الصلاة أهميتها ومكانتها - خطب مختارة

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2022-10-09 - 1444/03/13
التصنيفات:

اقتباس

ومما يدل على أهميتها -كذلك- أن الله جعلها عماد الدين وجعلها من آكد شرائعه؛ قالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- "رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلامُ وعَمُودُهُ الصَّلاةُ".. فإذا كانت هذه عظمة الصلاة، وفخامة شأنها، وتلك منزلتها عند...

تتفاوت شعائر الدين الحنيف قدراً ومنزلةً؛ فيتأكَّد الأمر بالشعيرة على قدر أهميتها ومكانتها من الشريعة؛ فكلما كانت الشعيرة أعظم، كلما كانت العناية بها أولى وألزم، وكان التفريطُ فيها أشدَّ وأخطر؛ ولذا؛ فإن أولى ما يتفقد المسلم من تديّنه، وما يستدرك من تقصيره وتفريطه، حالُه مع الصلاة؛ فهي الفريضة المقدَّمة والمفضلة على كل فريضة، فإن صلحت للعبد فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر.

 

إنها العبادة التي تشرق بالأمل للمؤمن في لجة الظلمات وتنقذ المتردي في درب المظلمات وتأخذ البائس من قعر بؤسه واليائس من درك يأسه إلى طريق النجاة وإلى سعادة الحياة؛ فهي إيقاظ متكرر للعبد من غفلته عن طاعة ربه، ودافع له على كثرة الأوبة إليه، وهي كذلك تطهير للقلب وتنقية للروح وتزكية للنفس وتطهير للجوارح من لوثة الآثام والشرور وكفانا دليلا على تأكيد ذلك قول النبي الكريم -صلوات ربي وسلامه عليه- "أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَراً بِبابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرّاتٍ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَىْءٌ قالُوا لا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَىْءٌ قالَ فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَواتِ الخَمْسِ يَمْحُو اللهُ بِهِنَّ الخَطايا".

 

أيها المؤمنون: عني الإسلام بالصلاة وجعل لها أهمية بالغة ومكانة سامية، وهذا بعضاً مما يدلل على ذلك:

أنها صلة بين العبد وربه، وهي السبيل الذي يجعل المؤمن يشعر بالراحة والطمأنينة، إذا أداها بخشوع وأحسن القيام بكل شروطها من طهارة ووضوء ونية خالصة بالتوجه لله وحده فيها، وهي -كذلك- عنوان صلاح المسلم؛ فإذا كانت صلاته صالحة وصحيحة صلحت كل أمور حياته؛ فهي ريحانة المقيمين ورياض الصالحين وأقرب سبيل بمناجاة رب العالمين، قال سبحانه-: (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ) [العلق: 19].

وفي الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أَقْرَبُ مَا يَكُونُ العَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ"؛ ففيها يحاور ربه -عز وجل-؛ كما جاء في حديث أبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "قال الله تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِي ما سَأَلَ؛ فإذا قال الْعَبْدُ الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ قال الله تَعَالَى حَمِدَنِي عَبْدِي وإذا قال الرحمن الرَّحِيمِ قال الله تَعَالَى أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي وإذا قال مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ قال مَجَّدَنِي عَبْدِي وقال مَرَّةً فَوَّضَ إلي عَبْدِي فإذا قال إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ قال هذا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي ما سَأَلَ فإذا قال اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عليهم غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عليهم ولا الضَّالِّينَ قال هذا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي ما سَأَلَ" (رواه مسلم).

 

ومما يدل على أهميتها -كذلك- أن الله جعلها عماد الدين وجعلها من آكد شرائعه؛ قالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- "رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلامُ وعَمُودُهُ الصَّلاةُ".

 

ومن أهميتها؛ أنها علامة مميزة للمؤمنين المتقين، كما قال تعالى: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ) [البقرة:3].

 

ومنها أنها أول ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة, فإن قُبِلت قُبِل سائر العمل, قال -صلى الله عليه وسلم-: "أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة " قال: يقول ربنا -عز وجل- للملائكة وهو أعلم: انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها؛ فإن كانت تامة كتبت له تامة، وإن كان انتقص منها شيئا، قال: انظروا هل لعبدي من تطوع؛ فإن كان له تطوع، قال أتموا لعبدي فريضته من تطوعه، ثم تؤخذ الأعمال على ذلك " (رواه الإمام أحمد).

 

-وكذلك- أن من حفظها حفظ دينه, ومن ضّيعها فهو لما سواها أضيع، وقد كتب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلى عماله إن أهم أمركم عندي الصلاة فمن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع".

 

ومن الدلائل على أهميتها -أيضا-؛ -أن الله عز وجل- أمر بالمحافظة عليها في السفر, والحضر, و السلم, والحرب, وفي حال الصحة, والمرض.

 

ومما يزيدها مكانة وأهمية؛ أنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، قال -سبحانه-، (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) [العنكبوت: 45].

 

ومن دلائل أهميتها؛ أن الصلاة هي العهد الذي بين المسلم والكافر، "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" (رواه أحمد).

 

فحري بأهل الإيمان أن يولوها جُلَّ عنايتهم، وعظيم اهتمامهم، وأن يؤدوها، كما أمرهم الله تعالى، وأن يقدموها على كل أمور دنياهم مهما عظم شأنها؛ ولنا في رسولنا الكريم أسوة وقدوة -صلوات ربي وسلامه عليه-؛ فقد كان يقول لبلال -رضي الله عنه-: "أرحنا بالصلاة يا بلال"، وكان يقول بأبي وأمي هو -صلى الله عليه وسلم-: "وجُعلَتْ قرة عيني في الصلاة"، وروى البخاري في صحيحه عن إبراهيم عن الأسود قال: "سألت عائشة -رضي الله عنها- ما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصنع في أهله، قالت: كان في مهنة أهله؛ فإذا حضرت الصلاة قام إلى الصلاة".

 

عباد الله: تلك أهمية الصلاة التي أولاها الإسلام وهذه بعض مظاهر عنايته بها؛ فينبغي على المسلم أن يحافظ عليها؛ فبها يسعد في دنياه وأخراه ويدخل جنة ربه ومولاه، قال -صلى الله عليه وسلم-: "خمس صلوات كتبهن الله على العباد؛ فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئًا استخفافًا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة".

 

فنسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يوفقهم للثبات على دينه والاستقامة عليه، وأن يعينهم على إقامة الصلاة والمحافظة عليها في أوقاتها في جماعة، في بيوت الله -عز وجل-، وهي المساجد التي قال الله فيها: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ) [النور: 36- 39].

 

خطباءنا الكرام: مثلكم لا يخفى عليه أمر الصلاة وعظيم شأنها؛ لذا أنتم الأمل في تذكير الناس بمكانتها وحثهم على المحافظة عليها؛ فهي عروة من عرى الإسلام التي تضيع عزة الأمة ومجدها، إن ضيعتها؛ فعن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة؛ فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها وأولهن نقضاً: الحكم، وآخرهن الصلاة"، وفي الحديث إشارة إلى كثرة التاركين لها والمتخلفين عنها. وهذا هو الواقع اليوم في كثير من البلدان الإسلامية.

الخطبة الأولى:
الخطبة الثانية:
الخطبة الثالثة:
الخطبة الرابعة:
الخطبة الخامسة:
الخطبة السادسة:
الخطبة السابعة:
الخطبة الثامنة:
الخطبة التاسعة:
الخطبة العاشرة:
الخطبة الحادية عشر:
الخطبة الثانية عشر:
الخطبة الثالثة عشر:
العنوان
عمود الإسلام (4) مكانتها وقصة فرضها 2008/11/23 13730 1715 78
عمود الإسلام (4) مكانتها وقصة فرضها

مَنْ مِنَ المصلين إذا أراد الإحرام بها استحضر أنها عمود الإسلام، وركنه الأول بعد الشهادتين، وأن الله تعالى فرضها من فوق سبع سموات، وكلَّم بها رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم مباشرة؟<br>مَنْ مِنْ المصلين يستشعر أنه متى ما كبر تكبيرة الإحرام فإنه قد دخل في مناجاة مع رب العالمين، وخالق الخلق أجمعين، ومن بيده أرزاق العباد وآجالهم، ومن عنده خزائن كل شيء؟!

المرفقات

الإسلام(4) مكانتها وقصة فرضها

الإسلام(4) مكانتها وقصة فرضها - مشكولة

المرفقات
63-4-صورة-الصلاة-أهميتها-ومكانتها-1.jpg
63-4-صورة-الصلاة-أهميتها-ومكانتها-1-1.jpg
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life