الطلاق هموم وحلول - خطب مختارة

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2022-10-11 - 1444/03/15
التصنيفات:

اقتباس

أيها المسلمون: إنما شرع الله -عز وجل- الطلاق كحل أخير عند استحالة دوام الحياة بين الزوجين واستنفاذ جميع وسائل الإصلاح، وقد قيل: "آخر الدواء الكي"، هذا هو الأصل، إلا أن كثيرًا من الأزواج استخدموا الطلاق في غير ما وُضع له...

جلست يومًا في أحد المساجد مع رجل مسن قد ناهز الستين، لكنه صحيح العقل والبدن، ففاجئني بما أذهلني؛ لقد قال لي: إن ابنته قد طُلِقت بعد أقل من عامين من زواجها، وإلى هنا لا غرابة، ثم أردف مقسمًا بالله أن ما يقرب من أربعين من زميلاتها تزوجن وقبل أن يمر على زواجهن تمام العامين حتى كان أكثر من خمسة وعشرين منهن قد طُلِّقن!... فلم أصدق هذا الكلام واتهمته في نفسي بالغفلة أو المبالغة الشديدة أو أنه يهوِّن على نفسه طلاق ابنته من باب: "إذا عمت هانت".

 

ثم أقبلت أطالع إحصائيات الزواج والطلاق في البلاد العربية، فاكتشفت هولًا وراعني ما وقفت عليه من الإحصائيات الرسمية للعديد من الدول العربية، تقول الإحصائيات أن نسبة الطلاق في الجزائر قد بلغت 14,8% سنة: 2014، وفي المملكة العربية السعودية بلغت 20,5% سنة: 2014 أيضًا، أما العراق فقد بلغت نسبة الطلاق فيها 22,7 % طبقًا لإحصاء سنة: 2015، ووصلت في السودان إلى 30% من إجمالي عدد الزيجات، وفي الإمارات 34%، وفي قطر 37%، وفي قطر 37,2%، وفي مصر 40%، وفي الأردن 48% من حالات الزواج تنتهي بالطلاق!

 

ونقلًا عن موقع: (عربي B B C NEWS) فإن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر -على سبيل المثال-، أشار إلى أن حالات الطلاق خلال عام 2021 سجلت ارتفاعًا وصل إلى 254 ألفا و777 حالة، مقابل عدد حالات الطلاق المسجلة في 2020 والتي بلغت 222 ألفا و39 حالة.. وهذه الأرقام تعني وقوع حالة طلاق كل دقيقتين في مصر، بينما تقع 28 حالة طلاق كل ساعة، وأكتر من 20 ألف حالة في الشهر، ووفقا للأرقام المعلنة فإن نسبة 12% من حالات الطلاق وقعت في السنة الأولى من الزواج، بينما وقعت نسبة 9% منها في السنة الثانية، ووقعت نسبة 6,5% منها خلال السنة الثالثة!

 

فكدت بعد مطالعة هذه الإحصائيات أصرخ: أإلى هذا الحد هان على المسلمين أمر الزواج الذي سماه القرآن الكريم: (مِيثَاقًا غَلِيظًا)[النساء: 21]؟! أإلى هذه الدرجة استهان الناس بأمر الأسرة حتى هدموها لأتفه الأسباب؟! أإلى هذه الحال وصلت أمة الإسلام؟!

 

***

 

أيها المسلمون: إنما شرع الله -عز وجل- الطلاق كحل أخير عند استحالة دوام الحياة بين الزوجين واستنفاذ جميع وسائل الإصلاح، وقد قيل: "آخر الدواء الكي"، هذا هو الأصل، إلا أن كثيرًا من الأزواج استخدموا الطلاق في غير ما وُضع له؛ فاستخدموه في الحلف على زوجاتهم وعلى غير زوجاتهم، واستخدموه في تهديد الزوجة وجعله سيفًا مسلطًا على رقبتها إن تنفست طُلِّقت وإن سكتت طُلِّقت وإن تكلمت طُلِّقت!! كما قالت المرأة التي نقلت أم المؤمنين عائشة خبرها: "زوجي العشنق، إن أنطق أطلق وإن أسكت أعلق"(متفق عليه).

 

كذلك من الزوجات من لا تعلم حقوق زوجها عليها، وأن له عليها السمع والطاعة في المعروف، ومنهن من لا تعترف لزوجها بالقوامة، بل تعامله معاملة الند للند، مع أن القرآن الكريم يقول: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ)[النساء: 34]!

 

***

 

وتساءل العقلاء: أين الخلل؟ وما سبب هذه الزيادة المفزعة في حالات الطلاق في الدول العربية والإسلامية؟ 

والمتأمل يجد السبب الرئيس لذلك هو: البعد عن منهج الخالق -سبحانه وتعالى- ومخالفة أحكام الدين والتفلت منها أو الجهل بها من الأصل.

 

وقد تفرعت عن هذا السبب الأساسي أسباب أخرى كثيرة، فمنها: سوء اختيار الشريك: فقد وجَّه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الخاطب المقبل على الزواج أن يختار شريكة حياته على أساس الدين، فعن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك"(متفق عليه).

 

كما وجَّه -صلى الله عليه وسلم- أولياء المخطوبة بعدم القبول إلا بصاحب الدين والخلق، فعن أبي هريرة أيضًا قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض"(رواه الترمذي)، فأيما طرف خالف أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتزوج على غير أساس الدين فلا يلومن إلا نفسه.

 

ومنها: عدم مراعاة حدود الله -تعالى- داخل مسكن الزوجية: فكل معصية تُرتكب في البيت فهي سبب خراب له، وكثير من بيوت المسلمين اليوم تُشاهَد فيها الإباحيات والراقصات العاريات، ويُسمع منها مزمار الشيطان، ولا يُقرأ فيها قرآن... فمن أين تأتيها البركة؟! بل لقد هجرتها الملائكة وسكنتها الشياطين!

 

ومنها: عدم نضج الزوجين: فهما يتعاندان كطفلين، ويتعاركان كطفلين، يريد الزوج أن يفرض السيطرة بغير تمييز، وأن يُطاع فلا يُعصى ولو أمر بحرام أو بما لا يستطاع.. وتريد الزوجة أن تكون له ندًا وأن تكون في البيت رجلًا! فيتصادمان! كلاهما ينظر إلى الزواج على أنه معركة لابد أن يخرج منها منتصرًا! وكلاهما لا محالة خاسر!

 

ومنها: تدخل الأهل في المشاكل الزوجية: وغالبًا ما يكون بغير تعقل ولا وعي، كل يتعصب لطرفه ولو كان مخطئًا، فتتضخم الصغيرة، وتتعاظم التافهة، وتتفاقم المشكلة، ولو تركوهما في بيتهما لحالهما، لحُل الأمر ولتصالحا!

 

***

 

وقد جمعنا ها هنا عددًا من الخطب الجيدة التي تؤصل للأمر وتزيده بيانًا، وتبرز أسبابه، ووسائل تلافيه، وتوجِد الحلول لكل مشكلة زوجية.. فإليكم:

 

 

الخطبة الأولى:
الخطبة الثانية:
الخطبة الثالثة:
الخطبة الرابعة:
الخطبة الخامسة:
الخطبة السادسة:
الخطبة السابعة:
الخطبة الثامنة:
الخطبة التاسعة:
الخطبة العاشرة:
الخطبة الحادية عشر:
الخطبة الثانية عشر:
العنوان
الطلاق وآثاره على الأسرة والمجتمع 2021/10/02 7632 968 23
الطلاق وآثاره على الأسرة والمجتمع

إنَّ الباحث في أسباب انتشار قضايا الطلاق، لَيَجِدُ أنَّ من أَهَمِّهَا وأعَمِّها: التقصيرَ في معرفة الأحكام الشرعيَّة، وغيابَ التفاهم والحِوَار، وثقافة الأسر الزوجية، وعَدَمَ الاستماع والإصغاء للآخَر، ونَبْذَ التوقف عن المكابَرة والعِناد، والتشبُّثَ بالرَّأيِ الجانفِ والاستبدادِ، وإقصاء الشفافية والمُصارحة...

المرفقات

الطلاق وآثاره على الأسرة والمجتمع.doc

الطلاق وآثاره على الأسرة والمجتمع.pdf

التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life