الغزو الفكري (2) مهمة التبشير في الخليج

ناصر بن محمد الأحمد

2014-12-08 - 1436/02/16
التصنيفات: الفكر والثقافة
عناصر الخطبة
1/خطر البعثات التبشيرية على الشعوب الإسلامية 2/إحصائيات مذهلة حول أنشطة المبشرين في الخليج العربي 3/بذل المبشرين للمال في سبيل نشر أفكارهم ومعتقداتهم وبعض الإحصائيات في ذلك 4/حث المسلمين على بذل المال في سبيل التصدي لحملات التبشير 5/أهم المهام الموكلة لحملات التبشير في البلاد الإسلامية

اقتباس

أيها المسلمون: إذا بحثنا بعمق وتحرينا بدقة، وتقصينا الحقائق، وجدنا أن كثيراً من الأفكار المشوهة عن الإسلام، وتاريخ المسلمين، والمنتشرة في صفوف الأجيال الحديثة من أبناء المسلمين، والمنتشرة في معظم البلاد غير الإسلامية ليست إلا أثراً مباشراً، أو غير مباشر من آثار دسائس الـ...

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله ...

 

أما بعد:

 

أيها المسلمون: بدأنا معكم في الجمعة الماضية؛ الحديث عن الغزو الفكري الموجه؛ لقلب هذه الأمة.

 

وذكرنا بأنه بعد التجارب الطويلة التي خاضها أعداء الإسلام مع المسلمين، توصلوا إلى أن الغزو المسلح لا يجدي مع هذه الأمة، مادام أن هذه العقيدة راسخة في قلوب أبنائها، ولا يمكن التغلب عليهم إلا بعد زعزعة الإيمان من قلوبهم، وذلك من طريق الغزو الفكري المقنّع.

 

ونواصل معكم الحديث.

 

أيها المسلمون: من أوائل الطرق التي استخدمها أعداء الإسلام هو: التبشير، وذلك بإرسال بعثات تبشيرية إلى الدول الإسلامية، وكان غالب هؤلاء المبشرين من النصارى، وكانوا يستخدمون وسائل بدائية، وذلك عن طريق المجادلة والنقاش والحوار في المسائل العقدية.

 

وهذه منيت بالهزائم المنكرة، ولم يكن المسلمين يقبلون هذا اللون من المناقشات.

 

ثم تواصى الغزاة بعد ذلك بترك هذه الوسيلة العقيمة، وذلك بالتحول إلى وسائل أخرى ليس فيها المواجهة الصريحة المباشرة، فقاموا بعد ذلك ببعث الإرساليات التبشيرية.

 

ففي عام 1230م وصلت إلى دمشق إرساليه تبشيريه نصرانية، ثم تقدمت إلى طرابلس وعكة.

 

ثم بعد ذلك انتشروا في سوريا ولبنان، وأسسوا لهم أديرة نصرانية، ثم تطور الأمر أكثر من ذلك، فقاموا بعمل الكنائس، وذلك عن طريق الإقناع لمن بيدهم السلطة في تلك البلاد، بأن هذه الكنائس خاصة بهم كي يتمكنوا من إقامة شعائر دينهم، وهم يقصدون من وراء ذلك الخبث والمكر.

 

وفي عام 1870م قامت الكنيسة الأمريكية الإصلاحية بمد نشاطها إلى الخليج من خلال جهودها الطبية العلمية، وذلك عن طريق مقرها القديم في العراق.

 

هذا بالإضافة إلى الكنيسة الإنكليكية البريطانية الموجودة في الخليج، وما هي إلا فتره بسيطة، حتى بلغ عدد المبشرين النصارى في أرض الخليج 60,000.

 

هذا حسب ما نشرته الإحصائيات، وما توصل إليه عند طريق النشرات، وما خفي فهو أعظم من هذا.

 

بالإضافة إلى أن كثيراً من موظفي الشركات البترولية أسسوا كنائس لهم على المستوى المحلي.

 

عباد الله: إليكم طرفاً من بعض الإحصائيات التبشيرية التي نشرت عن منطقة الخليج، وكيف أنهم يبذلون من الجهود ما لا يبذله المسلمون في سبيل دينهم.

 

ففي البحرين؛ كانت أول بعثة بشرية دخلتها كانت عام 1890م، ومن عام 1894م والكنيسة هناك لها وجود قائم في مجال الطب.

 

ثم بعد ذلك، قاموا بإنشاء المدارس للبنين والبنات، ثم أنشأت مكتبة نصرانية تسمى: "مكتبة العائلة" حيث يباع من خلاله الإنجيل والكتب النصرانية على أبناء المسلمين، بمعدل نصف مليون دولار سنوياً.

 

ولا شك -يا عباد الله- عندما تقوم للبلاد منضمة، أو بعثة معينة، ثم تقوم ببناء المستشفيات والمدارس، أو تقوم بزراعة المدينة، أو أي مظهر من مظاهر التحسينات، أو تقوم بإنشاء المكتبات العامة والخاصة.

 

لا شك أن هذا محبب ومقبول عند الشعوب، ولا يدركون خطورة هذا المنشآت؛ لأنهم يرون ويشاهدون الفائدة من ورائها، ويتصورون أنها مدارس تُعلّم، ومستشفيات تعالج.

 

نعم، هي تعالج وتعلم، لكنها تعطيك مع كل جرعة دواء أو حقنة، أو وصفة؛ فكرة نصرانية.

 

إما في الأخلاق أو الاجتماع، أو الدين والعقائد؛ لأن أغلب هؤلاء الأطباء في المستشفيات يمارسون مهمتين في نفس الوقت، مهمة العلاج، ومهمة التبشير، وهو لم يبعث إلى هذه البلاد إلا ليقوم بالدورين معاً.

 

وهذه الأمور -كما ذكرت لكم يا عباد الله- لا يدركها عامة الناس ولا يشعرون بخطورتها -والله المستعان-.

 

أما بالنسبة للكويت؛ فقد ذكرت الإحصائيات أنه من عام 1920م أسست الكنيسة الإصلاحية مستشفى بالكويت، وأدير هذا المستشفى من قبل الأمريكان حتى عام 1967م، وأنشأوا المدارس النصرانية، وركزوا على تنصير المسلمين.

 

وكذلك أنشأوا مكتبة نصرانية تلبي حاجات النصارى، وربما المسلمين.

 

ومما هو جدير بالذكر: أن الكويت، هي البلد الوحيد في الخليج التي استطاعوا أن ينشؤوا لهم مجلس اتحاد للكنائس.

 

أما بالنسبة لعمان؛ فقد أسس النصارى بعث طبية ومدارس كستار لنشاطها، ويتركز النشاط الآن في المكتبات والكتب النصرانية، ويوجد خمس كنائس في عمان، وثلاث مستشفيات تدار بواسطة البعثات التبشيرية.

 

أما قطر؛ فقد أنشأت فيها أول عيادة تبشيرية عام 1948م، أما الكنائس في قطر، فهي كاثوليكية تضم 2500 عضواً معظمهم من الهنود، ومعظم أعمال وأنشطة التنصير تتم في بيوت تملكها شركات البترول.

 

وبالنسبة للأمارات العربية المتحدة؛ ففيها عدد ضخم من النصارى، ويتركز العمل في مستشفى العين، وتوزع الكتب النصرانية في ساحة المستشفى للزوار، أما المرضى، فيركز عليهم وتعطى لهم نسخ الإنجيل، وتوجد عدة عيادات تدار من البعثات التبشيرية، واحدة في الفجيرة وأخرى في الشارقة، وهذه كانت تدار من قبل نساء نصرانيات، ويوجد منذ عام 1960م مستشفى في واحة البريمي تابع للتنصير.

 

أما عن الكنائس، فهناك الكثير في دبي وأبوظبي والعين، وقد ضم إليه بعض المسلمين اللذين تنصروا -والعياذ بالله-.

 

أيها المسلمون: أما عن بذل المال؛ فإنها أرقام خيالية، ينفقها هؤلاء في سبيل نشر أفكارهم ومعتقداتهم.

 

ففي البحرين؛ أنشأت جمعية تسمى: "جمعية البعثة الكنسية"، تأسست عام 1799م، وكانت ميزانيتها لعام 1979م يقدر بـ 2.100.108 جنيه إسترليني.

 

وأما الكنيسة الإصلاحية الأمريكية، والتي باشرت نشاطها في البحرين والكويت وعمان منذ عام 1889م، فميزانيتها 4.533.763 دولار سنوياً.

 

وهناك بعثة الإنجيل المتحدة، وهي: منظمة دولية تهتم بالأمور التربوية والطيبة والإذاعية، ومركزها الرئيسي في الخليج في أبوظبي، وميزانيتها 9 ملاين دولار سنوياً.

 

فتأملوا -يا عباد الله- كيف ينفق هؤلاء هذه المبالغ الطائلة لنشر الباطل؟

 

وفي المقابل لو تساءلنا: ما يبذله المسلمون وينفقونه، لا نقول في نشر الحق، ولكن في مقابلة ومقاومة هذا الباطل، فإن الإجابة معروفة؟!

 

صار المال عند بعض المسلمين أغلى من دينه وعقيدته، يخسر الدين والأخلاق لا يهم، ولكن لا يخسر شيئاً من ماله.

 

عباد الله: لا بد من تصحيح هذه النظرة، ولا بد أن تكون نفوسنا سخية، وأيدينا منفقة، ولا بد أن نعلم أن هذا الباطل الموجه ضدنا، لا يمكن أن يقاوم إلا بحق أقوى منه.

 

وإذا كان من وسائل هذا الغزو الفكري، هو: بذل المال، فلا بد للمسلمين أن ينفقوا في مقابل ذلك: (وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ)[المزمل: 20].

 

أما أن يصل حال المسلمين أنههم يتهاونون حتى بالزكاة المفروضة عليهم، فإن هذه مصيبة وكبيرة يجب التوبة منها.

 

فنسأل الله ...

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله ...

 

أما بعد:

 

أيها المسلمون: إذا بحثنا بعمق وتحرينا بدقة، وتقصينا الحقائق، وجدنا أن كثيراً من الأفكار المشوهة عن الإسلام، وتاريخ المسلمين، والمنتشرة في صفوف الأجيال الحديثة من أبناء المسلمين، والمنتشرة في معظم البلاد غير الإسلامية ليست إلا أثراً مباشراً، أو غير مباشر من آثار دسائس المبشرين.

 

وقد وفد هؤلاء -يا عباد الله- إلى البلاد الإسلامية، وفي حقائبهم العلمية، أو الدعائية، أو الدبلوماسية، تعليمات مكتوبة، وغير مكتوبة، تحمّلهم مهمات متعددة.

 

ومن أهم المهمات التي جاء من أجلها هؤلاء إلى البلاد الإسلامية، ما يلي:

 

المهمة الأولى: هدم الإسلام في عقائده وعباداته، ونظمه وأخلاقه، ويتم هذا الهدم عن طريق ربط أفكار أبناء المسلمين بمجموعة من المعارف المزيفة التي يلبسونها أثواب الحقائق المسلّمة، وعن طريق توليد عواطف الميل والرضى والحب لما يأتي من الغرب، وهذا أمر قد تمكنوا منه.

 

فإننا نشاهد كثيراً من المسلمين قد اقتنعوا بكل ما أتى من الغرب، حتى أحبوهم، وأحبوا كل ما جاء من عندهم، وهذه هي: الطامة الكبرى.

 

المهمة الثانية: تجزئة المسلمين أينما كانوا من الأراض، حتى يبقوا أشتاتاً متباعدة متنافرة متقاطعة، لا تجمعهم جامعة، ولا تؤلف بين قلوبهم مودة، ولا تعقد بين جماعاتهم أواصر دينية، أو تاريخية، أو مصلحية.

 

وهذا هو واقع المسلمين!.

 

المهمة الثالثة: تشويه صورة الأمة الإسلامية الحالية، والتاريخية الغابرة، بكل وسيلة من وسائل الكذب والافتراء والتزوير للحقائق.

 

وذلك بغية حقن هذا الجيل من أبناء المسلمين بالشعور بالنقص والتخلف، وبغية حقن الشعوب الأخرى بالكراهية للمسلمين، والنفور منهم.

 

المهمة الرابعة: خداع الشعوب الإسلامية بربط كل صورة من صور التقدم الحضاري والمدني بخطة هدم الإسلام، وتجزئة المسلمين التي يزينونها لهم، وبربط كل صورة من صور التخلف الحضاري والمدني بالاستمساك بالإسلام، وبالمفاهيم والمعارف التي يحملها علماء المسلمين، وخداع الشعوب الأخرى التي كان بينها وبين المسلمين مشاركات وطنية داخل البلاد الإسلامية في تعاطف وتبادل وتعاون كريم.

 

وذلك بإلقاء مسؤولية تخلفها على المسلمين، وبث الكراهية والبغضاء في قلوبها عليهم بغية إيجاد الطوابير، وهو ما يسمى ب"الطابور الخامس" التي تجند لحرب المسلمين داخل بلادهم.

 

وانطلقت -أيها الإخوة- كتائب هذا الجيش من المبشرين وأعوانهم بوسائلها المتنوعة، غازية على نطاق واسع في كل بلد من بلاد المسلمين، في غارة تاريخية طويلة الأمد، محكمة الكيد، لم يعرف التاريخ لها نظيراً، فلم تدع بلداً من بلاد المسلمين إلاّ دخلته، ولم تترك ميداناً من ميادينها إلا أجرت خيولها فيه، ولا قمة من قممهم إلا حاولت أن تعتلي صهوتها وتهدمها، ولا حصناً من حصونهم إلا أنفذت إلى داخله رهطاً من المخرّبين المفسدين.

 

إلاّ أن رحمة الله -عز وجل- أيها الإخوة- أوسع من هذا، وعطف المولى -عز وجل- أكبر من كيد هؤلاء؛ فإن جوهر الإسلام الحق استطاع أن يحافظ على نقائه في روائع نصوصه، وكذلك في طوائف من المسلمين قائمين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم، حتى يأتي وعد الله، مهما كثر الخبث، ومهما انتشر الفساد في الأرض، فإنه لا بد أن يبقى في بقية من المسلمين خير.

 

وهؤلاء هم بذور النماء التي ستهيئ لها الموجات التاريخية -بإذن الله وتوفيقه- فرصة التكاثر مهما اجتث أعداء الإسلام من أفرادها في كل عصر.

 

اللهم ...

 

الغزو الفكري (1) المقدمة

الغزو الفكري (3) محاربة اللغة العربية

الغزو الفكري (4) إفساد الأخلاق

الغزو الفكري (5) إلقاء الشبهات

 

 

المرفقات

الفكري (2) مهمة التبشير في الخليج

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات