عناصر الخطبة
1/ الأمر بالتعاون على البر والتقوى 2/ حقيقة البر وحقيقة التقوى 3/ من صور التعاون على البر والتقوى 4/ النهي عن التعاون على الإثم والعدوان وصور من ذلك 5/ أهمية التعاون بين الناساقتباس
ما أحوج المسلمين اليوم إلى التعاون على البر والتقوى –وقد تداعت عليهم الأمم وتكالبت عليهم قوى الشر من كل جانب، ما أحوجهم إلى التعارف والتآلف وإزالة الأحقاد ودفع الفساد عن مجتمعهم، ما أحوجهم إلى التعاون على تربية أولادهم ونسائهم وإصلاح بيوتهم، وإخراج أهل الشر من بينهم وتنقية مجتمعهم من عناصر الفساد والإفساد، ما أحوجهم إلى الحذر من الدعايات المضللة والأفكار الخبيثة التي تدفع إليهم عن طريق وسائل الإعلام المختلفة
الحمد لله رب العالمين، أمر بالتعاون على البر والتقوى لما في ذلك من الخير العاجل والآجل، ونهى عن التعاون على الإثم والعدوان لما فيه من الشر العاجل والآجل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين هم أشداء على الكفار رحماء بينهم، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى –يقول الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) في هذه الآية الكريمة يأمرنا الله تعالى: أن نتعاون فيما بيننا على البر، وهو فعل الخيرات، وأن نتعاون على التقوى وهي ترك المنكرات، وينهانا عن التعاون على الإثم وهو المعاصي والعدوان، وهو الاعتداء على الناس، والتعاون على البر والتقوى يشمل فعل الخيرات كلها، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من التعاون على البر والتقوى، لما في ذلك من إصلاح المجتمع وإبعاده عن أسباب الدمار والفساد وإيصاله إلى الخير العاجل والآجل، وتعليم العلم النافع من التعاون على البر والتقوى لما فيه من إزالة الجهل والدعوة إلى الخير والتحذير من الشر ومعرفة الحق والعمل به وأداء حقوق الله وحقوق المخلوقين- والإنفاق على الأقارب والمحتاجين، وإنظار المدين المعسر، وإقراض المحتاج من التعاون على البر والتقوى، وبذل الكفالة والضمان لمن يحتاج إليهما هو من التعاون على البر والتقوى، وبذل الجاه والوساطة في قضاء حاجة المسلم عند ولاة الأمور وغيرهم من التعاون على البر والتقوى، وقد قال الله تعالى: (مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اشفعُوا تُؤجروا" وإقامة المشاريع الخيرية من بناء المساجد والمدارس الخيرية وتأمين مياه الشرب والوضوء من التعاون على البر والتقوى، وإقامة المصانع التي تنتج للمسلمين ما يحتاجون إليه ويستغنون به عن الخصومات والمنازعات والتأليف بين القلوب من التعاون على البر والتقوى؛ فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بأفضلَ من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى، قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة"، رواه أبو داود والترمذي وابن حبان في صحيحه.
وقيام الموظفين بأعمالهم وأداء واجبهم الوظيفي هو من التعاون على البر والتقوى، لأن المسلمين بحاجة إلى خدماتهم وخبراتهم، ومجال البر والتقوى واسع، ولما كان الإنسان عاجزاً عن الإحاطة به فضلاً عن القيام به كله، صار التعاون على تحقيق المصالح ودفع المفاسد أمراً ضرورياً للمجتمع المسلم، وصار القيام به من أفضل الأعمال وأمر الله به ورسوله، وترتب على فعله الخير الكثير والثواب الجزيل.
وكل واحد من المسلمين عضو في المجتمع يبذل ما يستطيع: العالم يعين الناس بعلمه، والغني يعين الناس بماله. والشجاع يعين بشجاعته في سبيل الله، والمسلمون يد على من سواهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وقيام الوالدين بتربية أولادهم التربية الإسلامية وتنشئتهم على الخير هو من التعاون على البر والتقوى لأنهما ينشئان جيلاً صالحاً يكثر سواد المسلمين، ويقوم بنصرة الدين.
أيها المسلمون: وإلى جانب الأمر بالتعاون على البر والتقوى – ينهى الله عن التعاون على الإثم والعدوان، والإثم: جميع المعاصي، والعدوان: هو الاعتداء على حرمات الله وحرمات خلقه، والنهي عن الإعانة على ذلك، يعني النهي عن فعله من باب أولى؛ فلا يجوز للمسلم أن يرتكب المحرمات، ولا يجوز له أن يعين من يرتكبها لا بقول ولا بفعل.
وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم آكل الربا، وموكله وشاهديه وكاتبه لتعاونهم على الإثم والعدوان، ولعن صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي والرائش وهو الساعي بينهم؛ لتعاونهم على الإثم والعدوان، ومن التعاون على الإثم والعدوان الشفاعة لإسقاط إقامة الحد على من وجب عليه- قال صلى الله عليه وسلم: "من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله عز وجل، ومن خاصم من باطل وهو يعلم، لم يزل في سخط الله حتى ينزع"، ومن التعاون على الإثم والعدوان الإدلاء بشهادة الزور لينصر بها ظالماً أو يرد بها حقاً، قال صلى الله عليه وسلم: "عدلت شهادة الزور الإشراك بالله عز وجل ثلاث مرات" ثم قرأ: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ) وقال صلى الله عليه وسلم: "لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار" رواه الترمذي. وقال صلى الله عليه وسلم: "من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة لقي الله مكتوب بين عينيه: آيس من رحمة الله"، رواه ابن ماجة والأصبهاني ورواه البيهقي من حديث ابن عمر.
ثم ختم الله الآية بقوله: (وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) مؤكداً بذلك ما أمر به في أولها من التعاون على البر والتقوى، وما نهى عنه من التعاون على الإثم والعدوان ومحذراً من عقوبته لمن خالف ذلك.
أيها المسلمون: ما أحوج المسلمين اليوم إلى التعاون على البر والتقوى –وقد تداعت عليهم الأمم وتكالبت عليهم قوى الشر من كل جانب، ما أحوجهم إلى التعارف والتآلف وإزالة الأحقاد ودفع الفساد عن مجتمعهم، ما أحوجهم إلى التعاون على تربية أولادهم ونسائهم وإصلاح بيوتهم، وإخراج أهل الشر من بينهم وتنقية مجتمعهم من عناصر الفساد والإفساد، ما أحوجهم إلى الحذر من الدعايات المضللة والأفكار الخبيثة التي تدفع إليهم عن طريق وسائل الإعلام المختلفة ويروجها بينهم أعداؤهم.
إن المسلمين اليوم بأمس الحاجة إلى التعاون على جلب المصالح وتكميلها ودفع المفاسد وتقليلها.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) إلى آخر سورة الحج.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم