مكانة المرأة ومنزلتها في الإسلام - خطب مختارة

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات:

اقتباس

وإننا نقرر هنا في ثبات وثقة أنه ما من دين أعلى من قدر المرأة كما صنع الإسلام، لقد حرر الإسلام المرأة وكرمها ورفع قدرها في الوقت الذي كانت تعد فيه المرأة في الحضارات الشرقية والغربية من سقط المتاع؛ ففي الصين كانوا يعدونها حية خبيثة لا تستحق إلا...

يتفاخر الغرب والشرق وتدعي الأمم أنهم من أعلوا من شأن المرأة وأعطوها حقوقها، وعقدوا لذلك مؤتمرات كثيرة سموها بمؤتمرات: "حقوق المرأة" مع أن أكثر ما يتداولونه في تلك المؤتمرات هو خرف وخبال!...   وإننا نقرر هنا في ثبات وثقة أنه ما من دين أعلى من قدر المرأة كما صنع الإسلام، لقد حرر الإسلام المرأة وكرمها ورفع قدرها في الوقت الذي كانت تعد فيه المرأة في الحضارات الشرقية والغربية من سقط المتاع؛ ففي الصين كانوا يعدونها حية خبيثة لا تستحق إلا الإهانة والقتل! وفي الهند كانوا يحرقونها بالنار إذا ما مات زوجها لأنها لا تستحق الحياة بعده! وفي الحضارة اليونانية كانت المرأة تُتملك وتباع وتشترى كما يفعل بالماشية والإبل والأبقار، حتى إذا مات مالكها ورثها ورثته ضمن تركته!...  

ووضع المرأة في المجتمعات الغربية اليوم لا يختلف كثيرًا عن وضعها في الحضارات القديمة؛ فهي أيضًا سلعة يُتاجَر فيها بقصد الربح المادي، فهي فتاة لإعلانات تُعرى لتلفت أنظار الرجال بإغرائها إلى السلع التجارية! وهي "موديل" لعرض الأزياء لتروج لبيوت الموضة! بل وهي عندهم "نجمة أفلام إباحية" تنكح عيانًا لجني أموال الفسقة الفاجرين!... فالمرأة عندهم جارية من الرقيق مسخرة لشهوات الرجل ونزواته ومكاسبة المادية...  

 

***  

 

هذا وضع المرأة وحالها عندهم، لكن المرأة في الإسلام هي الطاهرة العفيفة الشريفة المصانة المكرمة، وهذه -سريعًا- بعض الأوامر بتكريمها وصيانتها في جميع مراحل عمرها وفي مختلف أحوالها:  

 

أولًا: المرأة أمًا: قدَّم رسول الله -صلى الله عليه وسـلم- حقها على الأب وجعل برها أوجب؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال: "ثم أمك" قال: ثم من؟ قال: "ثم أمك" قال: ثم من؟ قال: "ثم أبوك"(متفق عليه)، وقد أشار القرآن الكريم إلى نفس هذه الحقيقة حيث خصص الأم بالذكر بعد الإيصاء بالوالدين، فقال الله -عز وجل-: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ) [لقمان: 14]، ثم كرر القرآن نفس هذه النكتة لندرك عظيم حق الأم على أولادها قائلًا: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا) [الأحقاف: 15].  

 

ثانيًا: المرأة بنتًا: أوصى الإسلام بها، وجعل تربيتها وتعليمها ورحمتها طريقًا إلى الجنة وحجابًا من النار، فعن عائشة أن رسول الله -صلى الله عليه وسـلم- قال: "من يلي من هذه البنات شيئا، فأحسن إليهن، كن له سترا من النار"(متفق عليه)، وعن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنهـا- أنها قالت: جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها، فأطعمتها ثلاث تمرات، فأعطت كل واحدة منهما تمرة، ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها، فاستطعمتها ابنتاها، فشقت التمرة، التي كانت تريد أن تأكلها بينهما، فأعجبني شأنها، فذكرت الذي صنعت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: "إن الله قد أوجب لها بها الجنة، أو أعتقها بها من النار"(متفق عليه).   بل من أحسن إلى البنات فهو رفيق لسيد الأنبياء -صلى الله عليه وسلـم- في الفردوس الأعلى؛ فعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من عال جاريتين حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو" وضم أصابعه (مسلم).   وانظر كيف كان يتعامل نبي الإسلام -صلى الله عليه وسـلم- مع بناته وبنات بناته، فعن أبي قتادة الأنصاري، قال: "رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يؤم الناس وأمامة بنت أبي العاص، وهي ابنة زينب بنت النبي -صلى الله عليه وسلم-، على عاتقه، فإذا ركع وضعها، وإذا رفع من السجود أعادها"(متفق عليه)، وتروي عائشة أم المؤمنين فتقول:" ما رأيت أحدًا أشبه سمتًا وهديًا ودلًا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قيامها وقعودها من فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قالت: وكانت إذا دخلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- قام إليها وقبَّلها، وأجلسها في مجلسه..."(النسائي في السنن الكبرى).  

 

ثالثًا: المرأة زوجة: وكثيرًا ما كان النبي -صلى الله عليه وسلـم- يوصي بها، فيقول: "استوصوا بالنساء خيرًا" ، ويقول: "فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله..."(مسلم)، وعلَّمنا ديننا نكتة تربوية في التعامل معهن قائلًا على لسان نبيه -صلى الله عليه وسلم-: "لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر"(مسلم).   وانظر إلى وفاء قدوة المسلمين -صلى الله عليه وسلـم- لزوجه خديجة، تقول عائشة -رضي الله عنها-: "ما غرت على أحد من نساء النبي -صلى الله عليه وسلـم- ما غرت على خديجة، وما رأيتها، ولكن كان النبي -صلى الله عليه وسلـم- يكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلت له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة! فيقول: "إنها كانت وكانت وكان لي منها ولد"(البخاري)، وعند مسلم: "إني قد رزقت حبها".   ثم المرأة رحمًا يوصل؛ سواء كانت أختًا أو عمة أو خالة... وقد توعد الله -عز وجل- من قطعهن قائلًا -عز من قائل: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) [محمد: 22-23].  

 

***  

هذه بعض مكانة المرأة في الإسلام نظريًا، أما دورها ومنزلتها ومكانتها في الإسلام عمليًا فنلخصه في النقاط التالية:  

 

- المرأة ثابتة موقنة قوية إيمان واثقة في الله -تعالى-: وما أروع موقف السيدة سارة زوج إبراهيم الخليل مع جبار مصر، والذي يرويه أبو هريرة قائلًا: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "هاجر إبراهيم -عليه السلام- بسارة، فدخل بها قرية فيها ملك من الملوك أو جبار من الجبابرة، فقيل: دخل إبراهيم بامرأة هي من أحسن النساء، فأرسل إليه: أن يا إبراهيم من هذه التي معك؟ قال: أختي، ثم رجع إليها فقال: لا تكذبي حديثي فإني أخبرتهم أنك أختي، والله إن على الأرض مؤمن غيري وغيرك، فأرسل بها إليه، فقام إليها، فقامت توضأ وتصلي فقالت: اللهم إن كنت آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي فلا تسلط علي الكافر، فغط حتى ركض برجله" قال أبو هريرة: "قالت: اللهم إن يمت يقال هي قتلته، فأرسل ثم قام إليها، فقامت توضأ تصلي وتقول: اللهم إن كنت آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي فلا تسلط علي هذا الكافر فغط حتى ركض برجله"، "فقالت: اللهم إن يمت قتلته فيقال: هي قتلته فأرسل في الثانية أو في الثالثة، فقال: والله ما أرسلتم إلي إلا شيطانًا، ارجعوها إلى إبراهيم وأعطوها آجر، فرجعت إلى إبراهيم -عليه السلام- فقالت: أشعرت أن الله كبت الكافر وأخدم وليدة"(متفق عليه).  

 

- والمرأة مثبتة لزوجها ومؤازرة لها: وخير مثال لهذا هو موقف خديجة بنت خويلد -رضي الله عنـها-: فعن عائشة في حديث ليلة بدء الوحي المشهور قالت: "فرجع إلى خديجة يرجف فؤاده، فدخل فقال: "زملوني زملوني"، فزمل فلما سرى عنه قال: "يا خديجة لقد أشفقت على نفسي بلاء لقد أشفقت على نفسي بلاء"، قالت خديجة: "أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدًا؛ إنك لتصدق الحديث، وتصل الرحم، وتحمل الكل، وتقرى الضيف، وتعين على نوائب الحق"، فانطلقت بي خديجة إلى ورقة بن نوفل بن أسد ـ وكان رجلاً قد تنصر شيخًا أعمى يقرأ الإنجيل بالعربية... (متفق عليه واللفظ لأحمد).  

 

- والمرأة مشيرة ناصحة عاقلة راجحة العقل: وهل يُنسى موقف أم سلمة -رضي الله عـنها- في صلح الحديبية، والذي يرويه المسور بن مخرمة ومروان يصدق كل واحد منهما حديث صاحبه، أن قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه: "قوموا فانحروا ثم احلقوا"، قال: فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله أتحب ذلك أخرج لا تكلم أحدًا منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيلحقك، فخرج فلم يكلم أحدًا منهم حتى فعل ذلك؛ نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضًا... (البخاري).  

 

- والمرأة مراقبة لربها -عز وجل-: فهذه المرأة الهلالية جدة عمر بن العزيز، تروي عنها كتب السير "أن عمر بن الخطاب نهى في خلافته عن مذق اللبن بالماء، فخرج ذات ليلة في حواشي المدينة فإذا بامرأة تقول لابنة لها: ألا تمذقين لبنك فقد أصبحت، فقالت الجارية: كيف أمذق وقد نهى أمير المؤمنين عن المذق؟! فقالت: قد مذق الناس فامذقي فما يدري أمير المؤمنين، فقالت: إن كان عمر لا يعلم فإله عمر يعلم، ما كنت لأفعله وقد نهى عنه، فوقعت مقالتها من عمر فلما أصبح دعا عاصمًا ابنه فقال: يا بني اذهب إلى موضع كذا وكذا فاسأل عن الجارية، ووصفها له، فذهب عاصم فإذا هي جارية من بني هلال فقال له عمر: اذهب يا بني فتزوجها فما أحراها أن تأتي بفارس يسود العرب، فتزوجها عاصم بن عمر فولدت له أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، فتزوجها عبد العزيز بن مروان بن الحكم فأتت بعمر بن عبد العزيز"(وفيات الأعيان لابن خلكان)... والنماذج أكثر من أن تسرد في هذه العجالة.   لكن كفى ما نقلناه ليبين كيف اهتم الإنسان بالمرأة وجعل منها قدوة للرجال، كيف صنع الإسلام المرأة الثابتة والمؤمنة والصادقة والأمينة والعاقلة... كفانا هذه حتى نقول للغرب وللشرق: هذه هي المرأة في ديننا والتي صنعها إسلامنا، فتُرى ما حال المرأة في حضاراتكم، هل هي إلا مبتذلة مخدوعة سلعة تباع وتشترى!... والآن ندع الأمر لخطبائنا ليزيدوا الأمر جلاءً وظهورًا:   

وستجدون في موقعنا ملفا علميا بعنوان المرأة بين عدل الإسلام وظلم بعض الأنام لمن أراد أن يستزيد ويستفيد منه

الخطبة الأولى:
الخطبة الثانية:
الخطبة الثالثة:
الخطبة الرابعة:
الخطبة الخامسة:
الخطبة السادسة:
العنوان
المرأة في الإسلام 2012/04/28 3564 994 19
المرأة في الإسلام

لسنا بحاجة إلى أن نعرض نماذج مما لاقته المرأة في الجاهلية الأولى، وما كانت تلاقيه من مسخ وذلة ومهانة؛ لكني أعرض لكم اليوم شيئاً من عناية الإسلام بالمرأة، وبيان مكانتها الحقيقية في شرع الله، وبضدها تتميز الأشياء، وأعتذر لكم سلفاً عن الاختصار لما يقتضيه المقام، ومن رام التفصيل فدونه مطولات الكتب ومؤلفات أهل الإسلام؛ ففيها الإيضاح والبيان ..

المرفقات

في الإسلام

التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life