اقتباس
لم تعد قضية القدس قضية ثانوية في حياة المسلمين، بل أصبحت -على مر العقود- قضيتهم المحورية التي هي أساس الصراع العالمي ما بين المسلمين والصليبيين واليهود، فهي محور التحركات الغربية، وهي المحرك الأساسي لأوراق الصراع على منضدة العداوة الأبدية بين المسلمين واليهود، وليس غريبًا أن تكون كذلك وهي بقعة مباركة مسلوبة منذ أكثر من سبعين عامًا، دفع المسلمون في سبيل تحريرها دماءهم وأنفسهم وأموالهم ، ولا يزالون يدفعون حتى هذه اللحظة..
لم تعد قضية القدس قضية ثانوية في حياة المسلمين، بل أصبحت -على مر العقود- قضيتهم المحورية التي هي أساس الصراع العالمي ما بين المسلمين والصليبيين واليهود، فهي محور التحركات الغربية، وهي المحرك الأساسي لأوراق الصراع على منضدة العداوة الأبدية بين المسلمين واليهود، وليس غريبًا أن تكون كذلك وهي بقعة مباركة مسلوبة منذ أكثر من سبعين عامًا، دفع المسلمون في سبيل تحريرها دماءهم وأنفسهم وأموالهم ، ولا يزالون يدفعون حتى هذه اللحظة.
كان المسجد الأقصى على مرِّ التاريخ مسجداً للمسلمين من قبل أن يوجد اليهود ومن بعد ما وجدوا؛ فإبراهيم عليه السلام هو أول من اتخذ تلك البقعة مسجداً، وقد قال الله -تعالى- عنه (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِياًّ وَلاَ نَصْرَانِياًّ وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ )[آل عمران: 67]، وليس لبني إسرائيل يهوداً ونصارى علاقة بالمسجد الأقصى إلا في الفترات التي كانوا فيها مسلمين مع أنبيائهم المسلمين عليهم السلام، أما بعد كفرهم بالله -تعالى-، وشتمهم إياه، وقتلهم الأنبياء فقد انبتت علاقتهم بهذا المسجد الذي تحول إلى إرث المسلمين المؤمنين بجميع الأنبياء -عليهم السلام-.
ولكن اليهود والنصارى في هذا الزمن لا يسلمون بذلك، ويحاربون المسلمين عليه؛ إذ يعتقد اليهود أن بناء الهيكل الثالث سيخرج ملكاً من نسل داوود عليه السلام، يحكمون به العالم، ويقتلون غير اليهود، كما يعتقد النصارى أن نزول المسيح سيكون في الأرض المباركة، وأنهم سيكونون أتباعه، ويقتلون به غير النصارى؛ فالصراع على بيت المقدس هو صراع ديني عقائدي، يعتقد صهاينة اليهود والنصارى أنهم لن يستطيعوا حكم العالم إلا بعد بناء الهيكل فيه؛ ولذا فلن يتنازلوا عنه مهما كلف الأمر.
وأما الملاحدة والعلمانيون من بني إسرائيل فيرون أن هذه العقائد الدينية التي تحرك صهاينتهم فرصة سانحة لإقناع شعوبهم وتحريكهم نحو استعمار منطقة الشرق الإسلامي، وبسط نفوذهم فيها؛ لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية بهذه المعتقدات.
والعجيب أن الأهداف الصهيونية الدينية والأهداف العلمانية عند اليهود والنصارى قد التقت على هذه البقعة المباركة، واتفقت على لزوم السيطرة عليها، وكل واحد من الفريقين وإن كانت له مسوغاته ومشاريعه فإنه يدعم الفريق الآخر ويؤيده. بخلاف المسلمين فإن العلمانيين منهم يريدون التخلي عن الأرض المباركة، وبيعها ومسجدها للأعداء بثمن بخس، بل بلا ثمن، ويحاربون من لا يوافقهم في خيانتهم بلا هوادة.
إن الأرض المباركة هي أرض الله -تعالى-، ومسجدها أقيم لتوحيده سبحانه، وليس من حق أحد -كائنا من كان- أن يتنازل عن شيء منها للأعداء؛ فهي ملك لله تعالى، وأمانة عند المسلمين، ولن تحرر من رجس اليهود إلا بالتزام دين الله -تعالى-، وتحكيم شريعته، والتوبة من الذنوب والمعاصي التي هي سبب الذل والهوان المضروبين على المسلمين.
إن الأرض المباركة بمسجدها المقدس لن تحررها مؤتمرات تقام هنا أو هناك، يعقدها من سعروا الحروب لإشباع نزواتهم؛ فاستعمروا البلدان، وخربوا العمران، ونهبوا الثروات، وقتلوا الرجال والنساء والولدان.. هم الخصم في مؤتمراتهم وهم الحكم، وهم من يملون الاتفاقيات، ويشترطون الشروط، ويفرضون إرادتهم الظالمة بالقوة والبطش والتخويف والتهديد، ما يعقدون مؤتمراتهم إلا طمعاً في تنازلات جديدة، ولن يكون حظ المسلمين من مؤتمرهم الأخير إلا كحظهم من اتفاقات مدريد وأسلو وغيرها من مؤتمرات الأعداء.
لن ينال المسلمون منها إلا تكريس الاحتلال، ومكافأة الظلمة، وجلد الضحية، وتشريع الفساد في الأرض؛ فلا أمل فيهم ولا في مؤتمراتهم، وإنما الأمل في الله -تعالى-، ثم في رجال مؤمنين مرابطين في الأرض المباركة، قد تحملوا عن الأمة كلها مسئولية الدفاع عن المسجد الأقصى، ففدوه بدمائهم وأبنائهم وأموالهم..
ما وهنت لهم عزيمة، ولا لانت لهم عريكة، جوعهم أهل الأرض على ما اختاروا فصبروا وما ضجروا.. هدم اليهود ديارهم، وأتلفوا زروعهم، وفعلوا بهم ما لا يحتمله غيرهم، وهم صابرون صامدون مرابطون، فلهم على المسلمين حق الدعاء والتضرع بأن يفرج الله -تعالى- كربتهم، ويقوي عزيمتهم، ويربط على قلوبهم، وينصرهم على أعدائهم، ويحرر الأقصى على أيديهم (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ الله العَزِيزِ الحَكِيمِ)[آل عمران:126].
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم