عناصر الخطبة
1/ أهم سِمات المُجتمع الناجِح التكامل بين أفراده 2/ أثر العمل التطوعي في الأفراد والمجتمع 3/ العمل التطوعي ممتد ومتسع لجميع أعمال الخير 4/ العمل التطوعي فطرة سوية 5/ سد عوز الفقراء وأهميته 6/ مقارنة بين حال العمل التطوعي في الغرب وبينه في بلاد المسلمين 7/ حاجة المسلمين المقهورين في جنبات الدنيا للعمل التطوعياقتباس
والعملُ التطوُّعيُّ إنما هو ترجمانٌ لصورةٍ من صُور الإسلام الرَّاشِدة الخالِدة التي تتَّصِفُ بالشُّموليَّة وتنوُّع مجالات العمل التطوُّعيِّ، لتشملَ الأهدافَ التنمويَّة؛ ففي المجالِ الاقتصاديِّ يُمثِّلُ العملُ التطوُّعيُّ الاهتمامَ الدقيقَ من خلال بذل الأوقاف وتفعيل الوعيِ للأنشِطة الوقفيَّة؛ لأن لها أثرًا بالِغًا في تنميَة الاقتصاد؛ حيث تتَّسعُ...
الخطبة الأولى:
الحمد لله الكبير المُتعال، ذي العزَّة والكمال والجلال، بيده مقاليدُ السماوات والأرض يفعلُ ما يشاءُ ويحكمُ ما يريد وإليه المردُّ والمآل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله، عظيمُ السَّجايا كريمُ الخِصال، صلَّى الله وسلَّم وبارَكَ عليه، وعلى آله وأزواجه وأصحابه، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
فإن الوصيةَ المبذولةَ لي ولكم -أيها الناس- هي تقوى الله -سبحانه-؛ فما خابَ من عضَّ عليها بالنواجِذ، واتَّقى ربَّه في منشطِه ومكرهِه، وغضبِه ورِضاه، هي النورُ في الظُّلَم، والحادي في الغُربَة والمُلِمَّات، (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) [النور: 52].
أيها الناس: إن من أهم سِمات المُجتمع الناجِح المُتكامِل: أن يكون في بُنيانِه مُتماسِكًا، تجمعُه لبِناتٌ مرصوصة تُمثِّلُ حقيقةَ أفرادِه وبَنِيه، لا تختلِفُ فيه لبِنَةٌ عن أخرى، ولا فرقَ فيها بين ما يكونُ منها أسفلَ البِناءِ أو أعلاه؛ لأن البِناءَ لن يكون راسِيًا يسندُ بعضُه بعضًا إلا بهذا المجموع، ومتى كان التصدُّع أو الإهمال لأي لبِنَةٍ من لبِنَاته فإنه التفكُّكُ والانفِطار ما منه بُدٌّ، فضلاً عن أن هذا بدايةُ تساقُطه شيئًا فشيئًا. وهذه حالُ كل مُجتمع وواقعُه.
ولذا فإن المُجتمع إذا لم يكن كالأسرة الواحِدة في ترابُطه وتعاهُدِ بعضِهم بعضًا، وأن يسمعَ الشريفُ للوضيع، والغنيُّ للفقير، والكبيرُ للصغير، وأن لا يشعُر أيُّ فردٍ بين المُجتمع أنه إنما يعيشُ وحدَه؛ كالعِيس في البَيْداء مهما كان بين ظهرانَي أمةٍ مُترامِيَة في بُقعةٍ واحدةٍ.
نعم، إنه إذا لم يكن المُجتمعُ بهذه الصورة فإنه يأذَن لنفسِه بالنُّفرة والتفرُّق، ويُمهِّدُ الطريقَ لمعاوِل الأنانِيَّة والأثَرة وعدم الاكتِراث بالآخرين، وما قيمةُ مُجتمعٍ الهَدمُ فيه أكثرُ من البِناء!!
إنه مهما بلَغَت الدول من العَظَمة والثَّروات والتقدُّم الاقتصاديّ فلن يكون ذلكم وحده كافِيًا في تلبِيَة جميع رغباتِ أفرادِها، وتحقُّق جميع تطلُّعاتهم لحظةَ الاحتِياج، فضلاً عن تحقيقها على الدَّوام.
وهنا يأتي دورُ المُجتمع المُترابِط المُتماسِك، حينما تُذكَى بين جَنَبَاته روحُ العمل التطوُّعي الذي يُعدُّ رُكنًا أساسًا من أركان رأبِ صَدع الشُّعوب المادِّي، والاجتِماعيِّ، والغذائيِّ، والأمنيِّ، والفِكريِّ، وغير ذلكم من الضرورات والحاجيَّات والتحسينَات.
إنه حينما يعُمُّ العملُ التطوُّعيُّ جنَبَات المُجتمع، ويفرِضُ نفسَه شُعورًا ساميًّا لذَوِيه وبنِي مُجتمعه ليقضِيَنَّ على الأثَرَة والشُّحِّ والاحتِكار والمَسْكَنة، شريطةَ أن لا تغتالَ صفاءَه أبعادٌ مصلحيَّةٌ أو حِزبيَّةٌ أو إقليميَّةٌ، وليس هناك حدٌّ لمن يحقُّ له أن يستفيدَ من العمل التطوُّعيِّ؛ فالنبي -صلى الله عليه وسلم– يقول: "في كل كبدٍ رطبةٍ أجر". رواه البخاري ومسلم.
العملُ التطوُّعيُّ -عباد الله- لا يُحدُّ بحدٍّ، ولا ينتهِي بزمنٍ، وامتِدادُ حدِّه بامتِدادِ طبيعتِه؛ فكلُّ عملٍ احتِسابيٍّ لا نظرةَ فيه للأُجرة والمِنَّة فهو تطوُّعيٌّ إذا كان في وجهِ خيرٍ، وهو مُمتدٌّ ومُتَّسِعٌ بامتِداد واتِّساع كلمةِ "خيرٍ"، وهو هنا يختلفُ بعضَ الشيء عن العملِ الخيريِّ؛ لأن العملَ التطوُّعيَّ يكونُ بالمُبادَرة قبل الطلَب، بخلافِ العملِ الخيريِّ؛ فإنه -في الغالب- لا يكون إلا بعد الطلَب، وكلا العَمَلَيْن وجهان لعُملةٍ واحِدةٍ. مُحصِّلتُهما: بذلُ المعروف للناس دون أُجرةٍ أو مِنَّةٍ، وإنما احتِسابًا لما عند الله: (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا) [الإنسان: 9].
إن كل عاقلٍ يُدرِكُ أن قيمةَ المُجتمعات في نُهوضِها والحِفاظ على نفسِها من التهالُك والتصدُّع، ويُدرِكُ أن العملَ التطوُّعيَّ مطلبٌ منشودٌ في جميعِ الشرائع السماوية والوضعيَّة، في الإسلام وقبل الإسلام.
وهو علامةٌ بارِزةٌ على صفاء معدن صاحبِه ونخوَته وعاطفته ولُطفِه؛ لأن هذه صفاتُ من خلقَهم الله حُنفاء ولم تجتلْهُم شياطينُ الأنانية وحبّ الذات.
ولا أدلَّ على ذلكم من قولِ خديجَة -رضي الله تعالى عنها- تصِفُ حالَ النبي -صلى الله عليه وسلم- قبلَ البِعثة حينما جاءَها من دار حِراء، بعد أن رأى جبريلَ -عليه السلام-، فقال لها: "لقد خشيتُ على نفسي". فقالت له: "كلا، أبشر؛ فوالله لا يُخزيكَ الله أبدًا، والله إنك لتصِلُ الرَّحِمَ، وتصدقُ الحديثَ، وتحمِلُ الكلَّ، وتكسِبُ المعدومَ، وتقرِي الضيفَ، وتُعينُ على نوائِبِ الحقِّ". رواه البخاري ومسلم.
