اقتباس
وكيف لا يفرح المؤمن بمصاب من يقتلون المسلمين ويدعمون قاتليهم؟! وكيف لا يفرح فيمن آذوا المسلمين في ربهم ونبيهم ودينهم، وراموا تبديله بقانونهم الطاغوتي، وآذوا المسلمين في إخوانهم فقتلوهم وأسروهم وعذبوهم؟! ومن شك في مشروعية الفرح فيهم فليتفقد إيمانه، وليسعَ في إصلاح قلبه وتنقيته من الولاء لغير الله -تعالى-.
من سنن الله -جل وعلا- أنه يرسل جنودًا نعلمها أو لا نعلمها ليبتلي قومًا ويعذب آخرين، يبتلي المؤمنين به والموحدين ليزدادوا إيمانًا، ويعذب الكافرين المجرمين ليزدادوا رجسًا إلى رجسهم، وهذا رحمة منه -عز وجل- بعباده؛ فالكافر إذا عاين عذابه وعذاب من حوله بقوة لا متناهية هي قوة خالق هذا الكون اتعظ، وتزلزلت نفسه المتجبرة، وعلمت في قرارة نفسها أن فوقها من هو أشد منها قوة، حتى وإن لم ترعوِ أو تكف عن الأذى، فالشعور بالعجز والضعف أمام الزلازل والبراكين والأعاصير وغيرها من الظواهر شعور متنامٍ، لاسيما إذا كانت كثيرة التكرار، واسعة الدمار، يطال أثرها الجميع ولو بالإشارة.
وعلى الرغم من وضوح ذلك كالقمر في ليلة التمام، والشمس في رابعة النهار، وموافقة ذلك للفطر السليمة التي لم تتلوث بما ينكسها، إلا أن طائفة غير قليلة تأبى إلا أن تجرد الأمر من كل صبغة شرعية، فتجعله مجرد أمر طبيعي تحركه أسباب دنيوية بحتة، فيتخطون علماء الشريعة المتخصصين في ذلك الشأن ليفتوا بغير علم من عند أنفسهم، وبآراء شخصية أن لا علاقة لذلك من قريب ولا بعيد بالعقاب الإلهي أو الاختبار والابتلاء، وهذا تدخل صارخ في غير تخصصهم من قبل أناس ينادون بالتخصص.
إنه لا يقع في هذا الكون حادث صغير ولا كبير، مما يفرح له الناس أو يحزنون أو يتفرقون فيه، إلا بقدر سابق سطره القلم في اللوح المحفوظ قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة -وعرش الرحمن على الماء- مطابقًا لعلم العليم الحكيم، الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض، فلا تهمس شفة، ولا تنـزل قطرة، ولا تستقر ذرة، إلا بمقتضى ذلك، عَلِمَ من علم، وجهل من جهل، ورضي من رضي، وغضب من غضب.
والزلازل التي ضربت دولاً في هذا الأسبوع لا تخرج عن قدر الله -تعالى-، وهو عذاب لمن يستحق العذاب من الكفار والظلمة والمستكبرين ممن أصابهم وهم الأكثر، ويفرح المؤمنون بما أصابهم؛ لأنه يشرع الدعاء عليهم لكفرهم وظلمهم وبغيهم، فإذا أصابهم بعض ما دعي عليهم به كان الفرح به مشروعًا من باب أولى؛ لأن الدعاء بعذاب الظالمين أعظم أثرًا من مجرد الفرح به، فإذا شرع الدعاء عليهم شرع ما هو دونه وهو الفرح بمصابهم.
وكيف لا يفرح المؤمن بمصاب من يقتلون المسلمين ويدعمون قاتليهم؟! وكيف لا يفرح فيمن آذوا المسلمين في ربهم ونبيهم ودينهم، وراموا تبديله بقانونهم الطاغوتي، وآذوا المسلمين في إخوانهم فقتلوهم وأسروهم وعذبوهم؟! ومن شك في مشروعية الفرح فيهم فليتفقد إيمانه، وليسعَ في إصلاح قلبه وتنقيته من الولاء لغير الله -تعالى-.
وفي مختاراتنا لهذا الأسبوع نتناول تلك الزلازل المدمرة وما وقع فيها من آثار دمار وإزهاق للأرواح بمزيد من البيان والتوضيح للأسباب، مشيرين إلى أن لله تعالى حكمًا في أفعاله لا يعلمها كثير من الناس ولا تدركها كثير من العقول، وأن مثل هذه المصائب تصيب المؤمنين والكفار، سائلين الله -تعالى- أن يجنبنا الكوارث والابتلاءات وأن يعافينا والمسلمين أجمعين..
التعليقات