شعبان تمهيد لرمضان - خطب مختارة

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات:

اقتباس

وتعالوا الآن ننهي حديثنا بما بدأناه به فنقول: من لا شعبان له لا رمضان له! من فاته شعبان فنخاف عليه أن يفوته رمضان! من قصَّر في شعبان فقد عقد العزم على التقصير في رمضان! ومن أحسن في شعبان فحري به أن يحسن في رمضان؛ فقد أعد العدة وأخذ الأهبة وهيء النفس والروح والجسد لاستقبال رمضان... ولست وحدي من أقول بذلك وأنادي به، بل جميع خطباء الأمة متفقون على ذلك يصيحون به وينبهون عليه ويهتفون بصحته وضرورته... وهذي بعض أصواتهم...

قالوا وصدقوا: "من لا شعبان له لا رمضان له"، وهذا شيء طبيعي ومنطقي؛ فإن الرياضيين -مثلًا- يعرفون ما يُعرف بالإحماء، فقبل أن يشرع أحدهم في تمارينه الحادة لا بد أولًا أن يهيئ جسده بشيء من التمارين الخفيفة المتدرجة، وهؤلاء متسابقو العدْو لمسافات طويلة يبدءون بالإحماء قبل دخول مضمار السباق بوقت كاف، والسبب: أنه لو بدأ بالمجهود الشاق فجاءة قبل أن يتجهز جسده لذلك فإن الجسد لن يستطيع أن يُخرج كل ما عنده، بل إن فاعل ذلك يعرِّض جسده للانهيار بذلك المجهود الشاق المفاجئ!  

 

وكل قائد لسيارة قد تعود عند بدء قيادة سيارته في كل صباح أن يدير الماتور قليلًا قبل الانطلاق بالسيارة تهيئة له وتجهيزًا لتحمل العبء القادم، ثم هو يتدرج في الانطلاق بها فيبدأ بالسرعة الأولى ثم الثانية فالثالثة...   وكذلك فشهر شعبان هو فترة إحماء وتهيئة وتجهيز وإعداد وتحضير لرمضان؛ فإن من الناس من لم يصم منذ رمضان الماضي! ومنهم من لم يقم الليل منذ رمضان الماضي! ومنهم من هجر المصحف منذ رمضان الماضي! طوال أحد عشر شهرًا وهم غارقون في الدنيا غافلون عن زاد الآخرة! ومن الناس من قام في هذه الأشهر وصام وتلا القرآن لكن كانت غفلاته أكثر من يقظاته! وقليل هم الذين قاموا وما غفلوا!  

 

فلو دخل رمضان على هؤلاء فجاءة بلا مقدمات، فوجدوا أنفسهم مطالبين بصيام ثلاثين يوم ومندوبين إلى قيام ثلاثين ليلة وإلى ختم القرآن مرة أو مرات... لكان ذلك عليهم شاقًا وربما صادمًا؛ أن ينتقلوا -بشكل مباغت- مما تعودوا عليه أحد عشر شهرًا؛ من وجبات عديدة في النهار إلى وجبة واحدة، ومن نوم كثير في الليل إلى قيام أغلبه ومن سرح طويل على المعاش الدنيوي إلى عكوف جميل على كتاب الله -تعالى- وعلى الطاعات...  

فيدخلون في رمضان وما استعدوا ولا تجهزوا ولا تهيئوا، فيمر بعضه حتى يعتادوه، ويمر بعضه الآخر حتى يستشعروا حلاوته! فمتى ينشطون لاستغلاله، ومتى يترقون في درجاته، ومتى يتنعمون بلذاته، ومتى تصيبهم تجلياته؟... إنهم سيخرجون من رمضان وما دخلوا فيه! ما اغتنموا نفحاته وفيوضاته وبركاته!   لذا فقد اقتضت حكمة الله -عز وجل- ورحمته أن يجعل شعبان مقدمة وتمهيدًا ومدخلًا وتهيئة لرمضان، وهنا نفهم لما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكثر من الصيام في شعبان، فقد سأله أسامةُ بن زيد قائلًا: يا رسول الله، لم أرك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: "ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم" (متفق عليه)، وقد لاحظت أم المؤمنين عائشة ما لاحظه أسامة، فعن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كان يصوم حتى نقول: قد صام ويفطر حتى نقول: قد أفطر، ولم أره صائمًا من شهر قط، أكثر من صيامه من شعبان كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلًا" (متفق عليه).  

 

نعم إذن، لقد سنَّ لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التدرب على الصيام في شعبان كيلا يكون جديدًا ولا غريبًا علينا في رمضان، ومن شديد تأكيده عليه أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يأمر من فاته الصيام في شعبان أن يقضي بعضه بعد رمضان، فعن عمران بن حصين -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لرجل: "هل صمت من سرر هذا الشهر شيئًا؟"؛ يعني شعبان، قال: لا، قال: فقال له: "إذا أفطرت رمضان، فصم يومًا أو يومين" -شعبة الذي شك فيه- قال: وأظنه قال: يومين (متفق عليه).  

 

وفي الحديث الأول لفتة أخرى؛ وذلك حين قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن شعبان: "وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين"، فكأنه -صلى الله عليه وسلم- يريد أن يقول لنا: "إن العام الماضي بحسناته وسيئاته بحلوه ومره قد ولى وانقضى ورفع التقرير به إلى الجليل الكبير رب العالمين، فابدءوا صفحة جديدة لا تسطروا فيها إلا الخير"، ومن عادة المقصر إذا ما جاء وقت الحصاد وصدمه قلة زاده أن يندم على ما فرط ويعزم على التعويض وتدارك ما فاته. 

 

بل ولشعبان علاقة أخرى برمضان؛ فهو آخر فرصة يستطيع من عليه دين من صيام رمضان الماضي أن يقضيه فيه؛ فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان يكون علي الصوم من رمضان، فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان" (متفق عليه)، ولم يكن ذلك حال عائشة وحدها، ففي رواية أنها قالت: "إن كانت إحدانا لتفطر في زمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فما تقدر على أن تقضيه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى يأتي شعبان"، فشعبان -إذن- فرصة للتخفف من ديون رمضان الماضي، والاستعداد لرمضان القادم. 

 

ومن العلاقات التي تربط شعبان برمضان أن شعبان موسم مغفرة للذنوب، كي يدخل المرء إلى رمضان يستشعر الطهارة والبراءة والبداية الجديدة، فعن أبي موسى الأشعري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن" (ابن ماجه، وصححه الألباني في الصحيحة: 1144). 

 

 وما زال شهر شعبان متعلقًا بشهر رمضان وسيظل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فإنه لا يثبت قدوم رمضان إلا بثبوت انتهاء شعبان سواء عن طريق رؤية هلال رمضان أو بإتمام عدة شعبان، يروي عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "الشهر تسع وعشرون ليلة، فلا تصوموا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين" (متفق عليه)؛ أي عدة شعبان.

 

 وتعالوا الآن ننهي حديثنا بما بدأناه به فنقول: من لا شعبان له لا رمضان له! من فاته شعبان فنخاف عليه أن يفوته رمضان! من قصَّر في شعبان فقد عقد العزم على التقصير في رمضان! ومن أحسن في شعبان فحري به أن يحسن في رمضان؛ فقد أعد العدة وأخذ الأهبة وهيء النفس والروح والجسد لاستقبال رمضان...   ولست وحدي من أقول بذلك وأنادي به، بل جميع خطباء الأمة متفقون على ذلك يصيحون به وينبهون عليه ويهتفون بصحته وضرورته... وهذي بعض أصواتهم قد جمعتها في خطبهم التالية:

العنوان

شعبان والتهيئة لرمضان

2010/07/15 53251 4048 532

ها نحن نودع شهر رجب، ونستقبل شهر شعبان، وفاز من فاز بالتقرب إلى الله بالطاعات والاستعداد في رجب لرمضان، ودخل علينا شعبان، فماذا نحن فيه فاعلون؟! ولأجل ذلك فإن لنا في هذه الخطبة مع هذا الشهر وقفات ودروسًا وعظات نُذكّر فيها ببعض فضائله وأحكامه، وننظر فيها حال رسول الله فيه لنقتدي به، فماذا ورد في فضله؟! وما الذي جاء فيه من أحكام؟! وما كان يفعله النبي إذا دخل شعبان؟!

المرفقات

والتهيئة لرمضان


العنوان

شهر شعبان والحياة الجديدة

2021/03/21 4573 555 17

من أعظم الغفلة أن يعلم الإنسان أنه يسير في هذه الحياة إلى أجله، ينقص عمره، وتدنو نهايته، وهو مع ذلك لا يتجهّز ليوم المعاد، بأعمال صالحة تُبَلّغه رضوان الله وجنّته فتجده مفرطًا في العبادات؛ فإذا ما جاءت مواسم العبادات وجدته مقصراً ومضيّعاً لأيامه....

المرفقات

شهر شعبان والحياة الجديدة.doc


العنوان

شعبان ميدان الاستعداد لرمضان

2019/04/19 25559 1228 63

معاشر المسلمين: ومَنْ كان عليه قضاء من صيام شهر رمضان الماضي فليُبَادِرْ بصيامه قبل حلول رمضان، فإن التراخي عن ذلك قد يكون سببًا من أسباب التفريط...

المرفقات

اغتنام شهر الخيرات

شعبان ميدان الاستعداد لرمضان


العنوان

دخل شعبان فلا تغفلوا عنه

2014/06/01 13880 1301 243

إِنَّ شَعبَانَ كَالمُقَدَّمَةِ لِرَمَضَانَ، وَمَن بَلَغَهُ وَعَاشَ أَيَّامَهُ في طَاعَةٍ وَعَمَلِ خَيرٍ وَإِحسَانٍ، فَكَأَنَّمَا هُوَ مَن دَخَلَ المَسجِدَ لأَدَاءِ الصَّلاةِ بَعدَ الأَذَانِ، وَهُوَ في انتِظَارِ أَن تُقَامَ الصَّلاةُ. وَإِنَّهُ مَا نَجَحَ مُسلِمٌ في تَألِيفِ قَلبِهِ العِبَادَةَ وَترويضِ نَفسِهِ عَلَيهَا، وَتَعوِيدِ جَوَارِحِهِ عَلَى مُدَاوَمَةِ الخَيرِ وَالطَّاعَةِ، وَالتَّمَرُّنِ عَلَى القُرُبَاتِ وَالحَسَنَاتِ فِيمَا قَبلَ رَمَضَانَ وَخَاصَّةً في شَعبَانَ، إِلاَّ وَجَدَ مِن نَفسِهِ في رَمَضَانَ إِقبَالاً عَلَى العِبَادَةِ وَتَلَذُّذًا بِالطَّاعَةِ، وَخِفَّةً إِلى البَذلِ وَمُسَارَعَةً في العَطَاءِ، وَبَرَكَةً في الوَقتِ وَالعَمَلِ...

المرفقات

شعبان فلا تغفلوا عنه


العنوان

مرحبا بسفير رمضان

2014/06/10 10260 1301 122

للهِ الحكمةُ البالِغةُ، ولهُ الأمرُ فيما يَشَاءُ ويَختَارُ، فمن تعظيم اللهِ لشهرَ رمضانَ, أنْ هيأ قَبلَهُ شهرَ شَعبَانَ, ولهذا كانَ لِشَهرِ شَعبَانَ عندَ رَسولِنا من الحفاوةِ والعَمَلِ ما يفُوقُ الوصفَ والخَيالَ! وبِحمدِ اللهِ، اليومَ وفَد علينا هذا السَّفيرُ الكريمُ بين يدَي ضيفٍ عزيزٍ، فلنكرم سَفِيرَ حَبِيبِنا، ولنقُم بحقِّ مبعوثِ ضَيفِنا، فمن حقِّ رَمَضَانَ علينا أن نَصِلَ قَرِيبَهُ، ونُكرمَ أَخَاهُ وَقَرِينَهُ.

المرفقات

بسفير رمضان


العنوان

أهل الإيمان بين شهري شعبان ورمضان

2015/05/25 10892 554 101

إن أهل الإيمان لهم نفحات في دهرهم، يتقربون فيها إلى ربهم، ويتعرضون فيها لما يجلب لهم رضا الله -سبحانه وتعالى-، ففي شهر شعبان حدثت أحداثٌ وحوادث، ووقعت وقائع، وجرت أمور على مرِّ السنين والأعوام. إنهم يعرفون حقيقة شهر شعبان، ف....

المرفقات

أهل الإيمان بين شهري شعبان ورمضان.doc


العنوان

مرحبا شعبان

2015/05/18 17187 1193 130

ما أجمل أن تكون هذه الطاعة في وقت يغفل فيه الناس بين رجب ورمضان، وفي ذات اللحظة يشتد فيه الحر والهجير والأجر، كما تعلمون على قدر النصب، يطول فيه النهار الذي تبلغ فيه درجة الحرارة خمسين، أو دونها بشيء يسير، ويبقى الصائم متعبدا لله في...

المرفقات

مرحبا شعبان.doc


العنوان

شعبان والتهيؤ لرمضان

2017/04/30 19217 814 74

ويمضي الزمان مسرعًا يدخل عام ويخرج، ويهل هلال شهر ويعقبه آخر، وها نحن نستقبل شهر شعبان الذي يسبق شهر رمضان، أشهر تتصرم من أعمارنا وليالي وأيام تنقضي من آجالنا حتى يحين موعد انقضاء الأجل وحلول الموت. فرحم الله عبدًا أدرك هذه الحقيقة، وسعى لاغتنام أيام عمره بما يكون سببًا لتحقيق مرضاة ربه والفوز بجنته ونعيمه. وحق على كل مسلم يعرف للزمان شرفه ومنزلته، ويعلم لرمضان قدره وفضله على سائر الشهور أن يجتهد للتهيؤ لاستقباله واغتنام أيامه ولياليه...

المرفقات

والتهيؤ لرمضان


العنوان

إكرام شعبان

2017/05/01 2769 198 20

فيا من تريد غنيمةَ رمضان، اعمل على تحقيق شروطها من الآن. يا من تبتغي جائزة العيد، قدّم عربونها من الآن. كيف يسعد برمضان من لم يطهّر ماله من الحرام؟! كيف يفرح برمضان من هو غارق في وحل المسكرات والمخدّرات والآثام؟! كيف يتلذّد بالقرآن في رمضان من أخذ أموال الناس وجحدها أو ماطل وتأخّر في ردّها بغير عذر؟! كيف تستفيد من رمضان من لم تطهّر لسانها من الغيبة والنميمة، وقلبَها من الحقد والغلّ والحسد؟!

المرفقات

شعبان


العنوان

سفيرنا إلى رمضان

2020/03/22 3606 1248 10

وَمِنَ اللَّطَائِفِ أَيْضًا أَهَمِّيَّةُ طَهَارَةِ الْقُلُوبِ مِنَ الشِّرْكِ وَالضَّغِينَةِ اسْتِعْدَادًا لِرَمَضَانَ، وَتَهْيِئَةً لِلسِّبَاقِ فِيهِ بِنَفْسٍ طَيِّبَةٍ مُنْشَرِحَةٍ، وَقَلْبٍ لَيْسَ فِيهِ سِوَى الْإِيمَانِ وَالْإِخْلَاصِ، وَاللَّهُ رَاضٍ عَنْهُ، وَمَنْ حَوْلَهُ رَاضُونَ عَنْهُ أَيْضًا...

المرفقات

سفيرنا إلى رمضان


إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات