اقتباس
هكذا يريد الإسلام لشبابنا... فيا تُرى ماذا يريد له أعداؤنا؟ إنهم يريدونهم مسوخًا وأشباهًا للرجال، يريدون لهم الارتماء في أحضان الغانيات، والغرق في أدران المخدرات والمسكرات، والسباحة في بحار التيه والضلال والظلمات، يريدون لهم عبادة السيد الغربي أو الشرقي واتخاذه إلهًا من دون الله؛ بأمره يأتمرون فالحلال ما أحل والحرام ما حرم...
الشباب هو أخطر وأهم مراحل العمر، وهو أغلى كنز وُهِبَه الإنسان في دنياه بعد دينه، فلا عجب -إذن- أن يخصه النبي -صلى الله عليه وسلم- بالعناية والتأكيد؛ فبعد أن قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس، عن عمره فيم أفناه"، فإنه قال بعدها مباشرة: "وعن شبابه فيم أبلاه"(رواه الترمذي)، مع أن الشباب جزء من أجزاء العمر.
فشباب كل أمة هم مستقبلها، وأمة لا شباب لها لا مستقبل لها، وشبابنا هم أمل أمتنا، وساعد نهضتنا، ومحور حضارتنا... لكن لا بد ونحن نقول هذا أن نسأل سؤالًا مهمًا فحواه: متى يكون الشباب كذلك؛ أملًا وساعدًا ومحورًا..؟ ونجيب: إنهم لا يكونون كذلك إلا إذا استمسكوا بدينهم وعادوا إلى ربهم واعتزوا بسنة نبيهم...
***
ونعود فنسأل: وماذا نريد من الشباب؟ نقول: نريد منهم أولًا: الأخذ بأسباب الاستقامة: ولقد دلهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على بعضها حين قال: "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء"(متفق عليه).
ونريد منهم: الالتزام بطاعة الله وهداه: ليكونوا من هؤلاء السبعة الذين ذكرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله"، وذكر منهم: "وشاب نشأ في عبادة الله"(متفق عليه).
ونريد منهم: التحلي بالسمة الإسلامية: فلا يغتروا بالكفار ولا يقتدوا بهم ويحذروا من أي مظهر من مظاهر التشبه بهم، فهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوجه قائلًا: "خالفوا المشركين؛ وفروا اللحى، وأحفوا الشوارب"(متفق عليه)، ويقول: "إزرة المسلم إلى نصف الساق، ولا حرج -أو لا جناح- فيما بينه وبين الكعبين، ما كان أسفل من الكعبين فهو في النار، من جر إزاره بطرًا لم ينظر الله إليه"(رواه أبو داود).
ونريد منهم: التواضع والحذر من الخيلاء: فهذا لقمان الحكيم يوجه ولده قائلًا: (وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)[لقمان: 18]، ويروي أبو هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "بينما رجل يمشي في حلة، تعجبه نفسه، مرجل جمته، إذ خسف الله به، فهو يتجلجل إلى يوم القيامة"(متفق عليه).
ونريد منهم: التطلع إلى المعالي والتسامي عن الحقائر: وهذا ما يحبه الله -تعالى- لهم، فعن سهل بن سعد الساعدي قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله -عز وجل- يحب معالي الأمور، ويكره سفسافها"(رواه الطبراني في الأوسط)، وصدق القائل:
شباب قنعٌ لا خير فيهم *** وبورك في الشباب الطامحينَ
ونريد منهم: بناء أنفسهم علميًا وبدنيًا وروحيًا... وهو ما طلبه الله -سبحانه وتعالى- من نبيه -صلى الله عليه وسلم- قائلًا: (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا)[طه: 114]، وعن حذيفة بن اليمان قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "فضل العلم خير من فضل العبادة"(رواه الحاكم)، -صلى الله عليه وسلم-: "المؤمن القوي، خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف"(رواه مسلم).. وهكذا يكونون كما وصف الشاعر:
شباب ذللوا سُبـــل المعـالـي *** وما عرفوا سوى الإسلام دينا
إذا شهدوا الوغى كانوا كماة *** يدكون المعاقل والحصونا
وإن جنَّ المسـاء فلا تراهــم *** من الإشفاق إلاّ ساجدينا
ولعل هذا ما يريده أكثر من ينادون بما يُعرف بـ"اليوم العالمي للشباب" من غير المسلمين، يوم للشباب يرتع فيه في الشهوات وينشغل فيه بالتوافه ويقارف فيه المحرمات، ثم يواصل في سائر حياته الغفلة والضياع وقطع العمر فيما لا يفيد...
فشتان بين ما يريده الإسلام من شبابه وبين ما يريده أعداؤنا بهم.. وقد تكاتفت أصوات خطبائنا وتعاضدت على الدعوة إلى الاهتمام بالشباب واستثمار طاقاته والعودة به إلى حظيرة الإيمان يتنسم عبيرها فتصونه من الإلحاد والتغريب والعيش لغير دينه، وهاك بعض أصواتهم:
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم