرارة العطش وما يترتب عليها من مرارة الجوع بفقد النبات والكلأ.. والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل..
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم