اقتباس
لكن إن أردنا توصيفًا أكثر دقة، فإن كلمة: "لاجئ" تعادل في زماننا هذا -في الأغلب الأعم- كلمة: "مسلم مستضعف مهان مستذل مخذول مشرد"!! تعادل كلمة: "مسلم متمسك بعقيدته ودينه"!! تعادل كلمة: "مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله"
"لاجئ"... ماذا تعني كلمة: "لاجئ"؟... تعني الاضطهاد والتعذيب... تعني التيه والضياع والتشريد... تعني التنقل والترحال الإجباري... تعني إنسانًا طُرد من وطنه، وأُرغم على ترك أهله وماله وولده... تعني ظلمًا وقع، وجبروتًا نزل... تعني استضعافًا وتسلطًا من قوي على ضعيف... تعني أمة خذلت أبناءها وتاجرت بدمائها وخانت إخوانها... تعني حربًا غير متكافئة نشبت، وبلادًا حُرِّقت، ومنازل هُدِّمت... تعني أولادًا يولدون في غير بلاد آبائهم وأمهاتهم... تعني أرحامًا تُقطع، وصلات تُنزع وأواصر تتفكك...
وإن طالعت المعاجم اللغوية وجدتهم يقولون: اللاجئ هو "الهارب من بلده إلى بلد آخر؛ فرارًا من اضطهاد سياسي أو ظلم أو حرب أو مجاعة"(موقع معاني: www.almaany.com)، وعرف البعض الآخر اللاجئ بأنه: "شخص يوجد خارج دولة جنسيته؛ بسبب تخوف مبرر من التعرض للاضطهاد، لأسباب ترجع إلى عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه لعضوية فئة اجتماعية معينة أو آرائه السياسية، وأصبح بسبب ذلك التخوف يفتقر إلى القدرة على أن يستظل بحماية دولته، أو لم تعد لديه الرغبة في ذلك"(موقع ويكيبيديا: ar.wikipedia.org).
لكن إن أردنا توصيفًا أكثر دقة، فإن كلمة: "لاجئ" تعادل في زماننا هذا -في الأغلب الأعم- كلمة: "مسلم مستضعف مهان مستذل مخذول مشرد"!! تعادل كلمة: "مسلم متمسك بعقيدته ودينه"!! تعادل كلمة: "مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله" -صلى الله عليه وسلم-!!
وما ذكرناه من توصيف لكلمة: "لاجئ" في بداية حديثنا، وما وصفنا حاله به من ذل ومهانة... إنما هو غير الحال الإيماني للمؤمن إذا اضطر إلى ترك بلده، فإن المصطلح الإسلامي يسميه: "مهاجرًا في سبيل الله"، ولقد تكلم القرآن الكريم كثيرًا عن المستضعفين اللاجئين المخذولين، فقال مرة: (وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)[النساء: 100].
وأمر القرآن الكريم بنصرتهم والقتال لتحريرهم من الاضطهاد والاستضعاف قائلًا: (وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا)[النساء: 75]...
وتوصيف إسلامي آخر للاجئ، أيام كان اللاجئون من غير المسلمين: (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ)[التوبة: 6]، "(استجارك): أي سأل جوارك، أي أمانك وذمامك، فأعطه إياه ليسمع القرآن، أي يفهم أحكامه وأوامره ونواهيه. فإن قبل أمرًا فحسن، وإن أبى فرده إلى مأمنه"(تفسير القرطبي)، وهذه الكلمات القرآنية القليلة في حروفها العظيمة في معانيها تلخص ما يسمونه بـ"حقوق اللاجئين" كما أعلنتها منظمة العفو الدولية والأمم المتحدة.
***
لكن كل تلك الحقوق المقررة دوليًا، وجميع تلك البنود التي اتفقت عليها المنظمات الحقوقية، هي -في الأغلب الأعم- حبر على ورق، وربما لا تساوي المداد الذي كُتبت به... وإن طالبتني الآن بضرب النموذج والمثال للاجئين المشردين، قلت لك: انزل بلاد المسلمين وطف بها ترى بيوتًا مخرَّبة قد نُفي أهلها وحرِّقت جنباتها، طُف ترى أهل السنة في سوريا مشردين في بلاد الأرض لا يجدون مأوى ولا ملاذًا من البشر، وترى جثث أطفالهم تتقاذفها أمواج البحر، وتراهم مطرودين من بلد إلى بلد يفترشون الثلوج ويجابهون الموت في كل خطوة... وانقل النظر إلى بورما "ميانمار" لتشاهد الأجساد تُحرق، والقلوب من الصدور تُنتزع...
فأين أين منظمات حقوق الإنسان؟! وأين أين الاتفاقات الدولية؟! وأين أين حقوق اللاجئين؟! فيا كل ضمير حي: ألا تنتفض لنصرة المستضعفين المضطهدين المظلومين! ويا علماء المسلمين ويا شعوب الأمة: ألا تنصرون أناسًا ظُلموا وشُرِّدوا بغير حق إلا أن يقولوا: "ربنا الله"!
فيا رب: لا ملجأ ولا منجى ولا ملاذ لنا إلا بك وحدك لا شريك لك... وكل مستند على سواك مستند على سراب، وكل متوكل على غيرك فقد خسر وخاب...
***
وبين أيديكم هذه الخطب المختارة فيها بسط أكثر فدونكم إياها:
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم