شهر شوال - خطب مختارة

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2024-04-21 - 1445/10/12
التصنيفات:

اقتباس

وفي هذا الشهر؛ شهر شوال أذن الله -تعالى- بتطهير المدينة المنورة من دنس يهود بني قينقاع، "قال ابن سعد: وكانت يوم السبت للنصف من شوال على رأس عشرين شهرًا من مهاجره"، فلقد نقضوا عهدهم مع المسلمين، وذلك ديدن اليهود الملاعين، فكان أن أجلاهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منها... فعسى الله أن يوقع بهم الهزيمة في شوال الذي نحياه الآن...

يتكلم الناس عن فضائل شهر المحرم، وعن مآثر شهر رمضان، وعن مزية شهر شعبان وذي الحجة... لكنهم لا يلتفتون إلى شهر شوال وما له من علاقة وثيقة برمضان؛ فإن كان رمضان هو شهر الزرع فإن شوال هو شهر الحصاد؛ حصاد ما حققنا من التقوى في رمضان... وإن كان رمضان امتحانًا وابتلاء واختبارًا لصبر الصابرين وصدق الصادقين، فإنه في شهر شوال تظهر نتيجة هذا الامتحان فيتضح المقبول من المردود؛ فأما من داوم على العمل الصالح وكان لله أقرب وأطوع وحمل هَمَّ القبول فهذا إن شاء الله من الناجحين في الامتحان، وأما من فرَّط وقصَّر وانقطع وفي جميع الشرور وقع، فذاك -والعياذ بالله- حري أن يكون من المردودين...

 

وفي شوال يقع اختبار كبير للمداومين وللمنقطعين؛ إنه اختبار المداومة على الصيام الذي اعتدناه في رمضان بصيام ست من شوال، فعن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال، كان كصيام الدهر"(رواه مسلم).

 

وصيام يوم من هذه الست يعدل صيام عشرة أيام كاملة، وبالتالي فإن صيام الأيام الست كاملة يعدل صيام شهرين كاملين، فعن ثوبان -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "صيام شهر رمضان بعشرة أشهر وصيام ستة أيام من شوال بشهرين فذلك صيام سنة"، وفي لفظ: "جعل الله الحسنة بعشر فشهر بعشرة أشهر وستة أيام بعد الفطر تمام السنة"(رواهما النسائي في الكبرى، وصححهما الألباني).

 

***

 

وفي مستهل هذا الشهر تُسلَّم الجوائز للصائمين، وأول الجوائز فرحة، فرحة تملأ النفس وتخفق بالأرواح وتبهج المهج؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه"(متفق عليه)... فيشيع بين المسلمين السرور والحبور، ويرتدون الجديد من الملابس ويهنئ بعضهم بعضًا ويتواصلون ويتسامحون ويتغافرون ويتحابون... كل ذلك في أول يوم من أيام شوال.

 

وإن كان إفطار يوم من رمضان بغير عذر معصية وكبيرة من الكبائر، وصيام أيام رمضان فريضة وطاعة وقربة إلى الله -تعالى-، فإن صيام اليوم الأول من شوال معصية لله، وإفطاره فريضة وطاعة لله -تعالى-؛ فعن  عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لا يصلح الصيام في يومين: يوم الأضحى ويوم الفطر، من رمضان"(رواه مسلم).

 

واليوم الأول من شوال -الذي هو عيد الفطر المبارك- هو يوم قد اختاره الله -تعالى- ليكون يوم مرح وفرح بالحلال الطاهر المباح، فعن أنس قال: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله قد أبدلكم بهما خيرًا منهما: يوم الأضحى، ويوم الفطر"(رواه أبو داود، وصححه الألباني).

 

***

 

وخصيصة أخرى من خصائص شهر شوال وهي أنه أول أشهر الحج التي ذكرها الله -تعالى- في محكم تنزيله حين قال: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ)[البقرة: 197]، يقول ابن عمر -رضي الله عنهما-: "أشهر الحج: شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة"(رواه البخاري).