وإن مما يُؤكِّدُ أن العملَ التطوُّعيَّ فطرةٌ سوِيَّةٌ في الإسلام وقبل الإسلام: ما ذكرَه حكيمُ بن حِزامٍ -رضي الله تعالى عنه- لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ حيث قال له: يا رسول الله: أرأيتَ أمورًا كنتُ أتحنَّثُ بها في الجاهِليَّة؛ من صدقةٍ، أو عتاقةٍ، أو صِلَة رحِمٍ، أفيها أجرٌ؟! فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أسلَمتَ على ما أسلَفتَ من خيرٍ". رواه مسلم.
هذه هي سَعَةُ الإسلام وسمَاحتُه ورحمتُه؛ إنه الحثُّ على البرِّ والتعاوُن عليه، وتلمُّس احتِياجات الناس.
والعملُ التطوُّعيُّ إنما هو ترجمانٌ لصورةٍ من صُور الإسلام الرَّاشِدة الخالِدة التي تتَّصِفُ بالشُّموليَّة وتنوُّع مجالات العمل التطوُّعيِّ، لتشملَ الأهدافَ التنمويَّة؛ ففي المجالِ الاقتصاديِّ يُمثِّلُ العملُ التطوُّعيُّ الاهتمامَ الدقيقَ من خلال بذل الأوقاف وتفعيل الوعيِ للأنشِطة الوقفيَّة؛ لأن لها أثرًا بالِغًا في تنميَة الاقتصاد؛ حيث تتَّسعُ الحركةُ الماليَّة مع حفظِ الأصول المُثمِرة من الاندِثار.
وقولوا مثلَ ذلكم في المجال الفِكريِّ، والاجتماعيِّ، والدعويِّ، وما شابَه، شريطةَ أن يخرجَ عن إطار الرَّتابَة والبُرود إلى دائرة المُواكَبة، ومُسابَقة الزمن، واستِقطاب الكفاءات، وإنشاء مكاتب الدراسات والبُحوث التي تُعنَى بحاجات المُجتمع وحُلولها، وتطرحُ الدراسات العلاجِيَّة والوِقائيَّة من خلال توعِية المُجتمع بقيمَة العمل التطوُّعيِّ، وأثره في التقارُب الاجتماعيِّ المعيشيِّ، والإحساس الدينيِّ.
ولو نظرنا نظرةً خاطِفةً إلى مجالٍ واحدٍ من مجالات العمل التطوُّعيِّ، وهو: سدُّ العَوزَة والفقر، وإكساب المَعدومين؛ لوَجَدنا أن الذي يُنفِقُه المُوسِرُون على الترفُّه والتحسينات رُبَّما سدَّ حاجات فُقراء بلدةٍ بأكلمها.
ولو نظَرنا إلى كُلفَة فرحٍ من أفراح الأغنياء لأدرَكنا أن نِصفَها لو كان لإطعام يتيمٍ ذي مقرَبةٍ، أو مِسكينٍ ذي مترَبَةٍ لكان في ذلك من البركةِ للزوجَين، وجَبْر كسرِ قلوبِ الفقراء، واتِّقاءً للعين والحسد، والعقوبة على السَّرَف والبَذْخ: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) [الإسراء: 26، 27].
هذا هو دينُنا، وهكذا علَّمَنا نبيُّنا -صلى الله عليه وسلم-، إنه يُريدُ منا جميعًا أن نكونَ أيادِيَ خيرٍ وبناءٍ وسدادٍ، نعملُ ولا نقعُدُ، ونشعُر بالآخر لا نصُمُّ عنه ونعمَى؛ فقد قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "على كل مُسلمٍ صدقةٌ". قيل: أرأيتَ إن لم يجِد؟! قال: "يعملُ بيدَيْه، فينفعُ نفسَه ويتصدَّق". قيل: أرأيتَ إن لم يستطِع؟! قال: "يُعينُ ذا الحاجَة الملهُوف". قيل له: أرأيتَ إن لم يستطِع؟! قال: "يأمُرُ بالمعروف أو الخير". قال: أرأيتَ إن لم يفعَل؟! قال: "يُمسِكُ عن الشرِّ؛ فإنها صدقةٌ". رواه البخاري ومسلم.
فما قيمَةُ مُجتمعٍ قليلِ الخير إذًا؟! وما ظنُّكم بمُجتمعٍ شرُّه طغَى على خيرِه؟! وأيُّ عقَبَةٍ كئُودٍ أعظمُ من ذلكم؟! ومن هو التقيُّ النقيُّ الذي سيقتحِمُ هذه العقَبَة؟! (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ * ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ) [البلد: 11- 18].
باركَ الله ولكم في القرآن العظيم، ونفعَني وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيم، قد قلتُ ما قلتُ، إن صوابًا فمنَ الله، وإن خطأً فمن نفسي والشيطان، وأستغفر الله إنه كان غفَّارًا.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكرُ له على توفيقِه وامتِنانه.
وبعد:
فإن كلَّ مُؤمنٍ غَيُورٍ على أمَّته لتستوقِفُه ظاهرةُ العمل التطوُّعيّ في هذه الآوِنة؛ حيث باتَت من أبرَز الظواهِر الإنسانيَّة العالميَّة، فقد بلغَت في ديار غير المسلمين مبلغًا عظيمًا، مُحاطًا بالدقَّة والإتقان، والتفانِي، ورُوح الرجُل الواحد، في حين أنه ليستوقِفُ المُسلِمَ المُراقِبَ ما يُقارِنُه بين العمل التطوُّعيِّ في الغرب وما وصلَ إليه، وبين العمل التطوُّعيِّ في بلاد الإسلام، وما يُعانِيه من نقصٍ في المفهوم الحقيقيِّ له، والإعداد المُتقَن، ونسبة التأخُّر والتراجُع عما هو عليه المفهومُ عند الآخرين.
فإن من المُؤسِف جدًّا أن تكون جُملةٌ من النماذِج للعمل التطوُّعيِّ في المُجتمعات المُسلِمة تُقدَّمُ لهم على صورةِ عملٍ إجباريٍّ، أو واجبٍ لا يُمكنُ التراجُع عنه قبل أن يسبِقَ ذلكم تهيِئَةٌ نفسيَّةٌ، ودينيَّةٌ، واجتِماعيَّةٌ لفهم هذا العمل الجليل.
إذا يُمكن أن يُدرِك طلاَّبُ المدارِس أو الجامِعات معنى العملِ التطوُّعيِّ مثلاً حينما يُزجُّ بهم في وادٍ أو حيٍّ أو طريقٍ ليقوموا بتنظيفِه، كعملٍ تطوُّعيٍّ بقالَبٍ إجباريٍّ؛ لأنه أمرٌ من المدرَسة أو الجامِعة أو المعهَد أو ما شابَه، دون أن يسبِقَ ذلكم المُقدِّماتُ الأساس لإذكاء قيمة هذا العمل الشريف، وأن يسبِقَ ذلكم عنصرُ التخلِية والتصفِية لشَوائِبِ المِنَن التي اعتادَ عليه المُجتمعُ في حياته مُقابِلَ كلِّ عملٍ يكون.
وهذا ما يتعارَضُ مع العمل التطوُّعيِّ من بدايتِه؛ لأن العملَ التطوُّعيَّ يتطلَّبُ قُدرةً فائِقةً على العطاء دون مِنَّةٍ، أو ترقُّب أُجرةٍ؛ بل إن مبعثَه الحبُّ والعطف، والإحسان الذي لا يكترِثُ بماهيَّة الردِّ، وإنما يحرِصُ على رِضا الضمير وخُلُوِّه من التقصير، والخُذلان تجاه مُجتمعه.
راحتُه وسعادتُه تكمُنُ في رسمِ ابتِسامةٍ على مُحيَّا مسكينٍ، أو سماع تمتَمَاتٍ بالدعاء على لسانِ ملهوفٍ مكرُوبٍ.
ولا يُمكنُ لنا أن نتصوَّر حبًّا بلا عطاءٍ، ولا أن نتصوَّرَ عطاءً بلا حبٍّ، كما أنه لا يكونُ مُكتمِلاً ناجِحًا دون أن يكون عملاً مدرُوسًا ومُنظَّمًا، يعمُّ في الفهم والإدراك للدوافِع والمهارات، والمُقوِّمات الشخصية، والمبادئ المُعرِّفة بالعمل التطوُّعيّ ونُبْلِه وأثره على المُجتمع المُكوَّن مني ومنك، وقرابَتي وقرابَتك، وجيراني وجيرانك.
والمُجتمعُ الناجِحُ الكريمُ البارُّ هو من لا ينتظرُ أحدًا يقول له: أعطِني؛ لأن يدَه تسبِقُ سمعَه، وفعلَه يُغنِي عن قولِه.
وما أحوجَنا جميعًا في هذا الزمن الذي كثُرَت فيه الحروبُ والكُرُوب والمُدلهِمَّات، وطالَت نيرانُها إخوةً لنا في الدين، سُقوفُهم قد وكَفَت، وجُدرانُهم قد نزَّت، لا تكادُ تمنعُ عنهم بردًا ولا بلَلاً. في سوريا، وفي بورما، وفي غيرهما من بلاد المسلمين ما يستدعِي شحذَ الهِمَم، وإذكاءَ العمل التطوُّعيِّ بكل وجوهِه وصُوره، وعلى رأسِها شُريان الحياة الذي هو المال.
فاللهَ اللهَ في إخواننا وبني مِلَّتِنا، ولنُشمِّر عن سواعِد الجدِّ والبَذل والتضحِيات؛ فإن النِّعَم لا تدُوم، وإن مع اليوم غدًا، وإن بعد الحياة موتًا، وبعد الموت حِسابًا: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) [الأنفال: 28].
هذا وصلُّوا -رحمكم الله- على خيرِ البرية، وأزكى البشرية: محمد بن عبد الله، صاحبِ الحوض والشفاعة؛ فقد أمركم الله بأمرٍ بدأ فيه بنفسه، وثنَّى بملائكته المُسبِّحة بقُدسه، وأيَّه بكم -أيها المؤمنون-، فقال -جل وعلا-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56]، وقال -صلوات الله وسلامه عليه-: "من صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى الله عليه بها عشرًا".
اللهم صلِّ وسلِّم على نبيِّك وعبدك ورسولك محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وارضَ اللهم عن خلفائه الأربعة: أبي بكرٍ، وعُمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر صحابةِ نبيِّك محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وعن التابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وجودك وكرمك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، واخذُل الشركَ والمشركين، اللهم انصُر دينَكَ وكتابَكَ وسنةَ نبيِّك وعبادَكَ المؤمنين.
اللهم اهدِنا فيمن هدَيت، وعافِنا فيمن عافَيت، وتولَّنا فيمن تولَّيت، وبارِك لنا فيما أعطَيت، وقِنا شرَّ ما قضَيت، فإنك تقضِي ولا يُقضَى عليك.
اللهم آتِ نفوسَنا تقواها، وزكِّها أنت خيرُ من زكَّاها، أنت وليُّها ومولاها.
اللهم فرِّج همَّ المهمومين من المُسلمين، ونفِّس كربَ المكروبين، واقضِ الدَّيْن عن المَدينين، واشفِ مرضانا ومرضَى المُسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمَّتنا وولاةَ أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم