خطبة عيد الفطر لعـــــــام 1445 هـ ( وورد - PDF )
محمد بن سليمان المهوس
« خطبة عيد الفطر 1445 هـ »
محمد بن سليمان المهوس / جامع الحمادي بالدمام
الْخُطْبَةُ الأُولَى
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاسُ: اتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى حَقَّ التَّقْوَى، وَاعْتَصِمُوا بِكِتَابِ رَبِّكُمْ وَسُنَّةِ نَبِيِّكُمْ – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ الَّتِي لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 70 – 71].
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ: نِعْمَةُ إِدْرَاكِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَإِكْمَالِهِ وَإِتْمَامِهِ وَالتَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ بِأَنْوَاعِ الطَّاعَاتِ فِيهِ؛ ثُمَّ إِدْرَاكِ عِيدِ اَلْفِطْرِ اَلْمُبَارَكِ، وَاَلَّذِي هُوَ عِيدُنَا -أَهْلَ اَلْإِسْلَامِ-؛ عِيدُ اَلذِّكْرِ وَالشُّكْرِ وَالتَّكْبِيرِ لِلْعَلِيِّ اَلْكَبِيرِ ﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [البقرة: 185].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَنَحْنُ مَعَ اَلْعِيدِ، عَلَيْنَا أَنْ نَسْتَشْعِرَ أُمُورًا، مِنْهَا: أَوَّلاً: مُشَاهَدَةُ مِنَّةِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا فِي التَّوْفِيقِ لإِدْرَاكِ شَهْرِ رَمَضَانَ، ثُمَّ مِنَّتِهِ عَلَيْنَا بِالصِّيَامِ وَالتَّمَامِ، فَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِرَبِّنَا سُبْحَانَهُ؛ فَكُنْ دَائِمًا أَيُّهَا الْمُوَفَّقُ ذَاكِرًا وَمُذَكِّرًا وَمُسْتَحْضِرًا هَذِهِ الْمِنَّةَ، وَسَبْقَ الْفَضْلِ مِنْ صَاحِبِ الْفَضْلِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
وَأَنْتَ إِذَا أَمْعَنْتَ فِي هَذَا الأَمْرِ؛ وَجَدْتَ أَنَّ مِنَنَ اللهِ عَلَيْنَا كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَآلاَءَهُ لاَ تُعَدُّ وَلاَ تُحْصَى، فَمِنْ ذَلِكَ:
مِنَّةُ اللهِ عَلَيْنَا؛ حَيْثُ جَاءَنَا الشَّهْرُ الْكَرِيمُ، وَنَحْنُ وَللهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ وَالْفَضْلُ للهِ عَلَى دِينِ الإِسْلاَمِ .
وَأَيْضًا: مِنَّةُ اللهِ سُبْحَانَهُ عَلَيْنَا بِإِدْرَاكِ هَذَا الشَّهْرِ، وَمَدِّ اللهِ فِي أَعْمَارِنَا حَتَّى بَلَّغَنَا هَذَا الشَّهْرَ الْعَظِيمَ، وَشُهُودُ هَذِهِ الْمِنَّةِ وَالاِعْتِرَافُ بِهَا لاَ شَكَّ أَنَّ لَهُ أَثَرًا فِي الاِجْتِهَادِ وَاقْتِنَاصِ هَذِهِ الْفُرْصَةِ الَّتِي مَنَّ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهَا؛ وَهِيَ كَوْنُ الإِنْسَانِ حَيًّا إِلَى هَذَا الْوَقْتِ الَّذِي تُقَامُ فِيهِ شَعِيرَةُ الصِّيَامِ، وَمِنَّتُهُ عَلَيْنَا بِتَيْسِيرِ هَذِهِ الْعِبَادَةِ وَالْعِلْمِ بِكَيْفِيَّةِ أَدَائِهَا، وَالإِعَانَةِ عَلَى أَدَائِهَا .
ثم مِنَّةُ اللهِ بِشِهُودِ اَلْعِيدِ بِسَلَامَةٍ فِي أَبْدَانِنَا، وَأَمْنٍ فِي أَوْطَانِنَا، وَرَغَدٍ فِي مَعَاشِنَا؛ وَهَذِهِ نِعَمٌ فَقَدَهَا اَلْكَثِيرُ مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ اَلْيَوْمَ - نَسْأَلُ اَللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُصْلِحَ أَحْوَالَهُمْ-.
ثَانِيًا: وَنَحْنُ فِي اَلْعِيدِ نَسْتَحْضِرُ أَنَّنَا عَبِيدٌ للهِ، خَلَقَنَا لِعِبَادَتِهِ بِامْتِثَالِ أَوَامِرِهِ وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ؛ إذ لَيْسَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ! وَإِنَّمَا فَقَطْ نَقُولُ: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا.
فَالأَمْرُ كُلُّهُ للهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الَّذِي نَوَاصِي العِبَادِ بِيَدِهِ؛ فَبِالْأَمْسِ كُنَّا صِيَامٌ؛ لِأَنَّ رَبَّنَا قَالَ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ [البقرة: 183]، وَقَوْلُهُ: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: 185] وَفِي هَذَا اَلْيَوْمِ نُفْطِرُ وَلَا نَصُومُ لِأَنَّ نَبِيَّنَا -صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ – نَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ اَلْعِيدِ؛ فَنَمْتَثِلُ طَاعَةَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّم- كَمَا أَمَرَنَا رَبُّنَا بِقَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ﴾ [الأنفال: 20].
ثَالِثًا: الْتَمِسُوا -رَعاكُمُ اللهُ- الأَثَرَ الإِيمَانِيَّ فِي هَذَا الْعِيدِ! اِلْتَمِسُوا زِيَادَتَهُ وَحَلَاوَتَهُ؛ وَذَلِكَ بِاحْتِسَابِ اَلْأَجْرِ فِي كُلِّ عَمَلِ صَالِحٍ تَقُومُونَ بِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ: بَذْلُ اَلصَّدَقَةِ؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ وَآلِهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «... وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ» [رواه مسلم]؛ أَيْ: دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى صِدْقِ الإِيمَانِ.
الْتَمِسُوا الأَثَرَ الإِيمَانِيَّ بِبَرِّ اَلْوَالِدَيْنِ وَمُلَاطَفَتِهِمْ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ، فَهِيَ وَصِيَّةُ اَللَّهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ﴾ [ لقمان: 14].
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ [الإسراء: 23- 24].
الْتَمِسُوا الأَثَرَ الإِيمَانِيَّ بِصِلَةِ اَلْأَرْحَامِ، وَالتَّوَدُّدِ لَهُمْ، وَالتَّغَاضِي عَنْ زَلَّاتِهِمْ؛ قَالَ -صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَومِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» [رواه البخاري] .
الْتَمِسُوا الأَثَرَ الإِيمَانِيَّ بِحُسْنِ اَلْجِوَارِ، فَقَدْ قَالَ - صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -:« مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ» [متفق عليه].
وَقَالَ - صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: « إنَّهُ مَنْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنَ الرِّفقِ، فَقَدْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرةِ، وَصِلةُ الرَّحِمِ، وحُسْنُ الخُلُقِ وحُسْنُ الْجِوارِ، يُعَمِّرانِ الدِّيارَ، ويَزيِدَانِ فِي الْأَعْمَارِ» [صححه الألباني].
الْتَمِسُوا الأَثَرَ الإِيمَانِيَّ بِالْأُخُوَّةِ اَلصَّادِقَةِ اَلْمُتَمَثِّلَةِ بِقَوْلِ اَلْمُصْطَفَى – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» [متفق عليه].
فَالصَّغِيرُ يَحْتَرِمُ الْكَبِيرَ، وَالْكَبِيرُ يَتَوَاضَعُ وَيَعْطِفُ عَلَى الصَّغِيرِ، وَالْمُوسِرُونَ يَبْسُطُونَ أَيْدِيَهُمْ لِأَصْحَابِ الْحَاجَةِ وَالْفَاقَةِ بِالْجُودِ وَالسَّخَاءِ، وَتَسْرِي فِي قُلُوبِهِمْ رُوحُ الْمَحَبَّةِ وَالتَّآخِي، وَيَسُودُ الْمُجْتَمَعَ الِاجْتِمَاعُ وَالِائْتِلَافُ لَا اَلْفُرْقَةُ وَالِاخْتِلَافُ؛ مُجْتَمِعِينَ عَلَى كِتَابِ رَبِّهِمْ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِمْ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وَمَنْهَجِ سَلَفِهِمْ الصَّالِحِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [ الأنعام: 153 ].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ، واهْنَئُوا بِعِيدِكُمْ، والْزَمُوا الصَّلاَحَ وَأَصْلِحُوا، جَعَلَ اللهُ عِيدَكُمْ مُبَارَكًا، وَأَيَّامَكُمْ أَيَّامَ سَعَادَةٍ وَهَنَاءٍ وَفضْلٍ وَإحْسَانٍ وعَمَلٍ.
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِيِنَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ الْمُتَوَحِّدِ بِالْبَقَاءِ وَالْكِبْرِيَاءِ، وَالْعِزِّ وَالْجَلَالِ وَالْبَهَاءِ، هُوَ الْغَنِيُّ وَالْكُلُّ إِلَيْهِ فَقِيرٌ، وَهُوَ الْقَوِيُّ وَكُلُّ عَسِيرٍ عَلَيْهِ يَسِيرٌ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ، وَخِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى، واحْذَرُوا وَحَذِّرُوا مِنَ الْحِرْمَانِ! فَإِنْ وَفَّقَكُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِشَيْءٍ مِنَ الطَّاعَةِ فِي مَوَاسِمِ الْخَيْرِ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ بِمَثَابَةِ رَأْسِ الْمَالِ؛ وَحَقُّ رَأْسِ الْمَالِ أَنْ تُحَافِظَوا عَلَيْهِ مِنَ الْخُسَارَةِ.
فَأُوصِيكُمْ بِأَمْرَيْنِ مُهِمَّيْنِ: الأَوَّلِ: أَنْ تَعْزِمُوا عَلَى الاِسْتِمْرَارِ بَعْدَ رَمَضَانَ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَتَذَكَّرُوا قَوْلَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: «أَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللهِ أَدْومُهَا وَإِنْ قَلَّ» [متفق عليه].
الأَمْرُ الثَّانِي: أَنْ تَحْفَظُوا هَذَا الثَّوَابَ الَّذِي تَرْجُونَ نَوَالَهُ مِنْ رَبِّكُمُ الْكَرِيمِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ بِمَعْنَى حِفْظِهِ مِنَ الضَّيَاعِ، وَضَيَاعُهُ بِارْتِكَابِ الْمَعَاصِي مِنْ بَعْدِ هَذَا الشَّهْرِ الْكَرِيمِ؛ فَاعْزِمُوا عَلَى تَرْكِ الْمَعَاصِي؛ فَالْمَعَاصِي لَهَا أَثَرٌ فِي إِحْبَاطِ الأَعْمَالِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَإِنْ زَلَلْتُمْ فَبَادِرُوا بِالتَّوْبَةِ ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ﴾ [ سورة الأعراف: 201]. فَاشْكُرُوا اللهَ تَعَالَى وَمِنْ تَمَامِ شُكْرِهِ: مُوَاصَلَةُ أَعْمَالِ الْخَيْرِ، وَالاسْتِمْرَارُ عَلَى الطَّاعَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ صِيَامُ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَهْرِ شَوَّالٍ، فَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» [رواه مسلم].
أَيَّتُهَا الأُخْتُ الْمُسْلِمَةُ: اِتَّقِ اَللَّهَ فِي السِّرِّ وَالْعَلَنْ ،واسْتَمْسِكِي بِشَرْعِ رَبِّكِ، وَكُونِيِ مِنَ الصَّالِحَاتِ ، وَتَذَكَّرِي نِعْمَةَ اللهِ عَليْكِ إذْ جَعَلَكِ مِنْ أَتْبَاعِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كُونِي قُدْوةً، وَدَاعِيَةً إِلَى اللهِ تَعَالَى، صُونِي بَيْتَكِ وَأَطِيعِي زَوْجَكِ، وَاعْتَنِي بِتَرْبِيَةِ أَوْلاَدِكِ؛ فَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا.
اللَّهُمَّ أَحْيِنَا مُؤْمِنِينَ وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ، وَأَلْحِقْنَا بِالصَّالِحينَ غَيْرَ خَزَايَا وَلاَ مَفْتُونِينَ، تَقَبَّلْ تَوْبَتَنَا، وَاغْسِلْ حَوْبَتَنَا، وَاشْفِ صُدُورَنا، وَطَهِّرْ قُلُوبَنَا، وَحَصِّنْ فُرُوجَنَا، وَارْحَمْ أَمْوَاتَنَا، واشْفِ مَرْضَانَا، وَاقْضِ دُيونَنَا وَاهْدِ ضَالَّنَا، وَأَدِمْ أَمْنَنَا، وَانْصُرْ جُنُودَنَا، وَوَفِّقْ وُلاةَ أُمُورِنا، وَأَصْلِحْ أَحْوالَ أُمَّتِنَا يَا رَبَّ الْعَالَمِيِن.
﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [ الصافات : 80 – 82 ]
المرفقات
1712536176_خطبة عيد الفطر 1445 هـ.doc
1712541363_خطبة عيد الفطر 1445 هـ.doc
1712541376_خطبة عيد الفطر 1445 هـ.pdf
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق