التطوع - خطب مختارة

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2022-12-07 - 1444/05/13
التصنيفات:

اقتباس

واليوم، وقد عقدوا يومًا عالميًا للتطوع، نقول لهم: لقد سبق الإسلام إلى هذا منذ قرون طويلة، وأصَّله وفصَّله، وجعله لأتباعه دينًا وسنة وقربة إلى الله وطريقًا إلى الجنة ونجاة من النار... فهلموا فتعلموا العمل الخيري التطوعي من الإسلام...

ما من مجتمع من المجتمعات إلا وهو يحتاج إلى تطوعات أفراده، تلك الأعمال الخيرية التي تهدف إلى تقديم العون والمساندة والمساعدة للآخرين الذين هم في حاجة إليه، بدون انتظار أجرة منهم أو مكافأة، بل يكون كل هدفهم نيل الأجر من الله -تعالى-، وإدخال الفرح والسرور في قلوب الناس، لسان حالهم: (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا)[الإنسان: 9].

 

وكان السائد قديمًا أن يقوم بتلك الأعمال أشخاص منفردين أو متعاونين يجمعهم هدف واحد مشترك من أعمال الخير كإغاثة ملهوف أو نصرة مظلوم أو إغناء محتاج... بدافع الإحسان والجود والندى والكرم... ثم تتطور العمل التطوعي في عصرنا الحاضر حتى اتخذ أشكالًا كثيرة وصورًا متعددة؛ كالجمعيات الخيرية والمنظمات الإغاثية والمؤسسات الاجتماعية التكافلية... لكن لا يزال العمل التطوعي الفردي موجودًا وفعالًا، وأيضًا تلك المجموعات التي نذرت أنفسها لفعل الخير في حي أو قرية أو مدينة...

 

***

 

وديننا يحثنا على العمل التطوعي، فعن البراء أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مر بناس من الأنصار وهم جلوس في الطريق فقال: "إن كنتم لا بد فاعلين فردوا السلام، وأعينوا المظلوم، واهدوا السبيل"(رواه الترمذي، وصححه الألباني).

 

ويخبرنا رسول الإسلام أن الله -تعالى- يحب من يتطوع بالخير إلى عباده؛ فقد سئل النبي -صلى الله عليه وسلم-: يا رسول الله، أي الناس أحب إلى الله؟ وأي الأعمال أحب إلى الله؟ فأجاب -صلى الله عليه وسلم-: "أحب الناس إلى الله -تعالى- أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله -تعالى- سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخي في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد -يعني: مسجد المدينة- شهرًا... ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يتهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام"(رواه الطبراني في الكبير، وحسنه الألباني).

 

وعن زيد بن أسلم عن أبيه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلى السوق، فلحقت عمر امرأة شابة، فقالت: يا أمير المؤمنين، هلك زوجي وترك صبية صغارًا، والله ما ينضجون كراعًا، ولا لهم زرع ولا ضرع، وخشيت أن تأكلهم الضبع، وأنا بنت خفاف بن إيماء الغفاري، وقد شهد أبي الحديبية مع النبي -صلى الله عليه وسلم-. فوقف معها عمر ولم يمض، ثم قال: "مرحبًا بنسب قريب"، ثم انصرف إلى بعير ظهير كان مربوطًا في الدار، فحمل عليه غرارتين ملأهما طعامًا، وحمل بينهما نفقة وثيابًا، ثم ناولها بخطامه، ثم قال: اقتاديه، فلن يفنى حتى يأتيكم الله بخير، فقال رجل: يا أمير المؤمنين، أكثرت لها؟ قال عمر: "ثكلتك أمك، والله إني لأرى أبا هذه وأخاها، قد حاصرا حصنا زمانا فافتتحاه، ثم أصبحنا نستفيء سهمانهما فيه"(رواه البخاري).

 

***

 

لذا فقد كان الأنبياء والفضلاء والصالحون أكثر الناس بذلًا وتطوعًا بالأعمال الصالحة: فهذا موسى -عليه السلام- يتطوع بالسقي للفتاتين: (فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ)[القصص: 24]... وأما الخضر فيتبرع ببناء الجدار لليتيمين: (فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ)[الكهف: 77]... وهذا ذو القرنين يرفض أن يأخذ الأجرة على بناء السد ويقوم به متطوعًا، فقد قالوا له: (فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا * قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ)[الكهف: 94-95].

 

أما نبينا محمدًا -صلى الله عليه وسلم- فتكفينا شهادة أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- له حين قالت: "والله ما يخزيك الله أبدًا؛ إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق"(متفق عليه).

 

***

 

ويشجع ديننا على فعل المعروف والتطوع بالخير وتقديم العون للبشر، ولغير البشر، فيوجب ربنا -عز وجل- الجنة لرجل لأنه تطوع بمعروف لكلب -أعزكم الله-، ففي الصحيحين: "أن رجلًا رأى كلبًا يأكل الثرى من العطش، فأخذ الرجل خفه، فجعل يغرف له به حتى أرواه، فشكر الله له، فأدخله الجنة".

 

وأعمال المعروف إن كثرت تجتمع من أجل صاحبها فلا تدعه حتى تدخله الجنة؛ فعن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سأل أصحابه: "من أصبح منكم اليوم صائمًا؟"، قال أبو بكر: أنا، قال: "فمن تبع منكم اليوم جنازة؟"، قال أبو بكر: أنا، قال: "فمن أطعم منكم اليوم مسكينًا؟"، قال أبو بكر: أنا، قال: "فمن عاد منكم اليوم مريضًا؟" قال أبو بكر: أنا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما اجتمعن في امرئ، إلا دخل الجنة"(رواه مسلم).

 

والتطوع بالخير في الإسلام سبب لتفريج الكروب؛ فعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "المعروف إلى الناس يقي صاحبها مصارع السوء والآفات والهلكات"(رواه الحاكم، وصححه الألباني).

 

وتطوعك بالخير لغيرك تيسير لمصالحك وقضاء لحوائجك، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه"(رواه مسلم).

 

***

 

واليوم، وقد عقدوا يومًا عالميًا للتطوع، نقول لهم: لقد سبق الإسلام إلى هذا منذ قرون طويلة، وأصَّله وفصَّله، وجعله لأتباعه دينًا وسنة وقربة إلى الله وطريقًا إلى الجنة ونجاة من النار... فهلموا فتعلموا العمل الخيري التطوعي من الإسلام، وهاكم بعض خطباء المنابر قد تطوعوا بخطبهم يُعلِّمون العالم كله كيف يكون التطوع بالمعونة للبشرية:

العنوان

العمل التطوعي أهميته وآثاره

2013/02/24 10065 1624 56

والعملُ التطوُّعيُّ إنما هو ترجمانٌ لصورةٍ من صُور الإسلام الرَّاشِدة الخالِدة التي تتَّصِفُ بالشُّموليَّة وتنوُّع مجالات العمل التطوُّعيِّ، لتشملَ الأهدافَ التنمويَّة؛ ففي المجالِ الاقتصاديِّ يُمثِّلُ العملُ التطوُّعيُّ الاهتمامَ الدقيقَ من خلال بذل الأوقاف وتفعيل الوعيِ للأنشِطة الوقفيَّة؛ لأن لها أثرًا بالِغًا في تنميَة الاقتصاد؛ حيث تتَّسعُ...

المرفقات

التطوعي أهميته وآثاره


العنوان

العمل التطوعي وفضله - خطبة عيد الفطر لعام 1430هـ

2009/10/01 8070 1615 57

وفي غمرة البهجة والابتهاج والفرح والاستبشار ثمة معيار كبير لا حدود لآثاره في الخير والنفع ونشر البشر والسعادة.. معيار لا حدود لمنافعه المباشرة وغير المباشرة.. معيار ومنهج يزيد من القدرة على التفاعل والتواصل وينمي روح التعاون والعمل الجماعي والمشاعر الإيجابية المشتركة ويجعل المجتمع أكثر تماسكاً، بل أكثر اطمئناناً وثقة بأبنائه، ويكسب مهارات وخبرات ويزيد في كشف المواهب والقدرات..

المرفقات

723


العنوان

مظاهر التعاون على البر والتقوى

2016/01/02 13907 764 28

وإن من عظمة الإسلام وجلاله، وشُموله وكماله، وإشراقاته ورحماته وجماله: تلكُم الأواصِر الاجتماعية السامِية، والوشائِجُ الإيمانية والخُلُقيَّة الحقيقية الحانِية، الحاثَّةُ على التعاوُن والتآزُر، والتضامُن والتشاوُر، التي تُمتِّنُ العلاقات والعلائِق، وتكشِفُ أسرارَ المكارِم الدوالِق، مهما تقلَّب الزمان، أو اختلَّت الأوزان. وما أبدعَ وأحكمَ قولَ الرحيم الرحمن: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)، قال الإمام الطبريُّ - رحمه الله -: "أي: وليُعِن بعضُكم - أيها المؤمنون - بعضًا على البرِّ، وهو العملُ بما أمرَ الله، والتقوَى أي: اتِّقاءُ ما أمرَ الله باتِّقائِه واجتِنابه من معاصِيه"....

المرفقات

التعاون على البر والتقوى


العنوان

في التعاون على البر والتقوى

2010/03/02 35691 1103 280

<br>ما أحوج المسلمين اليوم إلى التعاون على البر والتقوى –وقد تداعت عليهم الأمم وتكالبت عليهم قوى الشر من كل جانب، ما أحوجهم إلى التعارف والتآلف وإزالة الأحقاد ودفع الفساد عن مجتمعهم، ما أحوجهم إلى التعاون على تربية أولادهم ونسائهم وإصلاح بيوتهم، وإخراج أهل الشر من بينهم وتنقية مجتمعهم من عناصر الفساد والإفساد، ما أحوجهم إلى الحذر من الدعايات المضللة والأفكار الخبيثة التي تدفع إليهم عن طريق وسائل الإعلام المختلفة<br>

المرفقات

1062


العنوان

التعاون على البر والتقوى

2016/02/04 89329 1020 116

فالتعاون بين المسلمين في قضاء حوائجهم وتعاون ما بينهم فإن كلاًّ لن يستطيع أن يواجه مشاكل ومتاعب الحياة بنفسه بل لابد من إعانة إخوانه وصدق أصدقائه على باب التعاون. ولهذا التعاون فضائل عظيمة ومنافع عديدة؛ فمن فضائل هذا التعاون ..

المرفقات

على البر والتقوى1


العنوان

العمل التطوعي سعادة في الدنيا و الآخرة

2018/05/13 23096 678 15

العملُ التطوعيُّ أحبَّتِي يُجسّدُ الخيرَ بمفهومٍ واسعٍ ومعنىً كبير بأنه تعاطفٌ بشري وتكافلٌ أخويٌّ وتكاملٌ إنساني وأمنٌ أخلاقيٌ وفكريٌ وتوفيرٌ اقتصاديٌ وسدٌ للحاجات وتخفيفٌ للمعانات ومشاركةُ همومٍ ليسَ مقصوراً على كوارثَ...

المرفقات

العمل التطوعي سعادة في الدنيا و الآخرة


العنوان

قِصّتانِ في العملِ التطوّعِي

2021/07/08 1134 592 1

نبيُ اللهِ موسى الهاربُ المطارَدُ، المسافرُ الغريبُ المكدودُ، كلُ هذا لم يُقْعِدْهُ عن تلبيةِ دواعي المروءةِ والنجدةِ، بل تقدمَ للمرأتينِ؛ ليسقيَ لهما أولًا، كما ينبغي أن يفعلَ الرجالُ ذوو الشهامةِ, وإذا أحسنتَ إلى أحدٍ فابتعِدْ عنه؛ لئلا ترَى حياءَه عاريًا أمامَ عَينَيكَ...

المرفقات

بين نملتين.pdf

بين نملتين.doc


العنوان

العمل التطوعي وأثره في بناء المجتمع

2018/12/13 2633 414 6

ومِن فضائلِ دينِنا الحنيفِ أنَّه يحثُّ على التعاونِ في كلِّ خيرٍ يفيدُ المجتمعَ المسلمَ، ويأمرُ ببذلِ الجهدِ لمساعدةِ الفقراءِ والمساكينِ وذوي الحاجاتِ، والسعيِ في قضاءِ حوائجهِم، وكفايتهِم، وتيسيرِ أمورِهم، والوقوفِ بجانبهِم حتى ولو بالقليلِ..

المرفقات

العمل التطوعي وأثره في بناء المجتمع


العنوان

العمل الخيري في الإسلام

2015/11/22 5608 420 9

وإن المرء ليعجب من تلك المجتمعات الكافرة التي تعلي من شأن العمل الخيري وتشيد بأصحابه، وتمنحهم المزايا، ولا غرو في ذلك ففعل الخير وعمله فِطرة مغروسة في النفوس والفطر السوية مهما كان انحرافها عن الدين وقديمًا قبل بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- كان رسول الله قبل أن يُنَبَّأ وينزل عليه جبريل بالوحي كان مثالاً -صلى الله عليه وسلم- لفعل الخير وبذله. ولهذا رابه ما رابه، وأفزعه ما أفزعه بعدما نزل الوحي عليه أقبل على خديجة -رضي الله عنها وأرضاه- فما كان منها إلا أن طمأنته، وقالت له: "كَلا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ، أَبَدًا إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ"، ونحو ذلك من الصفات التي كان عليها -صلى الله عليه وسلم- في فعل الخير وبذله.

المرفقات

الخيري في الإسلام


إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات