(حملة الخطباء لرفع الظلم عن النساء)

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

معاشر الخطباء الأعزاء، والدعاة الفضلاء، والمفكرين والكتاب الأصلاء:


نرفع إليكم شكوى نسائية صارخة، تشكل حلقة في سلسلة الظلم التي تمارَس على المرأة -أمًا وأختًا وزوجة وبنتًا-، من بعض قليلي الدين والنخوة، البعداء عن المبادئ الإسلامية السامقة الرفيعة، التي تحترم كل آدمي -رجلاً كان أو امرأة-، وتقرُّ له حقوقًا واجبة النفاذ، فأوجب على كل مُنْتَمٍ إلى هذا الدين أن يكون أمينًا في توصيل الحقوق إلى أصحابها، وإلا لم يكن من أهل الإيمان الخُلَّص الذين هم أهل الله وخاصته، ومن هؤلاء الذين أولاهم الإسلام اهتمامًا كبيرًا، وأولى حقوقهم مزيد عناية، وأوصى الرجال -بأي صفة كانوا- أن يعتنوا بهم بشكل زائد، وأن لا يظلموهم، ولا يتعسفوا في استخدام الحقوق ضدهم؛ النساء؛ حيث لهم ولاية وقوامة عليهن، ففيها نوع من التحكم الذي أقره الشرع بحدوده، فإذا تجاوز العبد حده -مِنْ وليٍّ أو قوَّامٍ-، كان ظالمًا، وكان من المتوعَّدين بالعذاب والإقبال على الهلاك.

وتتعدد مظاهر هذا الظلم الموجه من الرجل إلى المرأة في صور متكاثرة، تزيد يومًا بعد يوم بمرور الأيام واتساع العلاقات الإنسانية بين البشر، فما بين منعها الميراث الشرعي الذي تستحقه، مرورًا بالضرب المبرح والعنف الأسري الذي يمارسه بعض الأزواج والأولياء على نسائهم، أو التمتع بها بالزواج مع التساهل في طلاقها كسلعة رخيصة، أو حتى حبسها في المنزل دون مراعاة لحقوقها الطبيعية في الحنو والعطف والإنفاق والعلاقة الحميمة، أو الميل لإحدى الزوجات دون الأخرى، أو تفضيل الأبناء الذكور على البنات بحجج واهية لا تستند إلى شرع أو عقل أو حكمة، أو عضل البنات والأخوات عن الزواج وحرمانهن من الحصول على المتعة الحلال والذرية للاستيلاء على رواتبهن أو مستحقاتهن حتى يبلغن من الكبر عتيًا، كل هذا بغطاء مجتمعي مقيت، أو فهم خاطئ لنظرة الدين للمرأة، التي كرمها الإسلام أمًّا وزوجة وأختًا وبنتًا.

وقد تلقينا من إحدى نساء مجتمعنا المترامي الأطراف، المتمسك -لم يزل- بشريعة ربه ومبادئ دينه، رسالة صارخة، قاسية العبارات، شديدة الألفاظ، عميقة المعاني، تصف فيها معاناتها ومعاناة بني جنسها من ظلم وقع عليهن من آباء أو أزواج، لم يراعوا لهن حرمة، أو يتبعوا فيهن منهاجًا ولا شرعة، بل كالوا لهن العذاب أصنافًا، والإساءة أشكالاً وألوانًا، فنهيب بكم -خطباءً ودعاة وكتابًا- أن تطلعوا عليها، فتدركها عقولكم، وتستشف ما فيها قلوبكم وأفئدتكم، لتحرك مشاعركم ونخوتكم لدفع الظلم عنهن، ورفع الأذى المتمكن من حياتهن، فمن استطاع أن يقدم كلمة فليفعل، ومن استطاع أن يقدم خطبة فلا يبخل، ومن استطاع أن يُنْهِي لإحداهن معاملة فَلْيَسْعَ وليعملْ، ومن لم يكن من أهل الخطابة أو الكلام أو العطاء المادي المحسوس فلا أقل من تعاطف في فؤاده، أو دمعة من عينه، أو تعليق من قلمه، وليس وراء ذلك من النخوة العربية والأخوة الإسلامية حبة خردل.


والمرأة ضعيفة البنية، قليلة الحيلة، قد لا تستبين حجتها في مواجهة الرجل الذي يمتلك القدرة على المناورة والبيان والإفصاح عما بداخله، فضلاً عما قد يمتلكه من النفوذ والسلطة والمال، ما يؤهله للتأثير في قرارات المحاكمات، فيتفوق عليها من ذلك الجانب، فيجلب المحامين البارعين، الذين يلحنون بلسان فصيح، وحجة دامغة، فيستميل القضاة إلى ناحيته، ويحصل على حكم لصالحه.. كل هذا والمرأة تشاهد وتسمع ما يزيد من غضبها وسخطها على مجتمعها الذي تشعر بتواطئه مع الزوج أو الأب الظالم.


وأما إذا استطاعت المرأة تخطي كل تلك العقبات وكانت المحكومية في صالحها، فإنها تظل تعاني سنوات وسنوات حتى تنفيذ قرار المحكمة، وربما جاعت وضاع أبناؤها حتى تحصل على حقها من نفقة أو كسوة أو طلاق، فمن حقها الذي كفلته لها الشريعة والذي كفله لها المجتمع أن تجد من يعينها على الوصول إلى حقوقها، وأن لا تضطرها الظروف إلى اللجوء لمن يستغلونها –أيًا كان نوع هذا الاستغلال- من أجل لقمة تطعم بها جياعها، أو كسوة تغطي بها صغارها.

وإننا –في ملتقى الخطباء- إذ نعلن انطلاق هذه الحملة المباركة، فإننا نؤكد من خلال هذا التحرك الإيجابي في المجتمع سعينا لجمع أكبر قدر ممكن من المواد المتفرقة التي كتبها الخطباء والدعاة والمفكرون وإتاحتها للخطباء، وذلك عبر استنهاض همم الخطباء والدعاة والمثقفين لإشباع الموضوع بالخطب والمقالات والدراسات التي تغطي الموضوع من جميع جوانبه؛ لبيان حق المرأة في الإسلام -أمًّا وزوجة وبنتًا- من الكتاب والسنة وهدي الصحابة وسلف الأمة.

كما نؤكد أن على المؤسسات القضائية الإسراع في تنفيذ الأحكام الصادرة عنها، كأحكام الطلاق والنفقة وغيرها، وعدم المماطلة أو التباطؤ الذي يزيد من شعور النساء في المجتمع بالظلم والتعسف.


وبعد اطلاعكم –خطباء ومفكرين ومثقفين- على الرسالة على هذا الرابط:



صرخة نسائية سعودية شديدة اللهجة للمشايخ والخطباء فهل من موصلها لهم ومجيب منهم؟؟


فنحن في انتظار مشاركاتكم -من خطب بليغة عصماء، أو مقالات مطولة أو مقتضبة، أو دراسات اجتماعية أو شرعية متعمقة، أو غيرها- في حملتنا، لرفع الظلم عن نساء أمتنا، وتبصير الرجال بما عليهم من واجبات تجاههن، وحقوق تجب صيانتها لهن، راجين أن تكون الحملة على مستوى المشاركة المطلوب من الخطباء والدعاة والكتاب، وأن تنال اهتمامهم، وتلفت انتباههم، علَّها تكون لبنة في تشييد صرح العدل المنير بأضواء السلام والمحبة والوئام، وهدم أكواخ الظلم التي سكنتها خفافيش القهر والمذلة والاعتساف؛ والله حسبنا وهو نعم الوكيل.

وإنا لنشكر الشيخ عبد المجيد بن غيث الغيث؛ لاستجابته لهذه الصرخة؛ فقد صرخ لتلك الصرخة وأسماها:




صـرخـة بصـرخـة

سأصرخ بصوت أرفع من تلك الصرخات التي أسمعها بشكل يومي ومتكرر من المطلقات والمعلقات والضعيفات والمهملات، وصرختي سأوجهها لصناع القرار ومنظميه ومطبقيه من أصحاب الصف الإسلامي؛ لأنهم يريدون الخير والعدل مع حفظ شرف المرأة وعفافها، ولأنهم -أي الإسلاميين- يخشون أن يستغل أصحاب الفكر الهدام معاناة المرأة فيناصرونها في قضاياها الدنيوية.. المزيد..



تضامنا مع الصرختين؛ للشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل

ومن المعلوم أن الظلم الواقع على المرأة هو البوابة التي ولج منها التغريبيون المفسدون لإفساد المرأة باسم تحريرها ورفع وصاية الرجل عليها وغير ذلك من الدعاوى الجوفاء، التي لا تزيد على كونها استغلالاً بشعاً للمرأة وإضافة ظلم جديد عليها لتحمل ظلمين، وتعاني الأمرين، والظلم على المرأة تتعدد أشكاله، وتتنوع مصادره؛ ومنه .. المزيد ..



خطب مختارة في ظلم النساء


إلا أن عددًا غير قليل من الرجال لا يتمتعون بهذا الفهم الدقيق لمعنى القوامة أو الولاية، ولا لأهمية وجود المرأة في حياتهم، فيتسلطون عليها، وكأنها كائن من الدرجة الثانية أو الثالثة، فيمنعونها حقوقها التي كفلتها لها الشريعة بحجج عدة؛ فما بين منعها الميراث الشرعي الذي تستحقه، مرورًا بالضرب المبرح والعنف الأسري الذي يمارسه بعض الأزواج والأولياء على نسائهم، أو الميل لبعض الزوجات دون الأخريا.. المزيد..


المشاهدات 7961 | التعليقات 18

www.wafa.com.sa

موقع وفاء لحقوق المرأة أخذ على عاتقه حمل هموم المرأة والدفاع عن حقوقها أنصح أخواتي المظلومات والمضطهدات بالتواصل معه يقوم عليه مشائخ ودكاترة واستشاريين أفاضل يقدمون خدماتهم الحقوقية والاستشارية وخدمات المحاماة لوجه الله ... على رأس هؤلاء فضيلة الشيخ الدكتور / سعود بن عبدالله الفنيسان حفظه الله عميد كلية الشريعة سابقا في جامعة الإمام بالرياض ... موقعه الالكتروني الشخصي للشيخ :

http://alfunisan.com/dsf-cv.html

فعلا فصرخات أخواتنا تنذر بالخطر ...


تضامنا مع الصرختين
إبراهيم بن محمد الحقيل

حين اقترحت على أخينا فضيلة الشيخ عبد المجيد الغيث أن يكتب في الموضوع فاستجاب -جزاه الله تعالى خيراً وكثر من أمثاله- فذلك لما أعلمه عنه من قدرته في معالجة مثل هذه الموضوعات، وأن الله تعالى قد فتح له أبواباً في الإصلاح الأسري، ورفع الظلم عن المرأة، وترميم ما تصدع من الأسرة، وأعرف عنه من القصص في ذلك الشيء الكثير العجيب، وكنت أود لو استفاض في معالجة هذا الموضوع المهم، ولو بدلالة من يريد المشاركة في هذا الباب العظيم من الخير بقواعد وضوابط واقتراحات استفادها من تجربته المميزة في هذا الباب، ولعله يستجيب لطلبي المعلن كما استجاب من قبل لطلبي غير المعلن.
ومن المعلوم أن الظلم الواقع على المرأة هو البوابة التي ولج منها التغريبيون المفسدون لإفساد المرأة باسم تحريرها ورفع وصاية الرجل عليها وغير ذلك من الدعاوى الجوفاء، التي لا تزيد على كونها استغلالاً بشعاً للمرأة وإضافة ظلم جديد عليها لتحمل ظلمين، وتعاني الأمرين، والظلم على المرأة تتعدد أشكاله، وتتنوع مصادره، ومنه:
أولاً: ظلم الأب لابنته بعضلها، وعدم تزويجها طمعاً في راتبها إن كانت عاملة، أو طلباً لمهر أعلى يأخذه بعد بيعها، بغض النظر عن كون الزوج كفؤاً لها أو عدم كفؤ، ودون اعتبار لرأيها فيه، وموافقتها على الزوج أو رفضها له.
ثانياً: ظلم الزوج لزوجته، سواء كانت تحت يده كعدم نفقته عليها، أو ابتزازها في مالها أو نحو ذلك، أو كانت طليقته بحرمانها من أولادها، أو عدم الإنفاق عليهم ماداموا عندها.
ثالثاً: ظلم الأبناء لوالدتهم وهو العقوق- أو الإخوان لأخواتهم وهي القطيعة- سواء بأكل حقوقهن من الميراث، أو عضلهن عن الزواج، أو إيصال أي نوع من الأذى لهن.
رابعاً: وهو أقبح أنواع الأذى والظلم وذلك بالاعتداء عليهن جنسياً -نسأل الله تعالى السلامة- فيتحول أمان المرأة وحاميها إلى مصدر خوفها وقلقها والاعتداء عليها، وهذا النوع من الظلم هو أشد شيء على المرأة لأنه تحطيم لها، وقتلها وهي حية، ويعسر إثباته، ولا يمكن الصبر عليه، ويحتاج إلى دراسات في الإجراءات وكيفية حماية المرأة منه.

مقترحات لرفع الظلم عن المرأة:
1- تفعيل التوعية بحقوق الأمهات على أبنائهن، والأخوات على إخوانهن، والبنات على آبائهن، وأذكر أني كتبت خطبة في حقوق البنات على آبائهن منذ سنوات، كان لها تأثير كبير على المصلين، ووصفها بعضهم بأنها أشمل خطبة عرفها في الحقوق.
وتكون التوعية بالخطب والمحاضرات والكلمات والمقالات، ببيان إثم عقوق الأمهات، وعضل البنات والأخوات، أو إكراههن على الزواج ممن لا يرتضينه، أو أكل مالهن سواء كان راتباً أم ميراثاً أم غير ذلك.
2- إن عُرف عن طريق النساء أو عن طريق بعض جماعة المسجد أو شكاية البنت نفسها للخطيب أو إمام المسجد أو الداعية أن أباها يعضلها، أو أخاها، أو يغصبها على من تأباه، أو يستولي على أموالها، فحينئذ يركز الخطاب على هذا الموضوع أثناء حضور أبيها فلعله يرعوي، فإن لم يفد ذلك خوطب بالنصيحة مباشرة، وكرر ذلك عليه بأساليب مختلفة كإشراك بعض أولي الرأي والفصاحة وقوة الحجة حتى يلزموه برفع ظلمه عن ابنته.
3- يتصل بأهل الخبرة لاستشارتهم في شئون المرأة، ففي بداية العلم بالمشكلة يكون الاتصال بمن لهم خبرة في الإصلاح الأسري للتدخل أو للمشورة بكيفية التعامل مع ظالم المرأة، فإذا لم تحل المشكلة إلا بالقضاء فينبغي أن يتبرع محامون لذلك أو على الأقل يستشارون في جدوى رفع القضية للمحكمة؛ لأنه إن لم يكن على الدعوى بينات عادت بالضرر الكبير على المرأة من جهة استفراد ظالمها بها وزيادة حقده عليه، ومن جهة استقوائها ليقينه بعجز الوكلاء عنها إثبات شيء على ظالمها فيتمادى في ظلمه.
4- مواساة المرأة المظلومة بالمال إن احتاجت إليه، وخاصة أم العيال الذين لا ينفق عليهم أبوهم، ومواساتها بالكلمة الطيبة والتثبيت والتصبير من قبل نساء الحي وزوجات الخطباء وأئمة المساجد؛ فإن الوقوف معها في محنتها يقويها ويرفع معنوياتها ولو لم تحل مشكلتها؛ لأنها تعلم أن الناس يحسون بمعاناتها، ويشاركونها في آلامها وأحزانها.
كتبته على عجل لأنني أردت سرعة المشاركة في هذا الموضوع المهم، وأعتذر عن التقصير والله الموفق..



ظلم المرأة

فضيلة الشيخ محمد بن عبد الله الهبدان


إنّ وجود ظواهر مرضيّة في المجتمع المسلم خاصّة وفي ظلّ ما يتردّد ويسمع من سلوكيات غريبة فيه، ومن ذلك ما يُمارس ضدّ المرأة من ظلم، ليتطلّب من العقلاء والمصلحين وقفة مكاشفة ومبادرة بالعلاج قبل أن تستشري، لتكون عاقبتها وخيمة على المجتمع ككلّ.
ولعلّ كتاب (ظلم المرأة) للشيخ "محمد بن عبد الله الهبدان" ممّا يسهم في معرفة الأسباب المؤدّية لهذه المشكلة، ومن خلاله نتوصّل لحلول عمليّة تكون بداية العلاج بإذن الله.
ابتدأ المؤلّف كتابه بتنبيهات مهمّة يؤكّد من خلالها عدم تفشّي ظاهرة ظلم المرأة في كافّة طبقات المجتمع، وأنّ الغرض هو تصحيح بعض المفاهيم المغلوطة التي أنشأها الإعلام بكافّة وسائله، وبما رسّخه الأعداء من شبهات ومفاهيم خاطئة. أمّا عن سبب اختيار المؤلّف لهذا الموضوع، فأرجعه إلى عدّة أسباب؛ منها تفاقم الوضع الذي يستدعي العلاج، ثم لاستغلال أدعياء تحرير المرأة هذه الأوضاع الجائرة لتحقيق أهدافهم ومصالحهم، وقد استشهد الباحث ببلدين مسلمين، حين تفشّت فيهما أوضاع فاسدة مشابهة فاستغلّها الأدعياء لترويج المشروع الغربيّ، في حين تعامى المصلحون عن الخطأ، ولم يصارحوا أنفسهم ويساهموا في العلاج، ثمّ إنّ المؤلّف وجد أنّ دراسات المرأة تفتقر لمن يتناول مثل هذا الموضوع بجرأة فكانت هذه المبادرة الكريمة.
وقد تناول المؤلّف في بحثه عدّة مباحث، وتحت كلّ مبحث عدّة مطالب:
ففي المبحث الأول:
صور مشرقة من بيت النبوة، ناقش صور مضيئة من تعامل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مع زوجاته وبناته وأخواته أظهرت إنسانيّة المصطفى ولطفه ورحمته وتواضعه.
أما في المبحث الثاني:
ظلم المرأة في العصور السابقة، فقد عرض فيه صوراً غريبة من ظلم المرأة العربيّة في العصر الجاهليّ تعدّى التشاؤم بميلادها إلى دفنها وهي حيّة، وإهانة إنسانيتها،وأمّا عن وضع المرأة في العصور القديمة عند الأمم من غير العرب فكانت تتعرّض لأبشع صور الظلم والابتزاز والإهانة والبخس.
وفي المبحث الثالث:
ظلم المرأة في ظلّ الحضارة الغربيّة المعاصرة، قدّم الباحث في هذا المبحث الدراسات والتقارير المؤلمة التي تكشف حقيقة الظلم الواقع على المرأة الغربيّة، والذي من صوره:
استخدام المرأة في الدعاية والإعلان، فتح مجالات عمل لا تتناسب مع طبيعة المرأة بناءً على نظرية المساواة المزعومة، العنف والاعتداء على المرأة، استغلال المرأة في التجارة الجسديّة، حرمانها من الحياة الزوجيّة السعيدة، الضياع النفسيّ والروحيّ الذي تشعر به المرأة، تعريضها للأمراض المختلفة وهذا نتيجة إفرازات الحضارة الغربيّة.
وفي المبحث الرابع:
ظلم المرأة المسلمة المعاصرة، أشار الشيخ في البدء لحرمة الظلم في النصوص الشرعيّة وتحريمه، سواء كان على رجل أو امرأة، ثم أتبعه بمظاهر حماية الإسلام للمرأة من الظلم، ومن أمثلة ذلك: حمايته لعرضها ومن الاعتداء عليها، ومراعاته لمشاعرها من اشتراط عدد الزوحات واشتراط العدل في التعدّد، وحفظ حقوقها الماليّة، والتحريج العامّ في إضاعة حقّها.
وفي مطلب تحت هذا المبحث أكّد المؤلّف أنّ العلاج لهذه الظواهر البائسة هو بمعرفة الأسباب التي أدّت بالظلم الواقع على المرأة، ومن هذه الأسباب عدم تطبيق الناس لأحكام الإسلام، ثم العادات والتقاليد التي انتشرت بين الناس فجعلوها تشريعاً ربانيّاً، ومن الأسباب ما يكون من جهل أو حقد وبغضاء، وربّما الطمع والجشع الماديّ، بالإضافة لسوء التربية، فعدم التربية الصحيحة تورث الأزمات.
وعن صور ظلم المرأة المسلمة قسّم الشيخ الظلم الحاصل على المرأة إلى عدّة أقسام وهي: ظلم عام، ويقع على عامّة النساء، وظلم المجتمع، وظلم الأمّ من أولادها، وظلم البنات من أوليائهن، وظلم الزوجات، وظلم المرأة للمرأة، وظلم المرأة لنفسها، وتحت كل قسم ذكر الكاتب العديد من الصور المؤلمة والتي تصنّف تحت الظلم الواقع على المرأة.
أما في المبحث الخامس:
شبهات ودعاوى ظلم المرأة، فقد خُصّص لبعض التصوّرات الخاطئة لدى بعض النساء حين تتصوّرها أو يُصوِّرها لها غيرها، ومن تلك الشبه والدعاوى: البقاء في البيت، والتعدّد، ونصيب المرأة في الميراث، وشهادة المرأة، وديّة المرأة، والتضييق على المرأة في اختيار ما يناسبها.. وقد دعا الكاتب المرأة أن تؤمن أنّ كلّ ما قضاه الله وقدّره عليها لا يمكن أن يكون ظلما، إذ لا يمكن أن يتصوَّر من الخالق الظلم وقد حرّمه على نفسه سبحانه.
ويختم الباحث بعدّة توصيات لخّص فيها حلولاًً واقعيّة لوضع حدّ لسلوكيات خاطئة تمارس ظلماً بحقّ المرأة في المجتمعات المسلمة، وتفضي إلى نتائج مأساويّة.
وهذا الجهد من الباحث هو بمثابة وضع النقاط على الحروف إسهاماً منه مشكوراً في تقديم العوامل والأسباب والتوصيات والحلول، ممّا يعني البدء للانطلاق في التغيير.
كتاب (ظلم المرأة) من تأليف الشيخ "محمد بن عبد الله الهبدان"، يقع في 87 صفحة من القطع الكبير، ومن إصدار دار المحدِّث للنشر والتوزيع.


المصدر: رسالة الإسلام


المرأة وحقوقها المعنوية 1/2

شريف عبد العزيز


من الحقوق التي يغفل أو يتغافل عنها كثير من الناس ، الحقوق المعنوية للمرآة والتي تراعي مشاعر المرآة وحاجاتها النفسية والقلبية ، وهي الحاجات التي بغيابها تهدم كثير من البيوت العامرة ، ففي آخر الإحصائيات الصادرة عن العديد من المراكز الاجتماعية والبحثية في العالم العربي أن زيادة عن 60% من حالات الطلاق التي وقعت في منطقة الخليج العربي في سنة 2008 كانت بسبب غياب تلك الحقوق ، وضياع التفاهم والمحبة بين الأزواج والزوجات ، في حين ارتفعت النسبة لتصل 72% في مصر سنة 2009 لنفس الأسباب ، في حين كشفت أحدث الإحصائيات الصادرة من مؤسسة صندوق الزواج في أبي ظبي أن 76% من المطلقات تحت الأربعين سنة ، وأن 50% من حالات الطلاق ترجع لسوء العشرة وغياب الحقوق المعنوية ، والعقود الشرعية وإن كانت قد ركزت علي الحقوق المادية للمرآة والتي تنحصر في ثلاثة أو أربعة حقوق ، وتشددت فيها إلا أن لم تعرض بصورة واسعة للحقوق المعنوية والتي تحتاجها المرآة أكثر بكثير من حاجتها للحقوق المادية ، ولو قارنا يبن الحقوق المادية التي كفلها الإسلام للمرآة وحقوقها المعنوية التي كفلها أيضا لرأينا فارقا شاسعا بين الحقين يتمثل في عدة أمور منها :
1. أن الحقوق المادية تنحصر فى ثلاثة أو أربعة حقوق على الأكثر، تدور فى فلك ضرورة الحفاظ على الحياة، وقوام البدن، فى حين أن الحقوق المعنوية كثيرة ومتشبعة، لو أعطيناها حقها ما وسعنا مقام هذا البحث الصغير.
2. أن الحقوق المادية كلها يلتزم بأدائها الرجل وحده دون المرأة، التى لا تلتزم إلا بالحقوق الزوجية فقط، فى حين أن الحقوق المعنوية أو الأدبية مخاطب بها كل من الرجل والمرأة على السواء؛ لأن هذه الحقوق تقوم فى الأساس على المودة والسكن والرحمة ، والإحترام والتقدير، هى حاجات لازمة للرجل والمرأة سواءً بسواء، وإن كانت حاجة المرأة أكثر قليلاً من حاجة الرجل فى هذه الحقوق .
وللتدليل على ذلك نجد أن الرسول صلي الله عليه وسلم يبعث بوصايا غالية متكافئة لكل من الطرفين، للرجل والمرأة، فيقول للرجال : " خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلى "صحيح الجامع 3314 ،وقال :"خيركم خيركم للنساء"صحيح الجامع 3316، وقال :"استوصوا بالنساء خيراً...."البخاري ومسلم في كتاب الحج
وقال للنساء :" خير النساء من تسرك إذا أبصرت، وتطيعك إذا أمرت، وتحفظ غيبتك فى نفسها ومالك"صحيح الجامع 3329، وقال :" إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها دخلت الجنة" صحيح الجامع 661 ،وقال :"لا تؤدى المرأة حق ربها حتى تؤدى حق زوجها"ابن ماجه في كتاب النكاح ، وهكذا نرى أن كلاًمن الرجل والمرأة يتمتعان بهذه الحقوق المعنوية .
3. أن الحقوق المادية ملزمة للرجل شرعاً وقضاءً، لأنها من التزامات أداء العقد، والمسلمون عند شروطهم؛ فالرجل إذا قصر فى أدائها هو إما يلزم بها، أو يؤمر بالطلاق للضرر ، أما الحقوق المعنوية ؛ فقد ربطها الإسلام مباشرة بالإيمان وحسن الخلق، والخيرية كما مر بنا فى الأحاديث السابقة، وهى بذلك تكون مسألة إيمانية متعلقة بصلاح الرجل وتقواه،بل هى فى الواقع معيار قياس الإيمان الحقيقى التطبيقى ، وليس الإيمان النظرى الذى يستوى فيه الكثيرون .
وجماع الحقوق المعنوية أو الأدبية التى كفلها الإسلام للمرأة المسلمة فى مجال الأسرة ، مستنبطة من قوله عز وجل – والذى يعتبر هو الأصل والأساس فى الحياة الزوجية – قوله تعالى : ( وعاشروهن بالمعروف) ( النساء :19) ، فالمعاشرة بالمعروف هى عماد قيام البيوت ، ودعامة بقائها ، وسر قوتها .
وفى تفسير هذه الآية يقول العلامة ابن كثير: كان من أخلاقه صلي الله عليه وسلم انه جميل المعاشرة ، دائم البشر ، يداعب أهله ، ويتلطف بهم ، ويسعهم نفقة ، ويضاحك نساءه... ويجمع نساءه كل ليله فى بيت التى يبيت عندها، فيأكل معهن العشاء فى بعض الأحيان، ثم تنصرف كل واحدة إلى حجرتها، وكان ينام مع المرأة من نسائه فى شعار واحد ، يضع على كتفه الرداء، وينام بالإزار، وكان إذا صلى العشاء يدخل منزله يسمر مع أهله قليلاً قبل أن ينام: يؤانسهم بذلك ، وقد قال تعالى : ( لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة ) * ( الأحزاب: 21).
ولو قبلت بصرك وبصيرتك فى هذه الآية، وتطبيقاتها الواقعية فى الحياة الزوجية لسيد الخلق نبينا محمد صلي الله عليه وسلم ، لعلمت أن هذه الآية هى ملاك الحقوق المعنوية كلها وأساسها وأصلها ، ويكفى أن الله عز وجل قد شبه المعاشرة والمعايشة للزوجة بنفس ما شبه ووصف به القيام على الوالدين ، فقال الله عز وجل فى حق الوالدين: ( وصاحبهما فى الدنيا معروفاً ) (لقمان:15)، وقال فى حق الزوجة: ( وعاشروهن بالمعروف ) ( النساء :19)، وبالتالى سيكون الكلام عن الحقوق المعنوية للمرآة صوراً تطبيقية للمعاشرة بالمعروف :
أولاً: حق المحبة :
إن من فطرة الله عز وجل، التى فطر الناس عليها ميل الرجل إلى المرأة، ورغبته فى صحبتها، وسكنه إليها ، وكذلك ميل المرأة إلى الرجل،ورغبتها فى صحبته، و|إتخاذه سنداً لها ، وقد وضع الله عز وجل هذه المحبة فى إطارها الشرعى القويم وهو الزواج، لذلك قال الرسول صلي الله عليه وسلم " لم ير للمتحابين مثل النكاح " ابن ماجه والحاكم وصححه الألباني ، فالحب المتبادل بين الرجل والمرأة شعور راقي ، ينبع من أصل فطرى خلقه الله فى أعماق الإنسان، وليس شيئاً يترفع عنه، أو يستنكف منه ، بل هو عكس ذلك، فهو حق ثابت للرجل والمرأة على حدِّ سواء، يقذفه الله فى قلب من شاء من عباده، كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم في حبيبته خديجة – رضى الله عنها - : " إنى رزقت حبها " أخرجه مسلم في كتاب الفضائل .
وحاجة المرآة للمحبة أكثر من الرجل ، فهى تريد أن تشعر من زوجها أنه قد بذل الغالي والنفيس من أجلها ، وتكلف المشاق من أجل الفوز بها ، وتقديراً لحبها ، فالمرأة عادة لا تريد من زوجها الحب الذي هو فورة عاطفية سرعان ما تخبو، بل تريد الحب العميق الراسخ المتجذر، الذى يرى آثاره وانعكاساته على واقع الحياة، ويستمر حتى بعد الرحيل ، قال تعالى : ( ومن ءاياته أن خلق لكم من أنفسكم أزوجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة )(الروم:21)، فالمودة والرحمة هى المحبة، والرحمة هى الرأفة والشفقة*.
وشواهد حياة الرسول صلي الله عليه وسلم أكبر دليل على أهمية حاجة المرأة للمحبة، والأحاديث الصحيحة المتواترة لمحبته لخديجة وعائشة – رضى الله عنها- ، وسائر زوجاته معلومة للجميع، ويكفى أن نساءه صلى الله عليه وسلم جميعاً لما نزلت آية التخيير ( الأحزاب:29،28)، كلهن اخترته حباً في صحبته ، رغم شظف العيش، وقبول الترمل الدائم من بعده، وذلك اعتزازًا بحبه صلي الله عليه وسلم .
والرسول صلي الله عليه وسلم يرشد أصحابه إلى السبيل القويم ، والطريق الصحيح فى دوام المحبة والمودة، وإزالة كل أسباب النفرة والوحشة، لأن الحب هو قوام البيت وأساسه؛ وهو حق ثابت ولازم لأية امراة.
ومن أمثلة دروس النبى وإرشاداته في هذا الحق ما يلي :
(1) قيام الزوج بإطعام زوجته بيده، وتحرى ما يسعدها ويزيد محبتها أثناء الطعام ، وفى الحديث : " وإنك مهما أنفقت من نفقة فإنها صدقة، حتى اللقمة ترفعها إلى فم امرأتك"البخاري ومسلم .
وعن عائشة – رضى الله عنها – قالت : كان رسول الله يدعوني فأكل معه وأنا عارك – يعنى حائض – وكن يأخذ العرق قيقسم علىََّ فيه، فآخذه فأتعرق منه ، ويضع فمه حيث وضعت فمى من العرق، ويدعو بالشرب فيقسم علىَّ فيه، قبل أن يشرب منه، فآخذه منه فأشرب منه، ثم أضعه ، فيأخذه فيشرب منه، ويضع فمه حيث وضعت فمى على القدح مسلم في الحيض وأبو داود والنسائي في الطهارة .
(2) الرسول صلي الله عليه وسلم يأمر الأزواج بالتمهل فى دخول المدينة عند القدوم من السفر، حتى تتهيأ النساء للاستقبال ، ويكنَّ فى أبهى صورة تزيد من المحبة والاشتياق، فعن جابر بن عبد الله رضى الله عنه قال : قفلنا مع النبى صلي الله عليه وسلم من غزوة، فلما ذهبنا لندخل، قال : أمهلوا حتى تدخلوا ليلاً – أى عشاءً – لكى تمتشط الشعثة، وتستحد المغيبة" البخاري في النكاح ومسلم في الإمارة.
(3) يأذن صلي الله عليه وسلم للرجال بالتخلف عن مشاهد عظيمة مثل الجهاد فى سبيل الله من أجل حاجة النساء لبقاء أزواجهن معهن ، فعن ابن عباس – رضى الله عنه – قال رجل : يا رسول الله إني أريد أن أخرج فى جيش كذا وكذا، وامرأتى تريد الحج، فقال : " اخرج معها" البخاري ومسلم وكلاهما في الحج ، وعن عمر – رضى الله عنه- قال تغيب عثمان – رضى الله عنه – عن بدر، فإنه كان تحته بنت رسول الله " رقية " وكانت مريضة فقال النبى صلي الله عليه وسلم " إن لك أجر رجل ممن شهد بدراً وسهمه"البخاري في فرض الخمس.
(4) يرشد الأزواج لموافقة هوى الزوجة إذا أرادت شيئاً ، ولم يكن محرماً أو مكروهاً – لأن النساء تقيس مكانتها ومحبتها فى قلب زوجها باستجابته لهذه المطالب – فعن عائشة رضى الله عنها قالت : دعانى رسول الله والحبشة يلعبون بحرابهم فى المسجد فى يوم عيد، فقال لى " يا حميراء أتحبين أن تنظرى إليهم "؟ فقلت نعم ، فأقامنى وراءه ، فطأطأ لى منكبيه لأنظر إليهم ، فوضعت ذقنى على عاتقه ، وأسندت وجهى إلى خده ، فنظرت من فوق منكبيه وهو يقول :" دونكم يا بنى أرفدة" فجعل يقول " يا عائشة ما شبعت؟" فأقول : لا لأنظر منزلتى عنده البخاري في المساجد ، ومسلم في العيدين .
وحادثة أخرى مع السيدة عائشة – رضى الله عنها فى حجة الوداع: عندما جاءت تبكى بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول : يا رسول الله يرجع الناس بعمرة وحجة ، وأرجع أنا بحجة !، فقال : وما طفت ليالى قدمنا مكة ؟" قلت : لا ، قال : " فاذهبى مع أخيك إلى التنعيم فأهلى بعمرة"البخاري كتاب الحج .
فيقول جابر بن عبد الله رضى الله عنه – راوى منسك الحج فى الصحاح والسنن – معلقاً على هذه الحادثة : وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم رجلاً سهلاً إذا هوبت الشئ تابعها عليه*.
فالحب عاطفة إنسانية بين الرجل والمرأة تحمل كل معانى التآلف والانسجام والتقدير والحنان، هذا مع الاستعداد للتضامن فى مسيرة الحياة بحلوها ومرها ، وهذه المحبة لا تكون إلا بعد صلة وثيقة ، ورابطة قوية طاهرة، محاطة بضمانات الشرع والحس، وهى رابطة الزواج.
وينبغى أن يتكلف التحبب إلى الآخر بأكثر مما يجده له فى قلبه، فإن التطبع يصير طبعاً ، ومع غلظ تحريم الكذب، وتشديد الشرع فيه ، أباح الشارع للرجل أن يكذب على امراته، ويبالغ فى حبها ، ليدخل السرور والفرحة على قلبها، فعن أم كلثوم بنت عقبة رضى الله عنها قالت : سمعت رسول الله يقول : " ليس الكذب الذى يصلح بين الناس فينمى خيرًا، أو يقول خيرًا" ثم قالت : ولم أسمعه يرخص فى شئ مما يقول الناس إلا فى ثلاث : يعنى الحرب ، والإصلاح بين الناس ، وحديث الرجل وامرأته ، والمرأة وزوجها " أخرجه البخاري في الصلح ومسلم في البر والصلة ، وفى رواية الترمذى زيادة توضيحية وفيها : " والرجل يكذب للمرأة ليرضيها بذلك "
وصدقت الشاعرة علية بنت الخليفة المهدي العباسي إذا قالت :
تحبب فإن الحب داعية الحب.
ثم انظر كيف يقدر الإسلام حق المحبة المكفول للمرأة بصورة قد تصل لفصم عرى رابطة الزواج، التى هى من أوثق الروابط والعرى ، إذا كرهت المرأة زوجها ، وغاب عنها حق المحبة ، ولم تشعر به مع زوجها، فقد شرع الله عز وجل الخلع لإنهاء الحياة الزوجية التى غاب عنها الحب ، فعن ابن عباس رضى الله عنهما قال: جائت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى النبي صلي الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ما أنقم على ثابت فى دين ولا خلق إلا أنى أخاف الكفر – تقصد كفران العشير ، والتقصير فى حق الزوج – فقال رسول الله : " فتردين عليه حديقته" فقالت : نعم ، فردت عليه، وأمره ففارقها" البخاري في كتاب الخلع ، وهذا من عدل الإسلام ، ومساواته العظيمة بين الرجل والمرأة ، كما يقول ابن رشد : لما جعل الطلاق بيد الرجل إذا فرك – أى أبغض – المراة ، جعل الخلع بيد المرأة إذا فركت – أى كرهت – أى أبغضت الرجل*.
ثانياً : حق الرحمة:
كما قررنا الحق الأول للمرأة وهو حق المحبة من خلال قوله عز وجل : ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزوجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ) (الروم :21)، فالمودة هى المحبة ، والرحمة هى الحق الثانى المقرر للمرأة على الرجل فى محيط الأسرة ، فالرجل لابد أن يكون رحيماً بأهله وعياله، وإنما جعلت له القوامة فى الأصل للقيام بهذه الواجبات الكبيرة ، وعلى رأسها حق الرحمة ، والتى لها صور عديدة تنعكس من خلالها معانى حق الرحمة المكفولة على الرجل فى الإسلام ، من هذه الصور :
1. أولى صور حق الرحمة للمرأة على الرجل أن يقوم الزوج بتعليم زوجته أصول دينها وشريعتها ، وتأدية حقوق ربها، وهو بذلك يرحمها بأن يقيها من النار ، قال تعالى : ( يأيها الذين ءامنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة )( التحريم :6).
قال على رضى الله عنه فى تفسيرالآية : " يعنى أدبوهم وعلموهم " ، وقال ابن عباس : اعملوا لطاعة الله واتقوا معاصى الله ، ومروا أهليكم بالذكر ينجكم الله من النار، قال الضحاك: حق المسلم أن يعلم أهله من قرابته ما فرض الله عليهم، وما نهاهم الله عنه*.تفسير ابن كثير ج4ص391
وكذلك كانت حياة النبى صلي الله عليه وسلم مع نسائه: يخبرن بوقت الصلاة، ووجوب الصيام ، وما يجوز فى حقهن وما لا يجوز ، وفى الحديث أنه صلى الله عليه وسلم إذا أوتر يقول لعائشة: " قومى فأوترى يا عائشة"*أخرجه مسلم في كتاب الوتر.
وكان يقول صلي الله عليه وسلم معلماً الأزواج والزوجات هذا الحق:" رحم الله امرءاً قام من الليل فصلى، فأيقظ أهله، فإن لم تقم رش وجهها بالماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل تصلى وأيقظت زوجها، وإذا لم يقم رشت على وجهه من الماء"*أبو داود والنسائي في قيام الليل ، وفي صحيح الجامع 3494.
2. من صور حق الرحمة أيضاً للمرأة على الرجل، أن يساعدها فى ترتيب شئون البيت وإصلاحه، كما كان يفعل سيد ولد آدم أجمعين مع نسائه فى بيوتهن، فعن الأسود قال : سألت عائشة – رضى الله عنها- : ما كان يصنع النبي صلي الله عليه وسلم في أهله؟ فقالت : كان فى خدمة أهله؛ فإذا حضرت الصلاة قام إلى الصلاة* البخاري في الصلة والأدب، وقال في رواية أخرى: " مايصنع أحدكم فى بيته: يخصف النعل، ويرقع الثوب، ويخيط*" البخاري وأحمد وابن حبان ، وقالت أيضاً فى رواية ثالثة: كان بشراً من البشر، يفلى ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه. البخاري وأحمد والترمذي وابن حبان
وصحابته الأطهار رضى الله عنهم اقتدوا به، وسارعوا على نهجه، وكانوا فى معاونة زوجاتهم فى شئون البيت، كما ثبت ذلك عن جماعة منهم: على بن أبى طالب، وجابر بن عبدالله ، والزبير بن العوام، وغيرهم كثير رضى الله عنهم.
ونحن نلفت الانتباه لهذا الحق خصيصاً، لأنه يبدو غريباً على كثير من الناس، للأسف، بفعل الموروثات القديمة باستقباح عمل الرجل فى بيته؛ بحجة أنه عمل النساء وإن هذا الحق ليعظم خصوصاً هذه الأيام التى كثرت فيها الواجبات، وخرجت كثير من النساء للعمل لعدم كفاية المورد، ولغلاء الأسعار، وليقتدى الرجال بالحبيب محمد صلي الله عليه وسلم فى ذلك.
ثم لابد من إزالة الوهم المتأصل فى عقول كل المسلمين تقريباً بخصوص عمل المرأة فى بيت زوجها، ذلك أن جمهور أهل العلم على أن الرجل ملزم بتوفير خادم للمرأة، وعقد البخارى بابين متتاليين فى " صحيحه" هما " عمل المرأة فى بيت زوجها"، وباب" خادم المرأة "، وقال شارحه ابن حجر فى الفتح كلاماً تفصيلياً خلاصته: أن على الزوج مئونة الزوجة كلها، بما فى ذلك الخادم، أما أن تجبر المرأة على شئ من الخدمة فلا أصل له*، باستثناء حضانة الأطفال ورعايتهم.فتح الباري ج9 ص 417
وبالجملة فعمل الرجل فى البيت ومشاركته لزوجته – وإن كان يعد فضيلة من الفضائل للصالحين من الرجال – إلا أنه فى واقع الأمر صورة جلية من صور الرحمة المكفولة للمرأة فى الإسلام.
3. من صور حق الرحمة أيضاً أن يغض الرجل الطرف عن الهفوات والأخطاء التى قد تقع من زوجته، لأنه ما من أحد إلا وله هفوة وزلة، كما قال الرسول صلي الله عليه وسلم " كل بنى آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون"* صحيح الجامع 4515 ، فعلى الرجل أن يحتمل لحظات غضب زوجته، لأنها إنسان مثل باقى الأناسى، يأتى عليها لحظات وفترات تتعكر فيها الأمزجة، ويشعل الغضب، ويضيق الصدر، وكانت الواحدة من زوجات الرسول تراجعه في الأمر، ويعلو صوتها فوق صوته، وتهجره إلى الليل، وهو يغض الطرف عنهن صلى الله عليه وسلم.
4. من صور حق الرحمة أيضاً : معالجتها ومدواتها إذا مرضت – وإن طال المرض، وحال دون انتفاعه وتمتعه بها – فذلك من الوفاء والمعاشرة بالمعروف، ومن أجل صور الرحمة ، بل من جميل الرحمة أن يتولى الرجل بنفسه علاج زوجته، والسهر عليها، وتمريضها، وكيف قدر الرسول صلي الله عليه وسلم هذا الأمر فأذن لعثمان بن عفان أن يتخلف عن غزوة بدر من أجل أن يمرض زوجته" رقية " رضى الله عنها. ثم ضرب له سهما في الغنيمة مثله مثل باقي من اشترك في المعركة
وأخيراً نقول : إن حق الرحمة هذا لا يتخلف أبداً عن المرأة، فحق المحبة وإن كنا قد قررناه كأصل وحق أول، إلا أنه معرض فى الكثير من الأحيان إلى الفتور والبرود، وعندها فلابد من الحق الثانى وهو حق الرحمة ، فهو الذى لا يزول ، وبه أمان بقية الحقوق، وهو حافظة سائر الحقوق ، فحق الرحمة قد يبقى وحدة بعد ذهاب الحب وخموده، يحمل الأسرة، ويبقى رابطة الزواج، وإن كان مع الحب لطف وتلطف ، فمع الرحمة رفق وترفق بشريك العمر ، ورفيق الكفاح، فما أعظمه من حق كفله الإسلام للمرأة* .
ثالثاً : حق التقدير:
الرجل والمرأة كلاهما يشتركان فى قيام الأسرة، وكلاهما يتقاسمان المسئولية والحقوق، وكلاهما له الدور المنوط به، وكلاهما على قدم المساواة، فلا فضل للرجل على المرأة والعكس ؛ فكلاهما يحترم الآخر ويقدره، ويحرص على مشاعره، ويلبى رغباته، ونظراً لأن المرأة تتحمل من الأعباء الأسرية داخل البيت في واقع الأمر أكثر من الرجل ، ناهيك إذا كانت المرأة عاملة ، فإنها فى الحقيقة تحتاج لهذ الحق أكثر من الرجل، فالمرأة ليست مخلوقاً من الدرجة الثانية، وليست كسقط المتاع فى البيت! لايقدره أحد ، ولا يشعر به أحد ، كلا والله هذا ليس فى دين الإسلام، ولا فى هدى سيد الأنام محمد صلي الله عليه وسلم الذي علم رجال أمته كيف يقدرون ويحترمون نسائهم، وذلك فى مناسبات شتى، وفى أطر كثيرة كلها تبرز عناية الإسلام بحق المرأة فى التقدير والمكانة، من هذه الصور:
1. أن يستمع إلى حديثها، ويأخذ برأيها، ويحترم وجهة نظرها، ولا يسفه رأيها إذا كان ضعيفاً، ويأخذ به إذا كان صواباً، وهذا هو الرسول صلي الله عليه وسلم يحار ماذا يفعل يوم صلح الحديبية، وقد امتنع الصحابة عن أن ينحروا هديهم، فإذا بأم المؤمنين " أم سلمة " رضى الله عنها – هذه المرأة العاقلة اللبيبة – تشير على الرسول صلي الله عليه وسلم بالرأي الصواب النير: أن يخرج ولا يكلم أحداً منهم بكلمة برأيها؛ حتى ينحر بدنه ويحلق رأسه، وعلى الفور عمل الرسول صلي الله عليه وسلم برأيها وكان نعم الرأى والمشورة، حتى ذكرت بعض روايات الحادثة قول الصحابة: فجلى الله عنهم يومئذ بأم سلمة* البخاري في صلح الحديبية .
ولا حجة لمن تمسك بأحاديث مكذوبة وموضوعة بشأن التحقير والأزدراء برأى النساء، مثل: " طاعة النساء ندامة" ضعيف الجامع 3607 " هلكت الرجال حين أطاعت النساء" ضعيف الجامع 6097، والتاريخ يزخر بعقلاء النساء اللاتى أشرن بنعم الرأى على أزوجهن، وعمل هؤلاء الأزواج بهذه المشورة فحققوا ما أرادوا وفازوا.
2. ومن صور التقدير أيضاً، أن يترك كثرة العتاب والملامة ، وتعقب الأمور، فى كل صغيرة وكبيرة، وكثرة التوبيخ والتعنيف على كل شئ ليس من صفات الصالحين، إلا أن يكون التفريط فى حق من حقوق الله عز وجل، وهذا أدب قرآنى نبوى مأخوذ من قوله عز وجل : ( وإذ أسر النبى إلى بعض أزوجه حديثاً فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنباك هذا قال نبأنى العليم الخبير)( التحريم:3).
وعن أنس رضى الله عنه قال : كان صلي الله عليه وسام أحسن الناس خلقاً، ولقد خدمت رسول الله صلي الله عليه وسلم عشر سنين، فما قال لى قط: أفٍ، ولا قال لشئ فعلته، لم فعلته؟ ولا لشئ لم أفعله: ألا فعلت كذا*،البخاري ومسلم في الأدب ، ثم انظر كيف يتجاوز عن الخطأ العقائدى الكبير الذى وقعت فيه عائشة عندما قالت له: يارسول الله مهما يكتم الناس يعلمه الله، فأجابها الرسول صلي الله عليه وسلم بمنتهى البساطة : " نعم " مسلم في كتاب الجنائز ، فبرغم أن عائشة من حيث لا تدرى وقعت فى خطأ عقائدى يتعلق بالشك فى علم الله المحيط بكل شئ، واطلاعه على ما فى الصدور، ولكن الرسول صلي الله عليه وسلم عذرها لجهلها، وعلمها أمور دينها بهدوء، وبتقدير لقلة علمها.
ولنا أن نتخيل ماذا لو وقعت مثل هذه الحادثة مع أحد الناس فى هذه الأيام، سوف يثور كالبركان الهادر، ويسب زوجته ويعنفها، وربما يضربها ضرباً شديداً أو حتى يطلقها، وما أبعد هذه الأفعال، عما قام به الرسول صلي الله عليه وسلم
3. من صور التقدير أيضاً، الحفاظ على مكانتها، واحترامها في الفترات التي يمكن أن تكون ضعيفة فيها، أو فاقدة لبعض مميزاتها ، كأن تكون حائضاً، وقد مر بنا من قبل كيف كان يأكل ويشرب النبى صلى الله عليه وسلم مع أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها، بل يعينها على ذلك الأمر، فى عدة مواطن، ففى الحديث عن عائشة رضى الله عنها قالت: قال لى رسول الله : " ناولينى الخمرة – قطعة من الحصير صغيرة – من المسجد"، فقالت إنى حائض، قال : إن حيضتك ليست فى يدك"مسلم وأبو داود والنسائي و الترمذي .
4. من صور التقدير أيضاّ أن يكرمها بما يرضيها ويدخل السرور على قلبها بأن يكرم أهلها وقرابتها، عن طريق الثناء عليهم بحق أمامها، ومبادلتهم الزيارات، وإهدائهم الهدايا، ودعوتهم فى المناسبات، وقريبهم عند الشدائد، وهكذا، فعن عائشة رضى الله عنها قالت: استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة على رسول الله ، فعرف استئذان خديجة – لتشابه الأصوات – فارتاع لذلك – أى انتبه بشدة – فقال : " اللهم هالة...) البخاري في المناقب ، ومسلم في الفضائل ، وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم يذبح الشاة ويقطعها أعضاء، ثم يبعثها إلى صديقات خديجة، وفاءاً لها وتكريماً لهن " البخاري في المناقب ودخلت عليه يوماً عجوز كبيرة ؛ فأكرمها وأحسن إليها جدَّا، فلما سئل عن سبب ذلك قال: " إنها كانت تأتينا زمن خديجة، وإن حسن العهد من الإيمان" الحاكم وصححه الألباني .
5. من تقدير الرجل للمرأة أيضاً، أن يكون طلق الوجه بشوشاً، يسلم عليها، كلما دخل أو خرج، ويسألها عن طلباتها وحاجتها، وأن يتكلم بالكلام الطيب والألفاظ الحسنة، التى تشعر المرأة بمكانتها وقدرها؛ فعن جابر بن سليم رضى الله عنه أن رسول الله قال له : " ولا تحقرن شيئاً من المعروف، وأن تكلم أخاك وأنت منبسط إليه بوجهك؛ فإن ذلك من المعروف"أبو داود وابن حبان ، وروى ابن سعد عن عائشة رضى الله عنها: كان ألين الناس وأقرب الناس وكان رجلاً من رجالكم، إلا أنه كان بساماً.
وعن أنس رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :" يا بني إذا دخلت على أهلك فسلم،يكن سلامك بركة عليك وعلى أهل بيتك" الترمذي في الاستئذان ، وعن أبى أسامة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم " ثلاثة كلهم ضامن على الله"، وذكر منهم :" رجل دخل بيته بسلام فهو ضامن على الله"*أبو داود وابن حبان وصحيح الجامع .
وللكلمة الطيبة أروع الأثر فى نفس سامعها، وهى فى بعض الأحيان أغلى من الحلى الثمينة،والهدايا الفاخرة، ذلك لأن الكلمة الطيبة تؤجج العواطف، وتزيد المحبة، التى هى غذاء الروح، كما أن لا حياة للبدن بلا طعام، فكذلك لا حياة للروح والقلب بلا كلام معسول، وإن تجاهل حق المرأة إلى العاطفة العذبة التى تفيض بها الكلمة الطيبة يجعل القلب يتحجر ويقسو ، مما ينعكس سلبيَّا على حياة الرجل والأسرة كلها.
6. من صور حق التقدير المكفول للمرأة فى الإسلام، أن يشكر الرجل زوجته، على أفعالها، وما قامت به من أعمال وواجبات أسرية، وأن يبالغ فى الثناء عليها، أما الناس والجيران وأقربائه، ويعلى من مكانتها ويفخم قدرها ويعظم فعالها فى مواطن كثيرة، فإن ربته كتف حانية من الزوج مع ابتسامة مشرقة مقرونة بكلمة طيبة وشكر مستحق لرعايتها له ولولده، تذهب كل متاعب المرأة، وتنعش فؤادها المشرئب للعطفوالحنان، قال تعالى: ( وقولوا للناس حسنا ) ( البقرة:83) ، وقال تعالى : ( اعملوا ءال داود شكرا) (سبأ:13).
وأحق من يشكر هو الزوجة قرينة الحياة ، وشطر الأسرة ، وفى الحديث "من لم يشكر الناس لم يشكرالله "صحيح الجامع 6541 ، فيجب على الرجل أن يشكر زوجته، لا كما يقول الكثيرون: " لا شكر على واجب"، وهذه مسئوليتها، وواجبها أن ترعى بيتها وولدها، وكيف يكون شكر على واجب، ولهؤلاء نقول : أليس الله عز وجل قد فرض علينا فرائض، وأوجب علينا واجبات يجب علينا أن نقوم بها، مع ذلك يجازينا الله على أدائها الجزاء العظيم والثواب الجزيل، فلماذا ننتظر الشكر من الله ؟ ولا نرى حقاً للمرأة، أن تتطلب الشكر على واجباتها.
7. من صور التقدير أيضاً، أن يشرك الرجل امرأته فى همومه وأفكاره وطموحاته وأموره العامة والخاصة ، وهذا الأمر يجعل المرأة تشعر بقيمتها ومكانتها عند زوجها، إذا هو ينزلها بمنزلة نفسه التى يشاورها عند الشدائد واتخاذ القرارات.
ولما نزل الوحى على الرسول صلي الله عليه وسلم ، وأصابه الفزع الشديد من جراء ذلك، ذهب مسرعاً لـخديجة رضى الله عنها، ثم بدأ يقص الخبر عليها، ويقول :" لقد خشيت على نفسي " البخاري في بدء الوحي ومسلم في الإيمان ، ويتداول مع عائشة قضية بناء الكعبة وردها على قواعد إبراهيم عليه السلام، ويذكر لها السبب المانع من ذلك*، وكان يجتمع صلي الله عليه وسلم كل ليلة مع أزواجه فى بيت التى عليها النوبة، يتحدث معهن فى شئونه وشئونهن، ثم تنصرف كل واحدة إلى بيتها.

المصدر: وفاء


المرأة وحقوقها المعنوية 2/2


شريف عبد العزيز


تناولنا في الجزء الأول من هذه الدراسة بعض الحقوق المعنوية التي كفلها الإسلام للمرأة وتغافل عنها الكثيرون ، نحو حق المحبة وحق الرحمة وحق التقدير وخلال هذه الحلقة نكمل هذه الحقوق.
رابعاً : حق الصبر:
ما من مسيرة أو رحلة أو سعى مشترك بين طرفين إلا وفيها أيام سعادة وشقاء، وهكذا الدنيا يوم نساء ويوم نسر، والأسرة المكونة من رجل وامرأة ليست إلا سفينة في بحر الحياة المتلاطم، فإذا لم يصبر الرجل على المرأة، والمرأة على الرجل، فسوف تغرق هذه السفينة؛ لذلك نجد الله عز وجل يقول في محكم التنزيل: ( وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً)(النساء:19)، وهذه الآية الفذة الشاملة لدستور الحياة الأسرية الصحيح، وهى ترسم الطريق القويم لقيام الأسرة وبقائها، وفاعليتها في أداء دورها المنوط بها في شريعة الإسلام، لذلك قال المفسرون في هذه الآية: إذا وقع بين الرجل وبين امرأته كلام فلا يعجل بطلاقتها، وليتأن بها وليصبر، فلعل الله سيريه منها ما يحب، فعسى أن يكون صبركم فى إمساكهن مع الكراهية فيه خير كثير لكم فى الدنيا والآخرة ابن كثير ج1ص 442، القرطبي ج3 ص 86 .
وفى حق الصبر إرشادات نبوية، دلنا عليها رسول الله صلي الله عليه وسلم تعين الرجل على قيامه بحق الصبر على المرأة، من هذه الإرشادات:
1. أرشد النبي صلي الله عليه وسلم الرجال للنظر بصورة شاملة للمرأة، وتقييم المزايا والعيوب جميعاً، فلا ينظر إلى العيوب ويطمر المزايا، فهذا ليس من الإنصاف، ولا يعين على الصبر على المرأة، ولكن النظرة الموضوعية هي السبيل الرشيد للتوصل لسير الحياة، وإقامة حق الصبر، فعن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم " لا يفرك" أى يبغض " مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها آخر"*. مسلم في كتاب الرضاع
2. أرشد النبي صلي الله عليه وسلم الرجال إلى طبيعة خلقة المرأة، وتكوينها العقلي والنفسي، ثم أرشدهم إلى كيفية التعامل مع المرأة تبعاً لهذه الطبيعة، وهذا أعظم إرشاد، إذ يوضح الطريق وكيفية السير فيه؛ فعن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :" استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل على عوج، فاستوصوا بالنساء"* مسلم في الرضاع باب الوصية بالنساء ، وفى رواية أخرى" إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها، استمتعت وبها عوج"*.مسلم في كتاب الرضاع باب الوصية بالنساء

هذا العوج المذكور في الحديث يفسره الواقع المشاهد من سلوكيات المرأة، التي يغلب عليها العاطفة، فهي تبعاً لخلقتها عاطفية سريعة الانفعال والتأثر، شديدة الحساسية، ولو كانت أعقل النساء وعند الغضب قد تفوتها الحكمة في كلمة أو رد فعل أو قرار، مما يدفع الرجل للغضب، لذلك أرشدنا النبي صلي الله عليه وسلم للصبر على ما يصدر من المرأة من سلوك مبعثه هذا العوج ، الذي هو أصلها وخلقتها، وليتذكر أنها لا تتعمد مضايقته وإغضابه ، وعندها يصبر راضياً محتسباً، قائماً بهذا الحق والمعروف والجميل*.
ولقد ضرب الرسول صلي الله عليه وسلم أروع الأمثلة في الصبر على أزواجه، فهو كما وصفته عائشة رضي الله عنها: ما ضرب رسول الله قط شيئاً بيده، ولا خادماً، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه، إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم*. مسلم في الفضائل ، أبو داود والدارمي في الأدب .
ولقد أمر بالصبر على النساء، وعدم التسرع في معاقبتهن وضربهن، فقال " لا تضربوا إما الله " فجاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى رسول الله فقال: ذئرت النساء على أزواجهن فرخص في ضربهن، فأطاف بآل رسول الله صلي الله عليه وسلم نساء كثيرات يشكون أزواجهن، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم :" لقد طاف بآل محمد نساء كثيرات يشكون أزواجهن، ليس أولئك بخياركم"* أبو داود وابن ماجه والدرامي وابن حبان ، وفي صحيح الجامع 7360
وكانت أزواجه صلي الله عليه وسلم ، الواحدة منهن تراجعه في بعض الكلام ، وربما ترفع صوتها فوق صوته، وتهجره من اليوم إلى الليل، وهو صابر محتسب،يحسن إليهن، ويصبر على أذاهن.
فعلى الرجل حق الصبر على المرأة في كل أحوالها، خاصة عندما تكون مريضة أو ضعيفة أو غاضبة؛ لأنها أحوال تتغير فيها العقول، وتطيش فيها العبارات، وتخطئ عندها العبارات، وتخطئ عندها القرارات ، ولولا الصبر والمصابرة ما بقى بيت قائم، ولا أسرة مستقره أبداً مهما كانت قوة المحبة والرحمة ، فعن أنس- رضي الله عنه – قال: كان النبي صلي الله عليه وسلم عند بعض نسائه – عائشة -، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام – هي صفية بنت حيى – فضربت التي في بيتها النبي صلي الله عليه وسلم يد الخادم فسقطت الصحفة فانقلبت، فجمع النبي صلي الله عليه وسلم فلق الصحفة ، ثم جعل يجمع الطعام الذي كان في الصحفة ويقول : " غارت أمكم"، ثم حبس الخادم حتى أتى بصحفة من عند التي هو في بيتها، فدفع الصفحة الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت فيها* البخاري في كتاب النكاح في باب الغيرة ؛ فلم يزد النبي صلي الله عليه وسلم في هذا الموقف المغضب حقاً إلا أن قال :"غارت أمكم"، ولكنه ألزمها ضمان ما كسرت، وهكذا يعلمنا كيف يكون الصبر على النساء.
خامساً : حق الثقة:
كما قررنا سلفاً الحق الأول للمرأة في الحياة الزوجية، وهو حق المحبة، إذا يجب على الرجل أن يحب امرأته، ويجتهد في إظهار ذلك، فإن من حب الرجل لزوجته أن يغار عليها، ويحفظها من كل ما يلم بها من أذى، فالغيرة أخص صفات الرجل الشهم الكريم، وتمكنها منه يدل دلالة فعلية على رسوخه في مقام الرجولة الشريفة، ولكن هذه الغيرة قد تتجاوز حدها، وتخرج عن طورها، وعندها تتحول من حق محمود لشك مذموم.
فالمرأة لابد أن تكون محط ثقة رجلها، وأن يطمئن من جانبها على نفسه وماله وولده وعرضه، فليست الغيرة معناها الشك الدائم وسوء الظن بالمرأة، والتفتيش عنها وراء كل جريمة دون ريبة، لذلك جاء في الحديث عن "جابر بن عتيك" رضي الله عنه قال: إن النبي صلي الله عليه وسلم كان يقول :" من الغيرة ما يحب الله، ومنها ما يبغضه الله ، فأما التي يحبها الله فالغيرة في الريبة، وأما التي لا يحبها الله فالغيرة في غير ريبة"*. أبو داود في الجهاد
فالغيرة المذمومة تجعل الرجل يفقد الثقة في المرأة، وعندها يبدأ الرجل في تخوين زوجته، وتتبع عثراتها، وهذا الداء هو عين هلاك البيوت، وانهدام الأسر، وكثير من حالات الطلاق تكون بهذا السبب، ففي آخر إحصائيات الدولية أن الكويت يحتل المرتبة الأولي عربيا والثالثة عالميا في حالات الطلاق بسبب الشك في الخيانة الزوجية ، كما أن 40% من حالات الطلاق في الإمارات العربية كانت بسبب الشك والاتهام بالخيانة ، ومن أجل ذلك نهى الرسول صلي الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة عن التعرض لما يوجب سوء الظن، وفقدان الثقة بالمرأة .
ومن هذه الأحاديث:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان النبي صلي الله عليه وسلم يكره أن يأتي الرجل أهله طروقا * البخاري في النكاح ، ومسلم في الإمارة ، وقال أيضاً: نهى النبي أن يطرق الرجل أهله ليلاً يتخونهم أو يطلب عثراتهم* أحمد في مسنده ، ومعناها أن الرجل المسافر الذي طالت غيبته عن زوجته قبل أن يصل إلى منزله، يرسل من يخبرها بأنه قادم، لا لتأخذ حذرها ومأمنها كما يفهم البعض، وإلا أصبح ذلك مسوغاً للمرأة أن تفعل ما بدا لها اعتماداً على حقها في الثقة، ولكن هذا الأمر لسبين :
أولهما : تقدير حق الثقة عند الرجل والمرأة كليهما، فالرجل يثق بامرأته ، من أجل ذلك يرسل إليها بقدومه، والمرأة تشعر بثقة زوجها فيها وحسن ظنه بها، من أجل ذلك أرسل إليها بقدومه، ولم يأتها خلسة أو فجأة ليلتمس عثرتها، ويرى مدى إخلاصها له.
ثانيهما: أن هذا الإذن والإعلام بالقدوم، يكون من أجل استعداد المرأة استقبال زوجها، والتزين له للاجتماع معه بعد طول غياب وسفر واشتياق، وهى في أفضل حال وأكمل هيئة، فتزداد المحبة والألفة، لذلك قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :"إذا دخلت ليلاً فلا تدخل على أهلك حتى تستحد المغيبة وتمتشط الشعثة" البخاري في كتاب النكاح ، فرؤية المرأة وهى غير متنظفة يفتح باباً للنفرة والخلاف والإعراض، إذا كيف يأتي الرجل بعد غياب يجد زوجته على هذه الحالة المزرية، فما أروع الإرشادات النبوية في حفظ الحياة الزوجية!.
سادساً: حق الاستمتاع:
لأن دين الإسلام هو دين الفطرة السوية، وهو الدين الحق الذي أرسله الله عز وجل للبشرية، كطوق إنقاذ أخير وهى على شفا جرف هار، أوشك على الأنهيار، في أدنى دركات الانحطاط الحياتي؛ فإننا نجد أن دين الإسلام قد تعامل مع البشر من خلال تصور كامل وتام وواضح عن أصل خلق الإنسان؛ وطبيعة نفسه وجسده، ومتطلباته، ورغباته، وحاجاته الروحية والجسدية، فجاء الإسلام دين الفطرة السوية مراعياً لطبيعة الإنسان المكون من روح وجسد، ولبى حاجات الروح بالإيمان والعبادة وصور الطاعة الكثيرة، ولبى حاجات الجسد الذي هو مطية الروح، والذي له حاجات ورغبات وغرائز، وقبل الإسلام كانت البشرية بين طرفي النقيض: إما رهبانية منعزلة محرومة من كل متع الحياة، وإما حيوانية بهيمية تقدس الشهوة وتعبد اللذة، أما من تمسك بالفطرة السوية من بقايا دين إبراهيم فهم قلة ضاعوا في زحمة الانحراف وظلمة الجاهلية، ثم جاء الإسلام وأقام المعادلة السوية، وعدل الفطرة المنحرفة، وأعاد البشرية لمسارها القويم، الذي يضمن استمرار مسيرة البشرية لتحقيق الخلافة الراشدة، والعبودية الكاملة، التي هي سبب خلق الثقلين.
وفى نواة المجتمع المسلم – الأسرة – تتجسد كل معاني الفطرة والقيم السوية، حيث ألزم الإسلام الرجل بحق المرأة في الاستمتاع بالحياة الأسرية في مظلة ما أحله الله عز وجل، فمن قال أو ادعى أن الأسرة الصحيحة هي الأسرة العابثة المتزمتة، أو المتنطعة، أو التي تحرم ما أحل الله عليها، أو سار عكس هذا الاتجاه بالانغماس فيما حرم الله، فصدق الحق عندما قال ( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين امنوا في الحيوة الدنيا خالصة يوم القيامة)(الأعراف:32).
وحق الاستمتاع بالحياة مكفول وثابت للرجل والمرأة على حد سواء، وهو يأخذ عدة أشكال ، ولا يصح أن يتم التركيز على المعاني المادية للاستمتاع من مأكل ومشرب فقط، ذلك لأن هناك أشكالاً أخرى للاستمتاع بالحياة الزوجية كفلها الإسلام للمرأة ، وغابت عن ذهن كثير من رجال الأمة منها:
سابعا حق التجميل:
فالتجميل أمر فطرى ثابت لدى الإنسان ؛ فالرجل يحب أن تتجمل له المرأة، والمرأة بطبيعتها تحب التجمل في كل شيئ، لذلك وجب على الرجال التجمل لنسائهن ، ولا يقعوا في الخطأ السائد أن التجمل والتزين إنما هو للنساء ومن النساء فقط ، فكلما يرد الرجل من امرأته أن تكون جميلة نظيفة في أبهى صورة ، لا يليق أبدًا أن يريدها هكذا، وهو في أبعد ما يكون عن ذلك، من رائحة كريهة، وهيئة رثة، وشعر أشعث، وهكذا ألم يقل الله عز وجل في محكم التنزيل: ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف)(البقرة:228)، فحق التجمل ثابت للمرأة على الرجل ما لم يكن هذا التجمل والتزين بما حرم الله *القرطبي ج2 ص 115 .
ولقد فهم الصحابة رضوان الله عليهم هذا الحق للمرأة؛ فقال ابن عباس رضي الله عنهما: إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي، وما أحب أن أستنطف كل حقي الذي لي عليها، وتستوجب الذي لها على .
وقال محمد بن الحنفية: إن هذه الملحفة – نوع من الملابس – ألقتها على امرأتي ودهنتنى بالطيب، وإنهن يشتهين منا ما نشتهى منهن.
والمقصود أن يكون الرجل عند امرأته في زينة تسرها، وتعفها عن غيره من الرجال*، وقد حض رسول الله صلي الله عليه وسلم الرجال على التجميل، والظهور في هيئة حسنة حتى يكونوا مثل الشامة في الناس ، فعن أبى قتادة رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله إن لى جمة فأرجلها ؟، قال: " نعم وأكرمها" النسائي في الزينة
وقال صلي الله عليه وسلم : " من كان له شعر فليكرمه"*.أبو داود ، وهو في صحيح الجامع 6493
وعن عبد الله بن مسعود قال: قال رجل للنبي صلي الله عليه وسلم : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسناً: فقال :" إن الله جميل يحب الجمال"* مسلم في الإيمان ، وأبو داود في الأدب ، الترمذي في البر و الصلة
وأنكر الرسول صلي الله عليه وسلم على من ترك الزينة حتى فحش منظره، فقد جاء رجل للنبي صلي الله عليه وسلم وعليه ثوب دون، فقال له:" ألك مال؟"، قال نعم، قال له النبي صلي الله عليه وسلم :"من أي المال؟"، قال : من كل المال قد أعطاني الله تعالى ، قال النبي صلي الله عليه وسلم :" فإذا آتاك الله مالاً فلير نعمة الله عليك وكرامته"*.النسائي وأبو داود
بل إن الرسول صلي الله عليه وسلم يرفع من شأن التجمل لدرجة عالية جداً، يجعله يصل لخصلة من خصال النبوة والأنبياء فعن عبد الله بن سرجس قال : قال رسول الله :" التؤدة والاقتصاد و السمت الحسن جزء من أربعة وعشرين جزءاً من النبوة"*.صحيح الجامع 3010
ورأس تجمل الرجل وتزينه لامرأته، وعين قيامه بهذا الحق لها، هو حديث خصال الفطرة المشهورة* مسلم في الإيمان ، يجعل الرجل والمرأة على حد السواء فى أكمل وأنظف هيئة محببة، إضافة لذلك فمن صور الزينة والتجمل المباح للرجل من أجل امرأته: خاتم الفضة ، تسريح الشعر، الطيب، الكحل، تحنية الشعر، اللباس الأبيض النظيف، وذلك كله من غير سرف ولا كبر، ولا مخيلة؛ لعموم النهى عن هذه الأمور.
ثامنا حق الترويح :
الحياة مليئة بالأمور المكدرة والمحزنة، وأعاصير الأزمات تهب من هنا وهناك على الأسرة المسلمة، خاصة في هذه الأزمنة الصعبة ، التي يحاك فيه الكثير ضد المسلمين داخل ديارهم وخارجها، وكل من الرجل والمرأة في حالة استنفار كامل لتلبية حاجات أسرتهم، كل على صعيده، وفى نطاق واجباته ومسئولياته، ولما كانت الحياة هكذا، يغلب عليها الجدية والتعب والكدح ليل نهار، مع أداء ما افترضه الله عز وجل على عباده من طاعات وفرائض، فإن النفس البشرية قد تمل، وقد تركن، وقد تسأم، فأباحت الشريعة السمحة الترويح عن النفس بصورة تذهب سآمتها، وتجدد نشاطها، وتعيد قوتها للعمل والعبادة مرة أخرى وأحق من وفرت له الشريعة هذا الحق هو البيت المسلم ، خاصة المرأة المثقلة بالأعباء الداخلية والخارجية، والنفس البشرية عموماً، والمرأة خصوصاً، لا تحتمل السعي الجاد طوال الوقت، لذلك قال الرسول صلي الله عليه وسلم
لصاحبه حنظلة بن الربيع:" ولكن يا حنظلة ساعة وساعة" قالها ثلاث مرات* مسلم والترمذي .
وقد أقر النبي صلي الله عليه وسلم حق الترويح للمرأة، وقام هو بنفسه بإعطاء القدوة الحسنة في ذلك لرجال أمته، فيقول لجابر بن عبد الله عندما علم أنه قد تزوج ثيباً، ولم يتزوج بكرًا:" فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك، وتضاحكها وتضاحكك"*.البخاري في كتاب النفقات
ويقول صلي الله عليه وسلم بمسابقة زوجته عائشة في الجري فتسبقه مرة ويسبقها مرة؛ فيقول لها :"هذه بتلك السبقة"* أحمد وأبو داود وابن ماجه ، بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، وأنت مكلف بكل هذه التكاليف التي تنوء بها الجبال الشامخات: من دعوة وتبليغ، وتعليم وإقامة لصرح الإسلام، لا تنسى حق امرأتك عليك ، وتسابقها مرة بعد مرة، ألا هلك المتنطعون ومعهم الطاعنون فى عظمة هذا الدين.
ويسمح صلي الله عليه وسلم في الأعياد والمناسبات بعمل الدورات الرياضية، والمسابقات البطولية، وإنشاد الأناشيد واللعب وإظهار السرور، وكما قال صلي الله عليه وسلم :" لتعلم يهود أن ديننا فسحة"*البخاري في المساجد ، ومسلم في العيدين .
ويسمح أيضا لأزواجه أن يمزحن بحضرته، ويشاركهن في ذلك في جو من البهجة والسرور والروح الطيبة، قالت : عائشة: كان عندي رسول الله صلي الله عليه وسلم وسودة فصنعت خبيزاً – نوع من الطعام – فجئت به؛ فقالت لـ سودة: كلى، فقالت: لا أحب، فقالت: والله لتأكلن أو لألطخن وجهك، فقالت: ما أنا بباغية، فأخدت شيئاً من الصحفة فلطخت به وجهها ،ورسول الله صلي الله عليه وسلم ما بيني وبينها ؛ فخفض لها رسول الله صلي الله عليه وسلم ركبتيه لتستقيض منى، فتناولت من الصحفة شيئاً ، فمسحت به وجهي، وجعل رسول الله يضحك*.النسائي في عشرة النساء
المراجع
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
النووي علي مسلم
عارضة الأحوذي
عون المعبود
سنن ابن ماجه
سنن النسائي
صحيح الجامع
تحرير المرأة في عصر الرسالة
موسوعة الأسرة المسلمة
تفسير القرطبي
تفسير ابن كثير
زينة المرأة بين الطب والشرع
مكانة المرأة في القرآن والسنة
قضية المرأة ـ رؤية تأصيلية
حراسة الفضيلة
نساء حول الرسول
فتياتنا بين التغريب والعفاف
أساليب العلمانيين في تغريب المرأة المسلمة


المصدر: وفاء



جزاكم الله خير على تضامنكم مع اخواتكم المظلومات

وأسال الله ان يوفق القايمن عليه


ريم سعيد آل عاطف
2010-10-09
تصلني رسائل بين الحين والآخر تطالب بتناول قضايا المرأة. والتركيز على همومها وما تتعرض له من ظلم وأذى.
ولا أنكر أنني ظللت لأعوام خلت أبتعد عمداً عن ملامسة الجرح والتعمق في المعاناة! أولاً لأن مسألة حقوق المرأة باتت قضية عالمية تُقام لها البرامج والمؤتمرات، وتتبناها الحكومات والنخب وتشغل الحيز الأعظم في الإعلام. إلا أنها بتركيزها على مفاهيم المساواة المطلقة والتحرر والتمكين ضلت الطريق السوي لرعاية مصالح المرأة وإصلاح أوضاعها. ثانياً: المجتمعات الإسلامية متهمة مُسبقاً باضطهاد المرأة. والمجتمع الخليجي والسعودي خاصة، رسم لهما صورة مشوهّه دولياً فيما يخص التعامل معها! فكان كشف ومناقشة الحالات الحقيقية لانتهاك حقوق المرأة سيكون بمثابة تأييد وإثبات الحكم الجائر ضد مجتمعنا.
ولكني أدركت أخيراً أن علينا أن نعترف بمشكلاتنا ونعالج مآسينا دون أن نقف طويلاً أو نهتم برأي الآخر عنا.
والمرأة المسلمة عموماً قد لا تقاسي أكثر مما تقاسيه نساء العالم شرقاً وغرباً، فلطالما كانت المرأة هي المتضرر الأكبر والمستهدف الدائم بالقمع والاستضعاف. وحين نقرأ عن النسب العالمية لجرائم العنف ضد المرأة «قتل. ضرب. اغتصاب......» في بلاد الكفر التي طغت فيها المادية وغاب وازع الدين قد لا يتملكنا العجب كحالنا ونحن نتأمل واقع المرأة المسلمة، وما تتعرض له من عنف وتسلط رغم ما جاءت به الشريعة من إكرام لها ورفع لمكانتها وحض على الإحسان إليها!! حكايات تخنقها الأحزان. لن أذهب بعيدا أو أُغرق في نقل قصص وحوادث الصحف والإنترنت. سأعرض فواجع وجرائم التقيت ضحاياها بأرواحهم المنهكة وذكرياتهم البائسة.
الأولى تكابد زوجا سكيرا طائشا سحق كرامتها بالإهمال والإهانة والضرب. وكلما استنجدت بمن حولها أُمرت بالصبر والتحمل. حتى انهارت أفراحها وتصدعت أحلامها. ودُفن ربيع العمر.
وثانية قضت ثلاثة عشر عاما تصارع بخل الزوج وجشعه وتخلّيه الكامل عن النفقة. واستيلائه الدائم على نصف راتبها. ثم وفجأة يحتال عليها ويسرق أيضا كل ما تملكه مما وفّرته أمانا للزمن وتحسبا للحظة غدر. لينتهي بها الحال تجمع بين طعنة الغدر وانهيار عصبي!.
وأخرى تعايش زوجا مستهترا عابثا خائنا. لا يشغله في هذه الحياة إلا ملاحقة رغباته. في غياب دائم عن أبنائه وزوجته التي قررت أو هي أُجبرت على إتمام الرحلة لا رفيق لها إلا الدموع والآلام.
فتيات يقاسين الجفاء والفراغ العاطفي وتسلّط أحد الوالدين أو الأشقاء. فتيات يُسلبن حرية التعبير والرأي والتفكير وحق التملك والاختيار. زوجات يعانين أنانية الزوج أو غلظته وتعامله الهمجي الجائر. نساء يتعرضن لأزمات العنوسة. الفقر. اليتم. الزواج الفاشل. الطلاق. وأخيرا وأكثرها قسوة الحرمان من الأبناء بعد الانفصال.
ثم بعد ذلك كله قد لا تجد الأنثى من يتفهمها ويناصرها وينتزع لها حقها الضائع.
شغلتنا العلمانية وحركات التغريب في بلاد الإسلام بمعاييرها العمياء حول حقوق المرأة فأضعنا حقوقها الشرعية الأساسية في الاحترام والكرامة والإنسانية.
الكل هنا يتحمل مسؤولية ما يجري! حتى المرأة ذاتها فهي المربية المسؤولة عن تنشئة ابنتها على الثقة والتميز وغرس قيمة تقدير الأنثى في نفوس الأبناء الذكور.
ثم يأتي دور العلماء وقادة الفكر والمنابر الدعوية والإعلامية. والمناهج التعليمية لتعزيز رؤية صحيحة وناضجة تجاه المرأة تكفل لها حياة آمنة مستقرة سعيدة. يعاضد ذلك دور الجهات الرسمية في إنصافها بالشكل الأمثل. ومنحها الحقوق التي وهبها لها خالقها في كتابه الكريم وهدي نبيه عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.


السلام عليكم ورحمة الله.............. صباحكم / مسائكم ،،،، زبرجد وياقوت
وجزيل الشكر للادارة الموقره لقبول عضويتي ،،،،،،، فأنا أخت لكم أتطلع أن أرى أبني خطيب في المستقبل وأناديه دائما شيخي الصغير ،،،،، وشاهد موقعكم البناء وهو الأن ابن التاسعه وبتوفيق الله ودعوات الصالحين أمثالك سيصعد القمه فهو حفيد رسول هذه الأمه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.....
كم تمنيت أن تكون مشاركتي بهذا المنتدى متفائله ولكن وجدت عنوان الحملة ( رفع الظلم عن النساء) فدهشت وكأن القدر يلاحقني ليذكرني بالظلم الذي عانيته وأعانيه حتى حينه وتصفحت ماسطرته أقلام مشائخي الفضلاء ولكن لم أجد لجراحي بين أسطرهم دواء ...... وسجني وجلادي زوج يؤم المسلمين خمس فرائض ....... وكما قيل في أمثالنا الشعبيه ( خلها في القلب تجرح لا تطلع للناس وتفضح) ....... أحترامي وتقديري لكم مشائخي وأخوتي ففيكم الخير بأمر الله وللقاعدة شواذ ولا أبرىء نفسي فأنا من سجنتني ظروفي ولكن الرحمة لم تنزل لي بقلب زوجي الذي أشعر بالحزن وأنا أكتبها لأنني معلقة أكثر من عامين...... لا أطيل عليك ودعواتي لكم بالعزة والشموخ والرقي إلى أعلى القمم تحت شعار التوحيد ( لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم )
لاتنسوني من دعواتكم أن يفك الله أسري من غير قيد ولا شرط عاجلا غير آجل