خطب عيد الفطر المبارك لعام 1438هـ

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2022-10-06 - 1444/03/10
التصنيفات:

اقتباس

لذا فإننا ندعو المسلمين أن يفرحوا، ولكن "فرحًا حلالًا"، نعم أيها المسلمون افرحوا بعيدكم فرحًا حلالًا بالمباحات الطيبات، لا بالخبائث المحرمات، فلا فرح بالاجتماع حول الشاشات الماجنة والفضائيات المنتنة، لا فرج بالجلوس على موائد الغيبة والنميمة التي تؤكل عليها لحوم المسلمين أمواتًا، لا فرح بالتبرج والسفور، لا فرح بالاختلاط المستهتر بين الرجال والنساء، لا...

أعيادنا من شعار ديننا، أعيادنا جزء من عقيدتنا، أعيادنا كالجوائز بعد عبادتنا وتعبنا، أعيادنا تُدخِل الفرحة في صدورنا، أعيادنا يجمع الله بها شملنا، أعيادنا تزكية لنفوسنا وترويح عن قلوبنا، أعيادنا منة ونعمة وتفضل علينا من ربنا... يفرح فيها الحزين الكئيب، ويواسى فيها الفقير المحروم، ويوصل فيها المنبوذ المقطوع، ويتصالح فيها المتخاصمون...

 

وقد جعل الله -عز وجل- لنا عيدًا أسبوعيًا هو يوم الجمعة، فقال نبي الإسلام -صلى الله عليه وسلم- عنه: "إن هذا يوم عيد، جعله الله للمسلمين" (ابن ماجه)، ثم جعل -سبحانه وتعالى- لنا في السنة عيدين اثنين لا ثالث لهما، فعن أنس بن مالك قال: كان لأهل الجاهلية يومان في كل سنة يلعبون فيهما، فلما قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة، قال: "كان لكم يومان تلعبون فيهما وقد أبدلكم الله بهما خيرا منهما: يوم الفطر، ويوم الأضحى" (النسائي)، وهكذا ارتبطت أعيادنا -العيد الأسبوعي، والعيدان السنويان- بطاعات وعبادات؛ ففي الجمعة خطبة الجمعة وصلاتها، ويأتي عيد الفطر بعد صيام شهر رمضان وقيامه، أما عيد الأضحى فيأتي بعد أيام العشر؛ خير أيام الدنيا التي لا يعدل العبادة فيها شيء.

 

فلئن سألت: ولمن يكون العيد؟ أجبناك: العيد لمن أطاع لا لمن عصى، العيد لمن قُبِل لا لمن طُرِد، العيد لمن استقام لا لمن راوغ وزاغ... العيد لمن صلى وصام فتزكى وتقرب من الله، العيد لمن بر الآباء والأمهات ووصل الأرحام، العيد لمن واسى الفقير والمسكين، العيد لمن أطعم الطعام وأفشى السلام ورحم الأرامل والأيتام، العيد لمن داوم على الطاعة ولم ينقطع...

 

وإننا الآن نترقب متشوقين بزوغ هلال شهر شوال وقدوم عيد الفطر المبارك، وقد نحار: أنفرح بقدوم العيد أم نحزن لانقضاء شهر الصيام والقيام! أنستبشر بهلال شوال أم نحمل هَمَّ قبول ما قدمنا من أعمال!... لكنه عيدنا أهل الإسلام، وإظهار الفرح والاستبشار به من شعائر ديننا ومن سنة نبينا -صلى الله عليه وسلم-، ويروي أبو هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه" (متفق عليه).

 

لذا فإننا ندعو المسلمين أن يفرحوا، ولكن "فرحًا حلالًا"، نعم أيها المسلمون افرحوا بعيدكم فرحًا حلالًا بالمباحات الطيبات، لا بالخبائث المحرمات، فلا فرح بالاجتماع حول الشاشات الماجنة والفضائيات المنتنة، لا فرج بالجلوس على موائد الغيبة والنميمة التي تؤكل عليها لحوم المسلمين أمواتًا، لا فرح بالتبرج والسفور، لا فرح بالاختلاط المستهتر بين الرجال والنساء، لا فرح بشرب المسكرات ولا بتتبع الغانيات... إنما الفرح بالمباح لا بالحرام... فاليوم يوم الفرح الحلال.

 

واليوم يوم ختام العبادة: وقد حفظنا قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "وإنما الأعمال بخواتيمها" (متفق عليه)، واليوم يوم ختام عبادتنا، فقد صمنا وقمنا وأخرجنا زكاة فطرنا وقرأنا كتاب ربنا وأقمنا سنة نبينا -صلى الله عليه وسلم-... فليظهر أثر هذه العبادات علينا في عيدنا.

 

واليوم يوم قبض الجوائز والمكافآت: فإنما يوفى العامل أجره إذا فرغ من عمله، وها قد فرغنا من صيامنا، وقد قال الله -تعالى- في الحديث القدسي: "كل عمل ابن آدم له، إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به" (متفق عليه)، فهو أجر ومكافأة لا يعلمها إلا الله -عز وجل-، وعلى قدر المكافِئ تكون المكافأة، وعلى قدر الـمُهدي تكون الهدية، وقد روي بسند ضعيف عن أوس الأنصاري قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا كان يوم الفطر وقفت الملائكة على أبواب الطرق، فنادوا: اغدوا يا معشر المسلمين إلى رب كريم يمن بالخير، ثم يثيب عليه الجزيل، لقد أمرتم بقيام الليل فقمتم، وأمرتم بصيام النهار فصمتم، وأطعتم ربكم، فاقبضوا جوائزكم، فإذا صلوا، نادى مناد: ألا إن ربكم قد غفر لكم، فارجعوا راشدين إلى رحالكم، فهو يوم الجائزة، ويسمى ذلك اليوم في السماء يوم الجائزة" (الطبراني في الكبير، وضعفه الألباني).

 

واليوم يوم التصدق والمواساة: فلا ندع سائلًا يسأل في يوم عيدنا، ولا نترك محتاجًا يتطلع إلى ما في أيدي الناس في يومنا هذا، ولا نُسلِم فقيرًا ينهشه فقره ويشكو أولاده الحرمان في يوم العيد... وقد وعينا تحذير النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي يقول: "ما آمن بي من بات شبعانًا وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به" (الطبراني في الكبير)... فيا أيها المسلمون: أغنوا الفقراء عن السؤال في هذا اليوم.

 

واليوم يوم مواصلة الطاعة: فالمسلم رباني لا رمضاني، يطيع الله في جميع الأوقات والأحوال والمناسبات، حتى لو كان يوم العيد الذي تحتشد فيه الجموع وتخرج فيه النساء ويتأنق الجميع بالجديد من اللباس، يقول بعض أصحاب سفيان الثوري: خرجت معه يوم عيد فقال: "إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا غض البصر"، ورجع حسان بن أبي سنان من عيده فقالت امرأته: كم من امرأة حسناء قد رأيت؟ فقال: "ما نظرت إلا في إبهامي منذ خرجت إلى أن رجعت"! (التبصرة لابن الجوزي).

 

واليوم يوم صلة الأرحام: فمن لم يصل أرحامه في العيد فمتى يصلهم؟! بل إن هذا هو أنسب وقت للأخذ بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من سره أن يبسط له في رزقه، أو ينسأ له في أثره، فليصل رحمه" (متفق عليه)، فاليوم يوم التزاور والتواصل والتآخي والتواد والتحابب والتصالح...

 

واليوم يوم التكبير: قالها الله -عز وجل- في محكم تنزيله: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ) [البقرة: 185]، "قال ابن عباس: "حق على المسلمين إذا رأوا إهلال شوال أن يكبروا"، وقال الشافعي: "واجب إظهار التكبير في العيدين" (تفسير الخازن)، والتكبير من شعائر ديننا التي تبعث البهجة في قلوب المسلمين.

 

واليوم يوم التهنئة: وكيف لا يهنئ بعضنا بعضًا باكتمال العدة وقدوم العيد الذي الفرح فيه سنة! يقول ابن عثيمين: "التهنئة بالعيد قد وقعت من بعض الصحابة -رضي الله عنهم-، وعلى فرض أنها لم تقع فإنها الآن من الأمور العادية التي اعتادها الناس، يهنئ بعضهم بعضًا ببلوغ العيد واستكمال الصوم والقيام" (نقلًا عن موقع شبكة الإسلام)، وتكون التهنئة بكل صيغة مباحة، ولعل خيرها أن يقول المسلم لأخيه: "تقبل الله" فيجيبه: "منا ومنكم"، فعن أدهم -مولى عمر بن عبد العزيز- قال: "كنا نقول لعمر بن عبد العزيز في العيدين: تقبل الله منا ومنك يا أمير المؤمنين، فيرد علينا ولا ينكر ذلك علينا" (البيهقي في شعب الإيمان).

 

واليوم يوم الشعور بهموم المسلمين: فإننا اليوم نفرح ونوسع على أولادنا ونُدخِل السرور على أهلنا... ولنا إخوان في سوريا وفي فلسطين وفي غيرهما من بلاد المسلمين لا يجدون ما يأكلون فضلًا عن ما يلبسون، تفزعهم طلقات المدافع وانفجارات القنابل، ينامون على الأسى والحزن ويستيقظون على الفزع والدماء والأشلاء، يصبحون على البكاء والعويل ويمسون على التقتيل والتشريد... فنقول لك يا عيد كما قال شاعرنا عبد الرحمن العشماوي:

أقــبـــلــــت يـا عـــيـــد والأحـزان أحــــــــــــزان *** وفي ضـــــــمــــــــير الـقــــــوافي ثــار بركـــــــان

أقــبـــلــــت يـا عـــيـــد والظلمـــاء كاشــفـــة *** عن رأسها، وفـؤاد البدر حــــــيـران

أقــبـــلــــت يـا عـــيـــد والأحـــــــــزان نائـــمــــة *** على فراشي وطـرف الشوق سهران

من أين نـــفـــرح يا عـــيــــد الـجـــــراح وفي *** قلوبنا من صنـــــــوف الـهــــم ألـــــوان؟!

من أين نـــفــــرح والأحـــــــــداث عاصفة *** وللــدمــــــى مـــقَـــل تـــرنـــو وآذان؟!

من أين والمسجد الأقصـى مـحطــــمة *** أمــاله، وفــــــــــؤاد القــــدس ولـهان؟!

 

من أين نـفـــرح يا عـــيــــد الـجـــــراح وفي *** دروبـــنـــا جـدر قــامـــت وكــثبان؟!

من أين والأمــــــــــــة الـغـــــــراء نـــــائـــــــمــــــــة *** على ســــــرير الهوى، والليل نشوان؟!

من أين والذل يــبـــنــي ألـــف مـنـتـجـع *** في أرض عــــــزتـــنـــا والـــــريــح خسران؟!

 

فاللهم ارفع الكرب عن إخواننا واحقن دماءهم، وأصلح حال أمتنا، واجعله عليها عيد خير وجمع شمل ووحدة.

 

وإننا في هذا الملتقى؛ ملتقى الخطباء نزف إلى الأمة الإسلامية التهاني بالعيد المبارك، داعين برفع الكرب عن المكروبين، وناقلين بعض الخطب لخطباء مفوهين قاموا في المسلمين بالعيد مهنئين وبالطاعة ممسكين ولإخواننا داعين...

 

الخطبة الأولى:
الخطبة الثانية:
الخطبة الثالثة:
الخطبة الرابعة:
الخطبة الخامسة:
الخطبة السادسة:
الخطبة السابعة:
الخطبة الثامنة:
الخطبة التاسعة:
الخطبة العاشرة:
الخطبة الحادية عشر:
الخطبة الثانية عشر:
الخطبة الرابعة عشر:
العنوان
خطبة عيد الفطر المبارك 1438هـ (الحقوق في الإسلام) 2017/06/17 3245 0 86
خطبة عيد الفطر المبارك 1438هـ (الحقوق في الإسلام)

لَقَدْ أَعْطَى اللَّهُ -تَعَالَى- الْمَرْأَةَ حَقَّهَا كَامِلًا غَيْرَ مَنْقُوصٍ، وَرَفَعَهَا مِنْ حَضِيضِ الذُّلِّ وَالِاسْتِعْبَادِ إِلَى مَرَاقِي الْعِزَّةِ وَالْكَرَامَةِ، فَجَعَلَهَا أُمًّا يَجِبُ بِرُّهَا، وَزَوْجَةً تُحْسَنُ عِشْرَتُهَا، وَبِنْتًا تَجِبُ رِعَايَتُهَا، فَلَيْسَتْ مُهْمَلَةً وَلَا ضَائِعَةً مُنْذُ وِلَادَتِهَا إِلَى وَفَاتِهَا.

المرفقات
التعليقات
هادي
07-06-2018

ارجو ان يوضع عنوان موضوع خطبة عيد الفطر توفير للوقت والجهد . وشكرا

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life