 

***

 

أيضًا فلقد قدَّر الله -سبحانه وتعالى- أن يكون شهر شوال محلًا لأحداث عظيمة وانتصارات مجيدة للأمة الإسلامية، ففيه تزوج -صلى الله عليه وسلم- بأم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- والتي تقول: "تزوجني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شوال، وبنى بي في شوال، فأي نساء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان أحظى عنده مني؟، قال عروة: "وكانت عائشة تستحب أن تدخل نساءها في شوال"(رواه مسلم)...

 

وفي هذا الشهر؛ شهر شوال أذن الله -تعالى- بتطهير المدينة المنورة من دنس يهود بني قينقاع، "قال ابن سعد: وكانت يوم السبت للنصف من شوال على رأس عشرين شهرًا من مهاجره"(عيون الأثر، لابن سيد الناس)، فلقد نقضوا عهدهم مع المسلمين، وذلك ديدن اليهود الملاعين، فكان أن أجلاهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منها... فعسى الله أن يوقع بهم الهزيمة في شوال الذي نحياه الآن.

 

وفي شوال من السنة الثالثة من الهجرة كانت غزوة أحد، وما أدراك ما غزوة أحد؛ إنه الدرس الذي لا ينساه المسلمون طوال بقائهم على هذه الأرض، أن يُهزموا وبينهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لما خالفوا أمره، لكنه قضاء الله -تعالى- وقضاء الله نافذ، فعن ابن عباس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى رؤيا يوم أحد، فقال: "رأيت في سيفي ذي الفقار فَلًّا[ثلْمًا في السيف]، فأولته: فلا يكون فيكم، ورأيت أني مردف كبشًا، فأولته: كبش الكتيبة، ورأيت أني في درع حصينة، فأولتها: المدينة، ورأيت بقرًا تذبح، فبقر والله خير، فبقر والله خير"، فكان الذي قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-(رواه أحمد، وحسنه الألباني).

 

ثم "كانت غزوة الخندق في شوال سنة خمس من الهجرة"، "وهي غزوة الأحزاب، وقد أنزل الله -تعالى- فيها صدر سورة الأحزاب"(السيرة النبوية، لابن كثير)، يقول -عز وجل-: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا * إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا)[الأحزاب: 9-11].

 

ومن الأحداث العظام في هذا الشهر: غزوة حنين، فـ"لما فرغ النبي -صلى الله عليه وسلم- من فتح مكة وتمهيدها، وأسلم عامة أهلها، مشت أشراف هوازن وثقيف بعضهم إلى بعض، وحشدوا وقصدوا محاربة المسلمين، وكان رئيسهم مالك بن عوف النصري، فخرج إليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مكة يوم السبت لست ليال خلون من شوال، في اثنى عشر ألفًا من المسلمين، عشرة آلاف من أهل المدينة، وألفان ممن أسلم من أهل مكة"(إمتاع الأسماع، للمقريزي)، وفيها زُلزِل المسلمون ثم نُصروا: (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ)[التوبة: 25-26].

 

ولا تنقضي أحداث ووقائع شهر شوال، فما ذكرنا منها إلا أقل القليل، ونفسح المجال الآن لخطبائنا ليزيدونا من الأحكام والفضائل والوقائع في هذا الشهر المغفول عنه:

  

الخطبة الأولى:
الخطبة الثانية:
الخطبة الثالثة:
الخطبة الرابعة:
الخطبة الخامسة:
العنوان
أيام الله في شوال 2022/05/17 2322 666 1
أيام الله في شوال

وأولُ عيدٍ تعيّدَ بهِ المسلمونَ في حياتِهم هو العيدُ الذي وقعَ في شوالٍ سنةَ اثنتينِ للهجرةِ، إثرَ النصرِ في غزوةِ بدرٍ, فما أروعَ ذلكَ العيدَ السعيدَ الذي جاءَ اللهُ به بعد أن تَوَّجَ هامَتَهم بتاجِ العزِ والفرقانِ...

المرفقات

أيام الله في شوال.pdf

أيام الله في شوال.doc

التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life