مختارة عيد الأضحى المبارك لعام 1436هـ

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2022-10-05 - 1444/03/09
التصنيفات:

اقتباس

للأعياد في الإسلام شأن عظيم، ومكانة متميزة، فقد جعل الله أعياد المسلمين علامة على تميز الأمة وتفردها بمناسكها وأيامها، وربط التشريع الحكيم بين العيد وبين تعظيم شعائر الله وشرائعه، وأداء فرائض الإسلام ومناسكه، ولذا جاء...

إن مما امتن الله به على عباده المؤمنين، أن جعل لهم مواسم وفرصاً يتسابقون فيها إلى الله بالطاعات والعبادات، وهكذا تتوالى نعم الله على عباده، ويتتابع فضله وبره، فما ينقضي موسم للعبادة إلا شرع لنا ربنا موسمًا آخر ينال فيها العباد رحمات الله –تبارك وتعالى- ومن هذه المنن العظيمة موسم عشر ذي الحجة وأداء فريضة الحج إلى بيت الله الحرام، وما يلي ذلك من عيد الأضحى كلها منن عظيمة وعطايا من الله الكريم.  

 

تفرد الأمة في أعيادها: وللأعياد في الإسلام شأن عظيم، ومكانة متميزة، فقد جعل الله أعياد المسلمين علامة على تميز الأمة وتفردها بمناسكها وأيامها، وربط التشريع الحكيم بين العيد وبين تعظيم شعائر الله وشرائعه، وأداء فرائض الإسلام ومناسكه، ولذا جاء عيد الفطر بع صيام شهر رمضان وقيام لياليه، والتدرب على الوصول لمرتبة المتقين من عباد الله الصالحين.  

 

وأما عيد الأضحى فقد شرعه الله لنا بعد عبادة - هي بحق جهاد لا قتال فيه. وهي عبادة حج بيت الله الحرام، وقد صح هذا المعنى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث عائشة -رضي الله عنها- عند البخاري حين سألت رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "هل على النساء من جهاد؟ "فقال عليه الصلاة والسلام: "عليهن جهاد لا قتال فيه.. الحج والعمرة".   وقبيل الانتهاء من أعمال هذه العبادة العظيمة، حج بيت الله الحرام شرع الله لعباده عيد الأضحى في العاشر من ذي الحجة بعد أن منَّ الله على حجاج بيته بوقوف يوم عرفة متضرعين تائبين خاشعين. وبعد أن أدى غير الحجاج في ذلك اليوم عبادة الصيام. الصيام الذي يكفر الله به السنة الماضية والسنة الباقية. فهو عيد عظيم بعد يوم عظيم يوم شكر لله المنعم المتفضل على ما أنعم به من حج وصيام.  

 

وفي هذا اليوم يتقرب عباد الله إلى الله حجاجا كانوا أو غير حجاج بذبح الهدى والأضاحي ليطعموا البائس الفقير بعد أن يأكلوا منها ما تيسر لهم اتباعا لنبيهم محمد عليه الصلاة والسلام وشكرًا لربهم، ويقضون هذا اليوم وثلاثة أيام بعده في ذكر الله تعالى مع التنعم والتمتع بطيبات أحلها الله لهم من الطعام والشراب والطيب، وغير ذلك من نعم الله التي لا تُعد ولا تُحصى، هكذا تتجلى المعاني السامية والحكمة البالغة في العيدين الإسلاميين عيد الفطر، وعيد الأضحى.  

 

فالأعياد عندنا – معاشر المسلمين - لها صفتها الدينية، ولهذا لا يجوز لنا أن نحتفل بالأعياد الغربية كما لا يجوز لنا أن نبتدع أعياداً أخرى في دين الإسلام كعيد المولد النبوي أو غيره.   التكبير وذكر الله من شعائر العيد: والتكبير من شعائر العيد، في أيام عيد الأضحى وأيام التشريق، قال الله تعالى: (وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)[البقرة: 203].  

 

قال الإمام الطبري: "يعني جَلّ ذكره: اذكروا الله بالتوحيد والتعظيم في أيام مُحصَيات، وهي أيام رَمي الجمار. أمر عباده يومئذ بالتكبير أدبارَ الصلوات، وعند الرمي مع كل حصاة من حَصى الجمار يرمي بها جَمرةً من الجمار"(تفسير الطبري: 4 / 208).   وقال ابن كثير: "ويتعلق به أيضًا الذكر المؤقت خلف الصلوات، والمطلق في سائر الأحوال. وفي وقته أقوال للعلماء، وأشهرها الذي عليه العمل أنَّه من صلاة الصبح يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق، وهو آخر النَّفْر الآخِر"(تفسير ابن كثير: 1/ 561).  

 

وقال القرطبي: "وقد أمر الله -سبحانه وتعالى- عباده بذكره في الأيام المعدودات، وهى الثلاثة التي بعد يوم النحر، وليس يوم النحر منها، لإجماع الناس أنه لا ينفر أحد يوم النفر وهو ثاني يوم النحر، ولو كان يوم النحر في المعدودات لساغ أن ينفر من شاء متعجلا يوم النفر، لأنه قد أخذ يومين من المعدودات"(تفسير القرطبي 3 / 1).   وقال الإمام البخاري: بَاب التَّكْبِيرِ أَيَّامَ مِنًى وَإِذَا غَدَا إِلَى عَرَفَةَ وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُكَبِّرُ فِي قُبَّتِهِ بِمِنًى فَيَسْمَعُهُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ فَيُكَبِّرُونَ وَيُكَبِّرُ أَهْلُ الْأَسْوَاقِ حَتَّى تَرْتَجَّ مِنًى تَكْبِيرًا وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُكَبِّرُ بِمِنًى تِلْكَ الْأَيَّامَ وَخَلْفَ الصَّلَوَاتِ وَعَلَى فِرَاشِهِ وَفِي فُسْطَاطِهِ وَمَجْلِسِهِ وَمَمْشَاهُ تِلْكَ الْأَيَّامَ جَمِيعًا وَكَانَتْ مَيْمُونَةُ تُكَبِّرُ يَوْمَ النَّحْرِ وَكُنَّ النِّسَاءُ يُكَبِّرْنَ خَلْفَ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَيَالِيَ التَّشْرِيقِ مَعَ الرِّجَالِ فِي الْمَسْجِدِ.(صحيح البخاري 2 /20 معلقاً، ووصله الحافظ في الفتح: 2/535).   إن عيد الأضحى يومٌ مبارك، رفع الله قدره، وأعلى ذكره، وسماه يوم الحج الأكبر، وجعله عيداً للمسلمين حجاجاً ومقيمين، فيه ينتظم عقد الحجيج على صعيد منى، في هذا اليوم المبارك يتقرب المسلمون إلى ربهم بذبح ضحاياهم، اتباعاً لسنة الخليلين إبراهيم ومحمدٍ عليهما الصلاة والسلام.   العيد ومآسي المسلمين: كيف للمسلم أن يسعد وفي جسد الأمة جراحات وآهات وأوجاع؟.. وكيف للعين أن تقر وهي ترى أمامها مآسي أمتها, وكل ما يحتاجه أحدنا هو أن ينظر إلى الصحف العالمية ليرى أننا أصبحنا حديث العالم ومحور الصراعات والنزاعات والحروب والتشريد والجهل والفقر والجوع، ففي أعضاء جسد الأمة الإسلامية من المآسي ما يضاهي مآسي شعوب العالم مجتمعة.  

 

فإذا لم نستيقظ الآن والأمة تُذبح فمتى نستيقظ؟! وإن لم نستيقظ الآن والإسلام جريح جرحا عظيما غائرا فمتى نستيقظ؟!   وإن مآسي أمتنا الإسلامية التي تعاني منها سواءً في العراق أو بورما أو فلسطين أو سوريا، واليمن وغيرها لتجعل المسلم يراجع نفسه ويسائلها عن أسباب هذه المآسي التي تقع هنا أو هناك، وما هو واجبنا كولاة وعلماء ودعاة وآمرين بالمعروف وناهين عن المنكر ورجال إعلام نحو ما يجري لأمتنا.  

 

العيد دعوة للتآلف: العيد فرصة للصلة والمودة والرحمة بين المسلمين، خاصة الأقارب والأرحام، فلتتصافح القلوب، ولتتصاف النفوس، ولنجدد ميثاق الإخاء الإسلامي بين أولياء الله وحزبه من أهل "لا إله إلا الله" تعاوناً على البر والتقوى، وتواصياً بالحق والصبر، ونصرة للظالم والمظلوم، فلن يذوق طعم الفرح بالعيد قلب تأكله الأحقاد، أو ضمير يسكنه الغش، أو نفس يتلبسها الهوى، ولنحلم بغدٍ مشرق تلوح تباشيره في الأفق البعيد ... فما أضيق العيش لولا فسحة الأمل! لِمَ لا نفرح بالأحلام اللذيذة ؟!  

 

وإن أمة الإسلام -بإذن الله- ستأخذ من دهرها دروساً، ومن مواسمها ومناسباتها عظاتٍ وعبراً، وتأخذ من الحج اجتماع الكلمة، ومن عيد الأضحى التضحية، وستنفض الغبار المتراكم عليها وتنفي عنها كل متطفلٍ من غير طبيعتها، والأمل بالله يفوق كل أمل، والرجاء به فوق كل رجاء، والله غالبٌ على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون. 

 

ومن أجل بيان تفرد الأمة وتميزها في أعيادها، وضعنا بين يديك أخي الخطيب الكريم مجموعة خطب منتقاة من خطب عيد الأضحى لعام 1436هـ، ونسأل الله أن يرزقنا وإياكم الإخلاص في الأقوال والأعمال، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

الخطبة الأولى:
الخطبة الثانية:
الخطبة الثالثة:
الخطبة الرابعة:
الخطبة الخامسة:
الخطبة السادسة:
الخطبة السابعة:
الخطبة الثامنة:
الخطبة التاسعة:
الخطبة العاشرة:
الخطبة الحادية عشر:
العنوان
خطبة عيد الأضحى المبارك - فتن السراء وفتن الضراء (2) 2015/09/18 6635 1001 132
خطبة عيد الأضحى المبارك - فتن السراء وفتن الضراء (2)

مِنْ سُنَّةِ اللَّـهِ –تَعَالَى- أَنْ يَبْتَلِيَ عِبَادَهُ أَفْرَادًا وَأُمَمًا بِالسَّرَّاءِ وَبِالضَّرَّاءِ؛ لِيَنْظُرَ هَلْ يَشْكُرُونَ فِي سَرَّائِهِمْ، وَيَصْبِرُونَ فِي ضَرَّائِهِمْ، فَتَكُونُ لَهُمُ الْعَاقِبَةُ فِي الدُّنْيَا، وَالْفَوْزُ الْكَبِيرُ فِي الْآخِرَةِ، وَهِيَ سُنَّةٌ عَامَّةٌ فِي كُلِّ الْأُمَمِ، وَفِي كُلِّ الْأَزْمَانِ ..، فَهُوَ –سُبْحَانَهُ- يَبْتَلِي وَيُعَافِي، وَيَمْنَعُ وَيُعْطِي، وَكُلُّ أَفْعَالِهِ -عَزَّ وَجَلَّ- تَدُورُ بَيْنَ الرَّحْمَةِ وَالْحِكْمَةِ. وَلَا تَنْتَهِي فِتَنُ السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ إِلَّا بِالِانْتِقَالِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَى الْآخِرَةِ...

المرفقات

عيد الأضحى المبارك - فتن السراء وفتن الضراء (2)

عيد الأضحى المبارك - فتن السراء وفتن الضراء (2) مشكولة

التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life