صلاح الحال - خطب مختارة

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2022-10-11 - 1444/03/15
التصنيفات:

اقتباس

تأمل ترى أمة متخبطة مترددة مقودة لا قائدة تابعة لا متبوعة مسبوقة لا سابقة، عالة على غيرها في كل مجال، اللهم إلا في قوة حناجرها التي تطحن في غير طحين، وتسبح في غير نهر، حتى صدق فيهم قول القائل...

"أن يصلح الله حالك" لهي أعظم نعمة عليك من ربك، أن يصلح الله حالك يعني: أن يقيمك على دينه إقامة، وأن يريح بالك، ويطمئن قلبك، وييسر أمورك، ويخفف أعباءك، ويزيل آلامك، ويفرج كروبك، ويصوِّب عقلك، ويؤيد جنانك، ويبعدك عن المعاصي، ويوفقك إلى الطاعات، ويزيدك من القربات، ويحميك من ظلم الظالمين ومن حقد الحاقدين ومن حسد الحاسدين...

 

"أن يصلح الله حالك" كلمات تجمع كل جميل، وتنتظم كل رائع، وتدل على كل توفيق، وتؤسس لكل نجاح... هي كلمات أولها راحة النفس وطمأنينتها، وآخرها رضوان الله -تعالى- وجنته.

 

هذا على المستوى الفردي، أما على المستوى الجماعي فمعناها: أن يرفع الله الغمة عن الأمة، وأن يردها إلى دينها ردًا جميلًا، وأن يقيم أبناءها على الصراط المستقيم، وأن يعلق قلوبهم بالمعالي ويزهدهم في التوافه والسفاسف، فـ: "إن الله -عز وجل- يحب معالي الأمور، ويكره سفسافها"(رواه الطبراني في الأوسط)...

 

معنى صلاح حال الأمة أن يعود لهم اعتزازهم بدينهم وبنبيهم -صلى الله عليه وسلم-، وأن ترجع إليهم هيبتهم وثقتهم بأنفسهم، وأن يصبحوا سادات للدنيا وقادة للعالم كله...

 

إن صلاح الحال يعني أن يعيش المجتمع المسلم في انسجام وسلام لا يعرف النزاع والخصام، يعيشون أمنا نفسيا وأسريا واجتماعيا ورخاء اقتصاديا، يتقلبون بين نعم الأهل والأولاد، وسعادة الأرواح وصحة الأجساد.

 

صلاح الحال أن يحل بالمجتمع الخير فتتنزل عليهم العطايا والهبات والرضى من رب السموات، وتهب عليهم سحائب الرحمات بالغيث المدرار فيحي الأرض بعد أن كانت موات فتخرج بفضله الثمرات والأقوات؛ قال الله -تعالى-: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)[الأعراف: 96].

 

صلاح الحال أن تكون في حياتك موفقا وفي قراراتك صائبا وفي أرزاقك مباركا وفي أقوالك مسددا وفي مواقف الشجاعة ونصرة الحق ثابتا.. صلاح الحال أن تكون في مرضاة الله معانا وفي طاعته مقبلا وعن معاصيه مدبرا ومع أقداره صابرا محتسبا.. صلاح الحال أن يرزقك الله الزوجة الصالحة والذرية البارة والجار الصالح والصديق النصوح.. صلاح الحال هو استقامة الأسرة على طاعة الله وقيامها بحقه وتواصيها على البر التقوى، وتربيتها على العفاف والغيرة والستر والاحتشام وتنشئتها على القرآن والسنة.

 

***

 

لكن للأسف إن أمتنا اليوم تشكو سوء حالها وتنتحب لأوضاعها؛ فنظرة واحدة إلى حال الأمة كفيلة بأن تبعث الأسى والحزن في القلوب وتدميها؛ إنك حين تنظر ترى أمة تائهة لاهية غافلة، مرتمية في أحضان أعدائها! متشككة في صلاحية دينها لقيادة حياتها! حتى إنك لتتساءل: أهؤلاء أمة محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-! أهؤلاء أحفاد أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وأبي عبيدة وخالد...! أهؤلاء أبناء صلاح الدين وقطز وبيبرس وطارق بن زياد...

 

من هؤلاء الضائعون؟ أفهؤلاء المسلمون؟! *** الفاسدون، المفسدون، الظالمون، المظلمون

من هؤلاء الخانعون؟ أفهؤلاء المسلمون؟! *** أبدًا تكذِّبني وترجمني الحقائق والظنون!

 

وإن نظرة متأملة إلى شبابنا -الذين يناط بهم النهوض بالأمة- لتؤكد أن الطريق شاق وطويل ومليء بالعوائق والعراقيل... لكن مهما كان طريق الإصلاح شاقًا وطويلًا فليس أمامنا إلا أن نسلكه في صبر وإصرار وعزم وبأس وقوة، واضعين نصب عيوننا قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "وأن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا"(رواه أحمد)، وقد قالوا: "بقدر ما تتعنى تنال ما تتمنى".

 

ومهما كان الأمر متأزمًا وصعبًا فلن يكون أبدًا كتلك الجاهلية الجهلاء التي بُعث فيها النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ حيث يسجد الناس للأصنام، ويأكل القوي الضعيف، وتدفن البنات أحياء... فما زال النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعوهم ويجاهد في دعوتهم حتى صنع منهم "خير أمة أخرجت للناس".

 

ومن تساءل: من أين يبدأ الإصلاح؟ أجبناه: البداية هي العودة لدين الله -تعالى-؛ فما تخلَّف المسلمون ولا تأخروا إلا بسبب بُعدهم عن إسلامهم، ورحم الله عمر بن الخطاب حين قال: "إنا كنا أذل قوم، فأعزنا الله بالإسلام، فمهما نطلب العزة بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله"(رواه الحاكم).. فصلاح الحال لا يكون إلا بالإيمان والعمل الصالح: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ)[محمد: 2].

 

وثانيًا: الاتحاد بين المسلمين: فهي فريضة على المسلمين أن يتحدوا ولا يتفرقوا، قال الله -تعالى-: (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) [الأنفال: 46]، فلا بد ليتحقق النصر أن يكون المسلمون أمة واحدة كما أمر الجليل -عز وجل- مرارًا وتكرارًا: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)[الأنبياء: 92]، وما أصاب الأمة ما أصابها من تردٍ وضياع إلا حين خالفت هذا الأمر الإلهي فتفرقت وتشرذمت وتقطعت:

إني أكـاد أن أعتد وحدتنا دينًا *** وأن افــتراق الـشمل إلحاد

 

وثالثًا: بيع الدنيا بالآخرة: ولا تكون القوة الحقة إلا لمن طلب الجنة وتمناها حتى هانت عليه الدنيا وزينتها، وهذا ما خوَّف به خالد بن الوليد -رضي الله عنه- والي كسرى حين قال له: "أتيتك بأقوام أحرص على الموت منكم على الحياة"( السيرة النبوية، لابن حبان)، بل لقد عدَّه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من المنافقين، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من مات ولم يغز، ولم يحدث به نفسه، مات على شعبة من نفاق"(رواه مسلم).

 

وهناك رابعًا وخامسًا وعاشرًا من أسباب الإصلاح، لكننا لن نستطيع حصرها هنا في هذه العجالة، لذا فقد تركنا المجال لخطبائنا ليفصِّلوا الأمر ويؤصلوه ويزيدوه وضوحًا وجلاء، وهاك طائفة من خطبهم:

العنوان

وصايا للأمة

2015/12/12 6945 853 36

إننا نرى العالَم البعيد، ومهما أوغلَ في علمانيَّته أو إلحاده، فإنه يستحضِر دينَه عند أزماته وكُروبه، ويتحدَّثُ عن مُبارَكة الربِّ لجيوشِه وحُروبه. وفي الوقت نفسِه فإن مخذُولين من بيننا كلما ضاقَت بنا الدوائِر، واستحكمَت الأزمات، نشَطوا في جعل قبضة الدين تسترخِي في حياتنا، ومظاهر التديُّن تقلُّ في مُجتمعاتنا، وروَّجُوا لأسباب الشهوات حتى تستسلِم النفوسُ لخدَرها، وتلهُو عن مخاطِر ما في غدِها.. إن الأمة التي نزل بها البلاء، واستُهدِفَت في دينها وأراضيها، يجبُ أن تكون أبعدَ الناس عن اللهو والترَف، وأن تصرِف جهودَها وطاقاتها للتقرُّب لخالِقها وبارِيها، وأن تُخلِصَ لله الدين، وتُقلِع عن المعاصي والشهوات، وتهجُر الذنوبَ والمُنكرات، وأن تأخذ على يد السفهاء...

المرفقات

للأمة


العنوان

وقفات مع الإصلاح والمصلحين

2014/06/16 6444 859 49

أيها المسلمون: وظيفةُ الإنسان في هذه الحياة، هي: العبوديةُ لله -عز وجل- في توحيده وذِكره وشُكرِه وحُسن عبادتِه، ثم عِمارةُ الأرض بما تقتضِيه هذه العبودية مما يظهرُ به الدين، ويقومُ به الشرع. العبوديةُ لله، هي الغايةُ الكُبرى. أما العلومُ والمعارِف، والأعمال والولايات، والحِرَف والصناعات، فهي وسائلُ إليها، وتابِعةٌ لها. التنوُّر الحقيقي، هو الاستِنارةُ بنور الوحي، وعلومِ الكتابِ والسنةِ، والظلاميَّةُ والظُّلُمات بالحِرمان من...

المرفقات

مع الإصلاح والمصلحين


العنوان

طرق إصلاح الأمة عند الفتن

2011/09/25 5398 900 27

أمَا وقد استبانَ خطرُ الأهواء، وعُلِمَ أضرارُ البدع المُحدثَةِ التي تهدِمُ الدين، وشاهدَ المسلمون دمار المجتمعات بارتكابِ المُحرَّمات، واتباع الشهوات؛ لم يبقَ طريقٌ مُنجٍ إلا الصراط المستقيم، ولن يحمِيَ الأمة إلا التمسُّك بالكتاب، ولن يجمع القلوب إلا الحق، قال تعالى: (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)، وقال تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا..

المرفقات

إصلاح الأمة عند الفتن


العنوان

مخرج الأمة من الفتن

2017/03/02 2665 507 6

مع كل يوم جديد يُفيق المسلمون على أخبار القتل والدم والتشريد والتهجير، الموتى بمئات الألوف، المهجرين والمشردين بالملايين، حتى ضاقت بهم الأرض، ولفظتهم البحار غرقى هاربين، صور دامية، وأحداث مؤلمة، تتصدع منها الجبال الصمّ الصلاب؛ الدمار والهلاك في كل مكان، المباني مهدّمة، والمساجد مدمرة، والشوارع خالية...

المرفقات

الأمة من الفتن


العنوان

الإسلام رسالة إصلاح

2012/02/19 195 0 0

سامي بن عبد العزيز الماجد

لو شئت أن تصف الإسلام بأوجز وصف وأصدقِه لكان لك أن تقول: هو رسالة إصلاح. فهذا الوصف يطابق حقيقة رسالة الإسلام أتم مطابقة؛ لأن للإسلام عملاً ذا أثر في حياة الفرد والمجتمع، يجعل من إصلاح حياة المعاش إصلاحاً لحياة المعاد، فهو يُصلح صلة العبد بربه، وصلةَ المجتمع بعضِه ببعض، يصحح مسار التعبد ليجعل الناس كلَّهم متعبّدين لله ـ سبحانه ـ ، يخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد.

المرفقات

رسالة إصلاح


العنوان

رسالة الإصلاح في زمن الغربة

2017/03/15 4693 489 8

كم غيّرت الأمّة وبدّلت! وفي جميع جوانب الحياة لشرع الله تنكّرت! استبدلت بالبعير بعرا، وبالثّريا ثرى! وبالرّحيق حريقا مدمّرا! وظنّت هذه الأمّة المسكينة أنّها إذا التصقت بذيل الأمم المزيّفة، واتّبعت شعاراتها المحرّفة؛ ظنّت أنّها ركبت قوارب النّجاة، ولكن...

المرفقات

الإصلاح في زمن الغربة


العنوان

الإصلاح ومواجهة الفساد

2014/11/05 3442 522 5

إن مواجهة الفساد تكون بالصلاح والإصلاح، حسب الطاقة والاستطاعة: (إِنْ أُرِيدُ إِلا الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ومَا تَوْفِيقِي إِلا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وإِلَيْهِ أُنِيبُ) [هود:88]. وعَن أَبِي سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ" رواه مسلم.

المرفقات

ومواجهة الفساد


العنوان

الإصلاح

2011/08/12 19456 3090 110

إن الإصلاح الذي ينبثق من الدين هو ما يكون رحمة وسلاماً, ولطفاً وسعادة, وسمواً وإشراقاً؛ إصلاح يهب كالنسيم العليل, ويمضي كالجـداول الرقراقـة, ويتدفق كالأنهار العذبة, يروي الظمأ, ويذهب العطش, ويسعد الأرواح, ويبهج القلوب, ويقر الأعين, وينبه الغافل, ويعلم الجاهل, ويهدي التائه, ويرشد الحيران, ويوحد الصف, ويجمع الكلمة، وينبذ الهوى? ..

المرفقات

العنوان

حال أهل الإسلام اليوم

2017/11/09 10149 472 15

فحال المسلمين في جميع الأقطار والدول الإسلامية حال يبعث على الحزن والأسى, وهو نتيجة حتمية لبعدهم عن كتاب ربهم ومنهج نبيهم -صلى الله عليه وسلم-, فلقد تفرقت الأمة إلى فرق وشيع وأحزاب كل حزب بما لديهم فرحون, وصارت تحدث بين الحين والآخر مشاحنات ومصادمات واقتتال؛ لأسباب قد يكون أغلبها تافه, وصارت هناك جرأة قوية على ارتكاب كبائر الذنوب...

المرفقات

حال أهل الإسلام اليوم


إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات
عضو نشط
زائر
19-02-2021

السلام عليكم ، والله أثلجتم صدري بهذه الكلمات وفقكم الله وجزاكم خيرا والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته