الإعلام بين الهدم والبناء - خطب مختارة

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2022-10-11 - 1444/03/15
التصنيفات:

اقتباس

وهذا الإعلام الذي نتكلم عنه خطير جد خطير؛ فهو سلاح ذو حدين، يستطيع البناء والتعمير والترقي بالمجتمع إذا ما أُحسِن استخدامه، وبوسعه التدمير والتخريب والإفساد إذا ما أسيء استغلاله...

ربونا منذ الصغر على أن الأذان هو الإعلام بدخول وقت الصلاة... فكبرنا وقد ارتبطت كلمة: "الإعلام" في أذهاننا بالأذان والإقامة والمساجد، فقد كانت كلمة "الإعلام" في قلوبنا كلمة روحانية ملائكية جميلة المعنى والمبنى.

 

وبالرجوع قرونًا من الزمان عبر الماضي الإسلامي ندرك أنه قد كانت للنبي -صلى الله عليه وسلم- منظومة إعلامية غير الأذان؛ متمثلة في خطبة الجمعة، وفي الدروس والمواعظ، ومتمثلة أيضًا في شعراء الدعوة الإسلامية: عبد الله بن رواحة وكعب بن مالك وحسان بن ثابت وغيرهم -رضي الله عنهم أجمعين- الذين قد حُفِظت أشعارهم إلى يومنا هذا، ومتمثلة كذلك في الرسائل النبوية إلى الملوك والأمصار... ونجد الإعلام مرة أخرى مرتبطًا بمعانٍ سامية طاهرة خالدة.

 

ومرت بنا السنون سراعًا وإذا بآذاننا ترتطم بمعانٍ غريبة على قلوبنا لكلمة الإعلام! وإذا بقلوبنا تشمئز وتنفر كلما سمعت كلمة "الإعلام"؛ فقد صارت اليوم مرتبطة -في الغالب- بالمخالفات الشرعية والعرفية! فنراهم يذيعون أخبارا تخالف التوحيد والعقيدة وتنافى الأخلاق والسلوك والعفة والحشمة وتهاجم فيه ثوابت الدين ومسلماته؛ وجميعها مسوغها حرية الكلمة والتعبير والرأي، وبعضه يكون تحت شعار الفن الإعلامي! وعن وسائل ذلك الإعلام فحدث ولا حرج..

 

فهذا باختصار: الإعلام كيف كان، وكيف أصبح؛ لقد ابتدأ مكتوبًا ومسموعًا عبر الخطبة والشعر والرسالة، وقد انتهى بوسائل التواصل والفضائيات والسينمات.. حتى إنك لتستطيع متابعة كل شيء بلا استثناء بالجلوس فقط أمام التلفاز أو مع هاتفك المحمول، ولعل هذا بعض المقصود بحديث الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى تكلم السباع الإنس، وحتى تكلم الرجل عذبة سوطه وشراك نعله، وتخبره فخذه بما أحدث أهله من بعده"(الترمذي).

 

***

 

ولعل الطفرة النوعية التي أسهمت في تطور وسائل الإعلام ذلك التطور المذهل هو اكتشاف إمكانية "إرسال الإشارات عبر الموجات الكهرومغناطيسية عن بعد لمعلومات ذات طبيعة صوتية كلامية أو أنواع أخرى من البرمجة"، فظهرت الإذاعة التي كانت أول انتقال للصوت عبر الهواء؛ بدون أسلاك بين جميع دول العالم.

 

ولقد بدأ البث الإذاعي في معظم الدول تجاريًا ابتداءً من سنة 1920م، فقد بدأ بثها في السعودية يوم التاسع من شهر ذي الحجة 1368هـ الموافق أول أكتوبر 1949هـ، وبدأ بثها في مصر يوم في 31 مايو 1934م، وفي الأردن يوم 15 مايو عام 1948م، وبدأ ارسالها في القدس يوم 30 مارس 1930م...

 

***

 

والإعلام الذي نتكلم عنه خطير جد خطير؛ فهو سلاح ذو حدين، يستطيع البناء والتعمير والترقي بالمجتمع إذا ما أُحسِن استخدامه... وبوسعه التدمير والتخريب والإفساد إذا ما أسيء استغلاله.

 

ودعونا نضرب بعض الأمثال على ذلك: فمن مهمة الإعلام الهادف أن يخبر الناس بالأخبار الصادقة لا المزيفة، وبنظرة سريعة على الإعلام الإخباري اليوم نكتشف دون عناء أن أغلبه كذب وتزييف وتلفيق ومكر وخداع! وويل لمن يفترون ويزيفون؛ يروي سمرة بن جندب -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "رأيت الليلة رجلين أتياني، قالا: الذي رأيته يشق شدقه فكذاب، يكذب بالكذبة تحمل عنه حتى تبلغ الآفاق، فيصنع به إلى يوم القيامة"(رواه البخاري)، فجملة: "تحمل عنه حتى تبلغ الآفاق" تذكرنا كيف يكذب الإعلامي الكذبة في إحدى الفضائيات فتصل في توها ولحظتها إلى جميع بقاع الكرة الأرضية!

 

أيضًا فمن واجبات الإعلام أن يعلي من قيمة الفضائل وينشرها، ويحارب الرذائل ويُنَفِّر منها، وواقع إعلام اليوم غير ذلك تمامًا، فهو على النقيض يحارب الفضيلة وينشر الرذيلة!

 

كذلك فمن واجبات الإعلام الحفاظ على وحدة الأمة ونسيجها وكيانها، لكنه على النقيض يمثل أداة خطيرة لتمزيق الأمة وتشتيتها!  

 

ومن واجباته: تقديم الأمناء الأكفاء ليحسنوا تعليم الناس ويكونوا لهم نعم القدوة، لكنهم على العكس؛ يقدمون "الفنان" والراقصة والتافه والحقير ليفتي الناس ويوجه الناس! وصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "سيأتي على الناس سنوات خداعات، يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة"، قيل: وما الرويبضة؟ قال: "الرجل التافه في أمر العامة"(رواه ابن ماجه)، وقد جعل إعلام اليوم من نفسه أداة لتنفيذ تلك المهزلة!

 

***

 

ومما يؤسي ويحزن أن جُلَّ وسائل الإعلام وأغلبيتها الساحقة في أيدي المفرطين! وأن الملتزمين المعتدلين بمنأى عن استغلال الإعلام في الدعوة إلى الله -عز وجل-، إلا محاولات هنا وهناك يُفتح لها حينًا ويُضيق عليها أحيانًا.

 

ودعونا نقولها بعزم وحسم: قد آن لأهل الدين الحق أن يخوضوا ويزاحموا غير المؤهلين ليكون لهم الصدارة في مجال الإعلام ووسائله، قد آن للمصلحين أن يأخذوا بزمام المبادرة ليشرفوا على تلك المواقع ليضيقوا كل فساد؛ بدلًا من تقمصهم الآن دور المتهم المستضعف المدافع عن نفسه، قد آن لنا أن نُنتِج من جهدنا موادًا إعلامية مُصلِحة صالحة تنافس وتبز تلك المواد -التي رغم فسادها- فهي مُتقنَة ومُقنِعة قد أُنفِق عليها الآلاف بل الملايين.

 

وإني لأقسم غير حانث ولا شاك ولا مرتاب أن الصالحين لو امتلكوا من الفضائيات والمواقع والشبكات والإمكانيات ووسائل الإعلام مثلما يمتلك المفسدون منها لاستطاعوا أن يغيروا الكثير والكثير من العقائد والسلوك، وإني أقولها غير مبالغ: "أعطني إعلامًا مؤثرًا لبلد ما، أغيِّر لك مبادئها وأخلاقها وقِيَمها وربما عقائدها بفضل من الله وعون منه".

 

وفي الخطب التالية تجد الأمر مؤصلًا ومفصَّلًا ومؤيَّدًا، فإليك:

العنوان

الإعلام الجديد .. بين الواقع والمأمول

2015/02/21 5423 187 35

لقد فتَحَ الإعلامُ الجديد آفاقًا جديدةً واسِعةً؛ ليُعبِّرَ بها المرءُ عن ذاتِه وشخصيَّتِه، والتفاعُلِ مع ما حولَه من قضايا وأحداثٍ، بطُرقٍ مُختلِفة، وأسالِيبَ مُتجدِّدة، قد لا يُدرِكُها أو يستوعِبُها جيلُ الآباء والكِبار. هذه الوسائِلُ قرَّبَت البعيد، ومهَّدَت الطرقَ أمام المُبدِعين، وسهَّلَت نقلَ المعلومات، وبناءَ الأفكار، وتطويرَ المهارات، وصَقلَ الملَكَات، وإشباعَ الحاجات، وإثباتَ الذات، وزرعَ الثقةِ في النفوس. في هذه الوسائِلِ والأدوات تيسيرٌ للمعلومات وتوفيرُها ومُتعتُها، ينتقِلُ فيها المُتلقِّي من المُتابَعةِ إلى المُشارَكَة الفاعِلَة، في كل الموادِّ والأدوات. كل ذلك يتمُّ إذا كان هذا التعامُلُ بوعيٍ ونُضجٍ وحُسن تدبيرٍ...

المرفقات

الإعلام الجديد .. بين الواقع والمأمول.doc


العنوان

وسائل الإعلام

2014/01/30 4319 665 19

إن من أبرزِ سماتِ هذا العصر ثورةً كبرى في الإعلامِ والاتصالاتِ، غدا بها عالمُنا اليومَ شبكةً متداخلةً، متصلةَ الأطرافِ، فمَا يجرِي في أقصى العالم يعلمُه ويطَّلعُ عليه من في سائرِه، ولم تعُدْ بقعةٌ من العالمِ في منأىً عن هذا الاشتباكِ والاتصالِ، الذي يكادُ يطبقُ على الأرضِ، فوسائلُ الإعلامِ والاتصالِ على اختلافِها وتنوُّعِها، تطرُقُ كلَّ بابٍ، وتدخل كلَّ بيتٍ، وتنزلُ في كلِّ وادٍ، فيطالعُها الصغيرُ والكبيرُ، والعالمُ والجاهلُ، والذكرُ والأنثى، والحاضرُ والبادِ.

المرفقات

الإعلام


العنوان

الإعلام السيء وهدمه للعفاف وصلاح الناس

2018/08/06 4197 410 10

والإعلام السيء يؤجج الفتن والصراعات، ويغذي الشجار والاختلافات القومية والدينية والطائفية والحزبية والعنصرية، ولا يوجد الحلول، وإنما يضع البنزين على وهج المشكلات. والإعلام السيء يخدر الشعوب، ويشغلها بالتوافه؛ لتبقى في منأى...

المرفقات

الإعلام السيء وهدمه للعفاف وصلاح الناس


العنوان

أثر الإعلام على المجتمعات

2018/07/28 3503 379 4

الدرسُ الرابعُ: تركيزُ الإعلامِ الحثيثِ في الماضي والحاضرِ على المرأةِ، وبَذلُ الجَهدِ لكَسبِ وُدِّها ورِضاها، فتارةً بالتَّغني بحقوقِها المسلوبةِ، وتارةً بالتَّفاخرِ بإنجازاتِها الأُعجوبةِ، يُدغدغونَ مشاعرَها بالكلامِ الحُلْوِ المعسولِ... يعلمونَ عِلمَ يقينٍ أنَّه لا يُمكنُ تغييرَ مجتمعٍ إلا بتغييرِ المرأةِ، فهي أمُّ الرِّجالِ، وهي مُربيَّةُ الأجيالِ، هي السَّدُ المنيعُ في وجهِ الفسادِ، فإن سقطَ السَّدُّ هلَكتْ البِلادُ.

المرفقات

أثر الإعلام على المجتمعات


العنوان

رغاء الإعلام

2017/06/14 2189 382 7

نحنُ قد جَهِلنا حقيقة الإعلام, بأنَّها دائرَةٌ سِيَاسيَّةٌ يهُوديَّة, وأنَّ مُعظم الذي نترُكُهُ عند أولادِنَا وزوجَاتِنا, هو بذرةٌ يهوديَّةٌ مَشُوبَة, ومَعْ ذلِكَ نَرُوحُ ونَغدُو, ونَذْهَبُ ونَجِيئ, وتفسد الأخلاق, وتَنكِصُ الشَّوارِعُ على أعقابِها, مِنْ ثَمَّ نقول لِمَاذا تتَغَيَّرُ الطباع, وتَتَنَكَّسُ الرايات, وتنقلِبُ الصُّورَة مِنْ طَالحٍ إلى صالح...

المرفقات

الإعلام


العنوان

الإعلام الفاسد وأثره على الأمة

2017/05/13 12922 179 18

وهناك قنوات كثيرة فيها برامج متعددة تدس السمّ في العسل، وتتسلل إلى عقول الناس بطرق ماكرة خبيثة في كثير من البرامج، في كثير من القنوات تُعرض ثوابت الدين ومسلَّمات العقيدة تعرض للنقاش، برنامج حواري أو نقاشي لأجل مناقشة هل يجوز للمسلم أن يرتد عن دينه أم لا يجوز؟ يناقشون: هل تحكيم دين الله وتحكيم الشريعة هل هذا أمر مقبول أم مرفوض؟ يناقشون: هل الحجاب شيء حسن أو شيء قبيح؟!

المرفقات

الفاسد وأثره على الأمة


العنوان

الإعلام في الإسلام

2016/03/10 5148 499 4

كثيرة هي المؤثرات التي تؤثر في الناس تؤثر في أفكارهم وفي توجهاتهم وفي أعمالهم وأفعالهم فهناك الدين والعقيدة وهي أعظم المؤثرات وهناك العادة وما تعارف عليه الناس، وهناك شهوات النفس ورغباتها وهناك مؤثرات أخرى كذلك. ومن أعظم وسائل التأثير وسيلة قد تتغلب على هذه المؤثرات كلها وتتجاوز هذه المؤثرات كلها.. وسيلة قد شهد التاريخ ..

المرفقات

في الإسلام


العنوان

رسالة الإعلام - الحقيقة والواقع

2015/03/04 4071 108 21

إن من أعظم الأسلحة المؤثرة في المجتمعات والأمم والتي تسهم في صياغة العقول وتشكيل الأفكار وزرع القيم وإيجاد الرؤى والتصورات؛ سلاح الإعلام، لاسيما في هذا الزمن الذي تعددت فيه وسائل الإعلام، وتفننت في عرض بضاعتها على المتلقين؛ من خلال تمثلية مشوقة، أو أغنية مطربة، أو حوار مثير بالصوت والصورة، أو من خلال وسائل الإعلام المقروءة من جرائد ومجلات عادية أو إلكترونية وغيرها من وسائل التواصل الحديثة، فأصبح الإعلام في هذا الزمن من أقوى الأسلحة وأفتكها في نشر المبادئ والأفكار والترويج للقيم والعادات والأخلاق وزعزعة الثبات والمستقر وتحريك الجامد والراقد..

المرفقات

رسالة الإعلام - الحقيقة والواقع.doc


العنوان

الإعلام والحرب على الوعي

2013/09/29 4580 904 25

التفاصيلُ طويلةٌ جدًّا، ولبُّ القول -معشر الأحباب-: إيّاكم والانخداعُ بالإعلامِ المضلّل الذي يشوّهُ الحقائقَ، ويزيّنُ الأباطيل. الإعلامُ في الأصلِ لا ينبغي أن يتجاوزَ قدرَهُ في نشر الثقافة بين الناسِ، وإيصالِ المعلوماتِ والأخبارِ المفيدَةِ، بكلّ مِهنيّةٍ وصدق. هذا الكلامُ انتهى -أيها الأحبابُ- منذ زمن، حين تجاوزَ الإعلامُ مهمّتَهُ الأساسيّة فصارَ السلطةَ الأُولى على...

المرفقات

والحرب على الوعي


العنوان

خطر الإعلام الهدام

2014/05/24 3112 597 8

تشدد الحصار الدقيق، وتشدد الحراسة حول أهلك وأولادك، حتى لا يتسرب هذا الوباء إليكم. وهكذا يفعل المجتمع، يتخذ كافة الإجراءات والاحتياطات للقضاء على جراثيم ذلك الوباء ومد يد العون لمن أصيب بهذا الوباء، هكذا فلتفعل -يا مسلم-، فالوباء انتشرت جراثيمه في سائر أنحاء العالم، هو وباء أخلاقي ومصدروه هم الصهيونية الخبيثة التي لم تتغير طبيعتها الهدامة أبدا، ووصل إلينا بسبب غفلتنا. فها هي مواده السامة الفتاكة المخربة تكاد تكون في كل بيت بعدما استيقظت عيون الشهوة، ونامت عيون البصيرة، على...

المرفقات

الإعلام الهدام


إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات