اقتباس
وانطلاقًا من أهمية هذا الموضوع، فقد جمعنا لكم خطبا في أمنا أم المؤمنين الطاهرة المطهرة من فوق سبع سماوات بذكر مناقبها وفضائلها، إلا أننا -ومع الأسف الشديد- لم نجد من الخطب التي أولت الصديقة بنت الصديق عناية تامة، بل لم نتمكن من الوصول إلا لثمانية خطب فقط، هي تقريبًا كل ما استطاعت يدانا الوصول إليه من خطب تتحدث عن مناقبها، لذلك نرجو من خطبائنا ..
درة عقد زوجات المصطفى صلى الله عليه وسلم، الصديقة بنت الصديق، المبرأة من فوق سبع سماوات، وحدها التي تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بكرًا، فكانت لها فوق زوجاته أمهات المؤمنين مزية فوق مزاياها..
فضلها على النساء لا ينكر، ومناقبها على آل بيت رسول الله يحمد ويشكر.. حبيبة خير الناس وبنت حبيبه، الحصان الرزان العاقلة، العالمة الفصيحة، مؤدبة الرجال والنساء، ومربية الأجيال العظام من الصحابة الأجلاء، كناها الرسول صلى الله عليه وسلم بلا ولد، كرامة وتدليلاً، ومحبة وتذييلاً، جمعت من الخصال أشرفها، ومن الصفات أعلاها وأجملها، فحفزت المؤمنين لمحبتها، وأغارت صدور المنافقين لبغضها وأذيتها، فلا يحبها ويجلها ويعرف فضلها إلا مؤمن، ولا يبغضها ويحقد عليها إلا منافق معلوم النفاق.. رضي الله تعالى عنها وعن أبيها..
ولكن كشأن العظماء من البشر، الذين غيروا وجه البشرية إلى الأفضل، وسعوا إلى إعلاء المبادئ على أركاس الكفر والشرك والجاهلية، فقد نالها ما نالهم من أذى، وتعرض لها أهل النفاق بالقول والفعل، حتى أحدثوا فتنة أكلت الأخضر واليابس، وأتت على الكبير والصغير، وكلفت أطهر النفوس في تاريخ البشرية آلامًا لا تطاق، وكلفت الأمة المسلمة كلها تجربة من أشق التجارب في تاريخها الطويل؛ وعلقت قلب الطاهرين المطهرين شهرًا كاملاً بحبال الشك والقلق والألم الرهيب، حيث نالوا من عرضها، وعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصديقه الصدوق، وتحركت الفتنة شهرًا كاملاً تفت في عضد المؤمنين، وتقض مضاجعهم، حتى أتت براءتها من فوق السماء السابعة لترد كيد الكائدين في نحورهم، وتؤكد للبشرية جميعًا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها براءة فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم مما قد يجرحه أو يلوث شرفه الطاهر.
ثم يأتي التوجيه الرباني سريعًا معقبًا على الحادث: (لا تحسبوه شرًا لكم بل هو خير لكم)، خير لأنه يكشف الكائدين للإسلام في شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته، وخير لأنه يبين مدى الأخطار التي تحيق بالجماعة لو أطلقت فيها الألسنة تقذف المحصنات الغافلات المؤمنات، فهي عندئذ لا تقف عند حد، إنما تمضي صعدًا إلى أشرف المقامات، وتتطاول إلى أعلى الهامات.
أما الآلام التي عاناها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته، والجماعة المسلمة كلها، فهي ثمن التجربة، وضريبة الابتلاء، الواجبة الأداء.
لقد كانت معركة خاضها رسول الله صلى الله عليه وسلم وخاضتها الجماعة المسلمة يومذاك، وخاضها الإسلام، معركة ضخمة، ولعلها أضخم المعارك التي خاضها رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج منها منتصرًا كاظمًا لآلامه الكبار، محتفظًا بوقار نفسه وعظمة قلبه وجميل صبره.
(لا تحسبوه شرًا لكم)؛ فقد انكشفت راية النفاق وسقطت، وانتصر الإيمان وأعلى رأسه شامخًا بين الناس، مؤكدًا أن الباطل مهما علا وفشا فإن الغلبة للمؤمنين الصادقين، الذين امتلأ قلبهم بالعز والتقدير لله تعالى ولرسوله الكريم..
وليست فتنة الحاضر بأبعد من فتنة الماضي، بل هما في الشر سواء، فـ(لا تحسبوه شرًا لكم)؛ فقد سقطت أقنعة المنافقين، المتمسحين بحب آل البيت والتزلف إليهم، وإنما هم من ألد الأعداء، فإن يقولوا تسمع لقولهم بإعجاب وانبهار، يتباكون ويتصايحون على وفاة فاطمة -عليها السلام-، ودماء الحسين على أكفهم وثيابهم لم تجف، يشهدون الله على ما في قلوبهم وهم الخصم الألد..
وانطلاقًا من أهمية هذا الموضوع، فقد جمعنا لكم خطبا في أمنا أم المؤمنين الطاهرة المطهرة من فوق سبع سماوات بذكر مناقبها وفضائلها، إلا أننا -ومع الأسف الشديد- لم نجد من الخطب التي أولت الصديقة بنت الصديق عناية تامة، بل لم نتمكن من الوصول إلا لأربع خطب فقط، هي تقريبًا كل ما استطاعت يدانا الوصول إليه من خطب تتحدث عن مناقبها، لذلك نرجو من خطبائنا أن يولوا بعض الاهتمام والعناية بأمنا عائشة رضي الله عنها؛ لما في ذكر فضائلها ومناقبها من ذب عن هذا الدين، وذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم