إخواننا ذوو الاحتياجات الخاصة - خطب مختارة

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات:

اقتباس

كرَّم الإسلام جميع أبنائه دون تمييز، وأوجب رعاية أفراد المجتمع والإحسان إليهم، وبين أن لكل فرد مكانته الاجتماعية ودوره فيه، وهنا تتجلى نظرة الإسلام المبنية على حفظ الكرامة والمساواة والعدل والموازنة بين الحقوق والواجبات بينهم وحقهم في العمل والتعليم والتأهيل والتشغيل...

 لقد أولت الشريعة الإسلامية اهتماماً كبيراً وعناية عظيمة بالضعفاء، وذوي الاحتياجات الخاصة؛ فحثت النصوص الشرعية على وجوب رعايتهم، والوقوف بجانبهم، وكف الأذى عنهم؛ حتى يحيوا حياة كريمة كغيرهم، قال -سبحانه- محذرا من السخرية منهم أو انتقاصهم، كما ورد في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ) [الحجرات:11]، بل إن النبي -عليه الصلاة والسلام- بين فضل هذه الشريحة الضعيفة، فقال: "هل تنصرون، وترزقون إلا بضعفائكم".   والمعنى: أن النصر والرزق يأتيان من الله ببركة هؤلاء، ولذلك روعيت هذه الفئة في أحكام الإسلام وشرائعه وفرائضه حتى تدفع عنهم المشقة ويزول الحرج، فقال الحق -تبارك تعالى-: (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا)[البقرة:286]؛ فإن حكمة الله ورحمته بعباده اقتضت اختلاف النظرة إلى بعض الفئات؛ فإما أن يكون الموقف منها: هو الإعفاء المطلق من المسئولية والتكليف، كما في قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "رفع القلم عن ثلاث عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل"، وإما بالتخفيف من المسؤولية وإيجاد الرخصة المبيحة أو المسقطة في بعض الأمور التي تجب على الآخرين بأصل التكليف، وهو ما نجده في بقية المعوقين كل بحسب صورة العائق ومداه.   يقول الإمـام القرطبي -رحمه الله-: "إن الله رفع الحـرج عن الأعمى فيما يتعلق بالتكليف الذي يشترط فيه البصر، وعن الأعرج كذلك بالنسبة لما يشترط فيه المشي وما يتعذر من الأفعال مع وجود العرج، وعن المريض فيما يؤثر فيه المرض في إسقاطه أي: في تلك الحال لأيام آخر أو لبديل آخر، أو الإعفاء من بعض شروط العبادة وأركانها كما في صلاة المريض ونحوهم؛ فالحرج عنهم مرفوع في كل ما يضطرهم إليه العذر فيحملهم على الأنقص مع نيتهم بالأكمل"، أما في الأركان فلا تجوّز حيث لم يقبل الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يصلي ابن أم مكتوم في بيته.  

 

وقد بلغت رعاية الإسلام للمعوقين حداً بالغاً من السمو والرفعة، ولا أدل من ذلك قصة الصحابي الجليل عبدالله ابن أم مكتوم الذي نزلت من أجله الآيات الكريمة: (عَبَسَ وَتَوَلَّى* أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى* وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى* أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى* أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى* فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى) [عبس:1-6]، وهنا تتجلى نظرة الإسلام المبنية على حفظ الكرامة والمساواة والعدل والموازنة بين الحقوق والواجبات بينهم وبين العاديين وحقهم في العمل والتعليم والتأهيل والتشغيل.  

 

وفي هذه الآيات عتاب من الله -سبحانه وتعالى- لنبيه -صلى الله عليه وسلم- وهو أفضل خلقه والنموذج الفريد في الرحمة والتعاطف والإنسانية، وهي السمات التي أكدها القرآن الكريم بقوله: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِين َرَؤُوفٌ رَحِيمٌ) [التوبة:128]، ومنذ ذلك التاريخ وتقدير المعوقين توجه إسلامي وقيمة دينية كبرى حظي في ظلالها المعوقين بكل مساندة ودعم وتقدير، حتى وصل بعضهم إلى درجات كبيرة من العلم والمجد والنبوغ، ولعلنا نذكر بعض هؤلاء النابغين اللذين خلد التاريخ أسماءهم؛ فمن أولئك العظماء من هذه الفئة الكريمة، ما يلي: الإمام محمد بن عيسى الترمذي -رحمه الله- صاحب كتاب السنن، وهو من أشهر علماء الحديث، وكان ضريراً.  

 

ومنهم كذلك: الأعمش -رحمه الله- شيخ المحدثين، كان أعمش العينيين.   وكذا: الإمام قالون أحد أشهر أئمة القراءات كان رجلاً أصم لا يسمع.   ومنهم: عطاء بن أبي رباح الفقيه المعروف الذي كان ينادي عنه في موسم الحج: "لا يفتى الناس إلا عطاء بن أبي رباح"؛ حيث حدّث أحد خلفاء بني أميه أبناءه عنه، قائلاً: "يا أبنائي تعلموا العلم؛ فو الله ما ذللت عند أحد إلا هذا"، ويعني عطاء بن أبي رباح؛ فقد كان رجلاً يصفه الذين ترجموا له بأنه كان أسوداً، أفطساً، أعرجاً، أشلاً.   وكذلك ابن الأثير صاحب الأصول كان مصاباً بمرض في ركبته ولم يستطع الأطباء معالجته، فقال لهم: "دعوني إنني لما أصبت بهذه العاهة ألفت جامع الأصول، ويتكون من أحد عشر مجلداً".   ومنهم: سماحة العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز الذي كان الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية -رحمه الله-؛ فقد كان فاقداً للبصر، إلا أنه كان علماً من أعلام الشريعة، وإماماً من الأئمة المجتهدين.  

 

عباد الله: ما ذكرناه قطرة يسيرة من بحر هذه الشريحة الكريمة التي تؤكد للعالمين أن أصحاب الاحتياجات الخاصة جزء هام من مكونات المجتمع لهم دور بارز في رفعته والنهوض به كغيرهم من الشرائح؛ فيجب أن توفى هذه الفئة حقوقها التي أوجبها الله -تعالى-، ولعل نكتفي بأهم هذه الحقوق: الكفاية المعيشية وحفظ أموالهم: فالنفقة وتحصيل الكفاية المعيشية واجبة على ولي المعاق، ولا يجوز له التهرب من هذه المسئولية، كما يجب حفظ مال المعاق وتنميته واستثماره له إن أمكن ولا يجوز تبديده أو إنفاقه دون وجه حق، قال تعالى: (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً) [النساء:5].  

 

ولنا في الفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أسوة حسنة في اهتمامه بذوي الاحتياجات الخاصة؛ حيث بلغ اهتمامه وحرصه على المقعدين إلى أن بادر إلى سن أول شريعة اجتماعية في العالم لحماية المستضعفين والمقعدين والطفولة بإنشاء ديوان للطفولة والمستضعفين وفرض للمفطوم والمسن والمعاق فريضة إضافية من بيت المال.   ومن الحقوق التي ذكرها القرآن الكريم لذوي الاحتياجات الخاصة: أن يأكلوا من بيوت أهلهم، أو أقاربهم دون أن يجدوا في ذلك غضاضة أو حرجا، قال تعالى: (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ....) [النور:61].   ومن الحقوق -أيضا-: مراعاة ذوي الاحتياجات الخاصة وتوقيرهم والإحسان إليهم، وعدم تجاهلهم والإعراض عنهم، لما في ذلك جبر لخواطرهم وإدخال السرور عليهم.  

 

إخواننا من ذوي الاحتياجات الخاصة: أذكركم بأن الله -تعالى- يبتلي من يشاء من عباده بالمحن، ليتبين الصادق من الكاذب، والجازع من الصابر، وهذه سنته تعالى في عباده؛ لأن السراء لو استمرت لأهل الإيمان، ولم يحصل معها ضراء لحصل الغرور والركون والقصور، وحكمة الله تقتضي تمييز الصالح من غيره؛ فسلموا لربكم وارضوا بما قسمه -سبحانه-، وتذكروا ما أعده للمؤمنين بالقضاء والقدر والصابرين على البلاء والضر من الخير العظيم في الدنيا والآخرة. فاشكروا مولاكم على ما أصابكم من البلاء وثقوا أنه ابتلاء محبة واصطفاء، وأن عاقبته إن صبرتم جنة عرضها كعرض الأرض والسماء، وإني مبشر لكم ببشارة عظيمة خصكم بها العليم الخبير -سبحانه-، فقال: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) [البقرة:155-156].  

 

كما ينبغي العلم أن الإعاقة لم تكن يوما سببا للقعود والركود أو التنصل من المسؤولية والحركة في الأرض والإسهام في كافة مجالاتها الدينية والدنيوية بما يمكن لمن هذا حاله أن يسهم فيها؛ فالإعاقة وإن حرمتك شيئا من المجالات لا تكنها تتيح لك مجالات أخرى ولا تغلق الدنيا في وجهك ولا تمنعك أن تكون رقما أو مكونا فيها.   خطباؤنا الكرام: بين أيدكم هذه المقدمة اليسيرة مع بعض الخطب المنتقاة؛ عل الله أن ينفع بها المتحدث والمستمع، راجين الله أن نكون بهذا الجهد قد أسهمنا في تفعيل هذه الشريحة التي هي جزء منا وتقديم ما يجب عليهم تجاه أنفسهم وما يجب على الدول والمجتمعات نحوهم، سائلين المولى أن يجعلنا وإياكم مفاتيح للخير مغاليق للشر، إن ربي قريب مجيب.  

العنوان

حقوق المعاق في الإسلام

2013/07/08 5852 1129 39

وللمعاقين في الإسلام حقوق عظيمة؛ فمن حقوقهم: أن تهيأ الحياة الكريمة لهم، ليعيشوا مع إخوانهم السالمين في راحة وطمأنينة. ومن ذلك: تخفيف بعض المسؤوليات عنهم. ومن ذلك أيضا: تهيأت الجو العام لتـ.... إن الرحمة في الإسلام التي تطلب العون والإحسان، وجاءت بها شريعة الإسلام لتضرب المثل الأعلى في المحافظة على حقوق الإنسان المعاق أكثر من غيرها؛ لأن الأمة الإسلامية أمة تراحم وتعاون وتعاطف، لا يمكن أن يضيع بينهم معاق يقصره شيء...

المرفقات

المعاق في الإسلام


العنوان

نحن معكم يا أحبابنا

2018/03/08 3796 862 11

كان صلى الله عليه وسلم حَريصاً على هدايةِ الخَلقِ؛ فَمَالَ إلى رَجُلٍ من الأَغنياءِ وأَصغَى إليهِ وَصَدَّ عن الأَعمَى الفَقِيرِ؛ رَجَاءَ هِدايَةِ الغَنِيِّ، وَطَمَعَاً في تَزكِيَتِهِ، فَعاتَبَهُ اللهُ بهذا العِتَابِ الَّلطِيفِ، ثُمَّ ذَكَّرَهُ بِفَائِدَةِ الإقبَالِ على الأَعمى؛ فَلَعَلَّهُ يَتَطَهَّرُ عن الأَخلاقِ الرَّذِيلَةِ، وَيَتَّصِفُ بالأَخلاقِ الجَمِيلةِ، أَوْ يَتَذَكَّرُ فَينفَعُهُ العمَلُ! وهذهِ...

المرفقات

نحن معكم يا أحبابنا

نحن معكم يا أحبابنا


العنوان

عناية الإسلام بذوي الاحتياجات الخاصة

2014/03/23 33138 1138 68

أيها المسلمون: لقد كرم الإسلام جميع أبنائه بدون تمييز لجنس، أو لون، وأوجب رعاية أفراد المجتمع والإحسان إليهم، وبين أن لكل فرد دوره في المجتمع، وفي مقدمتهم ذوي الاحتياجات الخاصة، فهم جزء هام من مكونات المجتمع، ولهم دور بارز في رفعته والنهوض به كغيرهم من الشرائح. بل وقد يتفوقون على غيرهم في كثير من الأحيان، حيث نبغ عدد كبير منهم، فتولوا رئاسة الجامعات والمعاهد العلمية، وألفوا المجلدات خدمة لدين الله؛ فمنهم على سبيل المثال: الإمام محمد بن عيسى الترمذي صاحب كتاب السنن، وهو من أشهر علماء الحديث، وكان ضريراً. وكذلك الإمام ...

المرفقات

الإسلام بذوي الاحتياجات الخاصة


العنوان

هل الإعاقة عيب يمنع النجاح؟

2014/03/18 6028 987 13

إن الإعاقة الحقيقية، هي: إعاقة الإنسان الذي لا يرى الحق، لا يسلك الحق، ويجادل بالباطل، ربما يرى بعينه كل شيء إلا الحق، يسمع بأذنه كل شيء إلا الحلال، ويسعى بقدميه إلى كل شيء إلا الحلال؛ هؤلاء هم المعاقون حقيقة!. المعاقون هم الذين سلموا في أعضائهم ربما، لكن اتجهت بهم هذه الأعضاء إلى ما يغضب الله، فاطر الأرض والسماء. ليست إعاقة الجسد، وإنما هي إعاقة الفكر والروح، وإذا نزلت بالإنسان...

المرفقات

الإعاقة عيب يمنع النجاح؟


العنوان

عناية الإسلام بذوي الاحتياجات الخاصة

2018/03/13 2537 340 1

وليست الكفالة لليتيم -يا عباد الله- مقصورة على توفير الطعام والشراب والكساء والمأوى بل تعدى ذلك إلى العناية به روحيًّا وفكريا وعقليًّا، والنظر إليه على أنه واحد من أفراد المجتمع له حقوق وعليه واجبات، وبذلك ينشأ سَوِيَّ التفكير، سليمَ الصدرِ...

المرفقات

عناية الإسلام بذوي الاحتياجات الخاصة


العنوان

الشخص المعاق .. حقوق وتحديات

2018/03/08 2211 417 0

المعاقون في الإسلام لم يكونوا كلهم عاطلين منتظرين، بل كان منهم من قام بإنجازات يعجز عنها آلاف الأسوياء؛ فهذا الصحابي الجليل عمرو بن الجموح، كان رجلا أعرج شديد العرج، وكان له بنون أربعة مثل الأُسْد، يشهدون مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المشاهد، فلما كان يوم أحد...

المرفقات

الشخص المعاق .. حقوق وتحديات


العنوان

من المعاق؟

2018/03/10 2586 409 9

معاقون في لغة البشر ومقاييس البشر غيروا التاريخ، صنعوا مجرى آخر له، استطاعوا أن يضعوا بصماتهم على الحياة، تركوا أسماءهم لامعة في حياتنا، كلما نتذكرهم نتذكر أمجادهم وعطاءهم وبذلهم وتضحياتهم، خذوا غيضا من فيض وقليلا من كثير من أخبارهم: هذا عبد الله...

المرفقات

من المعاق؟


العنوان

حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة

2018/03/11 17753 673 78

الإنسان لا يستمد مقامَه ولا مكانتَه من ضخامة بدنه وقوة عضلاته، ليس العجز بفقد السمع والبصر أو النطق ولكن العجز الحقيقي في عدم توظيف هذه الحواسّ والقوى التوظيفَ الحقيقيَّ، المعوَّقُ -على الحقيقة- مَنْ أكمل اللهُ له قدراتِه فعطَّلَها ولم يصرفها في مرضاة الله ونفع نفسه وأمته...

المرفقات

حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة


العنوان

شريحة المعاقين

2018/03/10 2529 413 1

ينطلق حق المعاق في المجتمع أول ما ينطلق من أسرته التي ولد فيها، ونشأ في ظلالها، وتربى بين أفرادها؛ فإن الواجب على الأسرةِ قبل تكوينها من مؤسسيها الزوج والزوجة حسن الاختيار عند الرغبة في الزواج؛ لأن الوراثة من مسببات الإعاقة؛ فلا يكون من أسرةٍ عرفت بكثرة الإعاقة في أفرادها؛ فإن الطفل قد يرث الإعاقة...

المرفقات

شريحة المعاقين


العنوان

معاقون مبدعون

2018/03/17 3086 385 4

لقدِ استطاعَ المعاقونَ أنْ يُسجِّلُوا أسماءَهُمْ فِي سجِلِّ عظماءِ التَّاريخِ, ويتركُوا بصماتٍ واضحةً, تُبرهِنُ علَى أنَّ الإعاقةَ لاَ تُشكِّلُ حاجزاً بينَ الإنسانِ وبينَ الرُّقِيِّ والإبداعِ والتَّميُّزِ, ومِنْ هؤلاءِ العظماءِ الصَّحابِيُّ الجليلُ عبدُ اللهِ ابنُ أُمِّ مكتومٍ -رضيَ اللهُ عنهُ- الَّذِي لَمْ يَمْنَعْهُ فَقْدُ...

المرفقات

معاقون مبدعون


العنوان

تربية طفل التوحد

2013/03/19 9840 1397 32

إن ربنا جل في علاه لما خلق الدنيا لم يجعلها دار مقر، بل جعلها دار ممر، ولقد قدر الله تعالى أن يكون العباد في الدنيا يتقلبون بين أمور شتى، ما بين صحة وسقم، وما بين غنى وفقر، وما بين فراق وقرب، إلى غير ذلك من الأحوال، وقدر الله تعالى أن يتفاوت الناس في حياتهم، فمنهم الغني المعافى، ومنهم الفقير المبتلى، ومنهم...

المرفقات

طفل التوحد


العنوان

المعاق وحقوقه في الإسلام

2020/11/24 2066 394 2

الإعاقة الحقيقية هي أن ينعم الله عليك بجميل العطايا، وجليل الصفات والمزايا، ثم لا تستثمرها بما ينفعك وينفع المسلمين، فإذا أنت معطل القوى، واهن العزم، ضعيف الهمة، محسوب على الكسالى والمحرومين وأهل العجز وأهل الأماني والتسويف.

المرفقات

المعاق وحقوقه في الإسلام


العنوان

حقوق ذوي الإعاقة في المجتمع

2019/10/19 6287 342 10

العنايةُ بذوي الإعاقةِ والاحتياجاتِ الخاصةِ والقيامُ بحقوقهم منْ أوجبِ الواجباتِ على المجتمعِ الذي يعيشونَ فيهِ، وقد جاءَ الإسلامُ بكثيرٍ من الأحكامِ الّتي تخصّهم، لأنهم جزءٌ من أجزاءِ المجتمعِ المسلم.

المرفقات

حقوق ذوي الإعاقة في المجتمع


العنوان

الرحمة بالضعفاء والفقراء

2016/10/01 18690 793 42

النصرُ بالضُّعفاء، والرزقُ بالمُستضعَفين عُدَّةٌ تُدَّخَر، ووَعدٌ لا يَخيبُ، بنصرهم وحفظِ حُقوقهم، وحُسنِ إيمانهم، وتوكُّلهم يُدفع البلاءُ، وتتَّسِعُ الأرزاق، ويُبارَك في الأموال والأعمال والأعمار والأوقات، وتنتصِرُ الأمة، وتُرفَع الغُمَّة.. فمن راضَاهم واستَرضَاهم، وقامَ على خِدمتهم، وقضَى حوائِجَهم، وسعَى في شُؤونِهم، ورَفعِ الحَرجِ والمُعاناة والظُّلمِ عنهم، رزَقَه الله وأعانَه، ونصَرَه وأيَّدَه، وحفِظَه ووفَّقَه وسدَّدَه، وأنزَلَ عليه برَكتَه، وزادَه من فضلِه؛ فالضعفاءُ ليسُوا عِبئًا على الأمة؛ بل هم سَنَدُها، ومصدرُ عِزِّها، وقوَّتها ونصرِها ورخائِها.

المرفقات

بالضعفاء والفقراء

الرحمة بالضعفاء والفقراء


إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات
عضو نشط
زائر
07-10-2024

 

لقد أولت الشريعة الإسلامية اهتماماً كبيراً وعناية عظيمة بالضعفاء، وذوي الاحتياجات الخاصة؛ فحثت النصوص الشرعية على وجوب رعايتهم، والوقوف بجانبهم، وكف الأذى عنهم؛ حتى يحيوا حياة كريمة كغيرهم، قال -سبحانه- محذرا من السخرية منهم أو انتقاصهم، كما ورد في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ) [الحجرات:11]، بل إن النبي -عليه الصلاة والسلام- بين فضل هذه الشريحة الضعيفة، فقال: "هل تنصرون، وترزقون إلا بضعفائكم". والمعنى: أن النصر والرزق يأتيان من الله ببركة هؤلاء، ولذلك روعيت هذه الفئة في أحكام الإسلام وشرائعه وفرائضه حتى تدفع عنهم المشقة ويزول الحرج، فقال الحق -تبارك تعالى-: (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا)[البقرة:286]؛ فإن حكمة الله ورحمته بعباده اقتضت اختلاف النظرة إلى بعض الفئات؛ فإما أن يكون الموقف منها: هو الإعفاء المطلق من المسئولية والتكليف، كما في قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "رفع القلم عن ثلاث عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل"، وإما بالتخفيف من المسؤولية وإيجاد الرخصة المبيحة أو المسقطة في بعض الأمور التي تجب على الآخرين بأصل التكليف، وهو ما نجده في بقية المعوقين كل بحسب صورة العائق ومداه. يقول الإمـام القرطبي -رحمه الله-: "إن الله رفع الحـرج عن الأعمى فيما يتعلق بالتكليف الذي يشترط فيه البصر، وعن الأعرج كذلك بالنسبة لما يشترط فيه المشي وما يتعذر من الأفعال مع وجود العرج، وعن المريض فيما يؤثر فيه المرض في إسقاطه أي: في تلك الحال لأيام آخر أو لبديل آخر، أو الإعفاء من بعض شروط العبادة وأركانها كما في صلاة المريض ونحوهم؛ فالحرج عنهم مرفوع في كل ما يضطرهم إليه العذر فيحملهم على الأنقص مع نيتهم بالأكمل"، أما في الأركان فلا تجوّز حيث لم يقبل الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يصلي ابن أم مكتوم في بيته.

 

وقد بلغت رعاية الإسلام للمعوقين حداً بالغاً من السمو والرفعة، ولا أدل من ذلك قصة الصحابي الجليل عبدالله ابن أم مكتوم الذي نزلت من أجله الآيات الكريمة: (عَبَسَ وَتَوَلَّى* أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى* وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى* أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى* أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى* فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى) [عبس:1-6]، وهنا تتجلى نظرة الإسلام المبنية على حفظ الكرامة والمساواة والعدل والموازنة بين الحقوق والواجبات بينهم وبين العاديين وحقهم في العمل والتعليم والتأهيل والتشغيل.

 

وفي هذه الآيات عتاب من الله -سبحانه وتعالى- لنبيه -صلى الله عليه وسلم- وهو أفضل خلقه والنموذج الفريد في الرحمة والتعاطف والإنسانية، وهي السمات التي أكدها القرآن الكريم بقوله: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِين َرَؤُوفٌ رَحِيمٌ) [التوبة:128]، ومنذ ذلك التاريخ وتقدير المعوقين توجه إسلامي وقيمة دينية كبرى حظي في ظلالها المعوقين بكل مساندة ودعم وتقدير، حتى وصل بعضهم إلى درجات كبيرة من العلم والمجد والنبوغ، ولعلنا نذكر بعض هؤلاء النابغين اللذين خلد التاريخ أسماءهم؛ فمن أولئك العظماء من هذه الفئة الكريمة، ما يلي: الإمام محمد بن عيسى الترمذي -رحمه الله- صاحب كتاب السنن، وهو من أشهر علماء الحديث، وكان ضريراً.

 

ومنهم كذلك: الأعمش -رحمه الله- شيخ المحدثين، كان أعمش العينيين. وكذا: الإمام قالون أحد أشهر أئمة القراءات كان رجلاً أصم لا يسمع. ومنهم: عطاء بن أبي رباح الفقيه المعروف الذي كان ينادي عنه في موسم الحج: "لا يفتى الناس إلا عطاء بن أبي رباح"؛ حيث حدّث أحد خلفاء بني أميه أبناءه عنه، قائلاً: "يا أبنائي تعلموا العلم؛ فو الله ما ذللت عند أحد إلا هذا"، ويعني عطاء بن أبي رباح؛ فقد كان رجلاً يصفه الذين ترجموا له بأنه كان أسوداً، أفطساً، أعرجاً، أشلاً. وكذلك ابن الأثير صاحب الأصول كان مصاباً بمرض في ركبته ولم يستطع الأطباء معالجته، فقال لهم: "دعوني إنني لما أصبت بهذه العاهة ألفت جامع الأصول، ويتكون من أحد عشر مجلداً". ومنهم: سماحة العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز الذي كان الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية -رحمه الله-؛ فقد كان فاقداً للبصر، إلا أنه كان علماً من أعلام الشريعة، وإماماً من الأئمة المجتهدين.

 

عباد الله: ما ذكرناه قطرة يسيرة من بحر هذه الشريحة الكريمة التي تؤكد للعالمين أن أصحاب الاحتياجات الخاصة جزء هام من مكونات المجتمع لهم دور بارز في رفعته والنهوض به كغيرهم من الشرائح؛ فيجب أن توفى هذه الفئة حقوقها التي أوجبها الله -تعالى-، ولعل نكتفي بأهم هذه الحقوق: الكفاية المعيشية وحفظ أموالهم: فالنفقة وتحصيل الكفاية المعيشية واجبة على ولي المعاق، ولا يجوز له التهرب من هذه المسئولية، كما يجب حفظ مال المعاق وتنميته واستثماره له إن أمكن ولا يجوز تبديده أو إنفاقه دون وجه حق، قال تعالى: (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً) [النساء:5].

 

ولنا في الفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أسوة حسنة في اهتمامه بذوي الاحتياجات الخاصة؛ حيث بلغ اهتمامه وحرصه على المقعدين إلى أن بادر إلى سن أول شريعة اجتماعية في العالم لحماية المستضعفين والمقعدين والطفولة بإنشاء ديوان للطفولة والمستضعفين وفرض للمفطوم والمسن والمعاق فريضة إضافية من بيت المال. ومن الحقوق التي ذكرها القرآن الكريم لذوي الاحتياجات الخاصة: أن يأكلوا من بيوت أهلهم، أو أقاربهم دون أن يجدوا في ذلك غضاضة أو حرجا، قال تعالى: (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ....) [النور:61]. ومن الحقوق -أيضا-: مراعاة ذوي الاحتياجات الخاصة وتوقيرهم والإحسان إليهم، وعدم تجاهلهم والإعراض عنهم، لما في ذلك جبر لخواطرهم وإدخال السرور عليهم.

 

إخواننا من ذوي الاحتياجات الخاصة: أذكركم بأن الله -تعالى- يبتلي من يشاء من عباده بالمحن، ليتبين الصادق من الكاذب، والجازع من الصابر، وهذه سنته تعالى في عباده؛ لأن السراء لو استمرت لأهل الإيمان، ولم يحصل معها ضراء لحصل الغرور والركون والقصور، وحكمة الله تقتضي تمييز الصالح من غيره؛ فسلموا لربكم وارضوا بما قسمه -سبحانه-، وتذكروا ما أعده للمؤمنين بالقضاء والقدر والصابرين على البلاء والضر من الخير العظيم في الدنيا والآخرة. فاشكروا مولاكم على ما أصابكم من البلاء وثقوا أنه ابتلاء محبة واصطفاء، وأن عاقبته إن صبرتم جنة عرضها كعرض الأرض والسماء، وإني مبشر لكم ببشارة عظيمة خصكم بها العليم الخبير -سبحانه-، فقال: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) [البقرة:155-156].

 

كما ينبغي العلم أن الإعاقة لم تكن يوما سببا للقعود والركود أو التنصل من المسؤولية والحركة في الأرض والإسهام في كافة مجالاتها الدينية والدنيوية بما يمكن لمن هذا حاله أن يسهم فيها؛ فالإعاقة وإن حرمتك شيئا من المجالات لا تكنها تتيح لك مجالات أخرى ولا تغلق الدنيا في وجهك ولا تمنعك أن تكون رقما أو مكونا فيها. خطباؤنا الكرام: بين أيدكم هذه المقدمة اليسيرة مع بعض الخطب المنتقاة؛ عل الله أن ينفع بها المتحدث والمستمع، راجين الله أن نكون بهذا الجهد قد أسهمنا في تفعيل هذه الشريحة التي هي جزء منا وتقديم ما يجب عليهم تجاه أنفسهم وما يجب على الدول والمجتمعات نحوهم، سائلين المولى أن يجعلنا وإياكم مفاتيح للخير مغاليق للشر، إن ربي قريب مجيب.