اقتباس
لماذا هذا التركيز المثير للعجب على مثل هذه القضايا وربطها المستمر بالتقدم والنهضة؟! ما علاقة الاختلاط بتقدم المجتمع؟! وما علاقة قيادة المرأة للسيارة بتقدم المجتمع؟! وما علاقة خروج المرأة للعمل في الوقت الذي يعاني منه الرجال من البطالة ما علاقة ذلك بتقدم المجتمع؟! ولماذا التركيز على قضايا المرأة بالذات وربطها طوال الوقت بالتقدم والازدهار؟! ولماذا مثلاً لا يتم التركيز على قضايا الرجال ومشكلاتهم التي تعاني منها مجتمعاتنا العربية عامة وبلادنا خاصة؟! فلدينا بطالة تتعدى 9 أو 10%...
تشهد هذه الأيام عودة لأنشطة تغريبية محمومة، ما بين دعوات لقيادة المرأة للسيارة، واختلاط المرأة بالرجال، في إعراض تام عن الأدلة الشرعية الصريحة على حرمة الاختلاط، والأدلة العقلية التي أثبتت بما لا يدع لشاكٍّ ظنًّا مدى ضرر الاختلاط على الجنسين كليهما، وضرره كذلك على المجتمع من حيث تقويضه لفرص التقدم والازدهار بتعطيله عجلة الإنتاج، بالإضافة لتشتيت أذهان الطلبة والطالبات عن التحصيل العلمي والدراسي المطلوب.
ولنا أن نتساءل هنا: لماذا هذا التركيز المثير للعجب على مثل هذه القضايا وربطها المستمر بالتقدم والنهضة؟! ما علاقة الاختلاط بتقدم المجتمع؟! وما علاقة قيادة المرأة للسيارة بتقدم المجتمع؟! وما علاقة خروج المرأة للعمل في الوقت الذي يعاني منه الرجال من البطالة، ما علاقة ذلك بتقدم المجتمع؟! ولماذا التركيز على قضايا المرأة بالذات وربطها طوال الوقت بالتقدم والازدهار؟! ولماذا مثلاً لا يتم التركيز على قضايا الرجال ومشكلاتهم التي تعاني منها مجتمعاتنا العربية عامة وبلادنا خاصة؟! فلدينا بطالة تتعدى 9 أو 10% على أقل التقديرات، في الوقت الذي لدينا فيه عمالة وافدة ضخمة، هذا فضلاً عن المشكلات المجتمعية والأخلاقية التي تعاني منها بلاد الخليج، وتسرب الأطفال من المدارس، والفساد المالي والإداري في المؤسسات الحكومية... إلى آخر تلك المشكلات الكبرى التي تحتاج من جميع أطياف المجتمع تعاونًا وتآزرًا على حلها والقضاء على أسبابها.
ورغم ذلك لا نكاد نسمع صوتًا لأي من هؤلاء الصحفيين أو الكتاب أو الأدباء في التعرض لمثل هذه القضايا، وإنما همهم الكامل هو المرأة، فالمرأة مقموعة، والمرأة مسلوبة حق الاختلاط، ومسلوبة حق السفر بدون محرم، ومسلوبة حق قيادة السيارة، ومسلوبة حق توليها زواجها بنفسها، ومسلوبة حق تقرير مصيرها بسبب ولاية أبيها أو زوجها!! في حين لم ينظروا في حقوق المرأة المطلقة، ولا المرأة التي فاتها قطار الزواج أو تأخر، أو تلك التي تعاني في حضانة أبنائها مع طليقها، أو الأخرى التي أعضلها أبوها عن الزواج بالكفء، كل هذا ليس في خريطة التغريبيين، وإنما خريطتهم ملأى بما يخدمهم من قضايا وبما يحقق لهم مصلحتهم هم لا مصلحة المرأة، فلتذهب المرأة للجحيم فالمهم تحقيق المصلحة الغربية في بلاد الإسلام واستنساخ النموذج الغربي في بلاد المسلمين وفقط، أما بلاد الإسلام وما يصلحها فلا يهمهم في شيء، بل لا يشغل البال أصلاً، لأن البال مشغول أساسًا بمدى ما تحقق تحركاتهم من أرباح مادية بالدولار!!
إننا إزاء قضية يتبناها ويوليها اهتمامًا كبيرًا دعاة الليبرالية والعلمانية في هذا البلد بغية إفساده وإخراج نسائه من بيوتهن، وإشغالهم بمشغولات فرعية من مهمتهم الأساسية التي ندبهن الله تعالى إليها وكلفهن بها، وهي تربية الأجيال وإعداد الأخلاق وحراسة القيم، فبالله من سينشئ الجيل القادم حينما تخرج المرأة إلى العمل حتى منتصف اليوم لتعود وقد أنهكت قوتَها الأعمالُ التي تمارسها خارج المنزل، وكيف ستستقر حالتها مع زوجها حينما تطالع كل يوم العشرات من الرجال في بيئة مختلطة لا تراعى فيها حرمة امرأة ولا خصوصية رجل؟! وكيف ستنشر الفضيلة والحياء بين أبنائها وهما تسلبان منها شيئًا فشيئًا في بيئة العمل المختلطة أو قيادتها للسيارة واعتنائها بها وكشف رخصتها ووجهها أحيانًا للتأكد من هويتها في الشوارع بين الرجال؟! أهذا النموذج هو ما يسعى التغريبيون في نشره بين الناس، أهذه هي المرأة النموذج التي يسعى الغرب في ترسيخ وجودها في بلاد المسلمين؟! أهذه هي القيم الغربية التي نبذها الغرب نفسه فيسعى التغريبيون لاسترجاع تلك التجربة الفاشلة في بلاد الإسلام؟!
لقد انتبه الغرب إلى خطورة الاختلاط في المدارس وأماكن العمل والمواصلات، ومن ثمَّ بدأ سعيًا جاهدًا في القضاء على الاختلاط بكل صورة في عدة أماكن، فبدأ فصل الذكور عن الإناث في مقاعد الدراسة؛ وذلك لما لمسه من ضعف تحصيل الطلبة في حالة الاختلاط، وبدأ الغرب كذلك في تشغيل حافلات عامة خاصة بالنساء، وذلك بعد الانتشار الهستيري للتحرشات الجنسية في وسائل المواصلات المختلطة، وبدأ كثير من المثقفين في الغرب يتحدثون عن مضار قيادة المرأة للسيارة، بل وباتت محل تهكم لهم على الفضائيات الغربية بسبب عدم تمكنها من القيادة بشكل سليم، وتسببها في كثير من حوادث الطرق... فلماذا إذًا نُصِرُّ على اجترار تجربة أثبت الزمان فشلها، وأثبت أهلها أنفسهم أنهم كانوا فيها مخطئين؟!
في مختاراتنا لهذا الأسبوع على ملتقى الخطباء نتتبع مسألة الاختلاط وعلاقتها بقضية التغريب؛ لنقف فيها معًا على أسباب تبني التغريبيين لقضية الاختلاط، ومدى علاقة ذلك بتقدم وازدهار المجتمع من عدمه، مؤكدين على الحكم الشرعي في هذه المسألة، سائلين الله تعالى أن يرزقنا الفهم والفقه عن الله تعالى مراده، وأن يرد كيد الخائنين في نحورهم.
التعليقات