أهمية الصلاة وحكم تاركها

ناصر بن محمد الأحمد

2015-01-19 - 1436/03/28
عناصر الخطبة
1/أهمية الصلاة وفضلها 2/وجوب أداء الصلاة بخشوع وتحريم التساهل في ذلك 3/وجوب صلاة الجماعة وبعض الأدلة على ذلك 4/حكم تارك الصلاة وبعض الأحكام المترتبة على ذلك

اقتباس

عباد الله: إن ميزان الصلاة في الإسلام عظيم، ومنزلتها عند الله عالية، فاهتموا بشأنها غاية الاهتمام، وأدوها بالوفاء والتمام، فالصلاة مكيال من وفّاه، وُفيَ أجره من رب العالمين، ومن طفف فيه، فقد علمتم ما قال الله في المطففين. إنه لا يكتب للعبد من صلاته إلا ما عقل فيها، ولا تصح إلا إذا...

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله الذي جعل الصلاة عماد الدين، وجعلها كتاباً موقوتاً على المؤمنين، فقال وهو أصدق القائلين: (حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ)[البقرة: 238].

أحمده على إحسانه، وأشكره على عظيم بره وامتنانه.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في عبادته، كما أنه لا شريك له في ربوبيته.

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، حث على الصلاة، ورغب فيها، وحذر من إضاعتها، والتكاسل عنها، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.

 

أما بعد:

 

أيها المسلمون: اتقوا الله -تعالى- في دينكم عامة، وصلاتكم خاصة، أقيموها وحافظوا عليها، وأدوها بخشوع وطمأنينة، وحضور قلب، ولازموا لها الجمع والجماعات، فهي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، وقرة عين الرسول -صلى الله عليه وسلم- عندما قال: "وجعلت قرة عيني في الصلاة". 

 

تجتمع فيها من أنواع العبادات مالا يجتمع في غيرها، هي الصلة بين العبد وبين ربه، وهي الفارقة بين الكفر والإيمان، فلا حظ في الإسلام لمن ضيع الصلاة.

 

عباد الله: إن ميزان الصلاة في الإسلام عظيم، ومنزلتها عند الله عالية، فاهتموا بشأنها غاية الاهتمام، وأدوها بالوفاء والتمام، فالصلاة مكيال من وفّاه، وُفيَ أجره من رب العالمين، ومن طفف فيه، فقد علمتم ما قال الله في المطففين.

 

إنه لا يكتب للعبد من صلاته إلا ما عقل فيها، ولا تصح إلا إذا أديت بطمأنينة، وحديث المسيء صلاته معلومة لديكم، فكلما جاء ليسلم على الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال له عليه الصلاة والسلام: "ارجع فصل، فإنك لم تصل".

 

قال بعض العلماء: أن هذا الحديث دليل على أن الطمأنينة في الصلاة لا تسقط بحال من الأحوال، وإلا لسقطت عن هذا الأعرابي الجاهل.

 

عباد الله: ومن أهمية الصلاة عند الله -عز وجل-، فقد جعلها للدين ركناً أساسياً، وأمر بها النبيين والمرسلين وأتباعهم، فقال عز من قائل في محكم تنـزيله على لسان إبراهيم -عليه السلام-: (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي)[إبراهيم: 40].

 

وقال على لسان إسماعيل عليه السلام: (وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا)[مريم: 55].

 

وقال على لسان عيسى -عليه السلام-: (وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا)[مريم: 31)].

 

وأمر الله محمداً -عليه أفضل الصلاة وأتم السلام- بالصلاة بقوله: (أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا * وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا) [الإسراء: 78- 79].

 

وبقوله سبحانه: (وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ)[هود: 114].

 

وبقوله سبحانه: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى)[طـه: 132].

 

فاقتدوا بهؤلاء الأخيار الذين قال الله -تعالى- فيهم: (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا)[مريم: 58].

 

عباد الله: لقد نهى الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن نقر المصلي صلاته، وأخبر أن النقر صلاة المنافقين، وهذا يحدث غالباً من الذين يأخرون الصلاة، حتى إذا جاء آخر وقتها نقرها نقر الغراب، قال عليه الصلاة والسلام: "تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس، حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقرها أربعاً، لا يذكر الله فيها إلا قليلا".

 

كما أن من صفات المنافقين في الصلاة: أنهم لا يؤدونها مع الجماعة.

 

ومن صفاتهم أيضاً: ما قال الله عنهم: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً)[النساء: 142].

 

يقول الإمام شمس الدين ابن القيم -رحمه الله تعالى-: فهذه ست صفات في الصلاة من علامات المنافق:

 

الأول: الكسل عند القيام إليها.

 

الثاني: مراءات الناس في فعلها.

 

الثالث: تأخيرها عن وقتها.

 

الرابع: نقرها.

 

الخامس: قلة ذكر الله فيها.

 

السادس: التخلف عن جماعتها.

 

فاتقوا الله -عباد الله- فمن كان متصفاً -والعياذ بالله- بإحدى هذه الصفات الست، فليحاول جاهدا التخلص منها قبل أن يدركه الموت، سئل ابن عباس -رضي الله عنهما- عن رجل يصوم النهار ويقوم الليل، ولا يحضر الجماعة، فقال: "هو في النار".

 

أيها المؤمنون: إن الصلاة إنما تكفر سيئات العبد إذا أدى حقها، وأكمل خشوعها، ووقف بين يدي ربه -تعالى- بقلبه وقالبه، فهذا ينصرف من صلاته وهو يجد خفة من نفسه، ويحس بأثقال قد وضعت عنه، فيجد نشاطاً وراحةً وروحا، حتى يتمنى أنه لم يخرج منها؛ لأنها قرة عينه، ونعيم روحه، وجنة قلبه، فالمحبون يقولون نصلي فنستريح بصلاتنا كما قال إمامهم وقدوتهم ونبيهم -صلى الله عليه وسلم-: "يا بلال أرحنا بالصلاة".

 

ولم يقل: أرحنا منها.

 

فصلاة هذا الحاضر بقلبه الذي قرة عينه في الصلاة هي التي تصعد ولها نور وبرهان، حتى يستقبل بها الرحمن -عز وجل- فتقول: حفظك الله -تعالى- كما حفظتني.

 

وأما المفرط في الصلاة، المضيع لحقوقها وحدودها وخشوعها، فإنها -كما جاء في الحديث- تلف كما يلف الثوب الخلق، ويضرب بها وجه صاحبها، أو تقول: ضيعك الله كما ضيعتني.

 

عباد الله: إن الصلاة اليوم قد خف ميزانها عند كثير من الناس، فتهاونوا بها، فمنهم من يتهاون بشروطها وأركانها وواجباتها، فلا يأتي بها كاملة، ولا يتعلمها ويتفهمها حتى يأتي بها على وجهها، فربما يخل بشرط من شروطها، أو ركن من أركانها، فلا تصح صلاته، ويستمر على هذه الحالة، يظن أنه يصلي وهو لا يصلي.

 

وقد رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- رجلاً في قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء، فأمره أن يعيد، ورأى رجلا يصلي ولا يطمئن في صلاته، فقال له: "ارجع فصل، فإنك لم تصل".

 

ومنهم: من يتهاون بالصلاة مع الجماعة، وهذا من علامات النفاق، ومن ترك الصلاة مع الجماعة من غير عذر شرعي، فقد ارتكب جرماً عظيماً، واستحق عقوبة شديدة في الدنيا والآخرة، بل ذهب جمع من العلماء إلى عدم صحة صلاته التي صلاها وحده.

 

أيها المسلمون: إن صلاة الجماعة واجبة على الرجال في الحضر والسفر، وفى حال الأمان وحال الخوف، وجوباً عينياً، والدليل على ذلك الكتاب والسنة، وعمل المسلمين قرناً بعد قرن، ومن أجل ذلك عمرت المساجد، ورتب الأئمة والمؤذنون، وشرع لها النداء بأعلى صوت: "حي على الصلاة، حي على الفلاح".

 

وقال تعالى آمراً نبيه أن يقيم صلاة الجماعة في حال الخوف: (وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ)[النساء: 102].

 

والأمر للنبي -صلى الله عليه وسلم- أمر لأمته مالم يدل دليل على خصوصيته به، فدلت هذه الآية الكريمة على وجوب صلاة الجماعة حيث لم يرخص للمسلمين في تركها في حال الخوف، فلو كانت غير واجبة لكان أولى الأعذار لتركها عذر الخوف، فإن صلاة الجماعة في حال الخوف يترك فيها كثير من الواجبات في الصلاة، مما يدل على تأكد وجوبها.

 

وقد اغتفرت في صلاة الخوف حركات كثيره، وتنقلات، وحمل أسلحة ومراقبة لتحركات العدو، وانحراف عن القبلة، كل هذه الأمور اغتفرت من أجل الحصول على صلاة الجماعة، فهذا من أعظم الأدلة على وجوبها وتأكدها.

 

ومن الأدلة على وجوب صلاة الجماعة: ما ورد في الصحيحين عن أبي هريره -رضى الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوها ولو حبواً، ولقد هممت أن آمر الصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيصلى بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار".

 

فقد وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث المتخلفين عن صلاة الجماعة بالنفاق، ثم هدد صلى الله عليه وسلم المتخلفين عن صلاة الجماعة بأن يحرق عليهم بيوتهم بالنار، وهذه عقوبة شنيعة، ولم يمنعه من ذلك إلا ما في البيوت من النساء والذرية الذين لا تجب عليهم صلاة الجماعة، مما يدل دلالة صريحة على عظم جريمة التخلف عن صلاة الجماعة، وأنه مستحق لأعظم العقوبات في الدنيا والآخرة.

 

وفى صحيح مسلم: أن رجلا أعمى قال: يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد؟ فسأله أن يرخص له أن يصلي في بيته، فرخص له، فلما ولى دعاه، فقال: "هل تسمع النداء؟" قال: نعم، قال: "فأجب".

 

فهذا رجل أعمى أبدى أعذاراً كثيرة، ومع هذا لم يسقط عنه حضور صلاة الجماعة.

 

فما حال الذي يتخلف عنها من غير عذر، وهو مجاور للمسجد، وأصوات المؤذنين تخترق بيته من كل جانب، يدعى فلا يجيب، ويؤمر فلا يمتثل، ويعصي فلا يتوب.

 

أيها المتخلف عن صلاة الجماعة لغير عذر: لقد عصيت ربك، وحرمت نفسك ثواباً عظيماً، وعرضتها لسخط الله وعقوبته.

 

لقد شاركت المنافقين في صفاتهم، وأصبحت أسيراً للشيطان، لقد سمعت داعي الله فامتنعت عن إجابته: (يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيم * وَمَن لَّا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَولِيَاء أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ)[الأحقاف: 31 - 32].

 

فتب إلى الله، وحافظ على الجمع والجماعات، فإن الله يتوب على من تاب: (وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ * وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)[هود: 114 - 115].

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العلي العظيم لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله على إحسانه، وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تعظيماً لألوهيته وربوبيته وسلطانه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى جنته ورضوانه، فصلوات ربي عليه وعلى آله وعلى أصحابه، وسلم تسليما كثيرا.

 

أما بعد:

 

عباد الله: إن ما ذكرناه في الخطبة الأولى من أهمية الصلاة، ووجوب صلاة الجماعة في حق الرجال، أمر ليس بالغريب عليكم، وكلكم يعرف ذلك، ولم نأت بجديد، ولكن الأمر الذي يجهله كثير من الناس هو حكم تارك الصلاة، وسأعرض عليكم الأحكام المترتبة على تارك الصلاة، وهي التي يفتي بها علماؤنا في هذه البلاد:

 

فحكم تارك الصلاة كافر كفراً أكبر يخرج صاحبه من الملة، وذلك لدلالة الكتاب والسنة على كفره، فمن دلالة القرآن على كفر تارك الصلاة: قوله تعالى: (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا * إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ)[مريم: 59 - 60].

 

فإن قوله: (وآمن) يدل على أنه قبل ذلك حين إضاعته للصلاة ليس بمؤمن، ومن لم يكن مؤمناً فهو كافر، إذ لا واسطة بينهما؛ كما قال تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ)[التغابن: 2].

 

وكذلك قوله تعالى: (فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ)[التوبة: 11].

 

فإن هذه الآية الكريمة تدل على أن المشركين إذا تابوا من الشرك، بأن شهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، كانوا إخوانا لنا في الدين، لأن المؤمنون إخوة.

 

ومفهوم الآية الكريمة: أنهم إذا لم يتوبوا من الشرك، ولم يقيموا الصلاة، فليسوا إخوة لنا في الدين، وهذا يعني أنهم كفار، وإذا تابوا من الشرك، ولم يقيموا الصلاة، فإن مفهوم الآية الكريمة تدل على أنهم كفار.

 

وأما السنة، فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "بين الرجل وبين الكفر والشرك، ترك الصلاة".

 

وقال صلى الله عليه وسلم: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر".

 

فهذان حديثان يدلان على أن تارك الصلاة كافر، وعلى هذا فيكون الكتاب والسنة قد دلا على كفر تارك الصلاة كفراً مخرجاً من الملة.

 

وكذلك الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- فقد روي عنهم ما يدل على ذلك، كما في الصحيح عن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: "لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة". 

 

وعلى هذا، فيحكم بردة تارك الصلاة، ويثبت في حقه أحكام المرتدين، من انفساخ عقد الزواج، إذا كان تارك الصلاة متزوجاً؛ لأن المسلمة لا تحل للكافر بنفي القرآن.

 

ومن الأحكام المترتبة أيضاً على تارك الصلاة أنه إذا مات لا يغسل ولا يكفن ولا يدفن في مقابر المسلمين؛ لأنه ليس مسلم.

 

والذي يجب على أهله وذويه الذين يعلمون منه ترك الصلاة أن يخرجوا به إلى خارج البلد، وتحفر له حفرة، ويلقى بها  كي لا يتأذى المسلمون من رائحته، ويحرم عليهم أن يغسلوه، أو يكفنوه، أو يقدموه للمسلمين، لكي يصلوا عليه، لأن ذلك من غش المسلمين، لأن المسلمين لا يجوز لهم أن يصلوا على الكفار؛ لقول الله -تعالى- للنبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ)[التوبة: 84].

 

فالعلة إذن الكفر، وعلى هذا لا يصلى على كل كافر، سواء كان أصلياً أم مرتداً كتارك الصلاة.

 

ومن الأحكام أيضاً المترتبة على تارك الصلاة: أنه لا يرثه أقاربه المسلمون إذا مات على هذه الحال؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم".

 

وكذلك هو لا يرث أحد من أقاربه المسلمين إذا مات قريب له، وهو في حال ترك الصلاة.

 

ومن الأحكام المترتبة على ترك الصلاة: أنه لا يحل له دخول مكة ولا حرمها؛ لقول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا)[التوبة: 28].

 

ومن الأحكام أيضاً المترتبة على تارك الصلاة: أنه لا بد أن يقتل، يستتاب وإلا قتل؛ لأنه لا ينبغي لمثله أن يبقى حياً؛ لقوله تعالى: (فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ)[التوبة: 5].

 

فمفهوم الآية الكريمة: أن تارك الصلاة يجب أن لا يخلى سبيله، بل يجب قتله.

 

فاتقوا الله -عباد الله- فإن المسألة جد خطيرة، وفي هذا الزمان -ويا للأسف الشديد- كثر الذين يتركون الصلاة بيننا، خصوصاً من الشباب.

 

فاتقوا الله -أيها المسلمون- في أولادكم وفي أرحامكم إذا كنتم تعلمون أن هناك من هو تارك للصلاة، فيجب أن ينصح.

 

اللهم ...

 

 

 

 

المرفقات

الصلاة وحكم تاركها

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات